تحتفل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة " اليونسكو" –الخميس 23 إبريل- باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف 2015 تحت شعار " قدرة الكتب على تحسين حياتنا". حيث يهدف الاحتفال هذا العام كفرصة لدراسة واستعراض الطرق المناسبة لنشر ثقافة الكلمات المطبوعة والسماح للجميع بالوصول إليها، وذلك من خلال برامج محو الأمية وموارد تعليمية مفتوحة ودعم التوظيف في مجال النشر وكذلك المكاتب ومحال بيع الكتب والمدارس. كما سيتم في الاحتفال نفسه بإعلان مدينة إنشيون (في جمهورية كوريا الجنوبية) كعاصمة عالمية للكتاب لعام 2015. واليوم العالمي للكتاب هو احتفال يقام كل عام في 23 أبريل بعد أن قررت اليونسكو منذ عام 1995 الاحتفال بالكتاب وحقوق المؤلف ، ففي هذا التاريخ من عام 1616، توفي كل من ميغيل دي سرفانتس ووليم شكسبير والاينكا غارسيلاسو دي لافيغا. كما يصادف يوم 23 أبريل ذكرى ولادة أو وفاة عدد من الأدباء المرموقين مثل موريس درويون ، وهالدور ك. لاكسنس، وفلاديمير نابوكوف، وجوزيب بلا، ومانويل ميخيا فاييخو. ولهذا التاريخ اختيار طبيعي فقد أرادت فيه اليونسكو التعبير عن تقديرها وتقدير العالم أجمع للكتاب والمؤلفين وذلك عن طريق تشجيع القراءة بين الجميع وبشكل خاص بين الشباب وتشجيع استكشاف المتعة من خلال القراءة وتجديد الاحترام للمساهمات التي لا يمكن إلغاؤها لكل الذين مهدوا الطريق للتقدم الاجتماعي والثقافي للإنسانية جمعاء. وأشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو في رسالتها بإن اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف فرصة للإقرار بقدرة الكتب على تحسين حياتنا، ولدعم الكتب ومن ينتجها. وأضافت بوكوفا إلي أن الكتب بوصفها أداة للتعلم والقراءة ورموزاً عالمية للتقدم الاجتماعي ، وأصبحت أهدافاً للذين يجحدون بالثقافة والتعليم ويرفضون الحوار والتسامح. ولقد شهدنا في الأشهر القليلة الماضية هجمات استهدفت أطفالاً في مدارسهم وتنظيم محارق علنية للكتب. وعليه، يتضح واجبنا الذي يحتم علينا تكثيف الجهود الرامية إلى النهوض بالكتاب والقلم والحاسوب، فضلاً عن جميع أشكال القراءة والكتابة، بغية مكافحة الأمية والفقر وإقامة مجتمعات مستدامة وترسيخ أسس السلام. وذكرت بوكوفا أن اليونسكو تقود جهود مكافحة الأمية المزمع إدراجها في صميم أهداف التنمية المستدامة لمرحلة ما بعد عام 2015. ويعدّ محو الأمية الباب المؤدي إلى المعرفة التي تكتسي أهمية أساسية لاحترام الذات وتمكين الأفراد. وتؤدي الكتب، بكل أشكالها، دوراً أساسياً في هذا الصدد. وإذ يعجز 175 مليون مراهق في العالم - معظمهم من الفتيات والشابات - عن قراءة جملة واحدة، تلتزم اليونسكو بتسخير تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، ولا سيما تكنولوجيا الأجهزة المحمولة، لدعم محو الأمية وتوفير التعليم الجيد لكل من لم يصل إليه بعد. والكتب خير وسيط لحرية التعبير وحرية تداول المعلومات - وهما أمران يكتسبان أهمية حاسمة بالنسبة لجميع مجتمعات اليوم. وإن مستقبل الكتاب، بوصفه عنصراً ثقافياً، جزء لا يتجزأ من دور الثقافة في النهوض بسبل أشمل وأكثر استدامة لتحقيق التنمية. ومن خلال الاحتفال هذا العام بمرور10 سنوات على اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي، تسعى اليونسكو إلى ترويج القراءة لدى الشباب والفئات المهمشة. وأشارت بوكوفا في رسالتها إلي أن اليونسكو تعمل بالتعاون مع رابطة الناشرين الدولية والاتحاد الدولي لباعة الكتب والاتحاد الدولي لرابطات المكتبات وأمناء المكتبات، على دعم المهن الخاصة بمجالات النشر وإقامة متاجر الكتب والمكتبات والمدارس. وهذه هي الروح التي تلهم مدينة إنشيون في جمهورية كوريا، التي عيِنت عاصمة عالمية للكتاب لعام 2015، اعترافاً ببرنامجها الرامي إلى ترويج القراءة لدى الشباب والفئات المحرومة. ويصبح هذا التعيين نافذاً