أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    رئيس محكمة النقض يترأس لجنة المناقشة والحكم على رسالة دكتوراه بحقوق المنصورة    38 مرشحًا على 19 مقعدًا في جولة الإعادة بالشرقية    حملة تشويه الإخوان وربطها بغزة .. ناشطون يكشفون تسريبا للباز :"قولوا إنهم أخدوا مساعدات غزة"    ترامب يفرض حصارا شاملا على فنزويلا ويصف نظام مادورو ب"الإرهابي"    «ترامب» يعلن تعزيز الأسطول حول فنزويلا لحماية المصالح الأمريكية    الأزمات تتوالى على القلعة البيضاء، الأوقاف تهدد بسحب جزء من أرض نادي الزمالك بميت عقبة    وزير الرياضة وهاني أبو ريدة يحفزان المنتخب الوطني قبل أمم أفريقيا    حرب خارج الملعب وأخرى داخله.. ديسابر والسعى لإثبات أن ما حدث سابقا لم يكن صدفة    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن الهتافات.. ويؤكد فبركة الفيديو المتداول    مصرع شاب داخل مصحة علاج الإدمان بالعجوزة    ياسمينا العبد: ميدتيرم عمل شبابي طالع من شباب.. وكل مشاهده واقعية جدًا    أحمد مراد عن فيلم «الست»: إحنا بنعمل أنسنة لأم كلثوم وده إحنا مطالبين بيه    جنات: فقدت الرغبة في الفرح بعد وفاة والدي    خميس نجل شعبان عبد الرحيم يكشف تفاصيل إصابته بجلطة في عينه: "مبقتش بشوف خالص"    نصائح تساعدك في التخلص من التوتر وتحسن المزاج    علقة ساخنة لفكهاني قبّل فتاة عنوة أثناء سيرها بالشارع في أكتوبر    خطأ بالجريدة الرسمية يطيح بمسؤولين، قرارات عراقية عاجلة بعد أزمة تجميد أموال حزب الله والحوثيين    بعد العودة من الإصابة، رسالة مؤثرة من إمام عاشور تشعل مواقع التواصل عقب فوز مصر على نيجيريا    تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    انفجارات في كييف وإعلان حالة إنذار جوي    إعلان الفائزين بجائزة نجيب محفوظ للرواية 2025 فى مصر والعالم العربى    «كان مجرد حادث» لجعفر بناهي في القائمة المختصرة لأوسكار أفضل فيلم دولي    الإعلان عن إطلاق منصة رقمية للتمويل الإسلامي خلال منتدى البركة الإقليمي    أرمينيا تتهم الاتحاد الأوروبي بالتدخل في شؤونها الداخلية    جزار يقتل عامل طعنا بسلاح أبيض لخلافات بينهما فى بولاق الدكرور    تفاصيل مداهمة مجزر «بير سلم» ليلاً وضبط 3 أطنان دواجن فاسدة بالغربية    رجال السكة الحديد يواصلون العمل لإعادة الحركة بعد حادث قطار البضائع.. صور    بعد أيام من زواجها.. أب يطلق النار على ابنته في أسيوط    فيفا يكشف تفاصيل تصويت العرب فى «ذا بيست» 2025    تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس الرابطة بالفوز على كارديف سيتي    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    كامل أبو علي ينصح حسام حسن: تجاهل السوشيال ميديا    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الحكومة هدفها خفض الدين العام والخارجى    ترامب يعلن أنه سيوجه خطابا هاما للشعب الأمريكي مساء غد الأربعاء    ضياء رشوان: ترامب غاضب من نتنياهو ويصفه ب المنبوذ    هيئة الدواء: نظام التتبع الدوائي يوفر رؤية شاملة ويمنع النواقص    مسؤول إيرانى سابق من داخل السجن: بإمكان الشعب إنهاء الدولة الدينية في إيران    "الصحة": بروتوكول جديد يضمن استدامة تمويل مبادرة القضاء على قوائم الانتظار لمدة 3 سنوات    نائب وزير الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة خطر على الأم والطفل    بنك المغرب يحافظ على سعر الفائدة الرئيسي عند 2.25% وسط حذر اقتصادي    خبير تشريعات يكشف الهدف من زيادة حد إعفاء السكن من الضريبة العقارية    تفاصيل خاصة بأسعار الفائدة وشهادات الادخار فى مصر    شيخ الأزهر يستقبل مدير كلية الدفاع الوطني ويتفقان على تعزيز التعاون المشترك    مجلس النواب 2025.. محافظ كفر الشيخ يتابع جاهزية اللجان الانتخابية    لا إغلاق لأى مصنع.. خطة للتقنين ودعم العمالة وإبقاء تبعية هيئة القطن ل «الاستثمار»    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    السكرتير العام لبني سويف يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    المصريون بالأردن يواصلون الإدلاء بأصواتهم خلال اليوم الثاني لجولة الإعادة لانتخابات النواب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    البورصة تخسر 22 مليار جنيه بختام تعاملات منتصف الأسبوع    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    * رئيس هيئة الاستثمار يثمن دور "نَوَاه العلمية" في تعزيز الابتكار والمعرفة ويؤكد دعم الهيئة المستمر للقطاع العلمي    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    وزير التعليم ومحافظ أسوان يتابعان سير الدراسة بمدرسة الشهيد عمرو فريد    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد الخطاب الدينى وأصول الحكم
تجديد الخطاب الدينى وأصول الحكم

يقول عبد الرحمن الكواكبى فى كتابه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"، أن الاستبداد هو غرور المرء برأيه والأنفة عن قبول النصيحة. والحكومة المستبدة هى الحكومة المطلقة العنان، والتى تتصرف فى شئون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محققين. ويرى الكواكبى أن أفجر أنواع الاستبداد هو الاستبداد باسم الدين. والإسلام جاء مؤسساً على الحكمة والعزم، ومحكماً لقواعد الحرية السياسية، ونزع كل سلطة دينية أو تغليبية تتحكم فى العقول أو النفوس أو الأجساد. فالحكم فى الإسلام أساسه العدل بين الناس أى التسوية بينهم. وعلى حد تعبير الكواكبي، فإن الناظر المدقق فى تاريخ الإسلام-وللأسف -يجد للمستبدين من الخلفاء والملوك وبعض العلماء وبعض مقلديهم من العرب المتأخرين أقوالاً افتروها على الله ورسوله، تضليلاً للأمة عن سبيل الحكمة.
وقد كان الشيخ/ على عبد الرازق أول من تصدى من المحدثين إلى ما أصاب مفهوم الخلافة من انحراف أدى إلى الاستبداد باسم الدين، وذلك فى كتابه "الإسلام وأصول الحكم"، والذى نشره عام 1925. فيقول الشيخ الجليل أن لقب خليفة رسول الله، والذى كان أول من لقب به الخليفة "أبو بكر الصديق" رضى الله عنه، أحاط به كثير من المفاهيم الخاطئة جعلت من الخلافة مركزا دينيا. وكان من مصلحة السلاطين أن يروجوا ذلك الخطأ بين الناس حتى يتخذوا من الدين دروعاً تحمى عروشهم حتى أفهموا الناس أن طاعة الأئمة من طاعة الله وعصيانهم من عصيان الله. ثم ما كان الخلفاء والسلاطين -ومنهم السلاطين العثمانيون - ليكتفوا بذلك ولا ليرضوا بما رضى به الخلفاء الراشدون، بل جعلوا السلطان خليفة الله فى أرضه وظله الممدود على عباده، فزعم أبو جعفر المنصور أنه هو سلطان الله فى أرضه. وقال عبد الرحمن بن خلدون فى مقدمته باشتمال منصب الخلافة على الدين والدنيا، وجعل جانب من الفقهاء أن للخليفة وحده الأمر والنهي، وأن كل ولاية دونه فهى مستمدة منه، وكل وظيفة تحته فهى مندرجة فى سلطانه، وكل خطة دينية أو دنيوية فهى متفرعة عن منصبه.
وصار بند الخلافة فى الفقه يلتصق بالمباحث الدينية -على حد قول الشيخ/ عبد الرازق، وصارت الخلافة "جزءًا من عقائد التوحيد"، يدرسه المسلم مع صفات الله تعالى وصفات رسله الكرام، ويلقنه كما يلقن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله!!!
ويصف الشيخ/ عبد الرازق ذلك بالجناية، فيتهم الحكام بأنهم غذّوا هذا الفكر الاستبدادي، وأنهم حجبوا عن شعوبهم مسالك النور باسم الدين، واستبدوا بهم أيضاً باسم الدين وأذلّوهم، وحرّموا عليهم النظر فى علوم السياسة، و"باسم الدين خدعوهم وضيقوا على عقولهم، فصاروا لا يرون لهم وراء ذلك الدين مرجعاً، حتى فى مسائل الإدارة الصرفة، والسياسة الخالصة". وقد أرجع الشيخ/ عبد الرازق تنامى هذا الاتجاه نتيجة جمود الفقه، وموات قوى البحث ونشاط الفكر بين المسلمين مما أصابهم بشلل فى الفكر السياسي والنظر فى كل ما يتصل بشأن الخلافة والخلفاء.
ويرى الشيخ/ على عبد الرازق، أن الدين الإسلامى بريء من شطط الفقه الذى ربط به الخلافة والاستبداد، فالدين الإسلامى بريء من كل ما هيأوا حول الخلافة والحكم من رغبة ورهبة ومن تصرف فى شئون الرعية بلا مسئولية.
