أثار فوز حزب الليكود اليميني بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في انتخابات الكنيست المخاوف من إقدام الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي تم تكليف نتنياهو بتشكيلها على التراجع عن مبدأ حل الدولتين. وعزز من هذه المخاوف الرسائل التي بعث بها نتنياهو أكثر من مرة وتصريحاته المتناقضة وإشهاره لحزمة "لاءات" خلال حملته الانتخابية منها "لا لتقسيم القدس" ،"لا للانسحاب من الضفة الغربية"،"لا لقيام دولة فلسطينية" في عهده رغم تراجعه بعد فوزه عن تصريحاته في هذا الشأن. ويرى محللون فلسطينيون أن عودة نتنياهو لرئاسة الحكومة سيعيد الأمور إلى المربع الأول قبل أكثر من عام ونصف عندما تأزمت العلاقة مع الحكومة الإسرائيلية نتيجة إصراره على استمرار الاستيطان وسياسات التهويد ورفض الإفراج عن الأسرى القدامى ما قبل توقيع اتفاق أوسلو عام 1993. وتوقع المحللون أن يزيد نتنياهو من سياساته التصعيدية تجاه الشعب الفلسطيني وعدم ذهابه إلى مفاوضات حقيقية مع السلطة الفلسطينية واستمراره في تهويد القدس وتكثيف الاستيطان في الضفة. وقال المحلل السياسي توفيق أبو شومر إن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستقضى بشكل نهائي على ما تبقي من اتفاق أوسلو لبدء مشروع قديم طرحه اليمين المتطرف في السبعينيات من القرن الماضي يستند لشعارات "لا لأي كيان فلسطيني" وليس مجرد دولة ،"لا لأي تفاوض حول القدس عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة" ،بالإضافة إلى أن "الاستيطان فريضة دينية لا يجب التفريط بها". وأضاف أن هذه المبادئ يحملها الآن نتنياهو ومعه باقي أحزاب اليمين المتطرف الذي أخذ فرصته الكبرى في انتخابات الكنيست الأخيرة لوضعها موضع التنفيذ الفعلي، محذرا من حدوث كارثة حال إتمام هذه الخطه. وأظهرت نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في ال17 من مارس، حصول أحزاب اليمين المتطرف على 67 مقعدا في الكنيست الجديد من أصل 120 مقعدا بحسب لجنة الانتخابات. ويرى أبو شومر أن الحكومة التي سيشكلها نتنياهو ستركز على تنفيذ مخططين أساسيين، الأول فصل قطاع غزة عن الضفة، والثاني "يهودية الدولة" من خلال السعي لمبادلة المناطق العربية ذات الكثافة السكانية في الأراضي المحتلة عام 48 مع الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة. ويطرح اليمين الإسرائيلي فكرة ضم مناطق ذات كثافة سكانية عربية عالية في شمال إسرائيل خاصة في منطقتي المثلث ووادي عارة إلى الدولة الفلسطينية المنتظرة مقابل ضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة لإسرائيل في أي حل مستقبلي، تضم منطقة المثلث ووادي عارة نحو 300 ألف عربي فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية، وتقع ضمن ما يطلق عليه الفلسطينيون أراضي عام 1948. واستحوذ قطاع غزة على نصيب الأسد من الدعاية لدى الأحزاب الإسرائيلية التي تعتبر غزة "البقرة الحلوب" القادرة على جلب أكبر عدد ممكن من أصوات الناخبين، وقبيل الانتخابات توعد قادة اليمين واليسار على حد سواء القطاع بحرب جديدة، إلا أن المراقبين للشأن الفلسطيني يتوقعون أن نتنياهو سيسعى خلال فترة ولايته الرابعة للتخلص من "صداع غزة" وتجنب خوض أي حرب جديدة معها، وقد يقود مبادرة بدعم دولي لتثبيت هدنة طويلة الأمد مع حركة حماس في محاولة لفصله عن الضفة. وكشف موقع "واللا" الإخباري العبري مؤخرا عن أنه حصل على وثائق من جهات دبلوماسية غربية تبين أن حركة "حماس" عرضت هدنة لمدة 5 سنوات مع إسرائيل، مقابل رفع الحصار المفروض على غزة بما يشمل فتح كافة المعابر وإدخال كافة المواد والبضائع اللازمة للقطاع والسماح بإنشاء الميناء والمطار في القطاع. وردت حماس على ما ذكره الموقع الإسرائيلي، بقولها إن "أطرافا دولية، لم تسمها، هي التي قدمت مقترحا لها بشأن اتفاق هدنة مع إسرائيل". ويرى أبو شومر أن مواصلة اليمين برئاسة نتنياهو الاحتفاظ بالحكم سيقلص هامش المناورة أمام قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله.مشيرا إلى أن التدخل الأمريكي لاستئناف المفاوضات مجددا سيتوقف على طريقة تشكيل الحكومة الإسرائيلية، مقللا من تهديدات السلطة بالانضمام إلى المزيد من المعاهدات والمواثيق والمؤسسات الدولية ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال قائلا:"هذه التهديدات مرهونة بالراعي الأمريكي ومدى قدرتها على تحمل ضغوطاته". وتعليقا على نتائج الانتخابات الإسرائيلية،قالت السلطة الفلسطينية إنها ستتعامل مع أي حكومة قادمة تلتزم بحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية بغض النظر عن رئيسه.