اعتباراً من اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، وسيحتفل به بحضور ممثلي العاصمة العالمية السابقة بورت هاركورت في نيجيريا. ودعت بوكوفا إلي أنضمام الجميع إلى إنشيون والمجتمع الدولي بأكمله للاحتفال بالكتب بوصفها تجسيداً للروح الإبداعية والرغبة في تبادل الأفكار والمعارف وتيسير التفاهم والتحاور والتسامح. وعرف الناس ومنذ القدم الكتاب، فالكتاب مشتق من الكتابة ، ويعتبر الكتاب وسيلة لا غنى عنها في تدوين تاريخ الأمم والشعب وثقافاتهم، فالأمم تتعاقب فإذا مضت أمة أعقبتها أمة، وبالتالي تأتي الحاجة إلى تدوين أخبار من سبق، لأنها إذا لم تدون ذهبت مع الزمان، فتندثر لذلك أخبار من سبق من الأمم والحضارات. فالكتاب هو الحافظ لثقافات الشعوب وتاريخها، وقد أهتم كثير من العلماء في تدوين تاريخ الأمم والملوك في كتب، فبرز في ذلك الإمام الطبري والإمام ابن كثير وغيرهم، وقد كان فضلهم كبيراً في نقل التاريخ بما سطروه من كتب قيمة. كما يعتبر الكتاب وسيلةً للعلم والتعلم لا غنى عنها ، فنحن حين نريد التعلم نقبل على الكتب التي تحتوي على أنواع العلوم المختلفة ، كما أن الكتاب هو وسيلة لزيادة ثقافة الإنسان حيث يطّلع على كل ما استجد من علوم في مجالات عدة ، وهناك من الكتب ما تختزل تجارب الحكماء والعلماء وتضيف إلى عقل الإنسان مخزوناً فكرياً وثقافياً باستمرار. كما أن الكتاب وسيلة للمتعة والمؤانسة والتخلص من الملل ، وكما قيل فإن الكتاب هو خير جليس فعلاً. وكذلك من فوائد الكتاب أنه يعد مرجعاً دائماً لمن أراد الرجوع إليه للتحقق من معلومة معينة ، أو توثيق مراجع يحتاجها في أبحاثه ومؤلفاته ، وبالتالي فإنه لا غنى عن الكتاب للعالم والمتعلم ، وأخيراً يكون تبادل الكتب وإهداؤها بين الدول وسيلة لتحقيق التبادل الثقافي والمعرفي بينهما ، فيتعرف كل شعب من الشعوب على ثقافة الآخر بوسيلة سهلة تقرب المسافات مهما بعدت. وتشير الدراسات والتقارير الإحصائية الصادرة عن عدة مؤسسات عربية ودولية منها مؤسسة الفكر العربي ومنظمة اليونيسكو وغيرها من المؤسسات المعنية برصد مستويات التنمية الثقافية في العالم، إلى تدني مستوى قراءة الكتب الثقافية في العالم العربي بشكل عام مقارنة بالأمم الأخرى، حيث بلغ متوسط قراءة الفرد العربي 6 دقائق سنويا وهو في تناقص بينما متوسط قراءة الفرد في أوروبا على سبيل المثال يبلغ نحو 200 ساعة سنويا. وفي إحصاءات منظمة اليونيسكو ان متوسط القراءة الحرة للطفل العربي خارج معدل ما يقرأه من الكتب الدراسية لا يتجاوز دقائق معدودة في السنة مقابل 12 ألف دقيقة للطفل في العالم الغربي . وفي دراسة دولية أخيرة حول معدلات القراءة في العالم، أوضحت أن معدل قراءة المواطن العربي سنويا ربع صفحة ، بينما معدل قراءة الأميركي 11 كتابا، ومعدل كل من البريطاني والألماني يتجاوز 7 كتب سنويا ً، وفي دراسات وإحصاءات أخرى وجد أن أقل من 5 % من المواطنين العرب يقرؤون بانتظام ، فمن بين 365 مليون مواطن عربي يمثل 30% أطفال، و30% أميون، و20% لا يقرؤون قط ، و15% يقرؤون لكن بشكل متقطع وليسوا حريصين على اقتناء الكتب ، وأن كل 300 ألف مواطن عربي يقرؤون كتابا واحدا ، ونصيب كل مليون عربي هو 30 كتابا ، ومعدل ما يخصصه المواطن العربي للقراءة الحرة سنويا هو 10دقائق فقط ، ومعدل القراءة السنوية للشخص الواحد في العالم 4 كتب وفي العالم العربي ربع صفحة. في حين ذكر تقرير منظمة اليونيسيف حيث يبين أن 70 مليون عربي ما زالوا أميين وثلثيهم من الأطفال والنساء. ووفقا لدراسات التنمية الصادرة عن مؤسسة الفكر العربي في القاهرة نقرأ عن صدور كتاب واحد لكل12ألف مواطن عربي، بينما يصدر كتاب لكل 500 مواطن إنجليزي، وكتاب لكل 900 مواطن ألماني ، أي أن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4% من معدل القراءة في انجلترا على سبيل المثال. هذه الأرقام المتدنية والمخيفة تعكس صورة واقعية لوضع