اختار تنظيم داعش مدينة سرت الليبية منذ أيام، لتكون منطلقاً لهيمنته على كامل الأراضي الليبية وأعلنها عاصمة له مستغلاً استمرار الانقسام في البلاد التي تحكمها حكومتان وتتوزع في أرجائها جماعات عدة مقاتلة وقوات جيش وطنية ممنوع تسليحها بقرار من الأممالمتحدة. وعلى الرغم من هجمات التحالف الدولي على داعش في سوريا بقيادة روسياوالولاياتالمتحدة إلا أن لا احد داخل التحالف يتحدث عن التمدد الداعشي في ليبيا وإعلانه بلا استحياء تواجده بقوة على الأراضي الليبية. الخبراء العسكريون أكدوا أن هناك علامات استفهام كبيرة حول حقيقية النوايا التي تريدها قوات التحالف الدولي في حربها على تنظيم داعش وهل الهدف منها هو القضاء على التنظيم ؟ أم مجرد صراع على مناطق نفوذ ومصالح لكل دولة ؟ في البداية يقول اللواء أركان حرب احمد يوسف عبد النبي رئيس أكاديمية ناصر العسكرية السابق وقائد قوات حرس الحدود الأسبق أن القيادة السياسية والعسكرية في مصر تبذل جهودا كبيرا لمواجهة ما يحدث في ليبيا خاصة مع تعاظم حجم الجماعات الإرهابية على الأراضي الليبية وخاصة داعش. وأشار إلى أن القوات المسلحة قامت بتحديث منظومات المراقبة الحدودية خاصة بالمنطقة الغربية وعلى طول الحدود الممتدة لأكثر من ١٥٠٠ كيلو متر مع ليبيا وهى مساحة شاسعة ولا يمكن تأمينها بسهولة وتقوم مصر بتأمينها بمفردها بعد سقوط النظام في ليبيا. وأضاف انه تم تطوير نقاط حرس الحدود وتزويدها بأفضل أجهزة المراقبة لتتمكن من مواجهة الاختراقات الأمنية لتلك التنظيمات الإرهابية، مشيرا إلى أن زيادة هجمات التحالف الدولي ضد داعش في سوريا والعراق مؤخرا دفعت التنظيم إلى إرسال أعداد كبيرة من مقاتليها إلى ليبيا لتكوين قواعد قوية لها تستطيع منها تدريب وإعادة تسليح عناصرها ومن ثم إعادة إرسالهم إلى الأهداف التي تنوى تدميرها. وتساءل عبد النبي كيف يعلن التحالف الدولي حربه على داعش في سوريا والعراق في الوقت الذي توجد فيه أخطر واكبر قواعده في ليبيا ولا يتم توجيه ضربة واحدة إليهم بالتزامن مع الضربات على الأراضي السورية والعراقية وكأنه "عامل مش شايف" أو لا يدرى أن ذراع التنظيم الإرهابي في ليبيا هو الأخطر. حيث تتوافر له كل المقومات التي تساعده على إمداد باقي قواعد التنظيم باحتياجاته من العناصر المدربة والأسلحة والصواريخ المهربة في ظل دعم مادي له من دو مثل تركيا وقطر. وأشار رئيس أكاديمية ناصر العسكرية السابق أن أي محلل عسكري للأوضاع سيكتشف بسهولة أن عدم التدخل في ليبيا وترك التنظيم يتوحش كيفما يشاء وراءه أهداف أخرى غير معلنه وان تكون ليبيا بمثابة السرطان الذي ينشر الشر والموت والتقسيم بمنطقة الشرق الأوسط. أما اللواء أركان حرب سمير بدوى المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وخبير الأمن القومي فيرى أن المجتمع الدولي يبحث عن مصالحه فقط وليس لديه نية حقيقة في القضاء على التنظيمات الإرهابية سواء داعش أو غيرها، مشيرا إلى أن العالم تدخل لإسقاط القذافي ولا يجروء الآن على التدخل لإنقاذ ليبيا من جحيم الإرهابيين. وأوضح أن الجيش الليبي تم فرض حظر دولي عليه بعدم بيع الأسلحة له بالرغم أن الجيش الوطني يهدف إلى توحيد الأراضي الليبية ومواجهة التنظيمات الإرهابية ومصر تنادى بفك الحصار الدولي عن الجيش الليبي إلا أن هذا الأمر يجد معارضة شديدة من قبل الولاياتالمتحدة لأسباب واهية لكن معروف أنها تهدف من ذلك لعدم استقرار مصر أو منطقة الشرق الأوسط. وأكد خبير الأمن القومي أن ليبيا هي العمق الإستراتيجي لمصر وعدم استقرارها أمر خطير على أمننا القومي لذلك فمصر لن تصمت على تهديد قد يشكل خطرا علينا و لن نقف مكتوفي الأيدي وسنتدخل بشكل يضمن حمايتنا. وأضاف