بعد إعلان القسام عن أسر جنود.. الجيش الإسرائيلي يشن قصفا مدفعيا عنيفا على مخيم جباليا وشمال غزة    تقرير إسرائيلي: نتنياهو يرفض بحث توافق عملية رفح مع قرار العدل الدولية    أصعب 48 ساعة.. الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة    عمرو أديب يعلق على تصريحات الرئيس السيسي حول أزمة الكهرباء    شاهد، كيف احتفل كولر ورضا سليم مع أولاد السولية    رامز جلال يحتفل بتتويج الأهلي بطلًا لإفريقيا (صورة)    "هرب من الكاميرات".. ماذا فعل محمود الخطيب عقب تتويج الأهلي بدروي أبطال إفريقيا (بالصور)    موعد مباراة الأهلي والزمالك في السوبر الإفريقى والقنوات الناقلة    واجب وطني.. ميدو يطالب الأهلي بترك محمد الشناوي للزمالك    أسعار الذهب اليوم الأحد 26 مايو 2024 محليًا وعالميًا    اليوم.. الحكم فى طعن زوج مذيعة شهيرة على حبسه بمصرع جاره    وزير البترول: ندعم وزارة الكهرباء ب 120 مليار جنيه سنويا لتشغيل المحطات    المقاولون العرب يهنئ الأهلي على فوزه بدوري أبطال أفريقيا    زاهي حواس: إقامة الأفراح في الأهرامات "إهانة"    القائمة الكاملة لجوائز الدورة 77 من مهرجان كان    حظك اليوم برج السرطان 26/5/2024    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بالبنوك في أول يوم عمل بعد تثبيت الفائدة    عماد النحاس: سعيد بتتويج الأهلي بأبطال إفريقيا وكنت أتابع المباراة كمشجع    باريس سان جيرمان بطلا لكأس فرنسا على حساب ليون ويتوج بالثنائية    الرئيس التونسى يقيل وزير الداخلية ضمن تعديل وزارى محدود    مصرع 20 شخصا إثر حريق هائل اندلع فى منطقة ألعاب بالهند    أطول إجازة للموظفين.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات للقطاع العام والخاص    نيابة مركز الفيوم تصرح بدفن جثة الطفلة حبيبة قتلها أبيها انتقاماً من والدتها بالفيوم    «تشريعية النواب»: تعديل على قانون تعاطي المخدرات للموظفين بعدما فقدت أسر مصدر رزقها    طباخ ينهي حياة زوجته على سرير الزوجية لسبب صادم!    مصرع شخص وإصابة 9 آخرين في حادث سيارة ربع نقل بالمنيا    مشابهًا لكوكبنا.. كوكب Gliese 12 b قد يكون صالحا للحياة    قفزة بسعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأحد 26 مايو 2024    طلاب ب "إعلام أكاديمية الشروق" يطلقون حملة ترويجية لتطبيق يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتسهيل الحياة في العاصمة الإدارية    وزير البترول: نتحمل فرق تكلفة 70 مليار جنيه لإمداد وزارة الكهرباء بالغاز فقط    حزب المصريين: الرئيس السيسي يتبع الشفافية التامة منذ توليه السلطة    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج الجدي    وزير الرياضة ل"قصواء": اعتذرنا عما حدث فى تنظيم نهائى الكونفدرالية    سلوى عثمان تنهار بالبكاء: «لحظة بشعة إنك تشوف أبوك وهو بيموت»    زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث.. وما يجب فعله للوقاية    العلاقة المشتركة بين سرطان الرئة وتعاطي التبغ    صحة كفر الشيخ تواصل فعاليات القافلة الطبية المجانية بقرية العلامية    أول رد من نتنياهو على فيديو الجندي الإسرائيلي المُتمرد (فيديو)    تجدد الاحتجاجات ضد نتنياهو في تل أبيب وأماكن أخرى.. وأهالي الأسرى يطالبونه بصفقة مع حماس    61 ألف جنيه شهريًا.. فرص عمل ل5 آلاف عامل بإحدى الدول الأوروبية (قدم الآن)    اليوم.. افتتاح دورة تدريبية لأعضاء لجان الفتوى بالأقصر وقنا وأسوان    وزير البترول: محطات توليد الكهرباء تستهلك 60% من غاز مصر    صوّر ضحاياه عرايا.. أسرار "غرفة الموت" في شقة سفاح التجمع    "يا هنانا يا سعدنا إمام عاشور عندنا".. جماهير الأهلي فى كفر الشيخ تحتفل ببطولة أفريقيا (صور)    آلام التهاب بطانة الرحم.. هل تتداخل مع ألام الدورة الشهرية؟    بوركينا فاسو تمدد فترة المجلس العسكري الانتقالي خمس سنوات    رئيس جامعة طنطا يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    الأزهر للفتوى يوضح حُكم الأضحية وحِكمة تشريعها    «الري»: إفريقيا تعاني من مخاطر المناخ وضعف البنية التحتية في قطاع المياه    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 .. (الآن) على بوابة التعليم الأساسي    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات.. ومواعيد الإجازات الرسمية المتبقية للعام 2024    المدن الجامعية بجامعة أسيوط تقدم الدعم النفسي للطلاب خلال الامتحانات    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي طنطا ومدينة السادات    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
مين مع مين؟ وضد مين ؟!!


الحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة
»‬سعد زغلول»
من حوالي أسبوعين نشرت صحيفة هاآرتز الإسرائيلية شوية وثايق أفرجت عنها السلطات الصهيونية بعد اربعين سنة، ومن ضمنها وثايق بتفضح تعاون اسرائيل مع السعودية والأردن ضد الجيش المصري في حرب اليمن (1962-1967)، والوثايق بتقول ان اسرائيل شاركت في الحرب دي بطلب من بريطانيا، وبدأت مشاركتها في 31/ 3/ 1964، وقامت ب 13 عملية إنزال كبيرة بقيادة إيريا عوز في شمال اليمن، خلف خطوط القوات المصرية، ووصّلت للقبايل الموالية للسعودية والإمام (الحوثي اللي الشعب ثار ضده) عشرات الحاويات المتحملة أسلحة وذخاير وامدادات طبية، ولما البريطانيين اقترحوا ضربات جوية اسرائيلية علي القواعد المصرية، قيادة سلاح الجو الاسرائيلي وافقت، بس رئيس الاركان رابين ورئيس الوزرا اشكول عارضوا !!!
وفي الستينيات والسبعينيات كان فيه جبهة عريضة بتضم السعودية، وايران الشيعية الشاهنشاية، وتركيا واسرائيل، في مواجهة قوي الثورة العربية، وبعد كامب دافيد كان فيه تحالف سري اسمه السافاري، بتشارك فيه مصر السادات، مع المخابرات الايرانية (السافاك) مع الموساد الاسرائيلي، مع ال »‬IA، وقاموا سوا بإجهاض ثورة هاشم العطا في السودان.
واليومين دول، والسعودية بتقود تحالف كبير ضد اليمن بدعوي تحرير الشعب اليمني من سطوة الحوثيين (اللي همه مكون اساسي من مكونات اليمن) ومن التمدد الشيعي الايراني، وتسألهم : هوه الامام اللي حاربتوا مصر علشانه مش كان حوثي شيعي، وايران الشاه مش كانت برضه شيعية ؟!! يقولوا لك احنا كلنا أيامها كنا بندافع عن الشرعية، واحنا برضه دلوقت بندافع عن الشرعية ؟! تقول لهم : طب تركب ازاي تدافعوا عن شرعية هادي اللي مالوش في اليمن غير عشرات أو ميات من الانصار، ضد ملايين اليمنيين اللي رافضين التبعية لكم أو للأمريكان، وف نفس الوقت عايزين تسقطوا الأسد (اللي شرعيته ما تقلش عن شرعية هادي) ؟!، وازاي تقولوا انكو بتحاربوا الارهاب وانتوا بتتآمروا علي اللي بيحاربوه في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، ومعاكم تركيا، واسرائيل اللي بدعت الارهاب في المنطقة، واللي بتساند الارهابيين في سوريا ولبنان وبتعالج جرحاهم في مستشفياتها؟!!!.
يا عرب.. يا كل الشعوب العربية، آن الأوان نفتح عينينا ونشوف مين مع مين ؟ ومين ضد مين في منطقتنا ؟ مين مع الشعوب وتحررها وتقدمها ؟ ومين بيسعي لتركيعها وفرض الفرقة والتخلف عليها ؟ مين مع الانسانية ؟ ومين اللي بيرتكب الجرايم ضد الإنسانية ؟!!