الأمة العربية بين الحضارات الأخرى ، وتنذر بعواقب وخيمة على العالم العربي في المستقبل القريب ، وحتى وأن كانت هذه النسب والأرقام متفاوتة من دولة إلى أخرى، وتختلف بحسب عوامل السن والمستوى الثقافي والاقتصادي ، والوسط المعيشي والجغرافي والبيئي ، إلا أن هناك مؤشرات قوية ومخاوف مشتركة على صعيد الأمة العربية حول تراجع مستوى القراءة الجادة للكتب الثقافية ذات المضمون القوي والمؤثر على النمو الثقافي والحضاري ، وخطر انعكاس هذه المؤشرات على التقدم المعرفي والتراجع الحضاري على جميع الأصعدة. وهناك تفاوت بين نتائج عدة دراسات حول معدل القراءة في العالم العربي ، حيث أوضحت دراسة سابقة أجرتها شركة »سينوفات« العالمية لأبحاث السوق، أن المصريين والمغاربة يقضون 40 دقيقة يومياً في قراءة الصحف والمجلات ، مقابل 35 دقيقة في تونس ، و34 دقيقة في المملكة ، و31 دقيقة في لبنان. وبالنسبة إلى قراءة الكتب، يقرأ اللبنانيون 588 دقيقة في الشهر، وفي مصر 540 دقيقة، وفي المغرب 506 دقائق، وفي المملكة 378 دقيقة، هذه الأرقام تعكس واقعاً إيجابياً أكثر من الأرقام السابقة التي طرحت في مقدمة هذا التحقيق . وأفاد مؤشر نقاط الثقافة في العالم للعام 2014 ، إلى أن معدل قراءة الأطفال في العالم العربي هو الأقل عالمياً، حيث يقرأ الطفل خارج ما يتلقنه في مناهجه الدراسية 6% في السنة، فيما يقرأ كل 20 طفلاً عربياً كتاباً واحداً، بينما في بريطانيا يقرأ الطفل 7 كتب، وفي أمريكا 11 كتاباً، كما تشير إحصاءات أخرى إلى أن رصيد الدول العربية لا يتجاوز 1.1% من الإنتاج العالمي لكتب الأطفال، بالرغم من أن تعداد الأطفال في العالم العربي تجاوز ال55 مليون طفل ، وهو مؤشر سلبي وبعيد جداً عن مستوى التنمية الفكرية والثقافية للطفل في العالم الغربي . وهذا الواقع يفرض على المسؤولين تبني مشاريع جديدة تهدف إلى مضاعفة الاهتمام بقيمة القراءة وأهمية ما تعكسه على تطور الأجيال وبناء النفس والعقل، وتهذيب وتقويم السلوك لتحقيق النمو المعرفي والثقافي والتطور الحضاري الذي ننشده. ويشير التقرير إلي أن السعودية حصلت علي المركز 10 في مؤشر القراءة والثقافة العامة عالمياَ بعد أن بلغ معدل قراءة الفرد السعودي 6.48 ساعة أسبوعياً ، وهو يماثل عدد الساعات لمعدل القراءة في روسيا وهونج كونج وفرنسا والسويد، بالرغم أن هذه الدول تتفوق علينا بكثير في عدد المكتبات العامة وسعتها من حيث العناوين ، فبحسب بيانات الإدارة العامة للمكتبات في وزارة الثقافة والإعلام السعودية ، توجد في المملكة 81 مكتبة، وتبلغ سعة كل مكتبة ما بين 3 آلاف إلى 55 ألف عنوان ، وهو عدد قليل مقارنة بأعداد وحجم المكتبات العامة في الدول الغربية . فبحسب بيانات مركز المكتبة الرقمية على الانترنت، وهي منظمة عالمية لخدمات أبحاث ومعلومات المكتبات ، توجد لدى الصين أكثر من 50 ألف مكتبة عامة، وروسيا بها 46 ألف مكتبة ، والولايات المتحدة لديها 9107 مكتبات عامة، وفي إيطاليا 7 آلاف مكتبة، وفي ألمانيا توجد 6313 مكتبة ، وانجلترا بها 4039 مكتبة ، ولذلك فإن عدد المكتبات العامة والعنوانين في السعودية محدود ومتواضع مقارنة بدول الغرب المتقدم . ويعطي مؤشراً حول مدى الفارق في حجم الاطلاع، ولكن هناك مؤشرات أخرى ايجابية ومرتفعة حول اقبال المواطنين على القراءة، حيث يوجد إقبال كبير ومتزايد على معارض الكتاب الدولية بالعالم العربي ، ما يعطي مؤشراً على أن هناك شغفا بالقراءة، فهنالك أكثر من مليون زائر يزورون هذه المعرض سنوياً جميعهم مهتمون بشراء كم كبير من الكتب. وذكر خبير منظمة اليونيسكو الشاعر "شوقي عبد الأمير" ، حيث يرى أن تراجع معدلات القراءة في عالمنا العربي ينذر بخطر حضاري محدق ، مشيرا إلى أن الوطن العربي مقبل على تصحر ثقافي حقيقي ما لم توضع الحلول الناجعة لهذه الأزمة ، مسلطا الضوء على القنوات التلفزيونية في العالم العربي مشيرا إلى أن مجمل ما تقدمه هذه القنوات