توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين جامعتي المنصورة والأنبار (صور )    استقالة الحكومة لن تلغى المشروع الجديد خطة تصحيح مسار الثانوية العامة    وزير العدل يشارك في مناقشة رسالة دكتوراه بحقوق القاهرة.. تفاصيل    برلماني يطالب الحكومة بتوفير الأجهزة لطلاب الذكاء الاصطناعي    تفاصيل فعاليات المؤتمر السنوي الأول لجهاز حماية المنافسة    بروتوكول بين «التأمين الاجتماعي» وبنك مصر لتفعيل آليات التحصيل الإلكتروني    وزيرة البيئة تناقش خطة إطلاق مركز التميز الإفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    «التنمية المحلية» تتابع مواجهة الزيادة السكانية في 3 محافظات    محافظ أسوان: تأجيل تنفيذ بعض المشروعات لتجنب قطع المياه خلال الموجة الحارة    مدبولي يستعرض مقترحات زيادة نسب التصنيع المحلي لمختلف المنتجات    باحثة: اقتحام المستوطنين للأقصى يكشف مخططًا إسرائيليًا لتهويد المسجد    بعد مجزرة النصيرات.. «هنية»: ضرورة شمول أي اتفاق انسحاب إسرائيلي من غزة    بلغاريا تشهد سادس انتخابات برلمانية خلال ثلاث سنوات    الكويت تدين الهجوم الهمجي لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات    شكري يتوجه إلى روسيا للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية تجمع بريكس    المصارعة، مصطفى حسين يهزم المجنس الفرنسي إبراهيم غانم ببطولة التصنيف العالمي    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة مصر وغينيا بيساو بتصفيات كأس العالم    منتخب باراجواي يحل ضيفا على تشيلي قبل أيام من انطلاق كوبا أمريكا 2024    كرة السلة، تعرف على وجهة أوجستي بوش بعد الرحيل عن الأهلي    كرواتيا تحقق فوزا تاريخيا على البرتغال    محافظ الشرقية يُهنئ لاعبي فريقي الهوكي لفوزهم بكأس مصر    قرار عاجل من النيابة العامة بشأن «سفاح التجمع»    ضبط تشكيل عصابى مكون من 3 أشخاص بتهمة تزوير محررات رسمية    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن والاسماك والمجازر استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    ضبط مالك مطبعة متهم بطباعة المطبوعات التجارية دون تفويض من أصحابها بالقليوبية    فى انتظار القصاص.. إحاله قضية سفاح التجمع الخامس إلى جنايات القطامية    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    أسرة "سيما ماجي" تنتهي من تصوير المشاهد الأولى للمسلسل    غدًا.. افتتاح الدورة 44 للمعرض العام بمشاركة أكثر من 300 فنان    بسمة داود تنشر صور كواليس مسلسل "الوصفة السحرية"    «صورة أرشيفية».. متحف كفر الشيخ يعلن عن قطعة شهر يونيو المميزة    منورة يا حكومة    موعد يوم التروية 1445.. «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة للحاج في هذا التوقيت    الأزهر للفتوى يوضح كيف كان طواف النبي بالبيت الحرام حين القدوم    الصحة: انتهاء قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    لتنفيذ التوصيات.. رئيس «الشيوخ» يحيل 14 تقريرا إلى الحكومة    «لأعضاء هيئة التدريس».. فتح باب التقدم لجوائز جامعة القاهرة لعام 2024    درجات الحرارة وصلت 50.. بيان عاجل من النائبة بشأن ارتفاع درجات الحرارة في أسوان    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    العمل: زيارات ميدانية لتفقد مواقع الإنتاج بأسيوط    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    عاجل.. إعلامي شهير يعلن أولى صفقات الأهلي الصيفية    الصحة: الانتهاء من قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق (تفاصيل)    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    إلغاء الأدبي والعلمي.. تفاصيل نظام الثانوية الجديد وموعد تطبيقه    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان السيد: التصدي للثورات العربية من لبنان
نشر في أخبار مصر يوم 30 - 09 - 2011

قال المذيع في إحدى القنوات الفضائية للمحلل السوري والمعارض السياسي: "ماذا أنجزت الثورة السورية بعد ستة أشهر ونيف؟"، وأجاب المعارض على الفور: "أنجزت ثلاثة أمور رئيسية: الاستمرار والسلمية رغم القمع الشديد، والعودة عن الانفصال إلى رحاب الأمة، وإخراج إيران نفوذا وموضوعا من سوريا والعالم العربي!". وجادله المذيع في مسألة إخراج إيران؛ إذ إنها لا تزال تقاتل بالداخل السوري مع النظام، كما أنها استولت على حكومة لبنان، فكيف تكون قد خرجت من سوريا والعالم العربي؟! ونفد صبر المعارض السوري فقال للمذيع بعصبية: "لقد غيّرت الثورات العربية (الموضوع) الذي كانت الأنظمة الخالدة وبخاصة النظام السوري تقوم عليه، وهو المقاومة!.. فانتهت عملية لحس المبرد، وانصرفت قيادة الجمهورية الإسلامية وقيادة حزب الله للتفكير في المستقبل القريب والبعيد. أما ما حصل ويحصل في لبنان فلأنه إلى جانب العراق المكان المتبقي لدى إيران للتصارع أو في الحقيقة للمبادلة، وهما ورقتان تفقدان كل يوم جزءا من قيمتهما باعتبارهما ماضيا منقضيا، لا يستحق دفع شيء في مقابل الحصول عليه!".