الثورة الثقافية .. جاية جاية
في 29 يناير، في ميادين التحرير في مصر كلها، ثار الشعب كله علي نظام التبعية والفساد والاستبداد، اللي فرض علينا ثقافة الخنوع والاستسلام باسم السلام والاستقرار، وهدد سلمنا الأهلي بتوسيع الفجوة بين الفقرا وبين اللي نهبوا خيرها وخربوها وقعدوا علي تلها، وزي ما اسقط الشعب رأس النظام، رفض منظومة القيم الفاسدة اللي شاعت بيننا، وطرد رموزها الفنية والثقافية من ميادين التحرير، وأرسي أساس منظومة قيم جديدة عمادها الوحدة الوطنية، والحرية المسئولة، وحلم الانسانية بالعدالة الاجتماعية، واتفجرت في قلوب الجماهير طاقة ابداعية جبارة، شفنا تجلياتها في الشعارات والهتافات المبتكرة، وفي رالسم ع الوشوش، والجرافيتي، والسينما الوثائقية، والظواهر المسرحية (زي مشاهد صرف العفريت، أو المحاكمة الشعبية لنظام مبارك)، والأشعار والأغاني التي ملأت المنصات والميادين. ومن يومها والعركة دايرة علي كل المستويات بين قوي الثورة، وقوي الثورة المضادة، بين عبيد الماضي وبين الطامحين للمستقبل، في السياسة والاقتصاد والمجتمع وفي الآداب والفنون.
وخلينا دلوقت في الآداب والفنون، وشوفو حفلات الأغنيا والغنا الشعبي المضروب اللي بيعجبهم، وشاشات التلفزيونات الخاصة وبرامج المنوعات التافهة اللي مالياها، والنجومية الرخيصة المصنوعة بالزَّن والإلحاح لبعض اللي بيقدموها، والرقص وأغاني التسالي اللي بينتموا لعالم »‬ الشو بزنس»، ومالهمش أي علاقة بالفن أو الابداع، وشوفو كمان نوعية الأفلام الهزيلة اللي مكتسحة الأسواق، لأ..شوفو كمان الاحتفالات الرسمية والأغاني الدعائية اللي بيقدمها لنا عبيد الماضي اللي معششين في أجهزة انتاج انتهت صلاحيتها، وفي مقابل موجات الإلهاء والتجهيل والتسطيح اللي بينشرها عبيد الماضي، ح تلاقي شباب زي الورد بيأسسوا لفنون جديدة تغذي الروح، وتملا القلب عشق للوطن والانسانية، خد عندك مثلا مجموعة »‬الفن ميدان» اللي كل شوية الأمن يمنع تواصلها مع ناسها، وخد عندك كمان مغنواتية وفرق غنا مالهاش عدد، وحفلاتها كاملة العدد، وغناها منوّر وسائط التواصل الاجتماعي، وكمان سينما جديدة شابة بتتعرض أفلامها ف سينما زاوية ف وسط البلد، ومكتبات ومنتديات ثقافية بتعمل ورش كتابة وبتقدم شعرا وكتاب جداد ومدهشين، وفرق مسرح حر بتجرب وبتشق سكك لمسرح جديد ح يغني حياتنا المسرحية.
والاسبوع اللي فات شفت عرضين مسرحيين حلوين، خلوني أتأكد – أكتر ما انا متأكد – ان الثورة الثقافية جاية جاية، العرض الأولاني مونودراما »‬ بارانويا»، وده قدمته بنتي ريم حجاب، من تأليف شابة موهوبة هي رشا فلتس، واخراج محسن حلمي وألف موسيقاه المبدع عمرو سليم، والعرض التاني اسمه 1980 وانت طالع، وده – بجد – عرض رائع، ح يشكل نقلة هامة في مسرحنا الحديث، والأسبوع اللي جاي – وعليكم خير ان شاء الله – ح اكلمكوا بالتفصيل عن العرضين، عشان تتأكدوا معايا ان الثورة الثقافية جاية جاية.
أوراق قديمة
من حوالي عشرين سنة، جاني مسلسل اسمه »‬أيام الغضب»، عن قصة للاستاذ جمال الغيطاني، كتب لها السيناريو والحوار الاستاذ مصطفي ابراهيم، والمسلسل أخرجه المخرج الكبير الراحل عبد الله الشيخ، وكتبت له غنوة البداية والنهاية، وكان التلحين للرائع الجميل ياسر عبد الرحمن، اللي كل ما اسمع موسيقاه أو ألحانه أحس انه بني آدم مصري أصيل بيشوف لبعيد.