من مواد ثقافية لا يتجاوز 4 % ، ولم تستطع الدول العربية إصدار قناة ثقافية موحدة ، على الرغم من توفر كل الإمكانيات مطالبا بضرورة إنتاج قناة ثقافيّة عربية موحدة، مؤكداً أن المال موجود ، والرغبة موجودة ، والمادة الثقافية موجودة ولا ينقصنا سوى السعي الجاد لتحقيق هذه الخطوة ، والسعي الجاد بألا يعم الجهل منطقتنا. وفي ذات السياق يشير محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين المصريين الى أن الناشر العربي اضطر إلى تقليص عدد النسخ المطبوعة من كتب الثقافة العامة للكبار لتتراوح بين ألف إلى ألفي نسخة من الكتاب الواحد ، وفي كتب الأطفال يتراوح عدد النسخ بين 3 آلاف و5 آلاف نظراً لضيق حجم الاستهلاك الذي يفترض أن تمثل المكتبات جزءاً أساسياً منه، مضيفا أن المعايير الدولية تقول إن المكتبة العامة لكي تقوم بدور ثقافي يفترض أن يكون لكل ستة آلاف نسمة من المقيمين مكتبة عامة، ولكن عدد المكتبات العامة في الدول العربية مجتمعة لا يزيد على 4500 مكتبة من كافة الأحجام وربما كان عدد المكتبات العامة ذات الوزن والأهمية في الوطن العربي يدور حول 1000 مكتبة فقط. ويبرر البعض دون اثباتات واضحة ودراسات رصدية كافية أن سبب تدني مستويات القراءة في العالم العربي هو أن اهتمامات القارئ العربي تحولت من القراءة الحرة نحو التقنية والفضاء الالكتروني التي جذبت القارئ العربي وحولت مساره من قراءة الكتب الورقية إلى الالكترونية، حيث اشار تقرير نشرته شركة "برايسوترهاوس كوبر" إلى أن مبيعات الكتب الإلكترونية سوف تتفوق على نظيراتها من الكتب المطبوعة بحلول عام 2018، ولكن هذه الدراسة لم تستشرف واقع مبيعات الكتب الالكترونية العربية، حيث أشارت دراسة إحصائية صدرت مؤخراً أن نسبة قراء الكتاب الإلكتروني في الإمارات بلغت 11 % ، وتليها السعودية ب 9.1 % ، ثم قطر 7.6 %، البحرين 6%، لبنان 6%، المغرب 5.6%، سلطنة عمان 5.5%، مصر 5 %، الجزائر 4.5%، الأردن 4.1%، والسودان 3%. وترى الكاتبة والأكاديمية الدكتورة "هتون الفاسي" أن الملاحظ بشكل عام هو قلة إقبال المجتمع على القراءة ، وأن القراءة الحرة ساء وضعها خلال السنوات القليلة الماضية بسبب انجذاب الجمهور نحو وسائل التواصل الاجتماعي في الفضاء الإلكتروني. وقالت الفاسي ، إن البعض كان يتوقع أن هناك اطلاعا واسعا على الصحف والمجلات على الشبكة العنكبوتية، ولكن يبدو أن حتى هذه القراءات باتت محدودة وأن الكثيرين استبدلوها بقراءة ال140 حرفا التي تبث من خلال التغريد على موقع التواصل الاجتماعي الأخبار والشائعات والعديد من المعلومات غير الدقيقة وليست كافية لإثراء الثقافة العامة، ولا نستطيع أن نعمم هذا الرأي من دون دراسات كافية، ولكنها أصبحت ظاهرة منتشرة ، وأصبحنا نعاني وخصوصا في الجامعات من أزمة قراءة وانعكاس هذه الأزمة على الثقافة والمعرفة. وأشارت إلى أن طلبة الجامعات والدراسات العليا يمثلون الفئة الأكبر في الاعتماد على الاطلاع والقراءة من خلال شبكة الإنترنت في المرحلة الحالية ، وهو أمر ذو أبعاد خطيرة لأن استغناء هذه الفئة عن قراءة الكتب والقراءات المكثفة مقابل قراءة معلومات مختصرة في تويتر أو الحصول على معلومات مختصرة وضئيلة مما يتم تداوله عبر الإنترنت ومن مصادر غير موثوقة انعكاساته سلبية جدا على المعرفة، وعندها تكون المعرفة سطحية ولن تتمخض بإنتاج معرفي عميق ومفيد. وأضافت الفاسي إنه بالرغم من الإقبال الكبير على معارض الكتاب إلا أن انعكاس هذا الأمر على الاكتساب المعرفي والإثراء الثقافي يتطلب معرفة نوع الكتب واهتمامات القراء، لأن كثيرا من اهتمامات الجمهور في هذه المعارض تنصب نحو كتب سطحية وغير مفيدة، ومع ذلك يتطلب هذا الأمر دراسة جادة لتحديد نوع الكتب وجودتها والعديد من التفاصيل الأخرى، مرجعة أسباب تدني القراءة لضعف اللغة العربية والارتباط بها لدى الأجيال الناشئة في مراحلهم الأولى ، ومحدودية التشجيع على