والواقع أن إيران سيدة حركة الاحتجاج الإسلامي بالمنطقة على الولايات المتحدة إلى جانب "القاعدة"، وإيران صاحبة بؤر النفوذ في كل بلد عربي فيه شيعة أو إحدى حركات الإسلام السياسي.. كلا الأمرين يتضاءل ويذهب إلى غير رجعة. لكن هناك جيوب مقاومة بالداخل العربي، وبالداخل الإيراني، فضلا عن عدم استتباب الأمور واستقرار الأَولويات في سائر مواطن الثورة. وأكبر جيوب المقاومة لحركات التغيير العربية فكرتان صارتا واقعين في الأعوام الخمسين الماضية: من الناحية الاستراتيجية، إخراج مصر من منطقة بلاد الشام والعراق.. ومن ناحية نظام الحكم: منع الأكثريات الشعبية من إدارة شأنها العام في سائر الجمهوريات بالمنطقة وخارجها.
فما كان يمكن التفكير في التحرير إذا أُخرجت مصر. وقد أُخرجت على مرحلتين، بالانفصال عام 1961 والذي اكتمل عام 1963، وبهزيمة عام 1967، بحيث ما عادت الحروب بعد ذلك حروبا قومية؛ بل أصبحت حروبا وطنية لتحرير الأرض المحتلة في مصر وسوريا والأردن.. إلخ. والمعروف من الناحية التاريخية أنه ما أمكن أخراج الصليبيين والتتار من ديارنا إلا بذهاب سوريا إلى مصر، أو مجيء مصر إلى سوريا. وقد جاءت مصر بالفعل إلى الشام 1957 - 1958 بضغط الجمهور السوري، لإعادة الوضع إلى طبيعته (كما قال الرئيس القوتلي)، ولمواجهة إسرائيل قبل استفحال قوتها. وما أضعف الانفصال مصر وسوريا معا وحسب؛ بل إنه خلق عداوة بين النظامين ما انتهت إلا أيام مبارك الذي كان الانكفاء المصري الماحق سياسة رئيسية له!.. بيد أن هذا الانفصال ما كان لينجح رغم السياسات الدولية المؤيدة، لولا عاملان إضافيان: دعوى المثالية القومية والاشتراكية، والقوى الاجتماعية والحزبية والطائفية التي سارت تحت لوائه في سوريا والعراق ولبنان. فقد بدأ البعثيون سيطرتهم عام 1963 بالتظاهر بالتطرف في معاداة إسرائيل والنعي على عبد الناصر أنه استسلم لأمريكا وإسرائيل.
ورغم أن هذه الدعاوى ما ظهرت لها صدقية، لأن السلطة البعثية عام 1967 (وكان وزير دفاعها حافظ الأسد) ما قاتلت دفاعا عن الجولان، فضلا عن أن تقاتل على مدى الأربعين سنة الماضية لتحرير فلسطين (!).. إنما بعد عبد الناصر وحرب أكتوبر جرت المزايدات على السادات لمصالحته لإسرائيل. بل وجرت المزايدات على ياسر عرفات باعتبار أن البعثيين في سوريا والعراق هم الأكثر إخلاصا ونضالا من أجل فلسطين؛ في حين استسلم عرفات، وأعاد التواصل مع أهل كامب ديفيد والرجعيات العربية!
وهكذا فإن النظامين البعثيين أعرضا عن قضية فلسطين في غياب مصر بحجة التطرف في نصرتها، وانصرفا إلى تقبل مقاولات وصفقات وتكليفات من النظام الدولي أو بعض أطرافه: أخذ صدام المقاولة الإيرانية، وأخذ حافظ دور ضرب المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية بلبنان. وهكذا فبعد الأساس الأول للسلطات التقدمية الجديدة وهو التخلي عن الوحدة وعن تحرير فلسطين بحجة السقف العالي الذي تريدانه في المسألتين، بدأت السلطات الجمهورية الثورية التقدمية - وليس في سوريا والعراق فقط - في تقبل العطاءات والتكليفات من أطراف النظام الدولي المختلفة وبخاصة الولايات المتحدة. وجاء الأساس الثالث للاستقرار والاستمرار في الفئات الاجتماعية التي اعتمدت عليها أنظمة الانفصال، وهي الأقليات الحزبية والإثنية والجهوية والطائفية. فزعماء هذه الأقليات المستقرة في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، جاءتهم الموجة الشعبية الناصرية على حين فجأة، وعانوا من المصادرات والتأميمات، كما أزعجتهم العودة للاصطدام بالغرب بعد غزو فلسطين، وغزوة السويس، لتحقيق دولة الوحدة وتحرير فلسطين؛ ولذلك وبعد الجفلة الأولى اطمأنوا إلى انفصالية البعثيين والخلفيات والأصول الطائفية غير الأكثرية وغير الوحدوية للنخب العسكرية والحزبية التي استولت على السلطة في عدة دول عربية.