(1)
لاح نطفي نارنا.. بالحَطب
ولا نخفي عارنا..بالخُطب
ولا بالعطن نشفي العطب
هلي يا أيام الغضب..
هلي يا أيام الغضب..
...............................
غضبة يا عشاق الحياه
تِوْصِلنا بالفجر وضياه
وتصحي حلم مخبِّياه
روحنا، وفي قلوبنا انكتب
هلي.. يا أيام الغضب
............................
غضبة علي الليل الوبيل
يا صحبة الحق النبيل
وتكون سبيل، وسلسبيل
لينا، وعلي الأعداء لهب
هلي يا أيام الغضب
............................
باصرُخ عليكو بأعلي صوت
قُصوا خيوط الأخطبوط
لا تاخدنا دوامة السقوط
ونلاقي ماضينا انشطب
هلي يا ايام الغضب
(2)
يا أيام الغضب
سوق النصْب اتنصب
بس ولا السوق يسُوقنا
ولا نهر الخير نَضَب
يا أيام الغضب
..........................
لا احنا شروة وبيعة
ولا نرضي نكون نهيبة
وفينا الخير طبيعة
للحق ما بينّا هيبة
ونعيده اذا اتنهب
يا أيام الغضب
..........................
وحني ان زاد فسادنا
وطال زادنا وجَسَدنا
ما نرتاح فوق وسادنا
إلا اذا الحق سادنا
واذا الغُلب اتغلب
يا أيام الغضب
......................
يا أحلام الليالي
خليكي مضوَّية لي
واللي ح يدوس خيالي
ويذل نفوس عيالي
قلبي عليه اتقلب
يا أيام الغضب
يا أيام الغضب
كافيه ريش.. ومجدي عبد الملاك
قهوة ريش حتة غالية من تاريخنا الثقافي والوطني، في حادثة قتل السردار اللي اسقطت حكومة سعد زغلول، اتقبض فيها علي الأخوين »‬عنايت» اللي كانوا مشاركين في العملية، وفيها – للنهاردة – في البدروم – مطبعة قديمة كانت بتطبع منشورات وطنية ضد الاستعمار من أيام ثورة 19، وكافيه ريش ده اتعمل في أوائل القرن العشرين علي نمط قهاوي الرصيف الفرنسية اللي لها واجهة كأنها تراس بيطل ع الشارع، وكان فيه من النمط ده كام قهوة ف شارع عماد الدين، أظن كلهم راحوا في الوبا.
في كافيه ريش غنت أم كلثوم زمان أوي، وكانت القهوة ملتقي كتير من رجال السياسة والثقافة والفن، ح تلاقي صورهم علي جدرانها لغاية النهاردة، واولاد جيلي من الأدباء الشبان في الخمسينيات والستينيات من القرن اللي فات، لما جم من بلادهم للقاهرة، قابلوا فيها نجوم الأدب والصحافة في الزمان ده، شفنا فيها كامل زهيري وعبد الرحمن الخميسي ويوسف ادريس ويحي حقي وغيرهم وغيرهم، ولما نقل لها نجيب محفوظ ندوته الاسبوعية استعادت القهوة امجادها القديمة، وكانت مقر انطلاق كتير من الحركات الفنية زي جماعة السينما الجديدة وكتير من المجلات الثقافية زي جاليري 68، لأ..وطلع منها ابراهيم منصور بأول مظاهرة ضد التطبيع، وف زمن الانفتاح اتعرض علي اصحابها (مجدي وميشيل) يبيعوها بملايين متلتلة، ورفضوا واصروا يجددوها، وفضلت ملتقي للأدباء والمثقفين، وبتنعقد فيها الندوات والصالونات الثقافية.
ومن حوالي سنتين رحل ميشيل عن عالمنا وواصل مجدي رعايته للثقافة والمثقفين في كافيه ريش، والاسبوع اللي فات رحل مجدي عبد الملاك صاحب المقهي ونوارتها بعد مرض قصير، ودلوقت فيه بعض المثقفين من رواد كافيه ريش، ومحبي صاحبها المصري النبيل عاشق الثقافة والمثقفين (وانا منهم) بنتمني اننا نحافظ علي قهوة ريش، لأنها بتمثل حتة غالية من تاريخنا الوطني والثقافي.
