لا تنبع خصوصيته من طرازه المعماري ولا مقتنياته فقط، بل من حالته الفريدة التي جمعت أشخاصًا من جنسيات مختلفة، ينتمون إلى عصور عديدة. بناه مصريان في العصر العثماني، واستمد اسمه الذي استمر معه حتى الآن من إحدى سيدات جزيرة كريت، وكان معرضًا للإزالة في ثلاثينيات القرن الماضي، لولا تدخل ضابط بريطانى ليمنع ذلك ويمنحه مسيرة جديدة "مختلفة". يقع «بيت الكريتلية»، في حي السيدة زينب على بعد خطوات من مسجد أحمد بن طولون، ومدرسة صرغتمش، ويوضح محمد عبدالعزيز، معاون وزير الآثار لشؤون الآثار الإسلامية والقبطية، أن البيت يتكون من منزلين تم بناؤهما بفارق زمني يقترب من المائة عام، الأول شيده عبدالقادر الحداد عام ١٥٤٠، وعُرف باسم بيت آمنة بنت سالم التي كانت آخر من سكنه، بينما بنى محمد بن سالم بن جلمام الجزار المنزل الثاني عام ١٦٣٢، وهو الذي سكنته السيدة الكريتية فعرف باسمها. وتابع: "تم الربط بين المنزلين في زمن لاحق بقنطرة، وكانت حالتهما قد ساءت وكاد أن يتم هدمهما خلال مشروع للتوسعة حول مسجد ابن طولون في ثلاثينيات القرن الماضي، لكن الميجور جايير اندرسون الذي كان يعمل طبيبًا بالجيش الإنجليزي تقدم بطلب للجنة حفظ الآثار العربية بأن يسكن البيتين بعد أن يقوم بتأثيثهما على الطراز الإسلامي، ويعرض فيهما مجموعة مقتنياته من الآثار التي جمعها وتنتمي لعصور عديدة، على أن تئول ملكية الاثاث والمقتنيات للشعب المصري بعد وفاته أو رحيله عن مصر نهائيًا". وأضاف: "وافقت اللجنة، ولم يدخر اندرسون جهدًا في تنظيم البيتين، وانفق الكثير من المال على شراء الأثاث وزيادة مقتنياته من القطع الفنية، فتنوعت مصادرها ما بين عربية وأوربية وصينية وفارسية، بل ان بعضها جاء من بلاد القوقاز وآسيا الوسطى والشرق الأقصى، وبمجرد وفاته آل البيتين ومحتوياتهما إلى مصلحة الآثار العربية، فحولته إلى متحف باسم جايير اندرسون". ويشير عبدالعزيز إلى أن اندرسون، ولد ببريطانيا عام ١٨٨١، وجاء إلى مصر عام ١٩٠٨ فى إحدى المهام فعشقها واستقر بها، وكتب في مذكراته المحفوظة بمتحف «فيكتوريا والبرت» بلندن: «مصر أحب الأرض إلى قلبي، لذلك لم أفارقها لأنني قضيت بها أسعد أيامي منذ مولدي".