القراءة. تحتفل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة " اليونسكو" –الخميس 23 إبريل- باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف 2015 تحت شعار " قدرة الكتب على تحسين حياتنا". حيث يهدف الاحتفال هذا العام كفرصة لدراسة واستعراض الطرق المناسبة لنشر ثقافة الكلمات المطبوعة والسماح للجميع بالوصول إليها، وذلك من خلال برامج محو الأمية وموارد تعليمية مفتوحة ودعم التوظيف في مجال النشر وكذلك المكاتب ومحال بيع الكتب والمدارس. كما سيتم في الاحتفال نفسه بإعلان مدينة إنشيون (في جمهورية كوريا الجنوبية) كعاصمة عالمية للكتاب لعام 2015. واليوم العالمي للكتاب هو احتفال يقام كل عام في 23 أبريل بعد أن قررت اليونسكو منذ عام 1995 الاحتفال بالكتاب وحقوق المؤلف ، ففي هذا التاريخ من عام 1616، توفي كل من ميغيل دي سرفانتس ووليم شكسبير والاينكا غارسيلاسو دي لافيغا. كما يصادف يوم 23 أبريل ذكرى ولادة أو وفاة عدد من الأدباء المرموقين مثل موريس درويون ، وهالدور ك. لاكسنس، وفلاديمير نابوكوف، وجوزيب بلا، ومانويل ميخيا فاييخو. ولهذا التاريخ اختيار طبيعي فقد أرادت فيه اليونسكو التعبير عن تقديرها وتقدير العالم أجمع للكتاب والمؤلفين وذلك عن طريق تشجيع القراءة بين الجميع وبشكل خاص بين الشباب وتشجيع استكشاف المتعة من خلال القراءة وتجديد الاحترام للمساهمات التي لا يمكن إلغاؤها لكل الذين مهدوا الطريق للتقدم الاجتماعي والثقافي للإنسانية جمعاء. وأشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو في رسالتها بإن اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف فرصة للإقرار بقدرة الكتب على تحسين حياتنا، ولدعم الكتب ومن ينتجها. وأضافت بوكوفا إلي أن الكتب بوصفها أداة للتعلم والقراءة ورموزاً عالمية للتقدم الاجتماعي ، وأصبحت أهدافاً للذين يجحدون بالثقافة والتعليم ويرفضون الحوار والتسامح. ولقد شهدنا في الأشهر القليلة الماضية هجمات استهدفت أطفالاً في مدارسهم وتنظيم محارق علنية للكتب. وعليه، يتضح واجبنا الذي يحتم علينا تكثيف الجهود الرامية إلى النهوض بالكتاب والقلم والحاسوب، فضلاً عن جميع أشكال القراءة والكتابة، بغية مكافحة الأمية والفقر وإقامة مجتمعات مستدامة وترسيخ أسس السلام. وذكرت بوكوفا أن اليونسكو تقود جهود مكافحة الأمية المزمع إدراجها في صميم أهداف التنمية المستدامة لمرحلة ما بعد عام 2015. ويعدّ محو الأمية الباب المؤدي إلى المعرفة التي تكتسي أهمية أساسية لاحترام الذات وتمكين الأفراد. وتؤدي الكتب، بكل أشكالها، دوراً أساسياً في هذا الصدد. وإذ يعجز 175 مليون مراهق في العالم - معظمهم من الفتيات والشابات - عن قراءة جملة واحدة، تلتزم اليونسكو بتسخير تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، ولا سيما تكنولوجيا الأجهزة المحمولة، لدعم محو الأمية وتوفير التعليم الجيد لكل من لم يصل إليه بعد. والكتب خير وسيط لحرية التعبير وحرية تداول المعلومات - وهما أمران يكتسبان أهمية حاسمة بالنسبة لجميع مجتمعات اليوم. وإن مستقبل الكتاب، بوصفه عنصراً ثقافياً، جزء لا يتجزأ من دور الثقافة في النهوض بسبل أشمل وأكثر استدامة لتحقيق التنمية. ومن خلال الاحتفال هذا العام بمرور10 سنوات على اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي، تسعى اليونسكو إلى ترويج القراءة لدى الشباب والفئات المهمشة. وأشارت بوكوفا في رسالتها إلي أن اليونسكو تعمل بالتعاون مع رابطة الناشرين الدولية والاتحاد الدولي لباعة الكتب والاتحاد الدولي لرابطات المكتبات وأمناء المكتبات، على دعم المهن الخاصة بمجالات النشر وإقامة متاجر الكتب والمكتبات والمدارس. وهذه هي الروح التي تلهم مدينة إنشيون في جمهورية كوريا، التي عيِنت عاصمة عالمية للكتاب لعام 2015، اعترافاً ببرنامجها الرامي إلى ترويج القراءة لدى الشباب والفئات المحرومة. ويصبح هذا التعيين نافذاً