ومش عارفين نعمل ايه ولا نطالب مين؟ هل نطلب من وزارة الثقافة تشتريها وتحولها لمكتبة عامة وملتقي ثقافي، ولا نعمل مبادرة مجتمعية واكتتاب عشان نحمي كافيه ريش وورثة مجدي وميشيل الصغار من اطماع كارهي الثقافة والمثقفين.
الحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة
»‬سعد زغلول»
من حوالي أسبوعين نشرت صحيفة هاآرتز الإسرائيلية شوية وثايق أفرجت عنها السلطات الصهيونية بعد اربعين سنة، ومن ضمنها وثايق بتفضح تعاون اسرائيل مع السعودية والأردن ضد الجيش المصري في حرب اليمن (1962-1967)، والوثايق بتقول ان اسرائيل شاركت في الحرب دي بطلب من بريطانيا، وبدأت مشاركتها في 31/ 3/ 1964، وقامت ب 13 عملية إنزال كبيرة بقيادة إيريا عوز في شمال اليمن، خلف خطوط القوات المصرية، ووصّلت للقبايل الموالية للسعودية والإمام (الحوثي اللي الشعب ثار ضده) عشرات الحاويات المتحملة أسلحة وذخاير وامدادات طبية، ولما البريطانيين اقترحوا ضربات جوية اسرائيلية علي القواعد المصرية، قيادة سلاح الجو الاسرائيلي وافقت، بس رئيس الاركان رابين ورئيس الوزرا اشكول عارضوا !!!
وفي الستينيات والسبعينيات كان فيه جبهة عريضة بتضم السعودية، وايران الشيعية الشاهنشاية، وتركيا واسرائيل، في مواجهة قوي الثورة العربية، وبعد كامب دافيد كان فيه تحالف سري اسمه السافاري، بتشارك فيه مصر السادات، مع المخابرات الايرانية (السافاك) مع الموساد الاسرائيلي، مع ال »‬IA، وقاموا سوا بإجهاض ثورة هاشم العطا في السودان.
واليومين دول، والسعودية بتقود تحالف كبير ضد اليمن بدعوي تحرير الشعب اليمني من سطوة الحوثيين (اللي همه مكون اساسي من مكونات اليمن) ومن التمدد الشيعي الايراني، وتسألهم : هوه الامام اللي حاربتوا مصر علشانه مش كان حوثي شيعي، وايران الشاه مش كانت برضه شيعية ؟!! يقولوا لك احنا كلنا أيامها كنا بندافع عن الشرعية، واحنا برضه دلوقت بندافع عن الشرعية ؟! تقول لهم : طب تركب ازاي تدافعوا عن شرعية هادي اللي مالوش في اليمن غير عشرات أو ميات من الانصار، ضد ملايين اليمنيين اللي رافضين التبعية لكم أو للأمريكان، وف نفس الوقت عايزين تسقطوا الأسد (اللي شرعيته ما تقلش عن شرعية هادي) ؟!، وازاي تقولوا انكو بتحاربوا الارهاب وانتوا بتتآمروا علي اللي بيحاربوه في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، ومعاكم تركيا، واسرائيل اللي بدعت الارهاب في المنطقة، واللي بتساند الارهابيين في سوريا ولبنان وبتعالج جرحاهم في مستشفياتها؟!!!.
يا عرب.. يا كل الشعوب العربية، آن الأوان نفتح عينينا ونشوف مين مع مين ؟ ومين ضد مين في منطقتنا ؟ مين مع الشعوب وتحررها وتقدمها ؟ ومين بيسعي لتركيعها وفرض الفرقة والتخلف عليها ؟ مين مع الانسانية ؟ ومين اللي بيرتكب الجرايم ضد الإنسانية ؟!!
