بتنسيق مصري.. مساعدات عربية وإماراتية مكثّفة تدخل غزة برًا وجوًا رغم أهوال الحرب    وديا.. فياريال يضرب أرسنال بثلاثية استعدادًا للموسم الجديد    أسهم "الإسماعيلية للدواجن" و"سبأ للأدوية" تقود صعود السوق.. وتراجع حاد ل"القاهرة الوطنية"    تحليل إخباري: ذكرى هيروشيما 80 عامًا - نداء متجدد لنزع السلاح النووي    فلسطين تدين استهداف مستوطنين لبعثتي روسيا وهولندا وتدعو لعقوبات رادعة    رئيس الوزراء البريطاني: سنعترف بدولة فلسطين في سبتمبر حال استمرار الأزمة الإنسانية بغزة    عقب الصيف.. تطوير عدد من الطرق والشوارع بمرسى مطروح    أمير هشام: عبدالقادر ينتظر قرار مدرب الأهلي    "الحكومة": التجهيزات الداخلية للمتحف الكبير اكتملت.. وحريصون على إخراج حفل يليق بمصر    بالبينك.. بوسي تتألق بأحدث ظهور لها    تفاصيل لقاء نائب رئيس جامعة أسيوط مع القنصل العام للسفارة الهندية بمصر اليوم    الرطوبة ستصل ل 90%.. الأرصاد تكشف مفاجأة عن طقس أغسطس    مصرع سائق لودر أثناء هدم منزل في الفيوم    محمد صلاح يعلن التحدى بصورة مع كأس الدورى الإنجليزى قبل انطلاق الموسم    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. توقعات كليات التجارة علمي وأدبي (الحد الأدنى 2024)    هكذا ينظر الأمريكيون للمقاومة    «خارج بكره من المستشفى».. تطورات الحالة الصحية للفنان محمد صبحي بعد تعرضه لأزمة صحية    "مسرحنا حياة" يفتتح حفل ختام الدورة 18 للمهرجان القومي للمسرح المصري    أسامة كمال: أصبح هناك مط وتطويل في التعامل مع مشكلة غزة مثل المسلسلات    عملية جراحية دقيقة.. فريق طبي بمستشفى قنا الجامعي ينجح في إنقاذ حياة سيدة وجنينها    فحص 1087 متردد في قافلة طبية بقرية الإسماعيلية في المنيا    «بعد إطلاقه النار على قاعدة فورت ستيورات».. السلطات الأمريكية تعتقل منفذ العملية (فيديو)    الضرائب: 12 أغسطس آخر موعد لتقديم التسويات المعدلة لضريبة المرتبات عن 5 سنوات    وزير الخارجية يلتقى رئيس مجلس إدارة الشركات المعنية بتنفيذ مشروع الربط الكهربائى بين مصر واليونان    بمشاركة الحضري.. ورشة عمل مصرية إماراتية لتطوير مدربي المنتخبات    كرة يد - الأهلي يعلن تعاقده مع مودي    استشهاد سليمان العبيد لاعب منتخب فلسطين السابق    لماذا حسم القرآن مدة مكوث أصحاب الكهف ولم يحسم عددهم؟.. خالد الجندي يوضح    فيديو- أمين الفتوى يوضح حكم تجفيف الأعضاء بين غسلات الوضوء.. جائز أم مكروه شرعًا؟    رفعت فياض يكشف الحقيقة الغائبة عن وزير التعليم العالي.. ترشيحات عمداء المعاهد معظمها تحايل وتزوير وبيانات غير حقيقية    متحدث الحكومة: توفير سكن بديل للمتضررين من قانون الإيجارات القديمة    طريقة عمل مكرونة وايت صوص، أحلى وأوفر من الجاهزة    نقابة الأطباء تكشف سبب الاستقالات الجماعية بقسم أمراض النساء بطب طنطا    من محطة القطار إلى ثلاجة الموتى.. قصة شقيقين يعودان في نعش واحد بالبحيرة    3 أبراج تواجه أزمة عاطفية خلال أيام.. احذروا سوء الفهم    محمد هنيدي يُعلق على قرار