أثار تنازل النظام عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية في إطار اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين البلدين، تساؤلات حول مصير مثلث حلايب وشلاتين، لاسيما وأن السودان لم يتوقف عن التأكيد على أنه أرض سودانية، ويطالب بأحقيته في المطالبة بالمثلث الحدودي. وحظي الاتفاق الذي أبرمته مصر والسعودية بالتنازل عن "صنافير" و"تيران" باهتمام في وسائل الإعلام السودانية، التي استغلت الأمر في إثارة الجدل مجددًا حول "حلايب وشلاتين". فتحت عنوان "مصر تعيد جزيرتين محتلتين للسعودية.. فهل تعيد مثلث حلايب للسودان؟"، كتب موقع "النيلين" السوداني، مستعرضًا تاريخ النزاع بين القاهرة والرياض حول الجزيرتين الذي انتهى أخيرًا باستعادة السعودية للجزيرتين. وفي موقع "سودان تريبون"، تصدرت قضية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية العناوين، وربط بين ترسيم الحدود المائية وبين الموقف السوداني الرسمي الذي وصفه ب"المتراخي" في قضية مثلث حلايب. وتحت عنوان "صمت سوداني بعد ترسيم للحدود البحرية بين مصر والسعودية يرجح تضمنه حلايب"، كتب "سودان تريبون": التزمت الحكومة السودانية الصمت حول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وليس من الواضح إذا ما كان لديها النية لاتخاذ أي إجراء. فيما أعاد الإعلامي الساخر باسم يوسف، نشر تدوينة تحذر من تنازل الحكومة عن حلايب وشلاتين، والتي تقع على الحدود الرسمية بين مصر والسودان، بعد الإعلان عن أن جزيرتي تيران وصنافير الموجودتان في البحر الأحمر، تقعان داخل المياه الإقليمية السعودية. يوسف كان قد انتقد بشدة "تنازل" الحكومة المصرية عن الجزيرتين من خلال سلسلة تدوينات عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، آخرها تدوينة لسوسن جاد قالت فيها إن حلايب وشلاتين وضعها أوضح بكتير لصالح السودان، من جزر تيران وصنافير لصالح السعودية. وتعليقًا على ذلك، أكد السفير سامح شكرى وزير الخارجية، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب لبرنامج "القاهرة اليوم"، أنه لا توجد مقارنة بين جزيرتي تيران وصنافير وحلايب وشلاتين، حيث إن المستندات التاريخية والقانونية تؤكد السيادة المصرية على مثلث حلايب وشلاتين، رافضًا الربط بين الأمرين. فيما طالب الدكتور مصطفى الفقي الكاتب والمفكر السياسي، السودان، أن يحذو حذو مصر بتسليم "تيران" و"صنافير" للسعودية ويترك هو الآخر أمر "حلايب وشلاتين" نهائيًا، معتبرًا أن "حلايب وشلاتين كانت وديعة مصرية مؤقتة لدى السودان وعادت مرة أخرى". وأوضح الفقي في مداخلة هاتفية لبرنامج "90 دقيقة"، أن "حلايب وشلاتين كانت وديعة مؤقتة لدى السودان خاصة بمكافحة الملاريا وهى الآن في حيازة مصر، وعلى السودانيين أن يدركوا أنها كانت أمرًا مؤقتًا وكانت حدود إدارية فقط". وأضاف: "كما تعاملنا مع السعودية بفروسية وشعور قومي يجب أن يفعل معنا السودانيين نفس الشيء". ورأى السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن موضوع جزيرتي "تيران وصنافير" لم يحسما حتى الآن، بالتالي لن يفتح الباب للسودان للمطالبة من جديد بحلايب وشلاتين، لأنه طبقًا للنظام الدستور