الثورة الثقافية .. جاية جاية
في 29 يناير، في ميادين التحرير في مصر كلها، ثار الشعب كله علي نظام التبعية والفساد والاستبداد، اللي فرض علينا ثقافة الخنوع والاستسلام باسم السلام والاستقرار، وهدد سلمنا الأهلي بتوسيع الفجوة بين الفقرا وبين اللي نهبوا خيرها وخربوها وقعدوا علي تلها، وزي ما اسقط الشعب رأس النظام، رفض منظومة القيم الفاسدة اللي شاعت بيننا، وطرد رموزها الفنية والثقافية من ميادين التحرير، وأرسي أساس منظومة قيم جديدة عمادها الوحدة الوطنية، والحرية المسئولة، وحلم الانسانية بالعدالة الاجتماعية، واتفجرت في قلوب الجماهير طاقة ابداعية جبارة، شفنا تجلياتها في الشعارات والهتافات المبتكرة، وفي رالسم ع الوشوش، والجرافيتي، والسينما الوثائقية، والظواهر المسرحية (زي مشاهد صرف العفريت، أو المحاكمة الشعبية لنظام مبارك)، والأشعار والأغاني التي ملأت المنصات والميادين. ومن يومها والعركة دايرة علي كل المستويات بين قوي الثورة، وقوي الثورة المضادة، بين عبيد الماضي وبين الطامحين للمستقبل، في السياسة والاقتصاد والمجتمع وفي الآداب والفنون.
وخلينا دلوقت في الآداب والفنون، وشوفو حفلات الأغنيا والغنا الشعبي المضروب اللي بيعجبهم، وشاشات التلفزيونات الخاصة وبرامج المنوعات التافهة اللي مالياها، والنجومية الرخيصة المصنوعة بالزَّن والإلحاح لبعض اللي بيقدموها، والرقص وأغاني التسالي اللي بينتموا لعالم »‬ الشو بزنس»، ومالهمش أي علاقة بالفن أو الابداع، وشوفو كمان نوعية الأفلام الهزيلة اللي مكتسحة الأسواق، لأ..شوفو كمان الاحتفالات الرسمية والأغاني الدعائية اللي بيقدمها لنا عبيد الماضي اللي معششين في أجهزة انتاج انتهت صلاحيتها، وفي مقابل موجات الإلهاء والتجهيل والتسطيح اللي بينشرها عبيد الماضي، ح تلاقي شباب زي الورد بيأسسوا لفنون جديدة تغذي الروح، وتملا القلب عشق للوطن والانسانية، خد عندك مثلا مجموعة »‬الفن ميدان» اللي كل شوية الأمن يمنع تواصلها مع ناسها، وخد عندك كمان مغنواتية وفرق غنا مالهاش عدد، وحفلاتها كاملة العدد، وغناها منوّر وسائط التواصل الاجتماعي، وكمان سينما جديدة شابة بتتعرض أفلامها ف سينما زاوية ف وسط البلد، ومكتبات ومنتديات ثقافية بتعمل ورش كتابة وبتقدم شعرا وكتاب جداد ومدهشين، وفرق مسرح حر بتجرب وبتشق سكك لمسرح جديد ح يغني حياتنا المسرحية.
والاسبوع اللي فات شفت عرضين مسرحيين حلوين، خلوني أتأكد – أكتر ما انا متأكد – ان الثورة الثقافية جاية جاية، العرض الأولاني مونودراما »‬ بارانويا»، وده قدمته بنتي ريم حجاب، من تأليف شابة موهوبة هي رشا فلتس، واخراج محسن حلمي وألف موسيقاه المبدع عمرو سليم، والعرض التاني اسمه 1980 وانت طالع، وده – بجد – عرض رائع، ح يشكل نقلة هامة في مسرحنا الحديث، والأسبوع اللي جاي – وعليكم خير ان شاء الله – ح اكلمكوا بالتفصيل عن العرضين، عشان تتأكدوا معايا ان الثورة الثقافية جاية جاية.
أوراق قديمة
من حوالي عشرين سنة، جاني مسلسل اسمه »‬أيام الغضب»، عن قصة للاستاذ جمال الغيطاني، كتب لها السيناريو والحوار الاستاذ مصطفي ابراهيم، والمسلسل أخرجه المخرج الكبير الراحل عبد الله الشيخ، وكتبت له غنوة البداية والنهاية، وكان التلحين للرائع الجميل ياسر عبد الرحمن، اللي كل ما اسمع موسيقاه أو ألحانه أحس انه بني آدم مصري أصيل بيشوف لبعيد.
(1)
لاح نطفي نارنا.. بالحَطب
ولا نخفي عارنا..بالخُطب
ولا بالعطن نشفي العطب
هلي يا أيام الغضب..
هلي يا أيام الغضب..
...............................