تركي آل الشيخ باعتماد موسم الرياض على فنانين سعوديين وخليجيين    جيوكيرس يقود تشكيل أرسنال في مواجهة فياريال الإسباني اليوم    منى عبدالوهاب: حظر «تيك توك» ليس الحل وعلينا وضع ضوابط صارمة    البرهان: معركة الكرامة لن تتوقف إلا بالقضاء الكامل على التمرد    وزير الزراعة يتلقى تقريرًا عن مشاركة مصر في البرنامج الدولي لسلامة وأمن الغذاء بسنغافورة    الحكومة ترد على أنباء انحيازها للملاك في قانون الإيجار القديم    حاسوب «أوبتا» يرشّح ليفربول للفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز 2025 - 2026    «خد بتار أبوه بعد 13 سنة».. ضبط شاب بتهمة قتل عمه في قنا    القومي للمرأة يهنئ الدكتورة عزة كامل لفوزها بجائزة التميز للمرأة العربية    ما حكم أداء ركعتين قبل صلاة المغرب؟.. الإفتاء توضح    أقل حجز ب4500 جنيه فى الشهر…عصابة العسكر تقرر تأميم مستشفى العباسية وحرمان المرضى الغلابة من العلاج    أمين الفتوى يعلق على حادث "الأولى على الثانوية".. هل الحسد والعين السبب؟    موعد بداية العام الدراسي الجديد 2026    اجتماع مصري- روسي.. وتوجيهات رئاسية بتسريع نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سرقة مسن بالإكراه بالقاهرة    أخبار الطقس في الكويت اليوم الأربعاء 6 أغسطس 2025    ضبط مدير كيان تعليمي وهمي بالقاهرة للنصب على المواطنين بشهادات مزيفة    السيسي: لا نخشى إلا الله.. واللي بيعمل حاجة غلط بيخاف    وكيله: الأزمة المالية للزمالك أثرت على سيف الجزيري    34 شركة خاصة تفتح باب التوظيف برواتب مجزية.. بيان رسمي لوزارة العمل    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    "المنبر الثابت".. 60 ندوة علمية بأوقاف سوهاج حول "عناية الإسلام بالمرأة"    اللجنة العامة ببني سويف تستقبل إجراءات الحصر العددي للجان الفرعية -فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة وقلم
رسالة إسبانية مفتوحة إلي السيسي
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 01 - 05 - 2015

كلما ابتعدت جغرافياً عن مصر، تعرف قدر بلدك أكثر عبر نظرة الآخرين إليها، وكلما نظرت من بعيد إلي مصر، تري المشهد في مجمله أكثر تعبيراً عن حال البلد، مما لو أمعنت في جانب دون جوانب، أو ركزت علي ظلال في زاوية دون أضواء في زوايا.
هذا تقريباً، شعوري كلما سافرت خلال الشهور الستة الأخيرة، وهذه مشاعري وأنا هنا في اسبانيا، حيث جئت من بلد أطبق علي حلم حين كاد ينهار الواقع، واستمسك بأمل في خضم هموم ثقال، لا يقدر علي حملها إلا شعب متساند، وأتيت إلي بلد يرمز في الذاكرة العربية والإسلامية إلي معني سقوط الأوطان بفعل صراعات مصالح ضيقة ومغانم من سراب!
من قبرص إلي مدريد حطت طائرة الرئيس عبدالفتاح السيسي وأقلعت 4 مرات، في جولة أوروبية محدودة استغرقت 36 ساعة فقط، لكنها عمرت بلقاءات واجتماعات ومباحثات، ما كان لها أن تنجح، لولا إعداد جيد مسبق، ورؤي واضحة مطروحة، وصدق وإخلاص رجل قدر له أن يقود وطن في أزمة، وسط منطقة علي شفا هاوية!
