4 ديسمبر 2025.. الدولار يستقر في بداية تعاملات البنوك المحلية عند 47.63 جنيه للبيع    اسعار المكرونه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى محال المنيا    وزير الكهرباء يبحث مع «أميا باور» الإماراتية التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة    وزير التنمية المحلية: تنفيذ 57 حملة تفتيش ميدانية على 9 محافظات    تخصيص قطع أراضي لإنشاء وتوفيق أوضاع 3 مدارس    قادة البنتاجون يبررون للكونجرس أسباب الضربة المزدوجة في الكاريبي    المعرض الدولى الرابع للصناعات الدفاعية ( إيديكس - 2025 ) يواصل إستمرار فعالياته وإستقبال الزائرين    تركيا تدرس الاستثمار في حقول الغاز الأمريكية بعد سلسلة صفقات استيراد الغاز المسال    أجواء أوروبية تضرب مصر.. درجات الحرارة اليوم وأبرد المناطق على مدار اليوم    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    "القومي للمرأة" ينظم لقاءً بعنوان "قوتي في مشروعي.. لمناهضة العنف"    وزير الزراعة يدلي بصوته في جولة إعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل    بوتين: محاولات الضغط الاقتصادى على الدول ذات السيادة تسبب مشاكل لأصحابها أنفسهم    وفد من مجلس الأمن يصل سوريا في أول زيارة من نوعها    يوم كروي ساخن.. مواجهات حاسمة في كأس العرب وختام مثير للجولة 14 بالدوري الإنجليزي    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    مصر تقيم احتفالية كبرى لوزراء البيئة وممثلي 21 دولة من حوض البحر المتوسط    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا بمحيط لجان انتخابية فى جرجا    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    اختفاء يتحوّل إلى مأساة فى أسيوط.. تفاصيل العثور على جثتين من أسرة واحدة    السيطرة على حريق مخزن فى حدائق الأهرام    طرح برومو ملوك أفريقيا استعدادًا لعرضه على الوثائقية الأربعاء المقبل    تحقيقات عاجلة بعد اعتداء على ممرضة في مستشفى الفيوم العام    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    سعر الذهب يتراجع 10جنيهات اليوم الخميس 4 ديسمبر.. وعيار 21 يسجل هذا الرقم    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    بيراميدز يخسر جهود زلاكة أمام بتروجت    استمرار الغلق الكلي لمحور 3 يوليو.. تعرف على البدائل    «الأعلى للأمناء»: منهج البرمجة والذكاء الاصطناعي يجهز جيل المستقبل    مانشستر يونايتد يستقبل وست هام في مباراة خارج التوقعات بالبريميرليج    فيدرا تدعم منى زكي بعد الانتقادات بسبب فيلم الست: ممثلة تقيلة وموهبتها تكبر مع كل دور    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    الإدارية العليا تتلقى 159 طعنا على نتائج المرحلة الثانية لانتخابات النواب    استشهاد 5 فلسطينيين وإصابة 32 آخرين في عدوان الاحتلال على خان يونس    في أول ظهور له.. رئيس سموحة الجديد يكشف خطته لإعادة هيكلة النادي وحل أزمات الديون والكرة    بوتين يعلن معارضته لبعض نقاط الخطة الأمريكية للحرب