ضبط ‬‮«‬البوصلة‮»‬.. ‬وعقبات ‬على ‬طريق ‬وعرة

لسنا ‬فى ‬قطار ‬حديدى ‬يسير ‬على ‬خط ‬حديدى ‬مرسوم، ‬من ‬محطة ‬نعلمها ‬إلى ‬مقصد ‬نريده، ‬يسترشد ‬فى ‬رحلته ‬باشارات ‬أضواء، ‬يبطئ ‬ويتوقف ‬ويتحرك ‬على ‬هداها. ‬ركابه ‬يجلسون ‬فى ‬سكينة، ‬تعزلهم ‬أبواب ‬موصدة ‬ونوافذ ‬مغلقة، ‬عن ‬لهيب ‬حر، ‬أو ‬صقيع ‬برد، ‬أو ‬رياح ‬عواصف، ‬أو ‬قطرات ‬مطر، ‬يسلمون ‬آذانهم ‬إلى ‬صوت ‬تتابع ‬القضبان ‬الرتيب، ‬ومنه ‬يحسبون ‬سرعة ‬القطار، ‬فيعرفون ‬موعد ‬الوصول.‬
نحن ‬فى ‬عربة ‬مكتظة، ‬تتقافز ‬على ‬طريق ‬زلقة، ‬فى ‬ضباب ‬الليل، ‬تحت ‬سماء ‬ترعد ‬وتبرق، ‬لا ‬تنير ‬دربا ‬ولا ‬تبدد ‬ظلمة.‬
السائق ‬يعرف ‬وجهته، ‬ماهر ‬فى ‬تفادى ‬العوائق، ‬وتجاوز ‬مطبات ‬الطريق. ‬يعبر ‬فى ‬رباطة ‬جأش ‬منحنيات ‬وعرة، ‬وما ‬أكثرها، ‬ليعصم ‬العربة ‬وركابها ‬من ‬اصطدام ‬بسفح ‬جبل، ‬أو ‬سقوط ‬من ‬حالق.‬
لكن ‬مهارة ‬السائق ‬لا ‬تكفي، ‬إذا ‬كان ‬المحرك ‬عليلاً ‬والوقود ‬شحيحاً، ‬وإذا ‬كان ‬الركاب ‬منهم ‬من ‬يصرخ ‬عند ‬كل ‬منحنى ‬خوفاً ‬عليه ‬وعلى ‬أنفسهم، ‬فيزيدونه ‬قلقاً ‬على ‬قلق، ‬ومنهم ‬من ‬يشكك ‬فى ‬مسار ‬العربة، ‬عساه ‬يستدير ‬إلى ‬حيث ‬يتمنون ‬ولا ‬ينشد ‬هو ‬ولا ‬باقى ‬الركاب، ‬ومنهم ‬من ‬يتحين ‬فرصة ‬لانتزاع ‬المقود، ‬حتى ‬لو ‬كان ‬الثمن ‬اصطداما ‬مروعا، ‬أو ‬ارتطاما ‬بقاع ‬جرف، ‬وغالبيتهم ‬تجلس ‬على ‬مقاعدها ‬تستحث ‬السائق ‬على ‬مزيد ‬من ‬السرعة ‬واختصار ‬الرحلة، ‬وتسائله ‬عن ‬أجواء ‬غير ‬مواتية، ‬وطريق ‬غير ‬معبدة ‬وعوائق ‬لا ‬يد ‬له ‬فيها.‬
السائق ‬ماهر، ‬لكن ‬لا ‬بأس ‬من ‬أن ‬يختلس ‬النظر ‬بين ‬حين ‬وآخر ‬إلى ‬عدادات ‬العربة ‬ليطمئن ‬إلى ‬مؤشراتها.‬
والسائق ‬عارف ‬بوجهته، ‬لكن ‬لا ‬ضير ‬من ‬أن ‬يطالع ‬بين ‬حين ‬وآخر ‬بوصلته ‬حتى ‬لا ‬يحيد ‬عن ‬الطريق، ‬ويعيد ‬ضبطها ‬إذا ‬هى ‬حادت ‬عن ‬المقصد، ‬ويريها ‬لرفاق ‬رحلته ‬كى ‬تطمئن ‬قلوبهم ‬إلى ‬سلامة ‬الاتجاه.‬
