قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة بإلغاء القرار الصادر من محافظ البحيرة فيما تضمنه من حل جمعية رعاية المسجونين وأسرهم بمحافظة البحيرة المشهرة برقم 7 منذ عام 1966 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الإدارة المصروفات. صدر الحكم برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين صالح كشك ووائل المغاوري نائبي رئيس مجلس الدولة. وأكدت محكمة أن جمعيات رعاية المسجونين وأسرهم تؤدى دورا اجتماعيًا للسجين باعتباره إنسانا فتتولى دراسة أحوال المساجين من الناحية التربوية والنفسية والاجتماعية والعمل علي رفع مستواهم الأخلاقي والاجتماعي والمهني داخل السجن وخارجه والسعي لتوجيههم توجيها سليما يضمن منع تكرار إجرامهم وتقديم الإعانات المادية والاجتماعية لأسر السجناء. وقالت، في حيثيات حكمها، إنه لا يجوز للمحافظين حل تلك الجمعيات اذ جعل الدستور حلها من خلال السلطة القضائية كما اكدت على ان منظمات المجتمع المدني هي واسطة العقد بين الفرد والدولة وعن طريقها تتم تربية المواطنين على الممارسة الديمقراطية ودعت المحكمة مجلس النواب الجديد تعديل قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية ليتوافق مع الدستور الحالي بجعل الحل بيد القضاء لا السلطة التنفيذية احتراما للنصوص الدستورية التى تعد الاسمي فى الدولة وهى التى شرعت لتطبق وتحيا بين الناس لتلقى واجب الاحترام في تعاملهم مع الدولة وليست أضغاث أحلام او أماني فى الخيال يمنى بها الناس ويوعدون!. وأضافت المحكمة أن السجن بات وسيلة لتأديب المجرم وإصلاحه وتأهيله وتنبيهه عن غفلته، لكن السجين إنسان، فحق الدولة في تأديبه وتهذيبه وإصلاحه لا يتعارض مع حقه الطبيعي الإنساني في الحياة هو وذويه، فرغم انه خلف القضبان إلا انه بحاجة إلى الرعاية الصحية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية والمادية، كما أن الأسرة التي تركها من زوجة وأولاد أو والدين في سن طاعن تحتاج هي الأخرى إلى رعاية وحماية لذا فإنه في ظل الأنظمة الديمقراطية الحديثة لم يقتصر إصلاح وتأهيل المسجونين أثناء العقوبة أو بعد انتهائها على عاتق الدولة فحسب بل يشاركها في هذا الدور ما تقوم به المؤسسات الأهلية التي تقوم على رعاية المسجونين وأسرهم. وأشارت المحكمة إلى أن جمعية رعاية المسجونين وأسرهم تهدف في الأصل إلى دراسة أحوال المساجين من الناحية التربوية والنفسية والاجتماعية والعمل علي رفع مستواهم الأخلاقي والاجتماعي والمهني داخل السجن وخارجه والسعي لتوجيههم توجيها سليما يضمن منع تكرار إجرامهم وتقديم الإعانات المادية والاجتماعية لأسر السجناء، بحيث صار دورها الجوهري يتمثل في الإسهام في وقاية اسر المسجونين من الانحراف. وأوضحت المحكمة أنها تهيب بالمشرع المصري وقد قارب مجلس النواب علي تشكيله الاول عقب ثورة الشعب في 30 يونيه 2013 إلى ضرورة المسارعة الي تعديل قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الحالي والصادر بالقانون رقم 84 لسمة 2002، ليتوافق مع الدستور الحالي، فبالرغم من أن الدستور الجديد ينص على أن يكون إشهار الجمعيات والمؤسسات الأهلية بمجرد الإخطار، وأن يكون حل الجمعيات من خلال القضاء. ولفتت المحكمة إلى أن قانون الجمعيات الحالي رقم 84 لسنة 2002 يعطى الإدارة الممثلة في وزارة التضامن الاجتماعي الحق في عزل مجلس إدارة الجمعيات، وكذلك الحق في حلها الأمر الذي يتطلب ان يضع مجلس النواب علي قمة اولوياته ضرورة تدخله لتعديل هذا القانون حتي يكون متوافقا مع احكام الدستور الجديد دون ان ينعزل عنها اذ نصت المادة 75 من الدستور المعدل على ان تمارس الجمعيات والمؤسسات الاهلية نشاطها بحرية ولا يجوز للجهات الادارية التدخل في شئونها او حلها او حل مجالس ادارتها او مجالس امنائها إلا بحكم قضائي, وانه يتعين احترام قواعد الدستوروهى تتمتع بأعلى درجات الالزام الدستورى , و شرعت لتطبق وتحيا بين الناس لتلقى واجب الاحترام فى تعاملهم مع الدولة وليست أضغاث احلام او امانى فى الخيال يمنى بها الناس ويوعدون !.وذكرت المحكمة ان جمعية رعاية المسجونين وأسرهم تم شهرها برقم 7 لسنة 1966 ، اى منذ خمسين عاما وقد اصدر محافظ البحيرة قراراه المطعون فيه بحلها وتصفيتها بحجة توقف نشاطها وعدم انعقاد جمعيتها العمومية مجلس ادارتها لاكثر من ثلاث سنوات ، وذلك على خلاف الثابت بالاوراق اذ الثابت بمحاضر مجلس ادارة الجمعية ومخاطبات الشئون الاجتماعية للجمعية ، ومخاطبات مديرية امن البحيرة ادارة البحث الجنائي قسم الرعاية اللاحقة بشأن طلبات مساعدة مالية لبعض المسجونين، وعشرات الطلبات من استمارات البحث الاجتماعي صادرة من مديرية التضامن الاجتماعي للجمعية بشأن بعض المسجونين الذين انتفعوا من الجمعية المدعية وعشرات الاستمارات من مكتب الخدمة الاجتماعية بقطاع السجون ( سجن دمنهور) مرفق به صور بطاقات شخصية للمسجونين، استمارات صرف مبالغ مالية لمسجونين بعد خروجهم من السجن او لزوجاتهم وأسرهم، وفواتير شراء أجهزة كهربائية لأسر المسجونين، وبعض الميزانيات العمومية للجمعية وكشف حساب للجمعية ببنك مصر، وطلبات استلام حصص كرتونة رمضان من المنطقة الشمالية العسكرية ، الامر الذي يدحض ما استند اليه قرار المحافظ من توقف نشاط الجمعية ويجعله عاريا من سبب قانوني صحيح. واختتمت المحكمة حكمها الهام قائلة: "إن منظمات المجتمع المدني والجمعيات والمؤسسات الاهلية ، هي واسطة العقد بين الفرد والدولة، وعن طريقها ومن خلالها تتم تربية المواطنين على الممارسة الديمقراطية والتوافق مع إطارها وإدراك مناهجها واستيعاب طبيعتها، مما مفاده إدراك المواطن لضرورة إسهامه في شئون وطنه والتحامه مع أماله والتشكى من آلامه ، كما ان إسهام المواطن في العمل الوطني لا يكون فحسب عن طريق التعبير باختيار ممثل له في المجلس النيابي أو المجالس المحلية وإنما يكون أيضا عن طريق الإسهام في الأعمال المتعلقة بتنمية المجتمع الذي يعيش فيه ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، وأداة ذلك ووسيلة تكوين الجمعيات الأهلية التي تعد الواجهة الأخرى لحقيق الديمقراطية".