في أوكرانيا    محافظ الدقهلية ينعى الحاجة سبيلة صاحبة التبرع بثروتها لصندوق تحيا مصر    فيديو.. متحدث الوزراء: عملية تطوير القاهرة التاريخية شاملة ونراعي فيها المعايير العالمية    وزير العمل يستقبل مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة لبحث تفعيل التعاون في الملفات المشتركة    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    حبس شبكة تستغل الأطفال في التسول بالقاهرة    كتيب عن المتحف المصرى الكبير.. طالب يلخص الحكاية فى 12 صفحة.. صور    المنيا.. حين تعود عاصمة الثقافة إلى مسرحها الأول    تعليم البحيرة تصدر تعليمات مشددة للتعامل مع الحالات المرضية المشتبه بها داخل المدارس    عبد الحميد معالي يهدد بفسخ تعاقده مع الزمالك    بعد إلغائه لغياب تقنية الVAR.. البدري ومصطفي في مواجهة حاسمة الليلة بنهائي كأس ليبيا على ستاد القاهرة    لو عندى نزلة برد أعمل إيه؟.. الصحة توضح خطوات التعامل والوقاية    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    أحمد حمدي يكتب: هيبة المعلم    جمال شعبان يُحذر: ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيسي للفشل الكلوي في مصر!| فيديو    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة وقلم
ضبط »البوصلة« .. وعقبات علي طريق وعرة
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 08 - 02 - 2015

من يعرقل ملف الإفراج عن الشباب ومن يفتح الباب لعودة كهنة التوريث هم الذين يضغطون علي كوابح العربة .. وهم أول من يجب أن يتخفف منهم قائدها
لسنا في قطار يسير علي خط حديدي مرسوم، من محطة نعلمها إلي مقصد نريده، يسترشد في رحلته بإشارات أضواء، يبطئ ويتوقف ويتحرك علي هداها. ركابه يجلسون في سكينة، تعزلهم أبواب موصدة ونوافذ مغلقة، عن لهيب حر، أو صقيع برد، أو رياح عواصف، أو قطرات مطر، يسلمون آذانهم إلي صوت تتابع القضبان الرتيب، ومنه يحسبون سرعة القطار، فيعرفون موعد الوصول.نحن في عربة مكتظة، تتقافز علي طريق زلقة، في ضباب الليل، تحت سماء ترعد وتبرق، لا تنير دربا ولا تبدد ظلمة.السائق يعرف وجهته، ماهر في تفادي العوائق، وتجاوز مطبات الطريق. يعبر في رباطة جأش منحنيات وعرة، وما أكثرها، ليعصم العربة وركابها من اصطدام بسفح جبل، أو سقوط من حالق.لكن مهارة السائق لا تكفي، إذا كان المحرك عليلاً والوقود شحيحاً، وإذا كان الركاب منهم من يصرخ عند كل منحني خوفاً عليه وعلي أنفسهم، فيزيدونه قلقاً علي قلق، ومنهم من يشكك في مسار العربة، عساه يستدير إلي حيث يتمنون ولا ينشد هو ولا باقي الركاب، ومنهم من يتحين فرصة لانتزاع المقود، حتي لو كان الثمن اصطداما مروعا، أو ارتطاما بقاع جرف، وغالبيتهم تجلس علي مقاعدها تستحث السائق علي مزيد من السرعة واختصار الرحلة، وتسائله عن أجواء غير مواتية، وطريق غير معبدة وعوائق لا يد له فيها.السائق ماهر، لكن لا بأس من أن يختلس النظر بين حين وآخر إلي عدادات العربة ليطمئن إلي مؤشراتها.