المصري فإن تصرفات السلطة التنفيذية لا تصبح قائمه بحقوق السيادة إلا بعد استفتاء الشعب. وشدد معصوم على أنه لا توجد أي تنازلات عن تقديم الجزيرتين للدولة السعودية لان الوضع القانوني لهما ثابت للسيادة المصرية وكذلك حلايب وشلاتين ثابتة أيضًا للسيادة المصرية. وقال الدكتور أحمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية والسياسية، إن الوضع حول "حلايب وشلاتين" التي يتنازع عليها السودان مع مصر ويزعم أنها سودانية، مختلف عن "تيران وصنافير" اللتين تنازلتا عنهما مصر لصالح السعودية، موضحا أن المملكة العربية السعودية دولة غنية لديها ما تدفعه في مقابل الجزيرتين، أما السودان لا تملك أموال تدفعها لإجراء مثل تلك الصفقة أو لكي يتنازل النظام عنهما. وتابع مهران: "كما أن النظام المصري في حالة الجزيرتين هو من بادر وعرض على السعودية تيران وصنافير مقابل المال، أما السودان هي من تطالب، مضيفا "مش معنى أن السودان تطالب بحلايب وشلاتين يبقى مصر هتتنازل عنهما". من جانبه، قال الدكتور هاني رسلان رئيس وحدة حوض النيل بمركز الدراسات الإستراتيجية و السياسية ب "الأهرام"، إنه لا علاقة لتنازل مصر عن الجزيرتين للسعودية بالمطالبة السودان بحلايب و شلاتين. وأشار إلى أن "الجزيرتين كانتا للسعودية وتم السماح للقوات المسلحة المصرية عام 1949 بالسيطرة عليها لعدم وجود قوات بحرية للسعودية في ذلك الوقت"، لافتًا إلى أن موقف السعودية مسجل من قبل 1952 في الأممالمتحدة. وأضاف رسلان ل"المصريون": "أما بالنسبة لحلايب وشلاتين، فإن الشيء الوحيد الذي يحدد الحدود هي اتفاقية 1899 التي تنص على الخط الفاصل هو 22، وحلايب شمال هذا الخط، متسائلا أين يأتون بان حلايب تقع في الجهة الأخرى؟". واستدرك: "أصلاً قبل المعاهدة السودان لم يكن لها سيادة ولم يكن لها وجود دولي وكان كله تحت السيادة المصرية، فحلايب ليست سودانية من الأصل". وعزا الخبير في الشؤون السودانية، إصرار البشير على المطالبة بحلايب وشلاتين لأسباب داخلية في السودان، قائلاً إنه" يريد أن يفتعل قضية ضد مصر لكي يوحد السودانيين خلفه ويخلق رأيًا عامًا ويبدو أنه في صورة وطنية وأنه مدافع عن السودان رغم أنه ترك ثلث السودان ينفصل فضلاً عن أنه يعطي أراضى لأثيوبيا 30كيلو ميناء بشكل كامل". ورأى أنه يهدف من ذلك إلى "التعبئة الداخلية خلف النظام، والمعارضة تستخدمها أيضا لكي تحاول إضعاف موقف النظام أنه موقف جبان وأنه تارك أراضي السودانية للمصريين"، فيما وصفه بأنه "توظيف سياسي بين السلطة القائمة في السودان وبين المعارضة". وفي هذا الإطار فجر المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث بإسم وزارة الخارجية المصرية، مفاجأة جديدة ، حيث أكد أن وضع حلايب وشلاتين هو نفس وضع جزر "تيران وصنافير"، ولكن مصر طلبت من السودان إدارة هذه تلك المنطقة، وفرضت سيادتها عليها. وطالب أبو زيد - خلال مداخلة على فضائية "أون تي في لايف" - بمراجعة الوضع فيما يتعلق بحلايب وشلاتين، مؤكدًا أنه نفس وضع الجزيرتين. وأكد متحدث وزارة الخارجية، أن زير الداخلية المصري في فترة سابقة هو الذي طلب إدارة حلايب وشلاتين من السودان، ويجب أن نراجع موقفنا جيدا.