اعتباراً من اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، وسيحتفل به بحضور ممثلي العاصمة العالمية السابقة بورت هاركورت في نيجيريا. ودعت بوكوفا إلي أنضمام الجميع إلى إنشيون والمجتمع الدولي بأكمله للاحتفال بالكتب بوصفها تجسيداً للروح الإبداعية والرغبة في تبادل الأفكار والمعارف وتيسير التفاهم والتحاور والتسامح. وعرف الناس ومنذ القدم الكتاب، فالكتاب مشتق من الكتابة ، ويعتبر الكتاب وسيلة لا غنى عنها في تدوين تاريخ الأمم والشعب وثقافاتهم، فالأمم تتعاقب فإذا مضت أمة أعقبتها أمة، وبالتالي تأتي الحاجة إلى تدوين أخبار من سبق، لأنها إذا لم تدون ذهبت مع الزمان، فتندثر لذلك أخبار من سبق من الأمم والحضارات. فالكتاب هو الحافظ لثقافات الشعوب وتاريخها، وقد أهتم كثير من العلماء في تدوين تاريخ الأمم والملوك في كتب، فبرز في ذلك الإمام الطبري والإمام ابن كثير وغيرهم، وقد كان فضلهم كبيراً في نقل التاريخ بما سطروه من كتب قيمة. كما يعتبر الكتاب وسيلةً للعلم والتعلم لا غنى عنها ، فنحن حين نريد التعلم نقبل على الكتب التي تحتوي على أنواع العلوم المختلفة ، كما أن الكتاب هو وسيلة لزيادة ثقافة الإنسان حيث يطّلع على كل ما استجد من علوم في مجالات عدة ، وهناك من الكتب ما تختزل تجارب الحكماء والعلماء وتضيف إلى عقل الإنسان مخزوناً فكرياً وثقافياً باستمرار. كما أن الكتاب وسيلة للمتعة والمؤانسة والتخلص من الملل ، وكما قيل فإن الكتاب هو خير جليس فعلاً. وكذلك من فوائد الكتاب أنه يعد مرجعاً دائماً لمن أراد الرجوع إليه للتحقق من معلومة معينة ، أو توثيق مراجع يحتاجها في أبحاثه ومؤلفاته ، وبالتالي فإنه لا غنى عن الكتاب للعالم والمتعلم ، وأخيراً يكون تبادل الكتب وإهداؤها بين الدول وسيلة لتحقيق التبادل الثقافي والمعرفي بينهما ، فيتعرف كل شعب من الشعوب على ثقافة الآخر بوسيلة سهلة تقرب المسافات مهما بعدت. وتشير الدراسات والتقارير الإحصائية الصادرة عن عدة مؤسسات عربية ودولية منها مؤسسة الفكر العربي ومنظمة اليونيسكو وغيرها من المؤسسات المعنية برصد مستويات التنمية الثقافية في العالم، إلى تدني مستوى قراءة الكتب الثقافية في العالم العربي بشكل عام مقارنة بالأمم الأخرى، حيث بلغ متوسط قراءة الفرد العربي 6 دقائق سنويا وهو في تناقص بينما متوسط قراءة الفرد في أوروبا على سبيل المثال يبلغ نحو 200 ساعة سنويا. وفي إحصاءات منظمة اليونيسكو ان متوسط القراءة الحرة للطفل العربي خارج معدل ما يقرأه من الكتب الدراسية لا يتجاوز دقائق معدودة في السنة مقابل 12 ألف دقيقة للطفل في العالم الغربي . وفي دراسة دولية أخيرة حول معدلات القراءة في العالم، أوضحت أن معدل قراءة المواطن العربي سنويا ربع صفحة ، بينما معدل قراءة الأميركي 11 كتابا، ومعدل كل من البريطاني والألماني يتجاوز 7 كتب سنويا ً، وفي دراسات وإحصاءات أخرى وجد أن أقل من 5 % من المواطنين العرب يقرؤون بانتظام ، فمن بين 365 مليون مواطن عربي يمثل 30% أطفال، و30% أميون، و20% لا يقرؤون قط ، و15% يقرؤون لكن بشكل متقطع وليسوا حريصين على اقتناء الكتب ، وأن كل 300 ألف مواطن عربي يقرؤون كتابا واحدا ، ونصيب كل مليون عربي هو 30 كتابا ، ومعدل ما يخصصه المواطن العربي للقراءة الحرة سنويا هو 10دقائق فقط ، ومعدل القراءة السنوية للشخص الواحد في العالم 4 كتب وفي العالم العربي ربع صفحة. في حين ذكر تقرير منظمة اليونيسيف حيث يبين أن 70 مليون عربي ما زالوا أميين وثلثيهم من الأطفال والنساء. ووفقا لدراسات التنمية الصادرة عن مؤسسة الفكر العربي في القاهرة نقرأ عن صدور كتاب واحد لكل12ألف مواطن عربي، بينما يصدر كتاب لكل 500 مواطن إنجليزي، وكتاب لكل 900 مواطن ألماني ، أي أن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4% من معدل القراءة في انجلترا على سبيل المثال. هذه الأرقام المتدنية والمخيفة تعكس صورة واقعية لوضع