والسائق عارف بوجهته، لكن لا ضير من أن يطالع بين حين وآخر بوصلته حتي لا يحيد عن الطريق، ويعيد ضبطها إذا هي حادت عن المقصد، ويريها لرفاق رحلته كي تطمئن قلوبهم إلي سلامة الاتجاه.السائق يريد الوصول بالعربة وركابها، لكن بلوغ الهدف عسير دون تحلل أو تخفف ممن يضغطون علي المكابح، ودون تصد أو مجابهة لمن يرغبون في اختطاف وجهة العربة، أو يسعون لخرابها علي من فيها.■ ■ ■.. أتحدث عن عقبات علي طريق وعرة، وعن بوصلة وسلامة اتجاه..وهذا رأيي..لا يستقيم ونحن نخوض حرباً ضروساً مع الإرهاب في سيناء وفي الوادي أن نقوض المجهود الحربي باشارات من قبيل اقرارات توبة تستكتبها أجهزة أمن لعناصر من الصفوف الثانية والثالثة والرابعة لجماعة الإخوان في محابسهم، وكأن تلك الاقرارات صدرت عن غير غطاء »تقية»‬، أو كأنها ستشق صف الجماعة الإرهابية!الحق انها فتحت باب الأمل للقواعد الإخوانية، في اعادة تنظيم صفوفها بعد خروج هذه الكوادر، والتهيؤ لهجوم مضاد نحو استعادة السلطة تدريجيا، بدءا بالمجالس المحلية، ثم النقابات، ثم انتخابات مجلس النواب بعد القادمة، أي في غضون فترة ما بين 4 إلي 5 سنوات!الخطير أنها أعطت انطباعاً لدي تنظيمات الإرهاب المسلح أن السلطة في حالة انهاك وانها بعد الاقرارات ستدخل إلي بوابة التفاوض، ومن ثم فالضغط عليها بالعمليات الإرهابية المنظمة والعشوائية، والتظاهرات المتفرقة، سيزيد من ليونتها وسيدفع عموم الجماهير إلي الإحباط.النصر في الحرب علي الإرهاب لن يتحقق إلا بكسر إرادة العدو، وهو هنا جماعة الإخوان التي تدعو في مواقعها إلي الجهاد المسلح، فلا اتصال ولا تفاوض ولا مساومة ولو بغرض الخديعة، والطريق إلي كسر الإرادة يمر عبر تشديد القبضة الأمنية لتجفيف منابع تمويلها، والقبض علي مموليها، وتفكيك الهيكل العظمي لقيادتها البديلة، وإغلاق أي نافذة بين قادتها المحبوسين وأعوانهم خارج القفص، حتي لا تقوم لها قائمة.حسم المعركة علي الإرهاب، يبدأ بعدالة ناجزة، وأحكام رادعة، وقضاء غير مسرف ولا مبطئ، وتنفيذ فوري غير متردد علي أولئك الذين كادوا يحرقون البلد ليحكموه علي خرائبه هذا ما ننتظره من قضائنا، مثلما ننتظر من أزهرنا فتوي بعصيان جماعة الإخوان وتكفير التكفيريين.■ ■ ■أعرف قوة الجيش المصري، أعرف أنها فوق ما تتصورون، أتوقع انه سيزف لنا بأقرب مما نظن بشارات بانتصارات مؤثرة تختصر زمن حرب نحسبها طويلة. الرئيس قال إننا نعرف من عاونوا الإرهابيين في تفجيرات العريش التي راح ضحيتها العشرات ما بين شهيد وجريح.. قال إننا نعرفهم ونراهم ولن نتركهم.لابد إذن أن »‬تتمطع» مصر لتطال بذراعها العسكري الأمني أولئك الأعداء، حتي لو كانوا خارج حدودها، فالذين سفكوا دماء خير أجناد الأرض، أو عاونوا علي إراقتها، لابد أن يذوقوا العذاب حيثما كانوا أضعافا مضاعفة.■ ■ ■اليوم يفتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية.. ورغم اعتقادي بأهمية إنجاز الخطوة الثالثة والأخيرة في خارطة المستقبل، علي الصعيدين الخارجي والاقتصادي، أجدني غير مرتاح لتوقيتها، ولا متفائل بنتائجها في ظل اتفاق الكتل والأحزاب السياسية علي ألا تأتلف!