السائق ‬يريد ‬الوصول ‬بالعربة ‬وركابها، ‬لكن ‬بلوغ ‬الهدف ‬عسير ‬دون ‬تحلل ‬أو ‬تخفف ‬ممن ‬يضغطون ‬على ‬المكابح، ‬ودون ‬تصد ‬أو ‬مجابهة ‬لمن ‬يرغبون ‬فى ‬اختطاف ‬وجهة ‬العربة، ‬أو ‬يسعون ‬لخرابها ‬على ‬من ‬فيها.‬
‬
.. ‬أتحدث ‬عن ‬عقبات ‬على ‬طريق ‬وعرة، ‬وعن ‬بوصلة ‬وسلامة ‬اتجاه..‬
وهذا ‬رأيي..‬
(‬‮1‬) ‬لا ‬يستقيم ‬ونحن ‬نخوض ‬حرباً ‬ضروس ‬مع ‬الإرهاب ‬فى ‬سيناء ‬وفى ‬الوادى ‬أن ‬نقوض ‬المجهود ‬الحربى ‬باشارات ‬من ‬قبيل ‬اقرارات ‬توبة ‬تستكتبها ‬أجهزة ‬أمن ‬لعناصر ‬من ‬الصفوف ‬الثانية ‬والثالثة ‬والرابعة ‬لجماعة ‬الإخوان ‬فى ‬محابسهم، ‬وكأن ‬تلك ‬الاقرارات ‬صدرت ‬عن ‬غير ‬غطاء ‬‮«‬تقية‮»‬، ‬أو ‬كأنها ‬ستشق ‬صف ‬الجماعة ‬الإرهابية!‬
الحق ‬انها ‬فتحت ‬باب ‬الأمل ‬للقواعد ‬الإخوانية، ‬فى ‬اعادة ‬تنظيم ‬صفوفها ‬بعد ‬خروج ‬هذه ‬الكوادر، ‬والتهيؤ ‬لهجوم ‬مضاد ‬نحو ‬استعادة ‬السلطة ‬تدريجيا، ‬بدءا ‬بالمجالس ‬المحلية، ‬ثم ‬النقابات، ‬ثم ‬انتخابات ‬مجلس ‬النواب ‬بعد ‬القادمة، ‬أى ‬فى ‬غضون ‬فترة ‬ما ‬بين ‬‮4‬ ‬إلى ‬‮5‬ ‬سنوات!‬
الخطير ‬أنها ‬أعطت ‬انطباعاً ‬لدى ‬تنظيمات ‬الإرهاب ‬المسلح ‬أن ‬السلطة ‬فى ‬حالة ‬انهاك ‬وانها ‬بعد ‬الاقرارات ‬ستدخل ‬إلى ‬بوابة ‬التفاوض، ‬ومن ‬ثم ‬فالضغط ‬عليها ‬بالعمليات ‬الإرهابية ‬المنظمة ‬والعشوائية، ‬والتظاهرات ‬المتفرقة، ‬سيزيد ‬من ‬ليونتها ‬وسيدفع ‬عموم ‬الجماهير ‬إلى ‬الإحباط.‬
النصر ‬فى ‬الحرب ‬على ‬الإرهاب ‬لن ‬يتحقق ‬إلا ‬بكسر ‬إرادة ‬العدو، ‬وهو ‬هنا ‬جماعة ‬الإخوان ‬التى ‬تدعو ‬فى ‬مواقعها ‬إلى ‬الجهاد ‬المسلح، ‬فلا ‬اتصال ‬ولا ‬تفاوض ‬ولا ‬مساومة ‬ولو ‬بغرض ‬الخديعة، ‬والطريق ‬إلى ‬كسر ‬الإرادة ‬يمر ‬عبر ‬تشديد ‬القبضة ‬الأمنية ‬لتجفيف ‬منابع ‬تمويلها، ‬والقبض ‬على ‬مموليها، ‬وتفكيك ‬الهيكل ‬العظمى ‬لقيادتها ‬البديلة، ‬وإغلاق ‬أى ‬نافذة ‬بين ‬قادتها ‬المحبوسين ‬وأعوانهم ‬خارج ‬القفص، ‬حتى ‬لا ‬تقوم ‬لها ‬قائمة.‬