إلي العاصمة الاسبانية وصل السيسي ليل الأربعاء، تسبقه عبارة ذات مغزي قالها ألكسيس تسيبراس رئيس الوزراء اليوناني الجديد للرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس في ختام القمة الثلاثية التي جمعتهما والرئيس السيسي أمس الأول في نيوقسيا: »‬أشكر للرئيس القبرصي أنه أتاح لي الفرصة للالتقاء بشخصية عظيمة هي عبدالفتاح السيسي».
وعلّق مسئول مصري رفيع المستوي وهو يحدثني عن مجريات القمة الثلاثية قائلاً: كان اللقاء ناجحاً في تعميق مصلحة مشتركة بين الدول الثلاث، وهذا هو مفتاح نجاح أي علاقة أو شراكة. فقد اتفقت مصر مع اليونان علي تشكيل لجنة لترسيم الحدود البحرية بينهما، بعد أن انتهت من ذلك مع قبرص، واتفقت الدول الثلاث علي تعزيز علاقاتها الاقتصادية، سعياً لإقرار السلام والاستقرار والأمن وتحقيق الازدهار في هذه المنطقة المضطربة. لكن أكثر ما أشعرني بالفخر كمواطن مصري يقول المسئول رفيع المستوي »‬إنني وجدت نظرات إعجاب وتقدير واحترام في عيون الزعيمين القبرصي واليوناني، لرؤي رئيس مصر ومواقفه الشجاعة».
فور وصوله إلي مدريد ليل أمس الأول، توجه الرئيس السيسي من المطار إلي مقر الحكومة الاسبانية، وكان في استقباله بمطار مدريد مانويل سوريا وزير الصناعة والطاقة والسياحة، والشخصية البارزة في الحكومة الاسبانية، الذي استحوذ علي مشاعر المصريين في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، بالكلمة المرتجلة التي ألقاها، وقال فيها: »‬إننا معاً في معركة واحدة ضد الظلام وسوف ننتصر».
في مقر الحكومة.. أقام ماريانو راخوي رئيس الوزراء الاسباني عشاء خاصاً تكريماً للرئيس السيسي، في سابقة بروتوكولية. أثناء العشاء، استمع راخوي إلي السيسي وهو يبحر في قضايا البحر المتوسط وما حوله، من ليبيا إلي سوريا إلي العراق إلي اليمن، مركزاً علي خطورة التهديد الإرهابي للشرق الأوسط وأوروبا علي السواء.
وبعد أن انتهي الرئيس من عرض رؤاه لأزمات المنطقة، نظر إلي رئيس الوزراء الاسباني مبتسماً وهو يشير إلي أوراق مكتوبة أمامه تحمل رءوس موضوعات أعدها مساعدوه، وقال: »‬هذا ما كتبه المعاونون. لكن دعني أتحدث مباشرة وأقول إنني متفق معك فيما طرحت، وأؤكد أن أمن واستقرار مصر وازدهارها، يحقق مصلحة الشرق الأوسط والمتوسط وأوروبا، ونحن علي أتم استعداد للتعاون مع مصر بلا حدود».
انتهي لقاء العشاء مع رئيس وزراء اسبانيا قرب منتصف الليل، وفي الصباح الباكر التقي في مقر إقامته بفندق »‬بالاس» مع لويس دي جيندوس وزير الاقتصاد والتنافسية بحضور أعضاء الوفد المرافق للرئيس الذي ضم: سامح شكري وزير الخارجية، د. أشرف سالمان وزير الاستثمار، شريف اسماعيل وزير البترول، المهندس هاني ضاحي وزير النقل، الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس، السفير علاء يوسف المتحدث باسم الرئاسة. جري اللقاء علي مأدبة إفطار وعرض خلاله الرئيس التشريعات الجديدة المحفزة للاستثمار وأهمها قانون الاستثمار الجديد وحرص الحكومة علي تذليل العقبات أمام الشركات الأجنبية العاملة في مصر، وخطتها لإجراء التحديث الشامل في البلاد. وتحدث الوزير الإسباني عن الطفرة التي حققها اقتصاد بلاده بالوصول بمعدل النمو إلي 9٪، وأشار إلي الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر ومكانتها كمنصة إقليمية للدخول إلي شمال افريقيا والشرق الأوسط والبلدان العربية.
