يتطلع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي استسلم لإخفاقه في التوسط إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، إلى وضع خطة لما بعد تركه لمهام منصبه من شأنها الحفاظ على مبدأ حل الدولتين على الأقل ليمضي من سيخلفه في الحكم قدما في تنفيذه. وقال عدد من المسئولين - وفق ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على موقعها الإلكتروني الأربعاء 9 مارس- إن البيت الأبيض يناقش ما إذا كان على أوباما وضع خطوط عريضة للاتفاق سواء من خلال مشروع قرار يعرض على مجلس الأمن الدولي أو في خطاب رئاسي. وأوضح المسئولون أن الهدف من هذا الاتفاق لن يكون إحياء مفاوضات مباشرة – فلا أحد يعتقد أنه من المرجح أن يحدث ذلك حاليا - بل الحفاظ على المقترحات التي قدمها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال جهوده الأخيرة لصنع السلام التي باءت بالفشل في عام 2014. وأضاف المسئولون أن إصدار مشروع قرار من مجلس الأمن من شأنه أن يعطي شرعية دائمة لحلول الوساطة التي توصل إليها كيري بين الجانبين، وبناء دعم دولي واسع لسلسلة من الحلول المقترحة التي يمكن أن توفر إطارا لاتفاق مستقبلي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ووفقا للصحيفة، أثارت هذه المداولات حفيظة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيد من التوتر بينه وبين الرئيس الأمريكي. ورفض نتنياهو يوم الاثنين الماضي دعوة للقاء أوباما في 18 مارس في واشنطن، ظاهريا لأنه لا يريد الانغماس في مجريات انتخابات رئاسية مضطربة. غير أن عددا من المسئولين قالوا إن نتنياهو لا يريد في الواقع لقاء أوباما دون التوصل إلى شروط الاتفاق الجديد على المساعدات العسكرية الأمريكية. وتبلغ قيمة الاتفاق الذي يستمر 10 سنوات أكثر من 40 مليار دولار، وينظر إليه على أنه وسيلة لتعويض إسرائيل عن الاتفاق النووي الإيراني، ولكن هناك عقبات في تلك المفاوضات ولذلك لا يريد نتنياهو المخاطرة بالرجوع خالي الوفاض من اجتماعه مع أوباما. ويرى المسئولون أن هناك مصدر توتر محتمل أكثر قوة بين أوباما ونتنياهو ينبع من إمكانية أن يقوم أوباما بمغامرة أخيرة لصنع السلام، وفي أي شكل قد تأخذه هذه المغامرة سيكون الغرض منها هو إظهار طريقة لحل جميع القضايا المركزية التي تفصل بين الجانبين، من حدود الدولة الفلسطينية إلي أمن إسرائيل والوضع السياسي للقدس. وقال مارتن إنديك، الذي شغل منصب المبعوث الخاص لمفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية برئاسة كيري في 2013 و 2014 إن "أوباما وكيري يبحثان الاحتمال الحقيقي بأن حل الدولتين قد يموت أمام ناظريهما. "وبعد محاولة كل شيء أعتقد أنهما يشعران بالمسؤولية للحفاظ على مبادئ حل الدولتين، وفوق كل ذلك على مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية." فبعد أشهر من المحادثات المكثفة، فشل كيري في كسر جمود ما يسمى بقضايا الوضع النهائي بين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس. ومنذ تشكيل نتنياهو لحكومته المتشددة أصبح أكثر تعصبا في تلك القضايا وخلال حملته الانتخابية تخلى رئيس الوزراء الإسرائيلي عن دعمه لحل الدولتين. وفي الوقت نفسه تغير موقف عباس بفعل أشهر من هجمات الفلسطينيين على الإسرائيليين. وقال مسئولون إن التوسع المستمر في بناء المستوطنات على المنطقة ج في الضفة الغربية مصدر قلق متزايد لأمريكا وهو ما سيجعل وجود دولة فلسطينية قابلة للبقاء جغرافيا وسياسيا أمرا صعب التحقيق.