حسم ‬المعركة ‬على ‬الإرهاب، ‬يبدأ ‬بعدالة ‬ناجزة، ‬وأحكام ‬رادعة، ‬وقضاء ‬غير ‬مسرف ‬ولا ‬مبطئ، ‬وتنفيذ ‬فورى ‬غير ‬متردد ‬على ‬أولئك ‬الذين ‬كادوا ‬يحرقون ‬البلد ‬ليحكموه ‬على ‬خرائبه ‬هذا ‬ما ‬ننتظره ‬من ‬قضائنا، ‬مثلما ‬ننتظر ‬من ‬أزهرنا ‬فتوى ‬بعصيان ‬جماعة ‬الإخوان ‬وتكفير ‬التكفيريين.‬
(‬‮2‬) ‬أعرف ‬قوة ‬الجيش ‬المصري، ‬أعرف ‬أنها ‬فوق ‬ما ‬تتصورون، ‬أتوقع ‬انه ‬سيزف ‬لنا ‬بأقرب ‬مما ‬نظن ‬بشارات ‬بانتصارات ‬مؤثرة ‬تختصر ‬زمن ‬حرب ‬نحسبها ‬طويلة. ‬الرئيس ‬قال ‬إننا ‬نعرف ‬من ‬عاونوا ‬الإرهابيين ‬فى ‬تفجيرات ‬العريش ‬التى ‬راح ‬ضحيتها ‬العشرات ‬ما ‬بين ‬شهيد ‬وجريح.. ‬قال ‬إننا ‬نعرفهم ‬ونراهم ‬ولن ‬نتركهم.‬
لابد ‬إذن ‬أن ‬‮«‬تتمطع‮»‬ ‬مصر ‬لتطال ‬بذراعها ‬العسكرى ‬الأمنى ‬أولئك ‬الأعداء، ‬حتى ‬لو ‬كانوا ‬خارج ‬حدودها، ‬فالذين ‬سفكوا ‬دماء ‬خير ‬أجناد ‬الأرض، ‬أو ‬عاونوا ‬على ‬اراقتها، ‬لابد ‬أن ‬يذوقوا ‬العذاب ‬حيثما ‬كانوا ‬أضعافا ‬مضاعفة.‬
(‬‮3‬) ‬اليوم ‬يفتح ‬باب ‬الترشح ‬للانتخابات ‬البرلمانية.. ‬رغم ‬اعتقادى ‬بأهمية ‬انجاز ‬الخطوة ‬الثالثة ‬والأخيرة ‬فى ‬خارطة ‬المستقبل، ‬على ‬الصعيدين ‬الخارجى ‬والاقتصادي، ‬أجدنى ‬غير ‬مرتاح ‬لتوقيتها، ‬ولا ‬متفائل ‬بنتائجها ‬فى ‬ظل ‬اتفاق ‬الكتل ‬والأحزاب ‬السياسية ‬على ‬ألا ‬تأتلف!‬
ومع ‬اجتماعات ‬الاختلافات ‬بين ‬الأحزاب ‬وتكالب ‬القوى ‬السياسية ‬على ‬كعكة ‬غير ‬ذات ‬مذاق ‬ولا ‬شبع.‬
لا ‬يعقل ‬أن ‬تترك ‬عناصر ‬جماعة ‬الإخوان ‬لتخوض ‬انتخابات ‬مجلس ‬النواب، ‬ويقال ‬لنا ‬أن ‬الحكم ‬لإرادة ‬الشعب!.. ‬فكيف ‬لك ‬أن ‬تحارب ‬بالنهار ‬المخربين ‬والقتلة، ‬ثم ‬تجلس ‬معهم ‬بالليل ‬لتلعب ‬بأوراق ‬السياسة؟!‬
هناك ‬حكم ‬قضائى ‬وقرار ‬حكومى ‬باعتبار ‬‮«‬الإخوان‮»‬ ‬جماعة ‬إرهابية، ‬فهل ‬يسمح ‬للإرهابيين ‬بأن ‬ينوبوا ‬عن ‬الأمة؟!‬