الأمة العربية بين الحضارات الأخرى ، وتنذر بعواقب وخيمة على العالم العربي في المستقبل القريب ، وحتى وأن كانت هذه النسب والأرقام متفاوتة من دولة إلى أخرى، وتختلف بحسب عوامل السن والمستوى الثقافي والاقتصادي ، والوسط المعيشي والجغرافي والبيئي ، إلا أن هناك مؤشرات قوية ومخاوف مشتركة على صعيد الأمة العربية حول تراجع مستوى القراءة الجادة للكتب الثقافية ذات المضمون القوي والمؤثر على النمو الثقافي والحضاري ، وخطر انعكاس هذه المؤشرات على التقدم المعرفي والتراجع الحضاري على جميع الأصعدة. وهناك تفاوت بين نتائج عدة دراسات حول معدل القراءة في العالم العربي ، حيث أوضحت دراسة سابقة أجرتها شركة »سينوفات« العالمية لأبحاث السوق، أن المصريين والمغاربة يقضون 40 دقيقة يومياً في قراءة الصحف والمجلات ، مقابل 35 دقيقة في تونس ، و34 دقيقة في المملكة ، و31 دقيقة في لبنان. وبالنسبة إلى قراءة الكتب، يقرأ اللبنانيون 588 دقيقة في الشهر، وفي مصر 540 دقيقة، وفي المغرب 506 دقائق، وفي المملكة 378 دقيقة، هذه الأرقام تعكس واقعاً إيجابياً أكثر من الأرقام السابقة التي طرحت في مقدمة هذا التحقيق . وأفاد مؤشر نقاط الثقافة في العالم للعام 2014 ، إلى أن معدل قراءة الأطفال في العالم العربي هو الأقل عالمياً، حيث يقرأ الطفل خارج ما يتلقنه في مناهجه الدراسية 6% في السنة، فيما يقرأ كل 20 طفلاً عربياً كتاباً واحداً، بينما في بريطانيا يقرأ الطفل 7 كتب، وفي أمريكا 11 كتاباً، كما تشير إحصاءات أخرى إلى أن رصيد الدول العربية لا يتجاوز 1.1% من الإنتاج العالمي لكتب الأطفال، بالرغم من أن تعداد الأطفال في العالم العربي تجاوز ال55 مليون طفل ، وهو مؤشر سلبي وبعيد جداً عن مستوى التنمية الفكرية والثقافية للطفل في العالم الغربي . وهذا الواقع يفرض على المسؤولين تبني مشاريع جديدة تهدف إلى مضاعفة الاهتمام بقيمة القراءة وأهمية ما تعكسه على تطور الأجيال وبناء النفس والعقل، وتهذيب وتقويم السلوك لتحقيق النمو المعرفي والثقافي والتطور الحضاري الذي ننشده. ويشير التقرير إلي أن السعودية حصلت علي المركز 10 في مؤشر القراءة والثقافة العامة عالمياَ بعد أن بلغ معدل قراءة الفرد السعودي 6.48 ساعة أسبوعياً ، وهو يماثل عدد الساعات لمعدل القراءة في روسيا وهونج كونج وفرنسا والسويد، بالرغم أن هذه الدول تتفوق علينا بكثير في عدد المكتبات العامة وسعتها من حيث العناوين ، فبحسب بيانات الإدارة العامة للمكتبات في وزارة الثقافة والإعلام السعودية ، توجد في المملكة 81 مكتبة، وتبلغ سعة كل مكتبة ما بين 3 آلاف إلى 55 ألف عنوان ، وهو عدد قليل مقارنة بأعداد وحجم المكتبات العامة في الدول الغربية . فبحسب بيانات مركز المكتبة الرقمية على الانترنت، وهي منظمة عالمية لخدمات أبحاث ومعلومات المكتبات ، توجد لدى الصين أكثر من 50 ألف مكتبة عامة، وروسيا بها 46 ألف مكتبة ، والولايات المتحدة لديها 9107 مكتبات عامة، وفي إيطاليا 7 آلاف مكتبة، وفي ألمانيا توجد 6313 مكتبة ، وانجلترا بها 4039 مكتبة ، ولذلك فإن عدد المكتبات العامة والعنوانين في السعودية محدود ومتواضع مقارنة بدول الغرب المتقدم . ويعطي مؤشراً حول مدى الفارق في حجم الاطلاع، ولكن هناك مؤشرات أخرى ايجابية ومرتفعة حول اقبال المواطنين على القراءة، حيث يوجد إقبال كبير ومتزايد على معارض الكتاب الدولية بالعالم العربي ، ما يعطي مؤشراً على أن هناك شغفا بالقراءة، فهنالك أكثر من مليون زائر يزورون هذه المعرض سنوياً جميعهم مهتمون بشراء كم كبير من الكتب. وذكر خبير منظمة اليونيسكو الشاعر "شوقي عبد الأمير" ، حيث يرى أن تراجع معدلات القراءة في عالمنا العربي ينذر بخطر حضاري محدق ، مشيرا إلى أن الوطن العربي مقبل على تصحر ثقافي حقيقي ما لم توضع الحلول الناجعة لهذه الأزمة ، مسلطا الضوء على القنوات التلفزيونية في العالم العربي مشيرا إلى أن مجمل ما تقدمه هذه القنوات