ويختم الشيخ بحثه بما هو أقرب إلى الصرخة: "لا شيء فى الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخرى، فى علوم الاجتماع والسياسة كلها، وأن يهدموا ذلك النظام العتيق الذى ذلّوا له واستكانوا إليه وأن يبنوا نظام حكومتهم، على أحدث ما أنتجت العقول البشرية، وأمتن ما دلت تجارب الأمم على أنه خير أصول الحكم".
وقد تعرض الشيخ/ على عبد الرازق بسبب آرائه المجددة لهجوم عنيف من رجالات الملك فؤاد فى ذلك الوقت، فقد كان لدى هذا الأخير الطموح لكى يصبح خليفة المسلمين على حساب أنقاض الخلافة العثمانية، كما تعرض الشيخ لهجوم عنيف من الأزهر ورجالاته، واعتبروا ما يقوله الشيخ خروجاً عن القواعد الأصولية، وإنكاراً لما هو معروف من الدين بالضرورة، وجرّدوه من شهادة العالمية، واتفق القصر مع لجنة كبار العلماء، فاستتبع ذلك فصله من عمله من القضاء.
إن ما قاله الشيخ/ على عبد الرازق، ومن قبله الكواكبي، وما قاله الإمام/ محمد عبده فى ذات السياق، وما سار عليه أحمد لطفى السيد باشا وزملاؤه؛ لم يكن للإيحاء بالبعد عن الدين أو فصل الدين عن الدنيا، وإنما كان نداء لفهم الدين على صورة أخرى، وتجديد خطابه وفقهه، و"تخليصه من الخرافات والأوهام والتفسيرات الخاطئة" على حد تعبير محمد زكى عبد القادر فى كتابه "محنة الدستور" الذى أصدره عام 1953.
لقد كانت حركة الإخوان المسلمين تعتمد فى جوهرها على إحياء فكرة الخلافة فى الحكم بكل ما يشوبها من تشوهات، وهل لنا أن ننسى الصيحات التى أطلقها تجار الدين فى قاعة المؤتمرات الكبرى فى عام 2013. لقد نشأت حركة الإخوان على يد الشيخ/ حسن البنا بعد سقوط الخلافة العثمانية، واعتمد مؤسس الجماعة على إحياء فكرة الخلافة بكل تشوهاتها، فهل هذا ما يريده شيوخ الأزهر وفقهاء الدين لمصرنا وشعوب المسلمين؟
هل حقاً تتعارض الدولة الحديثة ونظم الحكم المقارن مع الشريعة الإسلامية؟ هل تتعارض شريعتنا مع السلطة المقيدة للحاكم؟ هل تتعارض الانتخابات البرلمانية والرقابة البرلمانية على الحكومة مع أحكام الشريعة الإسلامية؟ هل تتعارض أفكار تداول السلطة التنفيذية مع مبادئ الشريعة الإسلامية؟ هل يتعارض النظام الجمهورى الدستورى مع قواعد شريعتنا؟ هل يوجد أى تعارض بين أحكام الشرع ونظم الإدارة الحديثة، وقواعد الحوكمة والإدارة الرشيدة؟ هل النظم الحديثة تتعارض مع الشريعة أم تتعارض مع آراء الفقهاء الأوائل؟ هل الخلافة أصل من أصول الإسلام رغم أنه لم يرد ذكرها فى القرآن لا تصريحاً ولا تلميحاً؟!! أما آن الأوان لتجديد الخطاب الدينى كما نادى الرئيس السيسى وإحياء الفقه الإسلامى وعلاجه مما أصابه من جمود وتقليد على مدار قرون طويلة؟ أما آن الأوان لرجالات الأزهر والفقهاء المعاصرين لكى يكونوا عوناً للمصريين على بناء مصر الحديثة، وأن يكونوا جزءًا من المستقبل، والحل، وشركاء فى النهضة والتنمية؟
هل يعيب ديننا الحنيف أن نرجع فى تدبير الجيوش، وعمارة المدن، وتنظيم الدواوين الحكومية، وإصلاح النظام المؤسسى للجهاز الحكومي، وتطبيق النظم الإلكترونية فى الإدارة، وتداول السلطة بالانتخاب؛ إلى آراء العارفين والمتخصصين من غير رجال الدين؟ إذا كانت إجابتكم بأنه لا يوجد ما يمنع؛ فأرجوكم ارفعوا صوتكم، وجاهروا بآرائكم، وحدثوا الفقه، ولا تحاربوا التجديد ولا الحداثة فكم من جرائم ترتكب باسم الإسلام، وهو منها براء، هل حقاً من يلاحقون الكتاب والمفكرين ببلاغات وتهم ازدراء الدين يسعون للدفاع عن الدين الإسلامى الحنيف أم يسعون إلى الشهرة والأضواء، ولو على حساب الدين والحريات بل على حساب مصر واستقرارها؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.