معنا اليوم امرأة تستحق أن تذكر.. وكيف لا وقد نزل فيها قرآن يتلى الى يوم القيامة مع أنها من غير زوجات الأنبياء بل هى زوجة أوس بن الصامت وهو شيخ كبير وربما كان حسب الروايات قد ساء خلقه. فهى «خولة بنت ثعلبة».. فقد دخل عليها زوجها يوما فراجعته بشيء فغضب عليها وظاهر منها وقال: لها «أنت على كظهر أمي» يريد بذلك أن يحرمها على نفسه على عادة أهل الجاهلية وقتها. وبعد أن هدأ رجع إليها وارادها.. فامتنعت منه حتى يحكم الله ورسوله فيهما فواثبها ولكنها قاومته وغلبته بما تغلب المرأة به الرجال فلم تمكنه من نفسها.. ثم خرجت الى بيت النبى «صلى الله عليه وسلم» مسرعة، وذكرت له ما لقيت من زوجها وقالت يارسول الله «أكل مالي، وأفنى شبابى حتى اذا كبرت، وانقطع ولدي.. ظاهر منى اللهم إنى أشكو اليك» فجعل النبى يقول لها: «يا خولة هذا ابن عمك شيخ كبير فاتقى الله فيه.. ما أعلمك إلا قد حرمت عليه» فقالت: أشكو إلى الله ما نزل بي.. وتركته وانصرفت.. وكان هذا المشهد أمام السيدة عائشة فى منزلها.. وبعد وقت ليس بالبعيد رأت السيدة عائشة وجه الرسول صلى الله عليه وسلم قد تغير.. ايذانا بنزول الوحى عليه.. ومكث الحبيب فى غشيانه فلما انقطع عنه الوحى قال: يا عائشة أين المرأة؟ فدعتها: فقال لها: رسول الله «ياخولة قد انزل الله فيك وفى صاحبك ثم قرأ عليها: «قد سمع الله قول التى تجاد لك فى زوجها وتشتكى الى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير، الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائى ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا، وإن الله لعفو غفور، والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطيع فاطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم» المجادلة. ثم قال لها الرسول «مريه فليعتق رقبة» فقالت: ما عنده ما يعتق، قال الحبيب «فليصم شهرين متتابعين» قالت والله انه لشيخ كبير ما به من صيام، قال «فليطعم ستين مسكينا»، قالت يارسول الله ماذاك عنده، فاعانه الرسول بثلاثين صائما، واعانته زوجته بثلاثين اخرى لتحل وعده وتنفذ أمر الله من سبع سموات.. وهكذا كان تصرف هذه المرأة المسلمة وحوارها مع الرسول سببا فى نزول هذه الآيات، وسببا فى تشريع الظهار، وتأديب الرجال الذين يطلقون آلسنتهم بهذه الأقوال الجاهلية من غير تدبر عواقبها.. ويحكى أن خولة لقيت سيدنا عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين فاستوقفته، فوقف لها ودنا منها وأصغى اليها حتى انهت حديثها وانصرفت فقال له رجل ممن كان يسير معه: يا أمير المؤمنين حبست رجالات قريش على هذه العجوز؟ قال له عمر «ويحك» اتدرى من هذه؟ قال: لا فقال له هذه امرأة سمع الله شكواها من سبع سموات وانزل فيها قرآنا. والله لو لم تنصرف عنى الى الليل ما انصرفت حتى تقضى حاجتها وتنصرف هي.. هكذا كانت النساء، تردد السنة المسلمين ذكراهم كلما قرأوا القرآن وكفي؟