وعندما ظهرت المقاومة الفلسطينية في لبنان بعد عام 1967، استعانت النخبة المسيحية بالرئيس حافظ الأسد، واستعان الجنرال عون في أواخر الثمانينات بالرئيس صدام حسين. وكان السوريون يعتبرون الشيعة في لبنان احتياطا استراتيجيا لهم.
بيد أن الذي يحدث الآن بدخول الشيعة في مهمات صون مصالح الأقليات أو عمل ثنائية بين المسيحيين والشيعة بلبنان، رغم ذلك، أمر جديد. فالشيعة بزعامة إيران وحزب الله ما اعتبروا أنفسهم أقلية منذ الثمانينات. فقد حملوا أفكار الأكثرية - سواء أكانوا متدينين أو يساريين - بشأن التوحد وبشأن تحرير الأرض والكفاح المسلح، وتحالفوا مع المقاتلين الفلسطينيين، ثم بدأت الأفكار والممارسات تتغير، فعندما انتظمت العلائق بين حافظ الأسد وإيران؛ وصولا للانفراد بالمقاومة، وبعد عام 2000، ومع تغير طبيعة العلاقات بين إيران وسوريا، وانتشار بؤر النفوذ الإيراني على مدى المشرق العربي، بدأ حزب الله يفكر في مشروع سلطوي داخلي، زعم في البداية أن كل إجراءاته إنما هي لدعم المقاومة، إنما بعد عام 2005 ومقتل رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان، قام حزب الله بثلاثة تحركات تعبيرا عن دوره الجديد بوصفه عنصرا رئيسيا في تحالف الأقليات الفاصل للبنان عن محيطه العربي: قاتل إسرائيل للشرعنة عام 2006، وتحالف مع الجنرال عون الزعيم المسيحي، وعمد لاحتلال بيروت عام 2008 لإقصاء السنة (ممثلين في آل الحريري) عن الدور الرئيسي في السلطة بلبنان من خلال رئاسة الحكومة.
وما تحدث الحزب كثيرا عن طبيعة علاقته بالنظام السوري وبالجنرال عون ومَن وراءه من المسيحيين. أما الآن فإن وسائل إعلام النظام السوري وبخاصة في لبنان، تتحدث كما أن المسيحيين المتحالفين مع حزب الله، وفي طليعتهم البطريرك والجنرال عون، يتحدثون. إنهم يقولون إن الحزب يحقق لهم ثلاثة أمور: تحرير الأرض، والحماية من الأكثرية السنية، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين - ولذلك ينبغي أن يحتفظ الحزب بسلاحه.
في العادة، كانت الدول الكبرى الأوروبية، الكاثوليكية وغيرها، هي التي تحدد سياسات المسيحيين. إنما في السنوات الأخيرة تمرد الجنرال عون على الأوروبيين والأميركيين لأنهم وقفوا مع خصومه من المسيحيين من قوى 14 آذار. وقد كسب مالا وأصواتا من التحالف مع النظام السوري وحزب الله. وهذه الأطراف التي تضررت من الثورات العربية، بسقوط الدعاوى والتاريخ الطويل من الأوهام والأحلام، تعتقد أنها مهددة الآن، ولذلك عمدت للاستيلاء على الحكومة اللبنانية، وصرحت بتحالف الأقليات، وإصرارها على البقاء في السيطرة حتى لو زال النظام السوري. وهي تتطلع إلى بؤر أخرى في العراق والبحرين، لا تحب التغيير الجاري.
لكن إيران عندها حسابات أوسع، ولا تستطيع الاستمرار في معاداة العرب والسنة بحجة المقاومة والممانعة. لذا فإن أمورا عديدة سوف تحدث معا مع تداعي النظام السوري، وازدياد الصراع الداخلي الإيراني على السياسات الخارجية والداخلية. وإذا كان حزب الله متورطا في سياسات الأقليات في السنوات الأخيرة على الأقل؛ فإنّ اللبنانيين - مسيحيين وغير مسيحيين، والذين يُظهرون ولاء للحزب أو خضوعا لتوجهاته (مثل نجيب ميقاتي) في الشهور الأخيرة - سوف يكونون مسؤولين مع الحزب عن الاستخدامات المقبلة للبنان في مواجهة العرب وقضاياهم.
نقلا عن جريدة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.