أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن تحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب لن يكون أبدا علي حقوق الإنسان معربا عن تقديره العميق والبالغ لجهود وتضحيات رجال الشرطة والقوات المسلحة ، لافتا إلي أنه يعلم وجود حالات تستحق الدراسة، مشددا علي أنه لا يقبل الظلم مطلقا، ولذلك استخدم سلطاته الدستورية لإصدار قرارات بالعفو الرئاسي عن أكثر من دفعة من الشباب الصادر ضدهم أحكام نهائية.. وكشف عن أن الفترة القادمة ستشهد الإعلان عن صدور قرارات بالعفو عن دفعات جديدة، مشددا علي أنه لابد من التعامل مع مصر كدولة تواجه معركة بقاء في ظروف استثنائية غير مسبوقة . جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقده الرئيس السيسي مساء أمس الأول مع عدد من الدارسين بالبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة. وكشفت مصادر مطلعة «للأخبار» أن الرئيس كان حريصا علي أن يكون اللقاء مفاجئا تماما للشباب دون أي ترتيبات مسبقة، ولذلك اختار يوم السبت لأنه اليوم الوحيد في أيام الأسبوع الذي لا يرتبط خلاله الدارسون بمحاضرات ومخصص لإجراء لقاءات مع الشخصيات الرسمية والعامة حتي لا يشعر الشباب بأي إجراءات استثنائية.. كما كلّف المراسم و جهات التأمين باتخاذ الحد الأدني من التدابير الأمنية والمراسمية ، حيث حضر الرئيس دون ركاب كامل او تشريفة وبحراسة شخصية محدودة للغاية. وكان أعضاء المكتب الإعلامي للرئيس قد حضروا لمقر المجالس المتخصصة بمصر الجديدة مبكرا وأبلغوا الشباب ان اليوم سيتم الاكتفاء بالتفاعل المباشر فيما بينهم والاستماع لملاحظاتهم علي البرنامج، وفي تمام الساعة السابعة إلا ربع فوجئ الحاضرون بالرئيس السيسي يصل إلي القاعة ، وبعد وقوفهم لتحيته توجه الرئيس الي المنصة وطلب منهم الجلوس، واستهل حديثه بعد تحيتهم بالاتفاق معهم علي أنه سيتحدث لثلث الوقت الذي سيقضيه معهم فقط والذي كان مقررا أن يكون ساعة ولكنه تجاوز ال 105 دقائق، بينما يريد تخصيص ثلثي الوقت للحوارالمباشر معهم دون أي حواجز أو محاذير من أي نوع. أعرب الرئيس السيسي للشباب عن اهتمامه الشخصي ببرنامج تأهيل الشباب للقيادة، نظرا لثقته الكاملة في أن الأمل بالشباب، مشيرا الي أنه يُعوِّل كثيرا علي خريجي هذا البرنامج في تحمل المسئولية معه ولا سيما من الدارسين بالمجموعة الأولي كطليعة لتأهيل الشباب للمناصب القيادية وتمكينهم من الاضطلاع بالمسئولية خلال المرحلة المقبلة، مشيداً بما يتمتع به الشباب من حماس وطاقات وقدرات كبيرة تحرص الدولة علي تعظيم الاستفادة منها وتوجيهها إلي الطريق الصحيح في خدمة الوطن، وطالبهم بأن يساهموا بأفكارهم ورؤاهم في خدمة الوطن وحل مشاكله ، و قال: «كنت أتمني أن نعين نواب وزراء منكم من الآن وأنا مستعجل علي تخرجكم جدا». وشدد الرئيس علي ضرورة بذل الشباب لأقصي الجهود خلال هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ مصر، مشجعاً شباب مصر علي التفاني في العمل بما يمكّن الدولة من تحقيق النهضة التنموية التي يتطلع إليها الشعب المصري، لافتا الي أنه أطلق البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة ليساهم في تحقيق هذه الأهداف، ولذلك تم أيضا إتاحة المحتوي العلمي علي الموقع الإلكتروني للبرنامج مما يُمكن الجميع من الاستفادة منه. كما أكد علي أن الدولة لديها إرادة حقيقية لمكافحة الفساد بجميع أشكاله، مشيراً إلي أهمية إيجاد أفكار مُبتكرة للقضاء علي هذه الآفة ومعالجة الظروف التي أدت إليها. وفي نهاية كلمته المرتجلة للشباب طلب الرئيس من القائمين علي البرنامج إجراء استطلاعات للرأي يشارك بها الدارسون في البرنامج خاصة بملاحظاتهم حول البرنامج ورؤيتهم العامة لشتي القضايا، وإطلاعه شخصيا بنتائجها أولا بأول . وعلمت «الأخبار» أنه عندما تم فتح الباب للنقاش المفتوح بين الرئيس والشباب طلب منهم الحديث في جميع الموضوعات والقضايا وتلقي عشرة أسئلة كلها حول قضايا شائكة ومنها ما يثار حول انتهاكات حقوق الإنسان وحالات الاختفاء القسري و تصويب الخطاب الديني، وسُبل إصلاح الجهاز الإداري بالدولة، والجهود التي تُبذل للقضاء علي العشوائيات والتوسع في توفير الإسكان الاجتماعي، بالإضافة إلي الخطوات التي تم اتخاذها للحفاظ علي استقرار مؤسسات الدولة وترسيخ العدالة الاجتماعية. وقد تمت مناقشة أيضاً سبل تنفيذ استراتيجية 