إدارة الأزمات هي الاستعداد لما قد لا يحدث والتعامل مع ما حدث، ولا يخفى على المتابع لسير الأحداث بخاصة السياسية منها ما للأزمات بكل أنواعها من دور في تاريخ الشعوب والمجتمعات سواء على صعيد الهدم أو البناء. وفي قراءة متأنية للأزمة الراهنة بشأن جزيرتي تيران يفضي بنا الأمر إلى وجود خيط يقودنا إلى حقيقة مفادها ان الدولة جانبها الصواب في التعامل مع هذه الأزمة ،حيث انتهجت أسلوبا تمثل بالتصدي المرتجل والتعامل بطرق غير مدروسة سلفا. ويقول اللواء ممدوح زيدان خبير إدارة الازمات، إن هناك تقصير من قبل أجهزة الدولة في التعامل مع أزمة جزيرتي تيران وصنافير ، حيث كان على المسؤولين بالدولة أن يكون لديهم مركزا للمعلومات لتوضيح الحقائق وخلفيتها القانونية والدولية والتاريخية، لأن هناك الكثير من المواطنين لا يعلموا شيئا عن جزيرتي تيران وصنافير قبل امس ، وتركناهم ستقوا المعلومات من مواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف زيدان، أنه كان يجب على الدولة أن تكون "فعل" وليس "رد فعل " وهذا الفارق في إدارة الازمات، فالدولة تعلم أن هناك فئة في الشعب المصري ليس لديها أي خلفية علمية، وكذلك فئات أخرى كثيرة لا تملك المعلومات الصحيحة وهذه الفئات تصدق أي شيئ يقال وتردده كما هو، فكان على الدولة عند إعلان الأمر أو قبله أن تعلن كافة المعلومات بتفصيلتها الموثقة التاريخية والقانونية وتكون بذلك حققت نوعا من المصداقية والوضوح وقطع الطريق على المغرضين والمتربصين بالدولة. وأكد زيدان، أنه يجب على الخبراء قبل تناول الموضوع في وسائل الإعلام أن يكونوا على علم ودراية كاملة بالخلفيات التاريخية والقانونية والجغرافية له وليس وجهة نظر لشخصية حتى تكون لديهم صورة كاملة ،ولا يحدث بذلك بلبلة للرأي العام ،وخاصة أننا نتعرض لتعليقات مغرضة على كافة مواقع التواصل الاجتماعي وعلينا مواجهتها بالحجج الأمنية والقانونية والتاريخية من كافة الزوايا ، موضحا أن بعض وسائل الإعلام تعاملت بشكل جيد مع الأزمة ولكنها جأت متأخرة في العرض والتحليل للمعلومات والوثائق. وعن مسألة توقيت الإعلان عن ترسيم الحدود في وقت زيارة الملك سلمان للقاهرة، قال زيدان، إن التوقيت قد يكون متعلق بأشياء لها علاقة بالقانون الدولي ، مؤكدا أنه كان يجب أن يكون هناك تمهيدا قبل الإعلان عن ترسيم الحدود وشرح الخلفية التاريخية والتسلسل القانوني من الاربعينات وحتى الستينات، لأنه في إدارة الأزمات علينا أن نسبق الحدث ويكون لدينا السبق الإعلامي وهذا لم يحدث ، وتركنا مواقع التواصل الاجتماعي تزيد من الاحساس بالتشكيك. وأوضح زيدان أنه في مثل هذه الأمور تكون هناك لجان تناقش وتبحث الإجراءات لفترة حيث يكون هناك تفاوض ، وكان يجب أن تصدر هذه اللجان قبل الإعلان او مع الإعلان تقرير يشرح كل ذلك. وأكد زيدان أن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع ممثلين المجتمع غدا علاج جيد جيدا للأزمة،وكان يجب الا نترك الموضوع للرئيس ،فهناك الهيئة العامة للاستعلامات وهذا دورها في أن تقوم بعرض وتوضيح الحقائق وتسويقها داخليا وخارجيا ،موضحا أن المفاجأة في الإعلان مع عدم دارية المواطنين بالخلفيات التاريخية والجغرافية أثار البلبة واللغط حول مسألة ملكية الجزيرتين، والأمر مثلما حدث مع حلايب وشلاتين حيث كانت السودان تديرهما بموافقة مصرية ولكنها ملك لمصر. وقال اللواء د.جمال حواش خبير إدارة الأزمات، إن ادارة الأزمة يعتمد على انتقاء بعض الأفراد ويتم تدريبهم على التعامل مع الأزمات، ويتم تصنيفهم لثلاث فئات الفئة الأولى وهى "متخذي القرار"، الفئة الثانية وهم "العاملون بمطبخ متخذي القرار " الذين يضعون السيناريو ويحللوا القرارات ونتائجها، الفئة الثالثة وهى للتوعية وتكون هذه الفئة هى الأكبر عددا. وأضاف حواش ، في موضوع مثل جزيرتين تيران وصنافير فئة التوعية كان عليها العامل الأكبر في إدارة هذه الأزمة ، حيث فتح الاعلام مصرعيه لكل من لايعلم للحديث في شأن الجزيرتين ،وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي في ظل غياب تام لدور الدولة في توضيح حقيقة الأمر أو التمهيد له قبل حدوثه والتعامل بمنطق رد الفعل .