أن مصر كانت في مقدمة الدول التي حذرت من انتشار فلول المتطرفين في ليبيا، ومع ذلك لم ترد كثير من الدول المؤثرة من داخل المنطقة وخارجها، التجاوب مع التحذيرات، بل أصرت على المضي قدما في سيناريو سياسي خبيث لا يقدم سوى التعقيدات ومزيدا من الصراعات ويصب دائما في مصلحة داعش وأعوانها. ويقول اللواء أركان حرب طيار هشام الحلبي عضو المجلس المصري للشئون الخارجية أن ليبيا أصبحت وطن بديل لداعش ولمختلف الجماعات الإرهابية والغرب يتعمد بشكل واضح تفاقم الأوضاع في ليبيا حتى تحولت إلى دولة فاشلة، وبالتالي سيكون لها تأثير كبير على محيطها في شمال أفريقيا والدول المحيطة بها وهى مصر وتونس والجزائر وبما يحقق مشروع التقسيم وتفتيت الدول بالمنطقة. وأضاف حلبي أن الولاياتالمتحدة والغرب يتعاملون مع الإرهاب بالقطعة وليس من خلال إستراتيجية واضحة هدفها الحل والقضاء على تلك التنظيمات. ويرى الحلبي أن الحل للقضاء على الإرهاب بالمنطقة لن يتم بحلول غربية ويجب سرعة العمل على تشكيل القوة العربية لتكون أداة فاعلة وحاسمة لمواجهة الإرهاب على الأرض في أماكنه المعروفة لمواجهة إخطار هذه التنظيمات بدلا من الوقوف متفرجين على صراع المصالح بين الدول المختلفة. وفي نفس السياق قال اللواء أركان حرب أحمد يوسف عبد النبي قائد قوات حرس الحدود السابق أن قوات حرس الحدود هي العين الساهرة دائما في حراسة وتامين حدود وسواحل مصر وتمتد الحدود البرية والساحلية لأكثر من 6000كم تؤمن ليلا ونهارا وفى مختلف الظروف الجوية والتضاريس الأرضية القاسية بالتعاون مع القوات الجوية والبحرية والدفاع الجوى والتشكيلات التعبوية وإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع والأجهزة الأمنية الأخرى بالدولة. وأشار إلى أن الحدود المصرية مع لبيبا تبلغ 1200 كم يتم تأمنيها وفرض السيطرة عليها ومنع التسلل من والى مصر ومكافحة وسائل التهريب بشتى صورها و القوات الجوية تقوم بعمل طلعات استطلاعية لكشف أي موقف إذا استدعى الآمر لمعاونة قوات حرس الحدود على الأرض. وأوضح عبد النبي أن القيادة العامة للقوات المسلحة تضع دائما أمام نصب عينيها تحديث كل الأجهزة والمعدات لقوات حرس الحدود وقطعت شوطا طويلا لتطوير وتحديث إمكانياتها لتامين حدود البلاد البرية والساحلية بأعلى درجات من الكفاءة القتالية والاحتراف مجهزة بأحدث المعدات من "رادار المراقبة البرى والساحلي، وأجهزة معدات للرؤية والمراقبة الليلية، وأجهزة تحديد المسار، والطائرات بدون طيار، والمناطيد، والكشافات البعث والإضاءة، والعربات الخفيفة والعربات ذات الغرز المجهزة برشاشات وقواذف وعربات الإعاشة التي تساعد رجال قوات حرس الحدود لحماية البلاد لان رجالنا مدركين تماما للأحداث والمخاطر التي تمر بها مصر والمنطقة التي تحتم الحيطة والحذر والوصول إلى درجة الكفاءة والاستعداد القتالي لتنفيذ مهمة مقدسة وهى حماية حدود مصر البرية والساحلية لأنها مهمة تؤثر على الأمن القومي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد. ومن جانبه قال اللواء أركان حرب نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية السابق أن إعلان التنظيم عن اتخاذه لسرت مركز له يمثل خطورة كبيرة بعد أن أكدت صحتها وزارة الداخلية الليبية حول نقل داعش لعاصمته سرت، أن هذا يشكل تهديدا كبيرا للأمن القومي المصري على الرغم من تامين حدودنا جيدا، لان تنظيم داعش تقف ورائه دول بعينها هدفها تفتيت الدول العربية الى دويلات صغيرة وهدفها زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط . وشدد نصر أن مصر تواجه هذا التنظيم الإرهابي بليبيا من خلال التبادل المعلوماتي والإستخباراتي مع القوى العالمية لكبح جماح داعش.