ومع اجتماعات الاختلافات بين الأحزاب وتكالب القوي السياسية علي كعكة غير ذات مذاق ولا شبع، لا يعقل أن تترك عناصر جماعة الإخوان لتخوض انتخابات مجلس النواب، ويقال لنا: إن الحكم لإرادة الشعب!.. فكيف لك أن تحارب بالنهار المخربين والقتلة، ثم تجلس معهم بالليل لتلعب بأوراق السياسة؟!هناك حكم قضائي وقرار حكومي باعتبار »‬الإخوان» جماعة إرهابية، فهل يسمح للإرهابيين بأن ينوبوا عن الأمة؟!بنفس المنطق.. كيف يترك الذين طغوا وأفسدوا واشتروا السلطة بالمال، وأهانوا الشعب وزوروا إرادته في الانتخابات، وثارت عليهم الجماهير، ليخوضوا أول انتخابات في عهد أول رئيس وطني منتخب، وكأن ثورة لم تقم؟!إن الذين يتحدثون عن ترك أمر انتخاب هؤلاء لإرادة الجماهير، إنما يتناسون انهم تلاعبوا بقيد الناخبين في جداول دوائرهم، ويهينون إرادة الجماهير العارمة التي ثارت علي إفسادهم الحياة السياسية في مصر في العقد الأول من هذا القرن، بل يسيئون إلي الرجل الذي تنبأ بزوال »‬النظام البليد» قبل رحيله بشهور، بسبب سدنة التوريث، وعرّابي زواج المال بالسلطة، ومزوري إرادة الناخبين.■ ■ ■الأمة التي تخاصم شبابها وإن جنح، تخصم من رصيد مستقبلها، ولقد سألت الرئيس عن الشباب المحبوس غير الإخواني ممن لم يسفك دماً ولم يحمل سلاحاً، فأجاب بأنه كلف وزير الداخلية بإعداد قوائم بأسمائهم للإفراج عن الأبرياء أو الذين لم يقترفوا جرائم جسيمة، حزمة واحدة.ونتيجة تباطؤ المعنيين بحصر الأسماء ووضع القوائم، لم يتم الإفراج عن هؤلاء قبل حلول ذكري ثورة 25 يناير، كما كان يرجو الرئيس، إنما خرج جمال مبارك - بحكم قضائي- رغم أنه متهم في نظر جموع الشعب -ومنهم يقينا الرئيس السيسي- بمحاولة قلب النظام الجمهوري ووراثة حكم البلاد.ليس هذا هو اتجاه بوصلة الحكم.. أن يخرج الوريث في عيد الثورة علي التوريث، ومن قبله ساعده الأيمن أحمد عز الذي يتهيأ ليعود إلي مقعده في البرلمان، ويبقي في الحبس شباب فجروا ثورة 25 يناير وإن جنح بعضهم في حماسه، أو ارتكب بعضهم خطايا في حماقة، أو يظل في السجن شباب محكوم عليهم في قضايا محاولة قلب نظام حكم الإخوان!من يعرقل ملف الإفراج عن الشباب، ومن يفتح الباب لعودة كهنة التوريث، هم الذين يضغطون علي كوابح العربة، وهم في صدارة من يجب أن يتخفف منهم قائدها!■ ■ ■الذين يسرفون في الآمال المتوقعة من انعقاد قمة دعم وتنمية الاقتصاد المصري في مارس المقبل بشرم الشيخ، ويرفعون من سقف توقعات الجماهير علي غير أساس أو فطنة مثلهم مثل الذين يهونون من اجراءات المرحلة الثانية لإصلاح دعم الكهرباء والوقود في يوليو الماضي، ويستهينون بتبعاتها الاجتماعية علي غير دراية أو حكمة.لا المؤتمر الاقتصادي سيمطر »‬منا وسلوي» وقناطير مقنطرة من مليارات الدولارات، ولا تخفيض دعم الكهرباء والوقود في هذه الظروف سيصلح الاقتصاد وسيمر كالسكين في قالب زبد.مؤتمر شرم الشيخ الذي نتمناه ناجحاً ونسعي لأن يكون حاشداً وآمناً، هو خطوة لجذب استثمارات في مشروعات، تتلوها خطوات علي طريق الإصلاح المؤسسي، والبناء علي ما جري إنجازه، وهو فرصة لتقديم صورة مصر الجديدة وعرض مشروعاتها العملاقة والكبري والبيئة الجاذبة للاستثمار وعائداته المربحة للمستثمر الأجنبي والعربي والمصري بالطبع.