غضبة يا عشاق الحياه
تِوْصِلنا بالفجر وضياه
وتصحي حلم مخبِّياه
روحنا، وفي قلوبنا انكتب
هلي.. يا أيام الغضب
............................
غضبة علي الليل الوبيل
يا صحبة الحق النبيل
وتكون سبيل، وسلسبيل
لينا، وعلي الأعداء لهب
هلي يا أيام الغضب
............................
باصرُخ عليكو بأعلي صوت
قُصوا خيوط الأخطبوط
لا تاخدنا دوامة السقوط
ونلاقي ماضينا انشطب
هلي يا ايام الغضب
(2)
يا أيام الغضب
سوق النصْب اتنصب
بس ولا السوق يسُوقنا
ولا نهر الخير نَضَب
يا أيام الغضب
..........................
لا احنا شروة وبيعة
ولا نرضي نكون نهيبة
وفينا الخير طبيعة
للحق ما بينّا هيبة
ونعيده اذا اتنهب
يا أيام الغضب
..........................
وحني ان زاد فسادنا
وطال زادنا وجَسَدنا
ما نرتاح فوق وسادنا
إلا اذا الحق سادنا
واذا الغُلب اتغلب
يا أيام الغضب
......................
يا أحلام الليالي
خليكي مضوَّية لي
واللي ح يدوس خيالي
ويذل نفوس عيالي
قلبي عليه اتقلب
يا أيام الغضب
يا أيام الغضب
كافيه ريش.. ومجدي عبد الملاك
قهوة ريش حتة غالية من تاريخنا الثقافي والوطني، في حادثة قتل السردار اللي اسقطت حكومة سعد زغلول، اتقبض فيها علي الأخوين »‬عنايت» اللي كانوا مشاركين في العملية، وفيها – للنهاردة – في البدروم – مطبعة قديمة كانت بتطبع منشورات وطنية ضد الاستعمار من أيام ثورة 19، وكافيه ريش ده اتعمل في أوائل القرن العشرين علي نمط قهاوي الرصيف الفرنسية اللي لها واجهة كأنها تراس بيطل ع الشارع، وكان فيه من النمط ده كام قهوة ف شارع عماد الدين، أظن كلهم راحوا في الوبا.
في كافيه ريش غنت أم كلثوم زمان أوي، وكانت القهوة ملتقي كتير من رجال السياسة والثقافة والفن، ح تلاقي صورهم علي جدرانها لغاية النهاردة، واولاد جيلي من الأدباء الشبان في الخمسينيات والستينيات من القرن اللي فات، لما جم من بلادهم للقاهرة، قابلوا فيها نجوم الأدب والصحافة في الزمان ده، شفنا فيها كامل زهيري وعبد الرحمن الخميسي ويوسف ادريس ويحي حقي وغيرهم وغيرهم، ولما نقل لها نجيب محفوظ ندوته الاسبوعية استعادت القهوة امجادها القديمة، وكانت مقر انطلاق كتير من الحركات الفنية زي جماعة السينما الجديدة وكتير من المجلات الثقافية زي جاليري 68، لأ..وطلع منها ابراهيم منصور بأول مظاهرة ضد التطبيع، وف زمن الانفتاح اتعرض علي اصحابها (مجدي وميشيل) يبيعوها بملايين متلتلة، ورفضوا واصروا يجددوها، وفضلت ملتقي للأدباء والمثقفين، وبتنعقد فيها الندوات والصالونات الثقافية.
ومن حوالي سنتين رحل ميشيل عن عالمنا وواصل مجدي رعايته للثقافة والمثقفين في كافيه ريش، والاسبوع اللي فات رحل مجدي عبد الملاك صاحب المقهي ونوارتها بعد مرض قصير، ودلوقت فيه بعض المثقفين من رواد كافيه ريش، ومحبي صاحبها المصري النبيل عاشق الثقافة والمثقفين (وانا منهم) بنتمني اننا نحافظ علي قهوة ريش، لأنها بتمثل حتة غالية من تاريخنا الوطني والثقافي.
ومش عارفين نعمل ايه ولا نطالب مين؟ هل نطلب من وزارة الثقافة تشتريها وتحولها لمكتبة عامة وملتقي ثقافي، ولا نعمل مبادرة مجتمعية واكتتاب عشان نحمي كافيه ريش وورثة مجدي وميشيل الصغار من اطماع كارهي الثقافة والمثقفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.