من مواد ثقافية لا يتجاوز 4 % ، ولم تستطع الدول العربية إصدار قناة ثقافية موحدة ، على الرغم من توفر كل الإمكانيات مطالبا بضرورة إنتاج قناة ثقافيّة عربية موحدة، مؤكداً أن المال موجود ، والرغبة موجودة ، والمادة الثقافية موجودة ولا ينقصنا سوى السعي الجاد لتحقيق هذه الخطوة ، والسعي الجاد بألا يعم الجهل منطقتنا. وفي ذات السياق يشير محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين المصريين الى أن الناشر العربي اضطر إلى تقليص عدد النسخ المطبوعة من كتب الثقافة العامة للكبار لتتراوح بين ألف إلى ألفي نسخة من الكتاب الواحد ، وفي كتب الأطفال يتراوح عدد النسخ بين 3 آلاف و5 آلاف نظراً لضيق حجم الاستهلاك الذي يفترض أن تمثل المكتبات جزءاً أساسياً منه، مضيفا أن المعايير الدولية تقول إن المكتبة العامة لكي تقوم بدور ثقافي يفترض أن يكون لكل ستة آلاف نسمة من المقيمين مكتبة عامة، ولكن عدد المكتبات العامة في الدول العربية مجتمعة لا يزيد على 4500 مكتبة من كافة الأحجام وربما كان عدد المكتبات العامة ذات الوزن والأهمية في الوطن العربي يدور حول 1000 مكتبة فقط. ويبرر البعض دون اثباتات واضحة ودراسات رصدية كافية أن سبب تدني مستويات القراءة في العالم العربي هو أن اهتمامات القارئ العربي تحولت من القراءة الحرة نحو التقنية والفضاء الالكتروني التي جذبت القارئ العربي وحولت مساره من قراءة الكتب الورقية إلى الالكترونية، حيث اشار تقرير نشرته شركة "برايسوترهاوس كوبر" إلى أن مبيعات الكتب الإلكترونية سوف تتفوق على نظيراتها من الكتب المطبوعة بحلول عام 2018، ولكن هذه الدراسة لم تستشرف واقع مبيعات الكتب الالكترونية العربية، حيث أشارت دراسة إحصائية صدرت مؤخراً أن نسبة قراء الكتاب الإلكتروني في الإمارات بلغت 11 % ، وتليها السعودية ب 9.1 % ، ثم قطر 7.6 %، البحرين 6%، لبنان 6%، المغرب 5.6%، سلطنة عمان 5.5%، مصر 5 %، الجزائر 4.5%، الأردن 4.1%، والسودان 3%. وترى الكاتبة والأكاديمية الدكتورة "هتون الفاسي" أن الملاحظ بشكل عام هو قلة إقبال المجتمع على القراءة ، وأن القراءة الحرة ساء وضعها خلال السنوات القليلة الماضية بسبب انجذاب الجمهور نحو وسائل التواصل الاجتماعي في الفضاء الإلكتروني. وقالت الفاسي ، إن البعض كان يتوقع أن هناك اطلاعا واسعا على الصحف والمجلات على الشبكة العنكبوتية، ولكن يبدو أن حتى هذه القراءات باتت محدودة وأن الكثيرين استبدلوها بقراءة ال140 حرفا التي تبث من خلال التغريد على موقع التواصل الاجتماعي الأخبار والشائعات والعديد من المعلومات غير الدقيقة وليست كافية لإثراء الثقافة العامة، ولا نستطيع أن نعمم هذا الرأي من دون دراسات كافية، ولكنها أصبحت ظاهرة منتشرة ، وأصبحنا نعاني وخصوصا في الجامعات من أزمة قراءة وانعكاس هذه الأزمة على الثقافة والمعرفة. وأشارت إلى أن طلبة الجامعات والدراسات العليا يمثلون الفئة الأكبر في الاعتماد على الاطلاع والقراءة من خلال شبكة الإنترنت في المرحلة الحالية ، وهو أمر ذو أبعاد خطيرة لأن استغناء هذه الفئة عن قراءة الكتب والقراءات المكثفة مقابل قراءة معلومات مختصرة في تويتر أو الحصول على معلومات مختصرة وضئيلة مما يتم تداوله عبر الإنترنت ومن مصادر غير موثوقة انعكاساته سلبية جدا على المعرفة، وعندها تكون المعرفة سطحية ولن تتمخض بإنتاج معرفي عميق ومفيد. وأضافت الفاسي إنه بالرغم من الإقبال الكبير على معارض الكتاب إلا أن انعكاس هذا الأمر على الاكتساب المعرفي والإثراء الثقافي يتطلب معرفة نوع الكتب واهتمامات القراء، لأن كثيرا من اهتمامات الجمهور في هذه المعارض تنصب نحو كتب سطحية وغير مفيدة، ومع ذلك يتطلب هذا الأمر دراسة جادة لتحديد نوع الكتب وجودتها والعديد من التفاصيل الأخرى، مرجعة أسباب تدني القراءة لضعف اللغة العربية والارتباط بها لدى الأجيال الناشئة في مراحلهم الأولى ، ومحدودية التشجيع على القراءة.