بنفس ‬المنطق.. ‬كيف ‬يترك ‬الذين ‬طغوا ‬وأفسدوا ‬واشتروا ‬السلطة ‬بالمال، ‬وأهانوا ‬الشعب ‬وزوروا ‬إرادته ‬فى ‬الانتخابات، ‬وثارت ‬عليهم ‬الجماهير، ‬ليخوضوا ‬أول ‬انتخابات ‬فى ‬عهد ‬أول ‬رئيس ‬وطنى ‬منتخب، ‬وكأن ‬ثورة ‬لم ‬تقم؟!‬
إن ‬الذين ‬يتحدثون ‬عن ‬ترك ‬أمر ‬انتخاب ‬هؤلاء ‬لإرادة ‬الجماهير، ‬إنما ‬يتناسون ‬انهم ‬تلاعبوا ‬بقيد ‬الناخبين ‬فى ‬جداول ‬دوائرهم، ‬ويهينون ‬إرادة ‬الجماهير ‬العارمة ‬التى ‬ثارت ‬على ‬إفسادهم ‬الحياة ‬السياسية ‬فى ‬مصر ‬فى ‬العقد ‬الأول ‬من ‬هذا ‬القرن، ‬بل ‬يسيئون ‬إلى ‬الرجل ‬الذى ‬تنبأ ‬بزوال ‬‮«‬النظام ‬البليد‮»‬ ‬قبل ‬رحيله ‬بشهور، ‬بسبب ‬سدنة ‬التوريث، ‬وعرّابى ‬زواج ‬المال ‬بالسلطة، ‬ومزورى ‬إرادة ‬الناخبين.‬
(‬‮4‬) ‬الأمة ‬التى ‬تخاصم ‬شبابها ‬وإن ‬جنح، ‬تخصم ‬من ‬رصيد ‬مستقبلها، ‬ولقد ‬سألت ‬الرئيس ‬عن ‬الشباب ‬المحبوس ‬غير ‬الإخوانى ‬ممن ‬لم ‬يسفك ‬دماً ‬ولم ‬يحمل ‬سلاحاً، ‬فأجاب ‬بأنه ‬كلف ‬وزير ‬الداخلية ‬بإعداد ‬قوائم ‬بأسمائهم ‬للإفراج ‬عن ‬الأبرياء ‬أو ‬الذين ‬لم ‬يقترفوا ‬جرائم ‬جسيمة، ‬حزمة ‬واحدة.‬
ونتيجة ‬تباطؤ ‬المعنيين ‬بحصر ‬الأسماء ‬ووضع ‬القوائم، ‬لم ‬يتم ‬الإفراج ‬عن ‬هؤلاء ‬قبل ‬حلول ‬ذكرى ‬ثورة ‬‮25‬ ‬يناير، ‬كما ‬كان ‬يرجو ‬الرئيس، ‬إنما ‬خرج ‬جمال ‬مبارك - ‬بحكم ‬قضائي- ‬رغم ‬أنه ‬متهم ‬فى ‬نظر ‬جموع ‬الشعب -‬ومنهم ‬يقينا ‬الرئيس ‬السيسى- ‬بمحاولة ‬قلب ‬النظام ‬الجمهورى ‬ووراثة ‬حكم ‬البلاد.‬
ليس ‬هذا ‬هو ‬اتجاه ‬بوصلة ‬الحكم.. ‬أن ‬يخرج ‬الوريث ‬فى ‬عيد ‬الثورة ‬على ‬التوريث، ‬ومن ‬قبله ‬ساعده ‬الأيمن ‬أحمد ‬عز ‬الذى ‬يتهيأ ‬ليعود ‬إلى ‬مقعده ‬فى ‬البرلمان، ‬ويبقى ‬فى ‬الحبس ‬شباب ‬فجروا ‬ثورة ‬‮25‬ ‬يناير ‬وإن ‬جنح ‬بعضهم ‬فى ‬حماسه، ‬أو ‬ارتكب ‬بعضهم ‬خطايا ‬فى ‬حماقة، ‬أو ‬يظل ‬فى ‬السجن ‬شباب ‬محكوم ‬عليهم ‬فى ‬قضايا ‬محاولة ‬قلب ‬نظام ‬حكم ‬الإخوان!‬
