كان الرجل في الجاهلية إذا قال لزوجته أنت عَلي كظهر أمي حرمت عليه.. ويقص علينا القرآن في سورة المجادلة قصة خولة بنت ثعلبة وكانت متزوجة من أوس بن الصامت وكان شقيق عبادة بن الصامت الصحابي الجليل.. وكان أوس ابن الصامت قد كبرت سنه وساء خلقه فدخل علي زوجته يوما واشتد بهما النقاش فغضب وقال لها انت عليّ كظهر أمي وكان هذا أول ظهار في الاسلام وكما قلنا كان الرجل في الجاهلية إذا قال ذلك لامرأته حرمت عليه.. وندم زوجها من ساعته ورجع إلي زوجته خولة وطلب منها المعاشرة الزوجية فرفضت قائلة له انت محرم عليّ حتي يحكم الله فينا بحكمه.. وتوجهت الزوجة إلي رسول الله فجلست بين يديه وذكرت القصة وقالت هل تجد لي رخصة يا رسول الله لكي تعود علاقتي بزوجي دون تحريم فرد رسول الله ان زوجك ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه وانا ما امرت في شأنك بشيء وما اراك إلا قد حرمت عليه. وردت خولة لقد انجبت منه اولادا وكان بطني لهم وعاء وكان ثري لهم سقاء وان ضممتهم إلي جاعوا وان ضمهم زوجي إليه ضاعوا.. وكانت تقصد انها ان تفرق بينها وبين زوجها ضاع الأولاد. وجعلت خولة ترفع رأسها إلي السماء وتقول اللهم اني اشكو اليك خراب بيتي وتشرد اطفالي وضياع زوجي وظلت علي ذلك حتي نزل القرآن فيها فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم «يا خولة ابشري. قالت: خيرا. فقرأ عليها الآيات الاربع من سورة المجادلة.. وهي استجابة السماء واستجابة الله القدير مالك الملك والملكوت لامرأة من عوام الناس ونزول القرآن بشأنها.. وتقول الآيات: ان الله سميع لكل شيء مهما كان خفيا أو هامسا بصير بكل شيء مهما كان دقيقا وهي آيات تدعو كل زوج وزوجة لأن يحافظوا علي بيوتهم وعلي أولادهم وعلي استقرارهم وعلي عش الزوجية والمحافظة علي الالفة والصبر والوفاء حتي تكون خير امة اخرجت للناس وأكدت الآيات ان الذي يقول لزوجته انت عليّ كظهر امي اناس خاطئون قائلون للمنكر والكذب فالزوجة ليست اما ولا تأخذ حكم الام فاقلعوا عنه وتوبوا إلي الله منه والله واسع المغفرة وعظيم الرحمة لكل تواب مهتد نادم علي ذنبه.. وأكدت آيات الله ان من ظاهر زوجته وندم ورغب في الرجوع إلي الحياة الزوجية مع زوجته فعليه عتق رقبة فإن عجز في هذه الأيام لعدم وجود ارقاء اصلا فعليه صيام ستين يوما متتالية من قبل ان يجامع زوجته فإذا عجز عن الصيام فإن عليه ان يطعم ستين مسكينا طعاما مشبعا ولما سمعت خولة آيات الله قالت للرسول: ما عنده ما يعتق رقبة وانه شيخ كبير لا يقدر علي صيام ولا يستطيع اطعام ستين مسكينا فقال لها رسول الله «أنا سأعينه بعرق من تمر». فقالت يا رسول الله واناسأعينه بعرق آخر، فرد الرسول: لقد احسنت فاذهبي وتصدقي عنه.. وهكذا نهي القرآن عن الظهار واعتبره منكرا وزورا ثم سجل عقوبة كبيرة علي قائله وهو ما يشبه من يردد كلمة عليّ الطلاق وهكذا استمع الله إلي امرأة من عامة الشعب تشكو همها فاستمع الله لها ولشكواها وحوارها مع الرسول.. ويحكي ان خولة رأت بعد ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسير مع الناس فاستوقفته واخذت تعظه وتقول اتق الله يا عمر وهو واقف يسمع كلامها فقيل له: يا أمير المؤمنين اتقف لهذه العجوز كل هذا الوقت فقال والله لو حبستني طول النهار لوقفت، اتدرون من هذه العجوز انها خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سموات أيسمع الله قولها ولا يسمعه عمر.