أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن تحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب لن يكون أبدا علي جانب حقوق الإنسان، معربا عن تقديره العميق والبالغ لجهود وتضحيات رجال الشرطة والقوات المسلحة، لافتا إلي أنه يعلم وجود حالات تستحق مراجعة موقفها. وشدد الرئيس السيسي خلال اللقاء الذي عقده مساء السبت 19 مارس، مع عدد من الدارسين بالبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة علي أنه لا يقبل الظلم مطلقا ولذلك استخدم سلطاته الدستورية لإصدار قرارات بالعفو الرئاسي عن أكثر من دفعة من الشباب الصادر ضدهم أحكام نهائية. وكشف عن أن الفترة القادمة ستشهد الإعلان عن صدور قرارات بالعفو عن دفعات جديدة، مشيرا إلي أنه لابد من التعامل مع مصر كدولة تواجه معركة بقاء في ظروف استثنائية غير مسبوقة. لقاء مفاجئ وكشفت مصادر مطلعة ل«بوابة أخبار اليوم»، عن أن الرئيس كان حريصا علي أن يكون اللقاء مفاجئ تماما للشباب دون أي ترتيبات مسبقة، ولذلك اختار يوم السبت لأنه اليوم الوحيد في أيام الأسبوع، الذي لا يرتبط خلاله الدارسين بمحاضرات، ومخصص لإجراء لقاءات مع الشخصيات الرسمية والعامة، حتى لا يشعر الشباب بأية إجراءات استثنائية، وكلّف المراسم وجهات التأمين باتخاذ الحد الأدنى من التدابير الأمنية والمراسمية، حيث حضر الرئيس دون ركاب كامل أو تشريفه وبحراسة شخصية محدودة للغاية. وكان أعضاء المكتب الإعلامي للرئيس، حضروا لمقر المجالس المتخصصة بمصر الجديدة مبكرا وأبلغوا الشباب أن اليوم سيتم الاكتفاء بالتفاعل المباشر فيما بينهم والاستماع لملاحظاتهم علي البرنامج، وفي تمام الساعة السابعة إلا ربع فوجئ الشباب بالرئيس السيسي يحضر إلي القاعة، وبعد وقوفهم لتحيته، توجه الرئيس إلي المنصة وطلب منهم الجلوس، واستهل حديثه بعد تحيتهم بالاتفاق معهم علي أنه سيتحدث لثلث الوقت الذي سيقضيه معهم فقط، والذي كان مقررا أن يكون ساعة ولكنه تجاوز ال ١٠٥ دقيقة. اهتمام الرئيس بالبرنامج وفي كلمته، أعرب الرئيس السيسي للشباب عن اهتمامه الشخصي ببرنامج تأهيل الشباب للقيادة، نظرا لثقته الكاملة في أن الأمل بالشباب، مشيرا إلي أنه يعول كثيرا علي خريجي هذا البرنامج في تحمل المسؤولية معه، ولاسيما من الدارسين المجموعة الأولي، كطليعة لتأهيل الشباب للمناصب القيادية، وتمكينهم من الاضطلاع بالمسؤولية خلال المرحلة المقبلة، مشيدا بما يتمتع به الشباب من حماس وطاقات وقدرات كبيرة تحرص الدولة على تعظيم الاستفادة منها، وتوجيهها إلى الطريق الصحيح في خدمة الوطن، وطالبهم بأن يساهموا بأفكارهم ورؤاهم في خدمة الوطن وحل مشاكله. وقال: «كنت أتمني أن نعين نواب وزراء منكم من الآن.. وأنا مستعجل علي تخرجكم جدا». وشدد الرئيس، علي ضرورة بذل الشباب لأقصي الجهود خلال هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ مصر، مشجعا شباب مصر على التفاني في العمل بما يمكّن الدولة من تحقيق النهضة التنموية التي يتطلع إليها الشعب المصري، لافتا إلي أنه أطلق البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة ليساهم في تحقيق هذه الأهداف، ولذلك تم أيضا إتاحة المحتوى العلمي على الموقع الإلكتروني للبرنامج مما يُمكن الجميع من الاستفادة منه. وأكد أن الدولة لديها إرادة حقيقية لمكافحة الفساد بكافة أشكاله، مشيرا إلى أهمية إيجاد أفكار مُبتكرة للقضاء على هذه الآفة ومعالجة الظروف التي أدت إليها. وفي نهاية كلمته المرتجلة للشباب، طلب الرئيس من القائمين علي البرنامج إجراء استطلاعات للرأي يشارك بها الدارسين في البرنامج خاصة بملاحظاتهم حول البرنامج ورؤيتهم العامة لشتي القضايا، وإطلاعه شخصيا بنتائجها أولا بأول. 10 أسئلة وعلمت «بوابة أخبار اليوم»، أنه عندما تم فتح الباب للنقاش المفتوح بين الرئيس والشباب طلب منهم الحديث في كافة الموضوعات والقضايا وتلقي عشرة أسئلة كلها حول قضايا شائكة، ومنها ما يثار حول انتهاكات حقوق الإنسان، وحالات الاختفاء القسري وتصويب الخطاب الديني، وسُبل إصلاح الجهاز الإداري بالدولة، والجهود التي تُبذل للقضاء على العشوائيات والتوسع في توفير الإسكان الاجتماعي، بالإضافة إلى الخطوات التي تم اتخاذها للحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة وترسيخ العدالة الاجتماعية. وتم أيضا مناقشة سبل تنفيذ إستراتيجية 2030 ووضع مؤشرات لتقييم أداء الأجهزة