لا توجد دولة في العالم تفرض عقوبات علي رفات وجثث الشهداء مثلما فعلت إسرائيل التي أقامت ما يسمى "مقابر الأرقام". ويقوم الاحتلال في تلك المقابر باحتجاز ودفن أعدادا غير محددة أو معروفة من رفات وجثث الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين استشهدوا خلال مراحل مختلفة أثناء نضالهم ودفاعهم عن أرضهم ومقاومتهم للاحتلال الغاصب. هذه المقابر عبارة عن مدافن محاطة بالحجارة دون شواهد، ومثبت فوق كل قبر لوحة معدنية تحمل رقما معينا، ولهذا سميت "بمقابر الأرقام" لان الاحتلال اعتبر الأرقام بديلة عن أسماء الشهداء ، ولكل رقم ملف خاص تحتفظ به الجهات الأمنية الإسرائيلية ويحتوي على المعلومات والبيانات الخاصة بكل شهيد. ولم تعلن إسرائيل إلا عن أربع فقط من هذه المقابر السرية التي تحتجز بداخلها جثامين مئات الفلسطينيين وهي مقبرة بالقرب من جسر "بنات يعقوب" علي الحدود السورية ويقدر عدد الجثامين فيها بحوالي 500 جثمان ، والثانية في منطقة غور الأردن بين مدينة أريحا وجسر دامية وتحوي حوالي 100 جثمان والثالثة في غور الأردن أيضا وتسمى " ريفيديم " ولا يعرف عدد الجثامين فيها ، أما المقبرة الرابعة فتسمى "شحيطة" وتقع شمال طبريا وفيها حوالي 50 جثمانا. وقال مفتي القدس الشيخ محمد حسين، إن الله كرم الإنسان عن سائر مخلوقاته وجعل للشهداء منهم منزلة عالية وأجرا عظيما ، وان الأديان السماوية كافة تحرم المساس بجثث المتوفين أو العبث بها وتشويهها. وأوضح أن احتجاز جثث الشهداء من قبل قوات الاحتلال ، هو عمل إجرامي لا يقدم عليه متحضر ويعد استهانة بمشاعر عائلاتهم وأمهاتهم وأهاليهم الثكلى ، مطالبا الجهات الحقوقية والمؤسسات الدولية بتحمل مسؤولياتها واتخاذ إجراءات حازمة تجبر الاحتلال على وقف تصرفاته الدنيئة وأفعاله العنصرية ، وإعادة جميع جثامين الشهداء الفلسطينيين لتدفن طبقا لمراسم وشعائر الدين الإسلامي . وقال مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان عصام العاروري ، إن إسرائيل لم تعط أعدادا محددة لأسماء وعدد الرفات والجثامين الذين تحتجزهم بالمقابر، لافتا إلى محاولتها استخدام الجثامين والرفات المحتجزة كورقة لتساوم بها ولمنع الشعب الفلسطيني من تكريم شهدائه ودفنهم بتراب الوطن ، متذرعة بأن عملية تحرير الجثامين ستؤدي لإشاعة نوع من الفوضى داخل المجتمع الفلسطيني ، أو القيام بأعمال انتقامية تجاهها ، أو تحول مراسم تشييع جنازاتهم لفعاليات سياسية للقوى والحركات المناهضة للاحتلال . وتابع العاروري ، ان احتجاز الجثامين ورفض تسليمها لذويهم لدفنها وفقا للطقوس الدينية يعد إهانة لإنسانية الإنسان في حياته وبعد مماته ، ويمثل مخالفة واضحة للقانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان وما تفرضه المادة 130 من اتفاقية جنيف.