أما الشريحة الثانية لإجراءات إصلاح دعم الطاقة، فإنني أستغرب من حرص مسئولين بالحكومة علي الحديث عنها دون مقتضي أو لزوم، وكأنهم يقلبون الناس علي الرئيس، برغم أن توقيت اتخاذها قد يرجأ، وأن الحصيلة المنتظرة منها (20 مليار جنيه) ليس من المستحيل تدبيرها من موارد أخري دون الضغط في هذه الظروف علي أحوال الناس وزيادة معاناتهم، والسحب من رصيد الرجل في قلوب أبناء الطبقة المتوسطة ودون المتوسطة.■ ■ ■القطاع الخاص هو الذي يتحمل العبء الأكبر في الاستثمار بالبلاد، ومن ثم فإن تهيئة المناخ الملائم لتشجيع رجال الصناعة والإنتاج علي التوسع في مشروعاتهم وإقامة مشروعات جديدة هو واجب علي أجهزة الدولة لزيادة الناتج المحلي وتوفير فرص عمل للشباب تمتص البطالة وتحد من معدلاتها.لكن الخط الفاصل بين هؤلاء وبين الذين استحلوا المال العام في عصر زواج الثروة بالسلطة، والذين حصلوا علي الأرض الزراعية وحولوها إلي منتجعات سياحية دون أن يسددوا حق الدولة، يجب أن يكون واضحا ومرئيا فلا يحسب هؤلاء علي أولئك، ولا أولئك علي هؤلاء.أعرف أن هناك قوائم أعدت، وملفات اتخمت أوراقها، لكن إجراءات استعادة حق الشعب ما زالت تراوح مكانها. ألم يحن الوقت بعد للمساءلة وفتح الملفات؟!ان جموع الفقراء والبسطاء الذين يبلعون الزلط آملين في أن تتحسن أحوال بلادهم ومعها أحوالهم، ينتظرون حسابا علي فساد، واستعادة لأموال الشعب، بعدما خاب أملهم في استجابة رجال الأعمال - عدا قلة معدودة - لصندوق »‬تحيا مصر»، ويتوقعون أن بعضا مما يمكن تحصيله من حق الدولة في أراضيها، إذا ذهب مباشرة في مبادرات لتمويل مشروعات لهم متناهية الصغر، أو مد مظلات الرعاية الاجتماعية، سوف يحقق طفرة في معيشتهم.هؤلاء هم الجمهور الحقيقي للرئيس السيسي، الرجل الذي ظلوا ينتظرون قدومه ليحنو عليهم - كما قال - ويرفق بهم.■ ■ ■يعرف الركاب في معظمهم أن قائد العربة يقظ، وماهر وأمين عليهم في رحلتهم. يعرفون أن بعد ليل المسيرة فجرا، وأن قائدهم يعلم وجهته. لكن لا مانع من أن يراجع بوصلته بين حين وآخر، ليطمئن إلي سلامة الاتجاه.
من يعرقل ملف الإفراج عن الشباب ومن يفتح الباب لعودة كهنة التوريث هم الذين يضغطون علي كوابح العربة .. وهم أول من يجب أن يتخفف منهم قائدها
لسنا في قطار يسير علي خط حديدي مرسوم، من محطة نعلمها إلي مقصد نريده، يسترشد في رحلته بإشارات أضواء، يبطئ ويتوقف ويتحرك علي هداها. ركابه يجلسون في سكينة، تعزلهم أبواب موصدة ونوافذ مغلقة، عن لهيب حر، أو صقيع برد، أو رياح عواصف، أو قطرات مطر، يسلمون آذانهم إلي صوت تتابع القضبان الرتيب، ومنه يحسبون سرعة القطار، فيعرفون موعد الوصول.نحن في عربة مكتظة، تتقافز علي طريق زلقة، في ضباب الليل، تحت سماء ترعد وتبرق، لا تنير دربا ولا تبدد ظلمة.السائق يعرف وجهته، ماهر في تفادي العوائق، وتجاوز مطبات الطريق. يعبر في رباطة جأش منحنيات وعرة، وما أكثرها، ليعصم العربة وركابها من اصطدام بسفح جبل، أو سقوط من حالق.