من ‬يعرقل ‬ملف ‬الإفراج ‬عن ‬الشباب، ‬ومن ‬يفتح ‬الباب ‬لعودة ‬كهنة ‬التوريث، ‬هم ‬الذين ‬يضغطون ‬على ‬كوابح ‬العربة، ‬وهم ‬فى ‬صدارة ‬من ‬يجب ‬أن ‬يتخفف ‬منهم ‬قائدها!‬
(‬‮5‬) ‬الذين ‬يسرفون ‬فى ‬الآمال ‬المتوقعة ‬من ‬انعقاد ‬قمة ‬دعم ‬وتنمية ‬الاقتصاد ‬المصرى ‬فى ‬مارس ‬المقبل ‬بشرم ‬الشيخ، ‬ويرفعون ‬من ‬سقف ‬توقعات ‬الجماهير ‬على ‬غير ‬أساس ‬أو ‬فطنة ‬مثلهم ‬مثل ‬الذين ‬يهونون ‬من ‬اجراءات ‬المرحلة ‬الثانية ‬لإصلاح ‬دعم ‬الكهرباء ‬والوقود ‬فى ‬يوليو ‬الماضي، ‬ويستهينون ‬بتبعاتها ‬الاجتماعية ‬على ‬غير ‬دراية ‬أو ‬حكمة.‬
لا ‬المؤتمر ‬الاقتصادى ‬سيمطر ‬‮«‬منا ‬وسلوي‮»‬ ‬وقناطير ‬مقنطرة ‬من ‬مليارات ‬الدولارات، ‬ولا ‬تخفيض ‬دعم ‬الكهرباء ‬والوقود ‬فى ‬هذه ‬الظروف ‬سيصلح ‬الاقتصاد ‬وسيمر ‬كالسكين ‬فى ‬قالب ‬زبد.‬
مؤتمر ‬شرم ‬الشيخ ‬الذى ‬نتمناه ‬ناجحاً ‬ونسعى ‬لأن ‬يكون ‬حاشداً ‬وآمناً، ‬هو ‬خطوة ‬لجذب ‬استثمارات ‬فى ‬مشروعات، ‬تتلوها ‬خطوات ‬على ‬طريق ‬الإصلاح ‬المؤسسي، ‬والبناء ‬على ‬ما ‬جرى ‬إنجازه، ‬وهو ‬فرصة ‬لتقديم ‬صورة ‬مصر ‬الجديدة ‬وعرض ‬مشروعاتها ‬العملاقة ‬والكبرى ‬والبيئة ‬الجاذبة ‬للاستثمار ‬وعائداته ‬المربحة ‬للمستثمر ‬الأجنبى ‬والعربى ‬والمصرى ‬بالطبع.‬
أما ‬الشريحة ‬الثانية ‬لإجراءات ‬إصلاح ‬دعم ‬الطاقة، ‬فإننى ‬استغرب ‬من ‬حرص ‬مسئولين ‬بالحكومة ‬على ‬الحديث ‬عنها ‬دون ‬مقتضى ‬أو ‬لزوم، ‬وكأنهم ‬يقلبون ‬الناس ‬على ‬الرئيس، ‬برغم ‬أن ‬توقيت ‬اتخاذها ‬قد ‬يرجأ، ‬وأن ‬الحصيلة ‬المنتظرة ‬منها (‬‮20‬ ‬مليار ‬جنيه) ‬ليس ‬من ‬المستحيل ‬تدبيرها ‬من ‬موارد ‬أخرى ‬دون ‬الضغط ‬فى ‬هذه ‬الظروف ‬على ‬أحوال ‬الناس ‬وزيادة ‬معاناتهم، ‬والسحب ‬من ‬رصيد ‬الرجل ‬فى ‬قلوب ‬أبناء ‬الطبقة ‬المتوسطة ‬ودون ‬المتوسطة.‬