الحكومية، فضلا عن جهود إرساء دولة القانون والمؤسسات التي تُعلى قيم حقوق الإنسان إلى جانب الحفاظ على أمن واستقرار الوطن. وأشارت المصادر، إلى أن أول سؤال تلقاه الرئيس كان حول التعديل الوزاري المرتقب ومعايير تغيير الوزراء وما يعتبره البعض عدم استقرا بسبب، كثرة التغيير في الحكومات خلال الفترة الماضية. وأجاب السيسي: «الحالة المصرية مختلفة ونحن نسعى لبناء مؤسسات قائمة علي تنفيذ استراتيجيات ممتدة وليست سياسات فردية تتوقف برحيل الأفراد وأكبر دليل علي التزامنا بهذا النهج هو إطلاق إستراتيجية ٢٠٣٠»، مؤكدا أن هذا يتم في ظروف صعبة . وجاء السؤال الثاني من إحدى المشاركات في البرنامج حول معايير تحقيق العدالة الاجتماعية، وما يثار حول انتهاكات لحقوق الإنسان داخل السجون وما يتداول حول حالات الاختفاء القسري. وقال الرئيس: «لابد من التعامل مع مصر كدولة تواجه معركة بقاء وتحقيق الأمن، ومكافحة الإرهاب لن يكون أبدا علي حقوق الإنسان»، مشيرا إلي أن قضايا الإرهاب ذات طبيعة خاصة ويتورط بها إعداد كبيرة ما بين منفذين ومخطئين وممولين في هذه الجرائم، ضاربا المثل بقضية اغتيال النائب العام الشهيد هشام بركات، كانت مرتبطة بعدد كبير جدا من الناس، وبالنسبة لحالات الاختفاء القسري ثبت أن كثير من الذين أشيع أنهم تعرضوا لذلك ثبت أنهم انخرطوا في جماعات إرهابية وقاوموا بعد ذلك بالاشتراك في عمليات كبيرة، مشددا علي أنه لا يقبل حدوث مثل هذا الأمر بأية صورة من الصور. وفي مسألة العدالة الاجتماعية، قال الرئيس: «أكبر دليل علي اهتمامنا بهذا الملف هو مشروعات الإسكان الاجتماعي، واستبدال مساكن أهالي العشوائيات في هذه المشروعات، مجددا التأكيد علي أنه لن تنطبق الاشتراطات علي شاب دون أن يحصل علي الشقة التي تقدم لها، وإذا احتجت بناء مليون وحدة سكنية سأقوم بذلك وضرب مثل بمنطقة غيط العنب بالإسكندرية التي تم منح سكانها الشقق الجديدة مفروشة بالأثاث، وعندما تساءلت الفتاة عن التأهيل النفسي لسكان العشوائيات أجاب أن ذلك يتم بالفعل وضرب مثل بمدينة الروبيكي للجلود التي سيتم بناء مساكن ومجتمع متكامل للعاملين بالمنطقة قبل نقلهم إليها». وردا علي تساؤل حول الطاقة وعدم التوسع في استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، أكد السيسي، إن التزام مصر بالتوسع في استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة بكثافة مصادرها، موضحا أن ما يجري الآن هو محاولات إنقاذ عاجلة لسد العجز الكبير في احتياجاتنا من خلال محطات إنتاج الطاقة التي تعتمد علي الوقود وفي نفس الوقت نعمل حاليا علي التوسع في استخدام الطاقة الشمسية، لافتا إلي أنه حتى أعمدة إنارة الشوارع يجري استبدالها بأخرى تعمل بالطاقة الشمسية. خطة لتطوير الإعلام الحكومة، وتلقي الرئيس السيسي سؤالين حول ما وصفه الشباب بفوضى الإعلام، وأجاب أن حرية التعبير من ثمار ثورة الخامس والعشرين من يناير وحالة الفوضى التي نعاني منها أحيانا، لن تنضبط سوي بصدور التشريعات المنظمة للإعلام، وتشكيل الهيئات التي استحدثها الدستور لتنظيم عمله. وعن تصويب الخطاب الديني، قال السيسي: «نحن مستمرون بالفعل في هذا الأمر، وانتهينا من تطوير المناهج الأزهرية بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية»، مضيفا أن حل المسالة ليس في تغيير مناهج ولكن في الأفكار والثقافات. وحول الجدل المجتمعي بخصوص قانون الخدمة المدنية، شدد الرئيس، علي أنه لن ينسحب بالضرر علي أي موظف في الدولة، وهو جزء هام من خطة الإصلاح الإداري الذي ينادي به الجنيه، ولكن كان يجب أن يكون هناك تمهيد للرأي العام قبل إقراره. الشباب يقدمون مقترحات وبخلاف الأسئلة، تلقي الرئيس مقترحات عديدة لحل المشاكل التي تواجهها مصر وعلي رأسها السياحة، وخاصة الوافدة من روسيا، حيث اقترح أحد الشباب ترجمة الأدب العربي والأفلام والمسلسلات للغات المختلفة، وعلي رأسها الروسية. وأكد له الرئيس إعجابه بالفكرة، لافتا إلي أن المهم هو انتقاء الأعمال التي تعكس صحيح ثقافتنا ومجتمعنا. وبعد نحو الخمسة وسبعون دقيقة، أنهى الرئيس السيسي اللقاء، ووعد الشباب أن هذا اللقاء لن يكون الأخير وسيكون هناك لقاءات بشكل دوري معهم وباقي مجموعات البرنامج الرئاسي. وقبل أن يغادر السيسي القاعة التف الشباب حوله وطلبوا التقاط الصور التذكارية معه، وحرص الرئيس علي الاستجابة لهم جميعا وبقي لنحو نصف ساعة إضافية.