لكن مهارة السائق لا تكفي، إذا كان المحرك عليلاً والوقود شحيحاً، وإذا كان الركاب منهم من يصرخ عند كل منحني خوفاً عليه وعلي أنفسهم، فيزيدونه قلقاً علي قلق، ومنهم من يشكك في مسار العربة، عساه يستدير إلي حيث يتمنون ولا ينشد هو ولا باقي الركاب، ومنهم من يتحين فرصة لانتزاع المقود، حتي لو كان الثمن اصطداما مروعا، أو ارتطاما بقاع جرف، وغالبيتهم تجلس علي مقاعدها تستحث السائق علي مزيد من السرعة واختصار الرحلة، وتسائله عن أجواء غير مواتية، وطريق غير معبدة وعوائق لا يد له فيها.السائق ماهر، لكن لا بأس من أن يختلس النظر بين حين وآخر إلي عدادات العربة ليطمئن إلي مؤشراتها.والسائق عارف بوجهته، لكن لا ضير من أن يطالع بين حين وآخر بوصلته حتي لا يحيد عن الطريق، ويعيد ضبطها إذا هي حادت عن المقصد، ويريها لرفاق رحلته كي تطمئن قلوبهم إلي سلامة الاتجاه.السائق يريد الوصول بالعربة وركابها، لكن بلوغ الهدف عسير دون تحلل أو تخفف ممن يضغطون علي المكابح، ودون تصد أو مجابهة لمن يرغبون في اختطاف وجهة العربة، أو يسعون لخرابها علي من فيها.■ ■ ■.. أتحدث عن عقبات علي طريق وعرة، وعن بوصلة وسلامة اتجاه..وهذا رأيي..لا يستقيم ونحن نخوض حرباً ضروساً مع الإرهاب في سيناء وفي الوادي أن نقوض المجهود الحربي باشارات من قبيل اقرارات توبة تستكتبها أجهزة أمن لعناصر من الصفوف الثانية والثالثة والرابعة لجماعة الإخوان في محابسهم، وكأن تلك الاقرارات صدرت عن غير غطاء »تقية»‬، أو كأنها ستشق صف الجماعة الإرهابية!الحق انها فتحت باب الأمل للقواعد الإخوانية، في اعادة تنظيم صفوفها بعد خروج هذه الكوادر، والتهيؤ لهجوم مضاد نحو استعادة السلطة تدريجيا، بدءا بالمجالس المحلية، ثم النقابات، ثم انتخابات مجلس النواب بعد القادمة، أي في غضون فترة ما بين 4 إلي 5 سنوات!الخطير أنها أعطت انطباعاً لدي تنظيمات الإرهاب المسلح أن السلطة في حالة انهاك وانها بعد الاقرارات ستدخل إلي بوابة التفاوض، ومن ثم فالضغط عليها بالعمليات الإرهابية المنظمة والعشوائية، والتظاهرات المتفرقة، سيزيد من ليونتها وسيدفع عموم الجماهير إلي الإحباط.النصر في الحرب علي الإرهاب لن يتحقق إلا بكسر إرادة العدو، وهو هنا جماعة الإخوان التي تدعو في مواقعها إلي الجهاد المسلح، فلا اتصال ولا تفاوض ولا مساومة ولو بغرض الخديعة، والطريق إلي كسر الإرادة يمر عبر تشديد القبضة الأمنية لتجفيف منابع تمويلها، والقبض علي مموليها، وتفكيك الهيكل العظمي لقيادتها البديلة، وإغلاق أي نافذة بين قادتها المحبوسين وأعوانهم خارج القفص، حتي لا تقوم لها قائمة.حسم المعركة علي الإرهاب، يبدأ بعدالة ناجزة، وأحكام رادعة، وقضاء غير مسرف ولا مبطئ، وتنفيذ فوري غير متردد علي أولئك الذين كادوا يحرقون البلد ليحكموه علي خرائبه هذا ما ننتظره من قضائنا، مثلما ننتظر من أزهرنا فتوي بعصيان جماعة الإخوان وتكفير التكفيريين.