ثم التقي الرئيس مع عدد من رؤساء الشركات الإسبانية ومجلس الأعمال المصري الإسباني.. واستمع إلي تساؤلات وآراء الحضور، وكان من أبرز المتحدثين رئيس شركة نيتكاس ريوندس وهي خامس أكبر شركات العالم في انتاج البترول والغاز، الذي أشاد بالاصلاحات السياسية والاقتصادية التي تمت في مصر خلال الشهور الأخيرة، وقال للرئيس: إن رئاستكم لمصر صمام أمان للمنطقة وضمان لاستقرار أوروبا، ونحن نعتزم زيادة استثماراتنا في مصر.
وأنهي الرئيس اللقاء قائلا للمستثمرين الاسبان: »‬انتظر أن تطرقوا الباب، وسوف تجدونني واقفا أرحب بكم».
يوم أمس.. التقي الرئيس السيسي بالملك فيليبي السادس ملك أسبانيا مرتين. الأولي في مقره بقصر »‬ثارثويلا»، حيث كان الملك في استقبال الرئيس عند وصوله بسيارته إلي باب القصر، والثاني في القصر الملكي »‬أوريينتي» حيث أقام ملك اسبانيا مأدبة غداء تكريما للرئيس تبادلا خلالها الكلمات. بين اللقاءين، جرت مباحثات السيسي مع رئيس وزراء اسبانيا في قصر »‬مونكلوا» وسبقتها مراسم توقيع اتفاقية للتعاون في مجال الأمن ومكافحة الجريمة و3 مذكرات تفاهم للتعاون في مجال السياحة ومجال النقل والبني التحتية، ومجال حماية الممتلكات الثقافية والأثرية المسروقة أو المصدرة بشكل غير شرعي. وفي الصباح.. كان الرئيس قد شهد توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مشروع القطار السريع بين الغردقة والأقصر. والخطين الخامس والسادس لمترو الأنفاق.
سبق أن التقي السيسي مرتين قبل ذلك مع الملك فيليبي، أثناء حضورهما اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك، وأثناء حضورهما اجتماعات القمة الافريقية بأديس أبابا، وفي لقاء أثيوبيا، جدد ملك اسبانيا الدعوة للرئيس لزيارة مدريد.
وسط حضور لافت وغير معتاد للملكة ليتيسيا، ومشاركة كبيرة من الفنانين والمثقفين الاسبان أصدقاء مصر، تحدث ملك أسبانيا في مأدبة الغداء بكلمة بليغة تناول فيها تاريخ مصر ووصفها بأنها احدي حواضن الحضارة الإنسانية، وحاضر مصر ووصفها بأنها بلد يحقق النمو ويراهن علي المستقبل، وعلاقات البلدين، ووصفها بأنها علاقة شراكة استراتيجية شاملة. وقال للرئيس: إننا ندعم رؤيتكم لمصر وبإمكانكم أن تعولوا علينا مثلما نحن نعول عليكم ونؤكد التزامنا الراسخ تجاه مصر».
أما الرئيس السيسي فقد ركز في كلمته علي تطلع مصر للتعاون الوثيق مع اسبانيا، مشيرا إلي أنه بحث مع رئيس الحكومة الاسبانية سبل تدشين مجالات جديدة للتعاون.
وقال إن مصر تخطو بثبات لاجراء الانتخابات التشريعية لإكمال بناء مؤسسات الدولة، مؤكداً حرصه علي تحقيق الحرية والأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية لكل المصريين.