(‬‮6‬) ‬القطاع ‬الخاص ‬هو ‬الذى ‬يتحمل ‬العبء ‬الأكبر ‬فى ‬الاستثمار ‬بالبلاد، ‬ومن ‬ثم ‬فإن ‬تهيئة ‬المناخ ‬الملائم ‬لتشجيع ‬رجال ‬الصناعة ‬والإنتاج ‬على ‬التوسع ‬فى ‬مشروعاتهم ‬وإقامة ‬مشروعات ‬جديدة ‬هو ‬واجب ‬على ‬أجهزة ‬الدولة ‬لزيادة ‬الناتج ‬المحلى ‬وتوفير ‬فرص ‬عمل ‬للشباب ‬تمتص ‬البطالة ‬وتحد ‬من ‬معدلاتها.‬
لكن ‬الخط ‬الفاصل ‬بين ‬هؤلاء ‬وبين ‬الذين ‬استحلوا ‬المال ‬العام ‬فى ‬عصر ‬زواج ‬الثروة ‬بالسلطة، ‬والذين ‬حصلوا ‬على ‬الأرض ‬الزراعية ‬وحولوها ‬إلى ‬منتجعات ‬سياحية ‬دون ‬أن ‬يسددوا ‬حق ‬الدولة، ‬يجب ‬أن ‬يكون ‬واضحا ‬ومرئيا ‬فلا ‬يحسب ‬هؤلاء ‬على ‬أولئك، ‬ولا ‬أولئك ‬على ‬هؤلاء.‬
أعرف ‬أن ‬هناك ‬قوائم ‬أعدت، ‬وملفات ‬اتخمت ‬أوراقها، ‬لكن ‬إجراءات ‬استعادة ‬حق ‬الشعب ‬ما ‬زالت ‬تراوح ‬مكانها. ‬ألم ‬يحن ‬الوقت ‬بعد ‬للمساءلة ‬وفتح ‬الملفات؟!‬
ان ‬جموع ‬الفقراء ‬والبسطاء ‬الذين ‬يبلعون ‬الزلط ‬آملين ‬فى ‬أن ‬تتحسن ‬أحوال ‬بلادهم ‬ومعها ‬أحوالهم، ‬ينتظرون ‬حسابا ‬على ‬فساد، ‬واستعادة ‬لأموال ‬الشعب، ‬بعدما ‬خاب ‬أملهم ‬فى ‬استجابة ‬رجال ‬الأعمال - ‬عدا ‬قلة ‬معدودة - ‬لصندوق ‬‮«‬تحيا ‬مصر‮»‬، ‬ويتوقعون ‬أن ‬بعضا ‬مما ‬يمكن ‬تحصيله ‬من ‬حق ‬الدولة ‬فى ‬أراضيها، ‬إذا ‬ذهب ‬مباشرة ‬فى ‬مبادرات ‬لتمويل ‬مشروعات ‬لهم ‬متناهية ‬الصغر، ‬أو ‬مد ‬مظلات ‬الرعاية ‬الاجتماعية، ‬سوف ‬يحقق ‬طفرة ‬فى ‬معيشتهم.‬
هؤلاء ‬هم ‬الجمهور ‬الحقيقى ‬للرئيس ‬السيسي، ‬الرجل ‬الذى ‬ظلوا ‬ينتظرون ‬قدومه ‬ليحنو ‬عليهم ‬ويرفق ‬بهم.‬
‬
يعرف ‬الركاب ‬فى ‬معظمهم ‬أن ‬قائد ‬العربة ‬يقظ، ‬وماهر ‬وأمين ‬عليهم ‬فى ‬رحلتهم. ‬يعرفون ‬أن ‬بعد ‬ليل ‬المسيرة ‬فجرا، ‬وأن ‬قائدهم ‬يعلم ‬وجهته. ‬لكن ‬لا ‬مانع ‬من ‬أن ‬يراجع ‬بوصلته ‬بين ‬حين ‬وآخر، ‬ليطمئن ‬إلى ‬سلامة ‬الاتجاه.‬
لسنا ‬فى ‬قطار ‬حديدى ‬يسير ‬على ‬خط ‬حديدى ‬مرسوم، ‬من ‬محطة ‬نعلمها ‬إلى ‬مقصد ‬نريده، ‬يسترشد ‬فى ‬رحلته ‬باشارات ‬أضواء، ‬يبطئ ‬ويتوقف ‬ويتحرك ‬على ‬هداها. ‬ركابه ‬يجلسون ‬فى ‬سكينة، ‬تعزلهم ‬أبواب ‬موصدة ‬ونوافذ ‬مغلقة، ‬عن ‬لهيب ‬حر، ‬أو ‬صقيع ‬برد، ‬أو ‬رياح ‬عواصف، ‬أو ‬قطرات ‬مطر، ‬يسلمون ‬آذانهم ‬إلى ‬صوت ‬تتابع ‬القضبان ‬الرتيب، ‬ومنه ‬يحسبون ‬سرعة ‬القطار، ‬فيعرفون ‬موعد ‬الوصول.‬