■ ■ ■أعرف قوة الجيش المصري، أعرف أنها فوق ما تتصورون، أتوقع انه سيزف لنا بأقرب مما نظن بشارات بانتصارات مؤثرة تختصر زمن حرب نحسبها طويلة. الرئيس قال إننا نعرف من عاونوا الإرهابيين في تفجيرات العريش التي راح ضحيتها العشرات ما بين شهيد وجريح.. قال إننا نعرفهم ونراهم ولن نتركهم.لابد إذن أن »‬تتمطع» مصر لتطال بذراعها العسكري الأمني أولئك الأعداء، حتي لو كانوا خارج حدودها، فالذين سفكوا دماء خير أجناد الأرض، أو عاونوا علي إراقتها، لابد أن يذوقوا العذاب حيثما كانوا أضعافا مضاعفة.■ ■ ■اليوم يفتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية.. ورغم اعتقادي بأهمية إنجاز الخطوة الثالثة والأخيرة في خارطة المستقبل، علي الصعيدين الخارجي والاقتصادي، أجدني غير مرتاح لتوقيتها، ولا متفائل بنتائجها في ظل اتفاق الكتل والأحزاب السياسية علي ألا تأتلف!ومع اجتماعات الاختلافات بين الأحزاب وتكالب القوي السياسية علي كعكة غير ذات مذاق ولا شبع، لا يعقل أن تترك عناصر جماعة الإخوان لتخوض انتخابات مجلس النواب، ويقال لنا: إن الحكم لإرادة الشعب!.. فكيف لك أن تحارب بالنهار المخربين والقتلة، ثم تجلس معهم بالليل لتلعب بأوراق السياسة؟!هناك حكم قضائي وقرار حكومي باعتبار »‬الإخوان» جماعة إرهابية، فهل يسمح للإرهابيين بأن ينوبوا عن الأمة؟!بنفس المنطق.. كيف يترك الذين طغوا وأفسدوا واشتروا السلطة بالمال، وأهانوا الشعب وزوروا إرادته في الانتخابات، وثارت عليهم الجماهير، ليخوضوا أول انتخابات في عهد أول رئيس وطني منتخب، وكأن ثورة لم تقم؟!إن الذين يتحدثون عن ترك أمر انتخاب هؤلاء لإرادة الجماهير، إنما يتناسون انهم تلاعبوا بقيد الناخبين في جداول دوائرهم، ويهينون إرادة الجماهير العارمة التي ثارت علي إفسادهم الحياة السياسية في مصر في العقد الأول من هذا القرن، بل يسيئون إلي الرجل الذي تنبأ بزوال »‬النظام البليد» قبل رحيله بشهور، بسبب سدنة التوريث، وعرّابي زواج المال بالسلطة، ومزوري إرادة الناخبين.■ ■ ■الأمة التي تخاصم شبابها وإن جنح، تخصم من رصيد مستقبلها، ولقد سألت الرئيس عن الشباب المحبوس غير الإخواني ممن لم يسفك دماً ولم يحمل سلاحاً، فأجاب بأنه كلف وزير الداخلية بإعداد قوائم بأسمائهم للإفراج عن الأبرياء أو الذين لم يقترفوا جرائم جسيمة، حزمة واحدة.ونتيجة تباطؤ المعنيين بحصر الأسماء ووضع القوائم، لم يتم الإفراج عن هؤلاء قبل حلول ذكري ثورة 25 يناير، كما كان يرجو الرئيس، إنما خرج جمال مبارك - بحكم قضائي- رغم أنه متهم في نظر جموع الشعب -ومنهم يقينا الرئيس السيسي- بمحاولة قلب النظام الجمهوري ووراثة حكم البلاد.ليس هذا هو اتجاه بوصلة الحكم.. أن يخرج الوريث في عيد الثورة علي التوريث، ومن قبله ساعده الأيمن أحمد عز الذي يتهيأ ليعود إلي مقعده في البرلمان، ويبقي في الحبس شباب فجروا ثورة 25 يناير وإن جنح بعضهم في حماسه، أو ارتكب بعضهم خطايا في حماقة، أو يظل في السجن شباب محكوم عليهم في قضايا محاولة قلب نظام حكم الإخوان!من يعرقل ملف الإفراج عن الشباب، ومن يفتح الباب لعودة كهنة التوريث، هم الذين يضغطون علي كوابح العربة، وهم في صدارة من يجب أن يتخفف منهم قائدها!