وأنهي كلمته قائلا: إن العالم في حاجة أكثر من أي وقت مضي لتحالف الحضارات في مواجهة الإرهاب والتطرف وما يمثلانه من تهديد للحضارة الانسانية.
اختتم السيسي لقاءاته مساء أمس بزيارة البرلمان الاسباني والاجتماع برئيس مجلس النواب ونوابه الأربعة الذين يمثلون الكتل السياسية في المجلس.
وفي الطريق من مبني الفندق إلي مقر البرلمان ولمسافة حوالي مائتي متر، قوبل الرئيس بمظاهرة حب من أبناء الجالية المصرية تهتف له: أرفع رأسك فوق أنت مصري».
وأمام مشاعر المودة، تجاوز الرئيس اجراءات الأمن المصرية والاسبانية ونزل من سيارته لتحية مستقبليه الذين امتدت أياديهم لمصافحته، وصافحهم، محاطاً بمشاعر محبة غَلَّابة، مُحَمَّلاً بمسئوليات وتحديات ندعو الله أن يوفقنا معه لنغلبها.
غادر الرئيس مدريد، وقد تسلم رسالة اسبانية واضحة تقول: نحن معكم، لأن تنمية مصر تحقق لها الاستقرار، واستقرارها يضمن لنا الأمن ولكل المنطقة.
كلما ابتعدت جغرافياً عن مصر، تعرف قدر بلدك أكثر عبر نظرة الآخرين إليها، وكلما نظرت من بعيد إلي مصر، تري المشهد في مجمله أكثر تعبيراً عن حال البلد، مما لو أمعنت في جانب دون جوانب، أو ركزت علي ظلال في زاوية دون أضواء في زوايا.
هذا تقريباً، شعوري كلما سافرت خلال الشهور الستة الأخيرة، وهذه مشاعري وأنا هنا في اسبانيا، حيث جئت من بلد أطبق علي حلم حين كاد ينهار الواقع، واستمسك بأمل في خضم هموم ثقال، لا يقدر علي حملها إلا شعب متساند، وأتيت إلي بلد يرمز في الذاكرة العربية والإسلامية إلي معني سقوط الأوطان بفعل صراعات مصالح ضيقة ومغانم من سراب!
من قبرص إلي مدريد حطت طائرة الرئيس عبدالفتاح السيسي وأقلعت 4 مرات، في جولة أوروبية محدودة استغرقت 36 ساعة فقط، لكنها عمرت بلقاءات واجتماعات ومباحثات، ما كان لها أن تنجح، لولا إعداد جيد مسبق، ورؤي واضحة مطروحة، وصدق وإخلاص رجل قدر له أن يقود وطن في أزمة، وسط منطقة علي شفا هاوية!
إلي العاصمة الاسبانية وصل السيسي ليل الأربعاء، تسبقه عبارة ذات مغزي قالها ألكسيس تسيبراس رئيس الوزراء اليوناني الجديد للرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس في ختام القمة الثلاثية التي جمعتهما والرئيس السيسي أمس الأول في نيوقسيا: »‬أشكر للرئيس القبرصي أنه أتاح لي الفرصة للالتقاء بشخصية عظيمة هي عبدالفتاح السيسي».
وعلّق مسئول مصري رفيع المستوي وهو يحدثني عن مجريات القمة الثلاثية قائلاً: كان اللقاء ناجحاً في تعميق مصلحة مشتركة بين الدول الثلاث، وهذا هو مفتاح نجاح أي علاقة أو شراكة. فقد اتفقت مصر مع اليونان علي تشكيل لجنة لترسيم الحدود البحرية بينهما، بعد أن انتهت من ذلك مع قبرص، واتفقت الدول الثلاث علي تعزيز علاقاتها الاقتصادية، سعياً لإقرار السلام والاستقرار والأمن وتحقيق الازدهار في هذه المنطقة المضطربة. لكن أكثر ما أشعرني بالفخر كمواطن مصري يقول المسئول رفيع المستوي »‬إنني وجدت نظرات إعجاب وتقدير واحترام في عيون الزعيمين القبرصي واليوناني، لرؤي رئيس مصر ومواقفه الشجاعة».