2030 ووضع مؤشرات لتقييم أداء الأجهزة الحكومية، فضلاً عن جهود إرساء دولة القانون والمؤسسات التي تُعلي قيم حقوق الانسان إلي جانب الحفاظ علي أمن واستقرار الوطن.. وأشارت المصادر أن أول سؤال تلقاه الرئيس كان حول التعديل الوزاري المرتقب ومعايير تغيير الوزراء وما يعتبره البعض عدم استقرار بسبب كثرة التغيير في الحكومات خلال الفترة الماضية.. وأجاب السيسي : الحالة المصرية مختلفة ونحن نسعي لبناء مؤسسات قائمة علي تنفيذ استراتيجيات ممتدة وليست سياسات فردية تتوقف برحيل الأفراد وأكبر دليل علي التزامنا بهذا النهج هو إطلاق استراتيجية 2030 مؤكدا أن هذا يتم في ظروف صعبة . وجاء السؤال الثاني من إحدي المشاركات في البرنامج حول معايير تحقيق العدالة الاجتماعية و ما يثار حول انتهاكات لحقوق الإنسان داخل السجون وما يتداول حول حالات الاختفاء القسري، وقال الرئيس : لابد من التعامل مع مصر كدولة تواجه معركة بقاء و تحقيق الأمن ومكافحة الاٍرهاب لن يكون أبدا علي حقوق الانسان ، مشيرا الي ان قضايا الإرهاب ذات طبيعة خاصة ويتورط بها أعداد كبيرة ما بين منفذين ومخططين وممولين في هذه الجرائم ضاربا المثل بقضية اغتيال النائب العام الشهيد هشام بركات كانت مرتبطة بعدد كبير جدا من الناس ، وبالنسبة لحالات الاختفاء القسري ثبت أن كثيرا من الذين أشيع أنهم تعرضوا لذلك، انخرطوا في جماعات إرهابية وقاموا بعد ذلك بالاشتراك في عمليات كبيرة ، مشددا علي أنه لايقبل حدوث مثل هذا الامر بأية صورة من الصور . وفي مسألة العدالة الاجتماعية قال الرئيس: أكبر دليل علي اهتمامنا بهذا الملف هو مشروعات الإسكان الاجتماعي واستبدال مساكن أهالي العشوائيات في هذه المشروعات، مجددا التأكيد علي أنه لن تنطبق الاشتراطات علي شاب دون أن يحصل علي الشقة التي تقدم لها، وإذا احتجت بناء مليون وحدة سكنية سأقوم بذلك وضرب مثلا بمنطقة غيط العنب بالإسكندرية التي تم منح سكانها الشقق الجديدة مفروشة بالأثاث، وعندما تساءلت فتاة عن التأهيل النفسي لسكان العشوائيات أجاب أن ذلك يتم بالفعل وضرب مثلا بمدينة الروبيكي للجلود التي سيتم بناء مساكن ومجتمع متكامل للعاملين بالمنطقة قبل نقلهم إليها . وردا علي تساؤل حول الطاقة وعدم التوسع في استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية .. أكد الرئيس أن التزام مصر بالتوسع في استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة بكثافة مصادرها موضحا ان ما يجري الآن هو محاولات إنقاذ عاجلة لسد العجز الكبير في احتياجاتنا من خلال محطات انتاج الطاقة التي تعتمد علي الوقود وفي نفس الوقت نعمل حاليا علي التوسع في استخدام الطاقة الشمسية لافتا الي انه حتي أعمدة انارة الشوارع يجري استبدالها باخري تعمل بالطاقة الشمسية . وتلقي الرئيس السيسي سؤالين حول ما وصفه الشباب بفوضي الإعلام وأجاب أن حرية التعبير من ثمار ثورة الخامس والعشرين من يناير وحالة الفوضي التي نعاني منها أحيانا لن تنضبط سوي بصدور التشريعات المنظمة للإعلام وتشكيل الهيئات التي استحدثها الدستور لتنظيم عمله . وعن تصويب الخطاب الديني، قال السيسي: نحن مستمرون بالفعل في هذا الأمر وانتهينا من تطوير المناهج الأزهرية بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية، مضيفا أن حل المسألة ليس في تغيير مناهج ولكن في الأفكار و الثقافات. وحول الجدل المجتمعي بخصوص قانون الخدمة المدنية ، شدد الرئيس علي انه لن ينسحب بالضرر علي أي موظف في الدولة وهو جزء هام من خطة الإصلاح الاداري الذي ينادي به الجميع ، ولكن كان يجب ان يكون هناك تمهيد للراي العام قبل إقراره . . وبخلاف الأسئلة تلقي الرئيس مقترحات عديدة لحل المشاكل التي تواجهها مصر وعلي رأسها السياحة وخاصة الوافدة من روسيا حيث اقترح احد الشباب ترجمة الأدب العربي والأفلام والمسلسلات للغات المختلفة وعلي رأسها اللغة الروسية، وأكد له الرئيس إعجابه بالفكرة لافتا الي ان المهم هو انتقاء الاعمال التي تعكس صحيح ثقافتنا ومجتمعنا . وبعد نحو الخمسة وسبعون دقيقة أنهي الرئيس السيسي اللقاء ووعد الشباب بأن هذا اللقاء لن يكون الأخير وسيكون هناك لقاءات بشكل دوري معهم وباقي مجموعات البرنامج الرئاسي .. وقبل أن يغادر السيسي القاعة التف الشباب حوله وطلبوا التقاط الصور التذكارية معه وحرص الرئيس علي الاستجابة لهم جميعا وبقي لنحو نصف ساعة إضافية .