تحل الاثنين 9 يوليو، الذكرى الثامنة لصدور فتوى محكمة العدل الدولية بشأن الجدار الإسرائيلي العازل في الأراضي المحتلة. ففي مثل هذا اليوم من عام 2004، قررت محكمة العدل الدولية أن تشييد إسرائيل للجدار في الضفة الغربية بما فيها القدسالشرقية يعد انتهاكا لعدد من الالتزامات ورأت ضرورة هدم الجدار فورا. هذا الجدار يهدف إلى تقسيم السكان على أساس عرقي وذلك من خلال وضع الفلسطينيين في معازل خاصة تفصلهم عن الإسرائيليين وهو ما يعتبر أبشع طرق الفصل العنصري ويخالف نص المادة 47 من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، واستنادا لهذه المادة فان الأوامر العسكرية وبناء الجدار الفاصل هى خرق للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. كما يهدف الجدار الإسرائيلي إلى فرض حقائق على الأرض بحيث يلتهم أكثر من 40% من إجمالي مساحة الضفة الغربية من جهه ويعمل على جعل المدن والقرى والمخيمات في الضفة معزولة ديمغرافيا وجغرافيا . ومن هنا جاء تأثير الجدار على حياة 210 ألاف من الفلسطينيين الذين يقطنون 67 قرية ومدينة بالضفة حيث أن 13 تجمعا سكانيا يجدون أنفسهم سجناء في المنطقة ما بين الخط الأخضر والجدار العازل . ويشير المحللون إلى أن هذا الجدار يستلزم مصادرة وتدمير أراض زراعية واسعة لمواطنين بما يعتبر عقابا جماعيا محرما بمقتضى اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي وقعت عليها إسرائيل ، كذلك اعتبرت المادة 52 من اتفاقية لاهاي لعام 1907 أن ضم الأراضي المحتلة إلى أراضى دولة الاحتلال يعد محرما ومخالفا للأعراف والمواثيق الدولية. و يؤكد المحللون ضرورة العمل بشكل سريع من اجل تفعيل فتوى محكمة العدل الدولية في لاهاي حيث أن المحكمة أقرت بأن بناء الجدار العازل غير قانوني ويجب إزالته من الأراضي الفلسطينية المحتلة وبتغيير النهج الفلسطيني الراهن وأوله استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي هى أول مقومات النجاح فبدونها سيضل النضال الفلسطيني الطريق إلى غايته المنشودة ويستمر الدوران في حلقة مفرغة. والمطلوب إذن من الفلسطينيين، كما يقول محللون، إعادة بناء مجالهم الوطني المجتمعي والسياسي وإعادة الاعتبار لحركتهم الوطنية كحركة تحرر وطني وإيجاد نوع من التميز بين هذه الحركة والسلطة والتأسيس لثقافة وطنية تحررية وديمقراطية. و يمثل الجدار جزءا من آمال الاستيطان التي تتعارض مع أحكام المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر قيام قوات الاحتلال بنقل مواطنيها إلى الأراضي المحتلة . وتشير الدراسات إلى أن النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية منذ عام 1967 وحتى بداية 2012 أدت إلى بناء 151 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية تستحوذ على 350 ألف مستوطن إسرائيلي ناهيك عن 26 مستوطنة تلف القدس بطوقين من المستوطنات ويتركز فيها أكثر من 180 ألف مستوطن إسرائيلي. وقد صادرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أكثر من 40% من مساحة الضفة الغربية لمصلحة إنشاء المستوطنات والطرق الالتفافية التي تربط بينها بالإضافة إلى سيطرة إسرائيلية على أكثر من 80% من مساحة مدينة القدس. وقد اتبعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1967 سياسات محددة لمواجهة القوانين الدولية التي تؤكد عدم شرعية النشاطات الاستيطانية وذلك بالإطباق على الأرض الفلسطينية وشرعنة بناء المستوطنات عليها. وبناء على قرارات المنظمات الدولية وآخرها قرار مجلس حقوق الإنسان الذي أشار إلى أن استمرار الاستيطان الإسرائيلي هو انتهاك للقانون الدولي أصبح الأمر يتطلب في رأى المحللين تبنى خطاب سياسي فلسطيني جديد يطالب بتفكيك المستوطنات وليس تجميدها خاصة أن القرارات الدولية تؤكد أن المستوطنات تمثل عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام العادل والشامل وإنشاء الدولة الفلسطينية القابلة للحياة ذات السيادة على الأرض والموارد الطبيعية في الوقت نفسه. وتعتقد أغلبية من الطرفين ، 58% من الإسرائيليين و 55% من الفلسطينيين أن حل الدولتين سيفشل بسبب البناء الاستيطاني وذلك طبقا لآخر استطلاع مشترك للرأي العام الفلسطيني والإسرائيلي. كما أشارت هذه الاستطلاعات إلى أن غالبية من الإسرائيليين 71 % والفلسطينيين 68% يعتقدون بأن فرص قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل خلال السنوات الخمس القادمة ضئيلة أو منعدمة. وإزاء ما يحدث في الأراضي المحتلة دق مركز أبحاث القدس ناقوس الخطر بالتحذير بأنه في حال استمرار التقاعس الدولي إزاء يجرى من تعديات وسلب لأبسط حقوق المقدسيين سيأتي يوم لن يبقى من القدس ما يمكن التفاوض علية وهو ما ينذر بانفجار لا تحمد عقباه. ويعتبر القانون الدولي القدسالشرقية جزءا من الأراضي الفلسطينية المحتلة وهو ما أعادت التأكيد عليه عام 2004 محكمة العدل الدولية في فتواها حول الآثار المترتبة عن بناء الجدار العازل كما أن معاهدة جنيف و إسرائيل طرف فيها، تجيز للقوة المحتلة تقييد حرية الحركة والسكن للسكان فقط من اجل حمايتهم أو للضرورات العسكرية ولذا يقع على عاتق الدول الأطراف في المعاهدة ،في رأى المحللين، تقديم المساعدة للم شمل الأسر التي فرقتها الحروب كما أن حقوق الأشخاص بالمغادرة والعودة إلى بلادهم مكفولة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة 13 وفى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي وقعته إسرائيل. وحتى الآن لم تأخذ هذه الفتوى طريقها للتطبيق مما حدا بتحرك جماعي عربي متمثلا فيما قدمته المجموعة العربية في الأممالمتحدة من مشروع قرار إلى مجلس الأمن يدين بناء دولة الاحتلال الإسرائيلي لجدار العزل والضم فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة ويطالب بإيقاف البناء وإزالة ما تم بناؤه إلا أن الموقف الأمريكي عارض مشروع القرار مستخدما حق الفيتو ضد المشروع. هذا الموقف المنحاز أدى إلى اتجاه الدول العربية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار ما يسمى -الاتحاد من اجل السلام- فتجسدت الشرعية الدولية في صدور القرار رقم 10/ 13 / في أكتوبر 2003 والذي طالبت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة دولة الاحتلال الإسرائيلي بإيقاف بناء الجدار وإزالة ما تم بناؤه ، وبين القرار أن ما قامت به إسرائيل يعتبر إخلالا بخط الهدنة وفى 24 نوفمبر 2003 تقدم السكرتير العام للأمم المتحدة بتقرير أفاد فيه بعدم امتثال دولة الاحتلال الإسرائيلي للقرار .