فور وصوله إلي مدريد ليل أمس الأول، توجه الرئيس السيسي من المطار إلي مقر الحكومة الاسبانية، وكان في استقباله بمطار مدريد مانويل سوريا وزير الصناعة والطاقة والسياحة، والشخصية البارزة في الحكومة الاسبانية، الذي استحوذ علي مشاعر المصريين في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، بالكلمة المرتجلة التي ألقاها، وقال فيها: »‬إننا معاً في معركة واحدة ضد الظلام وسوف ننتصر».
في مقر الحكومة.. أقام ماريانو راخوي رئيس الوزراء الاسباني عشاء خاصاً تكريماً للرئيس السيسي، في سابقة بروتوكولية. أثناء العشاء، استمع راخوي إلي السيسي وهو يبحر في قضايا البحر المتوسط وما حوله، من ليبيا إلي سوريا إلي العراق إلي اليمن، مركزاً علي خطورة التهديد الإرهابي للشرق الأوسط وأوروبا علي السواء.
وبعد أن انتهي الرئيس من عرض رؤاه لأزمات المنطقة، نظر إلي رئيس الوزراء الاسباني مبتسماً وهو يشير إلي أوراق مكتوبة أمامه تحمل رءوس موضوعات أعدها مساعدوه، وقال: »‬هذا ما كتبه المعاونون. لكن دعني أتحدث مباشرة وأقول إنني متفق معك فيما طرحت، وأؤكد أن أمن واستقرار مصر وازدهارها، يحقق مصلحة الشرق الأوسط والمتوسط وأوروبا، ونحن علي أتم استعداد للتعاون مع مصر بلا حدود».
انتهي لقاء العشاء مع رئيس وزراء اسبانيا قرب منتصف الليل، وفي الصباح الباكر التقي في مقر إقامته بفندق »‬بالاس» مع لويس دي جيندوس وزير الاقتصاد والتنافسية بحضور أعضاء الوفد المرافق للرئيس الذي ضم: سامح شكري وزير الخارجية، د. أشرف سالمان وزير الاستثمار، شريف اسماعيل وزير البترول، المهندس هاني ضاحي وزير النقل، الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس، السفير علاء يوسف المتحدث باسم الرئاسة. جري اللقاء علي مأدبة إفطار وعرض خلاله الرئيس التشريعات الجديدة المحفزة للاستثمار وأهمها قانون الاستثمار الجديد وحرص الحكومة علي تذليل العقبات أمام الشركات الأجنبية العاملة في مصر، وخطتها لإجراء التحديث الشامل في البلاد. وتحدث الوزير الإسباني عن الطفرة التي حققها اقتصاد بلاده بالوصول بمعدل النمو إلي 9٪، وأشار إلي الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر ومكانتها كمنصة إقليمية للدخول إلي شمال افريقيا والشرق الأوسط والبلدان العربية.
ثم التقي الرئيس مع عدد من رؤساء الشركات الإسبانية ومجلس الأعمال المصري الإسباني.. واستمع إلي تساؤلات وآراء الحضور، وكان من أبرز المتحدثين رئيس شركة نيتكاس ريوندس وهي خامس أكبر شركات العالم في انتاج البترول والغاز، الذي أشاد بالاصلاحات السياسية والاقتصادية التي تمت في مصر خلال الشهور الأخيرة، وقال للرئيس: إن رئاستكم لمصر صمام أمان للمنطقة وضمان لاستقرار أوروبا، ونحن نعتزم زيادة استثماراتنا في مصر.
وأنهي الرئيس اللقاء قائلا للمستثمرين الاسبان: »‬انتظر أن تطرقوا الباب، وسوف تجدونني واقفا أرحب بكم».
