دعت فرنسا الشبان في تونس إلى مقاومة مسار التطرف الإسلامي وأن يضربوا المثل لباقي دول المنطقة وتعهدت بتعزيز الروابط الأمنية والاقتصادية مع البلد الذي شهد باكورة انتفاضات الربيع العربي بينما يسعى جاهدا للتغلب على تيار إسلامي متشدد. وبعد دستور جديد وانتخابات حرة إضافة إلى تاريخ علماني تتعرض المستعمرة الفرنسية السابقة في شمال أفريقيا لهجمات من متشددين يسعون إلى زعزعة الديمقراطية الوليدة بعد خمس سنوات من الإطاحة بالدكتاتور زين العابدين بن علي. وتمكنت تونس من إدارة تحول سياسي لكنها تعاني آثار تشدد ينمو في الداخل ويغذيه عدم الاستقرار في جارتها ليبيا حيث سمح فراغ سياسي لتنظيم الدولة السلامية بتوسيع موطئ قدم وأمتد العنف إليها. وفشلت التنمية والإصلاحات الاقتصادية في مجاراة التغييرات السياسية. وساعدت البطالة المنتشرة في المناطق المهملة وبين الشبان في بلد أكثر من نصف عدد سكانه دون سن التاسعة والعشرين في تغذية قلاقل اجتماعية متزايدة. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو أثناء افتتاحه المعهد الفرنسي بالعاصمة التونسية الخميس 17 مارس "في أكثر المناطق النائية وفي أكثر القطاعات المهمشة بين السكان... يصبح الشبان فريسة سهلة لدعاة الكراهية والانعزالية والعنف." وأضاف قائلا "يجب عدم اختيار المسار الخطأ." وغادر أكثر من ثلاثة آلاف تونسي البلاد للقتال في صفوف داعش وجماعات متشددة أخرى في سوريا والعراق. ويقول مسئولون أمنيون إن التونسيين يشغلون المزيد من المواقع القيادية في فرع لداعش في ليبيا. وقال إيرو "النجاح الذي حققته تونس هو الآن في خطر ومن خلال ذلك مستقبل المنطقة بكاملها... هذا يوضح أن الشباب التونسي عليه واجب بأن يقاوم. نجاحكم هو رفض ملحمي لداعش" في إشارة إلى الجماعة المتشددة التي سيطرت على مناطق في سوريا والعراق ولها حلفاء في دول أخرى. وفرنسا شريك تجاري مهم لتونس وزادات دعمها مع خشيتها من خروج عملية الانتقال السياسي عن مسارها. وتعهدت بحزمة مساعدات قيمتها مليار يورو (1.1 مليار دولار) على مدى خمس سنوات لمساعدة تونس على تنمية المناطق الفقيرة وتحفيز خلق الوظائف خصوصا للشبان وتحديث الجهاز الإداري في تونس وهو عقبة رئيسية أمام صرف المساعدات الدولية. وقال دبلوماسي فرنسي بارز" توجد تربة اجتماعية واقتصادية خصبة تغذي التشدد." "توجد صلة مباشرة بين انتشار البطالة بين الشبان والمناطق المهملة وحقيقة أن تونس تقدم واحدة من أكبر مفارز المقاتلين الأجانب للجهاديين." وعلى الصعيد الأمني تقدم باريس معلومات مخابرات وتدريبات لقوات العمليات الخاصة في تونس وتنفذ حزمة قيمتها 20 مليون يورو تهدف إلى تجهيز تلك القوات لكنها استبعدت إرسال مستشارين لمساعدة التونسيين على وقف التسلل عبر الحدود.