■ ■ ■الذين يسرفون في الآمال المتوقعة من انعقاد قمة دعم وتنمية الاقتصاد المصري في مارس المقبل بشرم الشيخ، ويرفعون من سقف توقعات الجماهير علي غير أساس أو فطنة مثلهم مثل الذين يهونون من اجراءات المرحلة الثانية لإصلاح دعم الكهرباء والوقود في يوليو الماضي، ويستهينون بتبعاتها الاجتماعية علي غير دراية أو حكمة.لا المؤتمر الاقتصادي سيمطر »‬منا وسلوي» وقناطير مقنطرة من مليارات الدولارات، ولا تخفيض دعم الكهرباء والوقود في هذه الظروف سيصلح الاقتصاد وسيمر كالسكين في قالب زبد.مؤتمر شرم الشيخ الذي نتمناه ناجحاً ونسعي لأن يكون حاشداً وآمناً، هو خطوة لجذب استثمارات في مشروعات، تتلوها خطوات علي طريق الإصلاح المؤسسي، والبناء علي ما جري إنجازه، وهو فرصة لتقديم صورة مصر الجديدة وعرض مشروعاتها العملاقة والكبري والبيئة الجاذبة للاستثمار وعائداته المربحة للمستثمر الأجنبي والعربي والمصري بالطبع.أما الشريحة الثانية لإجراءات إصلاح دعم الطاقة، فإنني أستغرب من حرص مسئولين بالحكومة علي الحديث عنها دون مقتضي أو لزوم، وكأنهم يقلبون الناس علي الرئيس، برغم أن توقيت اتخاذها قد يرجأ، وأن الحصيلة المنتظرة منها (20 مليار جنيه) ليس من المستحيل تدبيرها من موارد أخري دون الضغط في هذه الظروف علي أحوال الناس وزيادة معاناتهم، والسحب من رصيد الرجل في قلوب أبناء الطبقة المتوسطة ودون المتوسطة.■ ■ ■القطاع الخاص هو الذي يتحمل العبء الأكبر في الاستثمار بالبلاد، ومن ثم فإن تهيئة المناخ الملائم لتشجيع رجال الصناعة والإنتاج علي التوسع في مشروعاتهم وإقامة مشروعات جديدة هو واجب علي أجهزة الدولة لزيادة الناتج المحلي وتوفير فرص عمل للشباب تمتص البطالة وتحد من معدلاتها.لكن الخط الفاصل بين هؤلاء وبين الذين استحلوا المال العام في عصر زواج الثروة بالسلطة، والذين حصلوا علي الأرض الزراعية وحولوها إلي منتجعات سياحية دون أن يسددوا حق الدولة، يجب أن يكون واضحا ومرئيا فلا يحسب هؤلاء علي أولئك، ولا أولئك علي هؤلاء.أعرف أن هناك قوائم أعدت، وملفات اتخمت أوراقها، لكن إجراءات استعادة حق الشعب ما زالت تراوح مكانها. ألم يحن الوقت بعد للمساءلة وفتح الملفات؟!ان جموع الفقراء والبسطاء الذين يبلعون الزلط آملين في أن تتحسن أحوال بلادهم ومعها أحوالهم، ينتظرون حسابا علي فساد، واستعادة لأموال الشعب، بعدما خاب أملهم في استجابة رجال الأعمال - عدا قلة معدودة - لصندوق »‬تحيا مصر»، ويتوقعون أن بعضا مما يمكن تحصيله من حق الدولة في أراضيها، إذا ذهب مباشرة في مبادرات لتمويل مشروعات لهم متناهية الصغر، أو مد مظلات الرعاية الاجتماعية، سوف يحقق طفرة في معيشتهم.هؤلاء هم الجمهور الحقيقي للرئيس السيسي، الرجل الذي ظلوا ينتظرون قدومه ليحنو عليهم - كما قال - ويرفق بهم.■ ■ ■يعرف الركاب في معظمهم أن قائد العربة يقظ، وماهر وأمين عليهم في رحلتهم. يعرفون أن بعد ليل المسيرة فجرا، وأن قائدهم يعلم وجهته. لكن لا مانع من أن يراجع بوصلته بين حين وآخر، ليطمئن إلي سلامة الاتجاه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.