بعد مرور أقل من شهر على الهجمات الالكترونية التي تعرض لها موقع شركة "توك توك" TalkTalk لتزويد خدمات النطاق العريض في المملكة المتحدة، ما أدى إلى سرقة البيانات الخاصة بما يزيد عن 4 ملايين من عملائها، تمكن قراصنة من اختراق الحسابات المصرفية لنحو ألفي مشترك من عملاء شركة فودافون في بريطانيا. وقد جاء ذلك بعد عدة قضايا شهيرة في أمريكا الشمالية تتعلق بهجمات الكترونية، وسرقة بيانات، و تسريب تفاصيل الملايين من عملاء موقع الخيانة الزوجية "آشلي ماديسون"، وذلك بعد هجوم إلكتروني واسع تعرض له، فيما تعرضت شركة الإنتاج الفني التابعة لسوني لهجوم آخر في نوفمبر 2014. ولا تتوقف خطورة الهجمات الإلكترونية على سرقة بيانات المستخدمين، بل يلجأ بعض القراصنة ببساطة إلى هجمات "منع الخدمة" أو DDoS التي تعتمد على إمطار مواقع الإنترنت الخدمية بمئات الآلاف من الزوار الوهميين، مما يؤدي إلى انهيار تلك المواقع ومنع المستخدمين الحقيقيين من الوصول إليها وتكبيد الشركات خسائر فادحة. ومع تزايد الاستثمار في الحماية الرقمية، ارتفعت نسبة الهجمات الإلكترونية، فقد شهد عام 2013 ارتفاعاً بنسبة 91 % في عدد الخروقات الأمنية للبيانات عن العام السابق، وهو ما أدى إلى كشف البيانات الشخصية لأكثر من 552 مليون مستخدم، حسب تقرير لشركة سيمانتيك الأميركية للحلول الإلكترونية، وفي استطلاع أجرته شركة F5 نتوركس على مجموعة من الخبراء، قدر 45% منهم كلفة استعادة البيانات وإعادة تشغيل الأعمال بعد هجمات "منع الخدمة" بحوالي 3-5 ملايين دولار، بينما قدر 30 % منهم الكلفة بحوالي 5-10 ملايين دولار، ورأى 16% منهم أن تلك الكلفة قد تتراوح بين 10 و20 مليون دولار. من جهتها نشرت شركة ديل مؤخرا تقريرًا مفصلا يشير إلى تزايد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف أيضا الشركات الصغيرة والمتوسطة، إلا أن التركيز الإعلامي ينصب على الاختراقات الأمنية التي تطال المؤسسات والشركات الكبيرة، رغم أن معظم الاختراقات الأمنية اليوم تطال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تبلغ 70% من إجمالي الاختراقات الأمنية. وأظهر التقرير أن 91% من الهجمات الإلكترونية تندرج ضمن محاولات التصيّد الإلكتروني الموجّهة التي تستهدف مجموعة صغيرة من الناس كالموظفين العاملين في مؤسسة واحدة، إلى جانب بعض محاولات التصيّد الإلكتروني غير الموجّهة التي يتم فيها إرسال نفس الرسالة إلى مئات أو آلاف الأشخاص بغية الإيقاع بأي منهم. وقد أدى تزايد المخاطر التي تتعرض لها الشركات من جراء الهجمات والقرصنة الإلكترونية إلى القيام بسلسلة كبيرة من الإجراءات فيما يتعلق بالأمن الإلكتروني، في الوقت الذي تتنافس فيه الحكومات في فرض قواعد تجبر الشركات على بناء دفاعات حماية أقوى ضد اختراقات إلكترونية كارثية، كما ومن المتوقع أن تفرض الدول الأوروبية إجراءات قاسية، قبيل فرض أنظمة حماية بحلول نهاية العام، وقد تفرض غرامات بملايين الجنيهات على الشركات التي تعاني من اختراقات لبياناتها.