يوم أمس.. التقي الرئيس السيسي بالملك فيليبي السادس ملك أسبانيا مرتين. الأولي في مقره بقصر »‬ثارثويلا»، حيث كان الملك في استقبال الرئيس عند وصوله بسيارته إلي باب القصر، والثاني في القصر الملكي »‬أوريينتي» حيث أقام ملك اسبانيا مأدبة غداء تكريما للرئيس تبادلا خلالها الكلمات. بين اللقاءين، جرت مباحثات السيسي مع رئيس وزراء اسبانيا في قصر »‬مونكلوا» وسبقتها مراسم توقيع اتفاقية للتعاون في مجال الأمن ومكافحة الجريمة و3 مذكرات تفاهم للتعاون في مجال السياحة ومجال النقل والبني التحتية، ومجال حماية الممتلكات الثقافية والأثرية المسروقة أو المصدرة بشكل غير شرعي. وفي الصباح.. كان الرئيس قد شهد توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مشروع القطار السريع بين الغردقة والأقصر. والخطين الخامس والسادس لمترو الأنفاق.
سبق أن التقي السيسي مرتين قبل ذلك مع الملك فيليبي، أثناء حضورهما اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك، وأثناء حضورهما اجتماعات القمة الافريقية بأديس أبابا، وفي لقاء أثيوبيا، جدد ملك اسبانيا الدعوة للرئيس لزيارة مدريد.
وسط حضور لافت وغير معتاد للملكة ليتيسيا، ومشاركة كبيرة من الفنانين والمثقفين الاسبان أصدقاء مصر، تحدث ملك أسبانيا في مأدبة الغداء بكلمة بليغة تناول فيها تاريخ مصر ووصفها بأنها احدي حواضن الحضارة الإنسانية، وحاضر مصر ووصفها بأنها بلد يحقق النمو ويراهن علي المستقبل، وعلاقات البلدين، ووصفها بأنها علاقة شراكة استراتيجية شاملة. وقال للرئيس: إننا ندعم رؤيتكم لمصر وبإمكانكم أن تعولوا علينا مثلما نحن نعول عليكم ونؤكد التزامنا الراسخ تجاه مصر».
أما الرئيس السيسي فقد ركز في كلمته علي تطلع مصر للتعاون الوثيق مع اسبانيا، مشيرا إلي أنه بحث مع رئيس الحكومة الاسبانية سبل تدشين مجالات جديدة للتعاون.
وقال إن مصر تخطو بثبات لاجراء الانتخابات التشريعية لإكمال بناء مؤسسات الدولة، مؤكداً حرصه علي تحقيق الحرية والأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية لكل المصريين.
وأنهي كلمته قائلا: إن العالم في حاجة أكثر من أي وقت مضي لتحالف الحضارات في مواجهة الإرهاب والتطرف وما يمثلانه من تهديد للحضارة الانسانية.
اختتم السيسي لقاءاته مساء أمس بزيارة البرلمان الاسباني والاجتماع برئيس مجلس النواب ونوابه الأربعة الذين يمثلون الكتل السياسية في المجلس.
وفي الطريق من مبني الفندق إلي مقر البرلمان ولمسافة حوالي مائتي متر، قوبل الرئيس بمظاهرة حب من أبناء الجالية المصرية تهتف له: أرفع رأسك فوق أنت مصري».
وأمام مشاعر المودة، تجاوز الرئيس اجراءات الأمن المصرية والاسبانية ونزل من سيارته لتحية مستقبليه الذين امتدت أياديهم لمصافحته، وصافحهم، محاطاً بمشاعر محبة غَلَّابة، مُحَمَّلاً بمسئوليات وتحديات ندعو الله أن يوفقنا معه لنغلبها.
غادر الرئيس مدريد، وقد تسلم رسالة اسبانية واضحة تقول: نحن معكم، لأن تنمية مصر تحقق لها الاستقرار، واستقرارها يضمن لنا الأمن ولكل المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.