نحن ‬فى ‬عربة ‬مكتظة، ‬تتقافز ‬على ‬طريق ‬زلقة، ‬فى ‬ضباب ‬الليل، ‬تحت ‬سماء ‬ترعد ‬وتبرق، ‬لا ‬تنير ‬دربا ‬ولا ‬تبدد ‬ظلمة.‬
السائق ‬يعرف ‬وجهته، ‬ماهر ‬فى ‬تفادى ‬العوائق، ‬وتجاوز ‬مطبات ‬الطريق. ‬يعبر ‬فى ‬رباطة ‬جأش ‬منحنيات ‬وعرة، ‬وما ‬أكثرها، ‬ليعصم ‬العربة ‬وركابها ‬من ‬اصطدام ‬بسفح ‬جبل، ‬أو ‬سقوط ‬من ‬حالق.‬
لكن ‬مهارة ‬السائق ‬لا ‬تكفي، ‬إذا ‬كان ‬المحرك ‬عليلاً ‬والوقود ‬شحيحاً، ‬وإذا ‬كان ‬الركاب ‬منهم ‬من ‬يصرخ ‬عند ‬كل ‬منحنى ‬خوفاً ‬عليه ‬وعلى ‬أنفسهم، ‬فيزيدونه ‬قلقاً ‬على ‬قلق، ‬ومنهم ‬من ‬يشكك ‬فى ‬مسار ‬العربة، ‬عساه ‬يستدير ‬إلى ‬حيث ‬يتمنون ‬ولا ‬ينشد ‬هو ‬ولا ‬باقى ‬الركاب، ‬ومنهم ‬من ‬يتحين ‬فرصة ‬لانتزاع ‬المقود، ‬حتى ‬لو ‬كان ‬الثمن ‬اصطداما ‬مروعا، ‬أو ‬ارتطاما ‬بقاع ‬جرف، ‬وغالبيتهم ‬تجلس ‬على ‬مقاعدها ‬تستحث ‬السائق ‬على ‬مزيد ‬من ‬السرعة ‬واختصار ‬الرحلة، ‬وتسائله ‬عن ‬أجواء ‬غير ‬مواتية، ‬وطريق ‬غير ‬معبدة ‬وعوائق ‬لا ‬يد ‬له ‬فيها.‬
السائق ‬ماهر، ‬لكن ‬لا ‬بأس ‬من ‬أن ‬يختلس ‬النظر ‬بين ‬حين ‬وآخر ‬إلى ‬عدادات ‬العربة ‬ليطمئن ‬إلى ‬مؤشراتها.‬
والسائق ‬عارف ‬بوجهته، ‬لكن ‬لا ‬ضير ‬من ‬أن ‬يطالع ‬بين ‬حين ‬وآخر ‬بوصلته ‬حتى ‬لا ‬يحيد ‬عن ‬الطريق، ‬ويعيد ‬ضبطها ‬إذا ‬هى ‬حادت ‬عن ‬المقصد، ‬ويريها ‬لرفاق ‬رحلته ‬كى ‬تطمئن ‬قلوبهم ‬إلى ‬سلامة ‬الاتجاه.‬
السائق ‬يريد ‬الوصول ‬بالعربة ‬وركابها، ‬لكن ‬بلوغ ‬الهدف ‬عسير ‬دون ‬تحلل ‬أو ‬تخفف ‬ممن ‬يضغطون ‬على ‬المكابح، ‬ودون ‬تصد ‬أو ‬مجابهة ‬لمن ‬يرغبون ‬فى ‬اختطاف ‬وجهة ‬العربة، ‬أو ‬يسعون ‬لخرابها ‬على ‬من ‬فيها.‬
‬
.. ‬أتحدث ‬عن ‬عقبات ‬على ‬طريق ‬وعرة، ‬وعن ‬بوصلة ‬وسلامة ‬اتجاه..‬
