قبل يومين انفجرت «فيشة» كهربائية صغيرة فجأة، فكانت النتيجة عطل «اللاب توب» الخاص بي، ويبدو أنه لن يعود للعمل، وسيكون ضروريا شراء بديل جديد. بالصدفة حدث ذلك، وأنا أتابع المعركة التي يثيرها بعض كبار المستوردين لمجرد أن الأجهزة المسئولة طلبت أن يتم تسجيل المصانع والشركات الأجنبية التي يستوردون منها الأجهزة والمصنوعات للتأكد من أنها شركات ومصانع مسجلة في بلادها، وحريصة علي سمعتها. وللتأكد من سلامة وجودة منتجاتها التي تصل للمستهلك في مصر. لكن «البهوات» وكبار المستوردين يرفضون ذلك لأن استيراد المصنوعات «المضروبة» ومنتجات «بير السلم» من دول شرق آسيا أكثر ربحا بمراحل، ولأنه يتيح لهم عرض هذه البضائع المضروبة بأسعار لا يمكن لصناعة جيدة «مصرية أو مستوردة» أن تنافسها! وبالأمس.. كانت هناك خطوة مهمة مثلت ضربة جديدة لهذا النوع من الاستيراد الرديء، حيث صدر القرار الجمهوري برفع الرسوم الجمركية علي مجموعة من السلع التي يستهلكها المترفون، أو التي تضرب الصناعة الوطنية. نعرف جميعا انه من المستحيل أن يستمر إنفاق ما نملكه من نقد أجنبي محدود في استيراد سلع يمكن الاستغناء عنها، أو في ضرب صناعات وطنية كانت توفر الملايين من فرص العمل.. مثل الغزل والنسيج والأحذية والأثاث وغيرها، عن طريق استيراد بدائل من خامات رديئة، وتزوير الفواتير.. بالإضافة طبعا إلي التهريب وخاصة في الملابس. ومع ذلك فإن الخطوة التي تم اتخاذها لم تلجأ للمنع التام، بل اكتفت برفع الرسوم الجمركية، لتتمكن الصناعة الوطنية من العمل في جو منافسة حقيقية، ولكي نوفر جزءا من النقد الأجنبي الذي نحتاجه بشدة في الظروف التي نمر بها مع ضرب السياحة وتراجع التجارة العالمية. ومع ذلك يثور «بهوات» الاستيراد الرديء، ويبدأون فصلا جديدا من معركة أصبحت مفروضة علي الدولة، بعد سنوات تعود فيها هؤلاء «البهوات» علي «الانفتاح السبهللي» الذي أضر بالاقتصاد وضرب الصناعة الوطنية. ومع ذلك فإن الجانب المهم هنا هو أن تتحرك الصناعة الوطنية، وأن نساعدها بكل السبل علي النهوض والمنافسة. وفي نفس الوقت ان نضرب بيد من حديد علي أي محاولة للاحتكار أو رفع أسعار المنتجات المحلية بلا مبرر. التصنيع هو الرافعة الأساسية للاقتصاد الوطني، وهو القادر علي خلق أكبر نسبة من فرص العمل لشبابنا، وإضافة الكثير للناتج القومي، وإحياء صناعات كنا نتفوق فيها ومازلنا قادرين علي استعادة مكانتنا فيها.. حتي لو أغضب ذلك بعض «البهوات» الذين يصرون علي إغراق مصر بأسوأ ما تنتجه مصانع الدنيا، حتي ولو كان الثمن إغلاق مصانع، وتدمير صناعات، وتحويل شباب في عمر الإنتاج والإبداع إلي عاطلين، أو إلي باعة لما تنتجه مصانع «بير السلم» في الخارج لحساب «بهوات» الاستيراد الرديء!