وهذا ‬رأيي..‬
(‬‮1‬) ‬لا ‬يستقيم ‬ونحن ‬نخوض ‬حرباً ‬ضروس ‬مع ‬الإرهاب ‬فى ‬سيناء ‬وفى ‬الوادى ‬أن ‬نقوض ‬المجهود ‬الحربى ‬باشارات ‬من ‬قبيل ‬اقرارات ‬توبة ‬تستكتبها ‬أجهزة ‬أمن ‬لعناصر ‬من ‬الصفوف ‬الثانية ‬والثالثة ‬والرابعة ‬لجماعة ‬الإخوان ‬فى ‬محابسهم، ‬وكأن ‬تلك ‬الاقرارات ‬صدرت ‬عن ‬غير ‬غطاء ‬‮«‬تقية‮»‬، ‬أو ‬كأنها ‬ستشق ‬صف ‬الجماعة ‬الإرهابية!‬
الحق ‬انها ‬فتحت ‬باب ‬الأمل ‬للقواعد ‬الإخوانية، ‬فى ‬اعادة ‬تنظيم ‬صفوفها ‬بعد ‬خروج ‬هذه ‬الكوادر، ‬والتهيؤ ‬لهجوم ‬مضاد ‬نحو ‬استعادة ‬السلطة ‬تدريجيا، ‬بدءا ‬بالمجالس ‬المحلية، ‬ثم ‬النقابات، ‬ثم ‬انتخابات ‬مجلس ‬النواب ‬بعد ‬القادمة، ‬أى ‬فى ‬غضون ‬فترة ‬ما ‬بين ‬‮4‬ ‬إلى ‬‮5‬ ‬سنوات!‬
الخطير ‬أنها ‬أعطت ‬انطباعاً ‬لدى ‬تنظيمات ‬الإرهاب ‬المسلح ‬أن ‬السلطة ‬فى ‬حالة ‬انهاك ‬وانها ‬بعد ‬الاقرارات ‬ستدخل ‬إلى ‬بوابة ‬التفاوض، ‬ومن ‬ثم ‬فالضغط ‬عليها ‬بالعمليات ‬الإرهابية ‬المنظمة ‬والعشوائية، ‬والتظاهرات ‬المتفرقة، ‬سيزيد ‬من ‬ليونتها ‬وسيدفع ‬عموم ‬الجماهير ‬إلى ‬الإحباط.‬
النصر ‬فى ‬الحرب ‬على ‬الإرهاب ‬لن ‬يتحقق ‬إلا ‬بكسر ‬إرادة ‬العدو، ‬وهو ‬هنا ‬جماعة ‬الإخوان ‬التى ‬تدعو ‬فى ‬مواقعها ‬إلى ‬الجهاد ‬المسلح، ‬فلا ‬اتصال ‬ولا ‬تفاوض ‬ولا ‬مساومة ‬ولو ‬بغرض ‬الخديعة، ‬والطريق ‬إلى ‬كسر ‬الإرادة ‬يمر ‬عبر ‬تشديد ‬القبضة ‬الأمنية ‬لتجفيف ‬منابع ‬تمويلها، ‬والقبض ‬على ‬مموليها، ‬وتفكيك ‬الهيكل ‬العظمى ‬لقيادتها ‬البديلة، ‬وإغلاق ‬أى ‬نافذة ‬بين ‬قادتها ‬المحبوسين ‬وأعوانهم ‬خارج ‬القفص، ‬حتى ‬لا ‬تقوم ‬لها ‬قائمة.‬
حسم ‬المعركة ‬على ‬الإرهاب، ‬يبدأ ‬بعدالة ‬ناجزة، ‬وأحكام ‬رادعة، ‬وقضاء ‬غير ‬مسرف ‬ولا ‬مبطئ، ‬وتنفيذ ‬فورى ‬غير ‬متردد ‬على ‬أولئك ‬الذين ‬كادوا ‬يحرقون ‬البلد ‬ليحكموه ‬على ‬خرائبه ‬هذا ‬ما ‬ننتظره ‬من ‬قضائنا، ‬مثلما ‬ننتظر ‬من ‬أزهرنا ‬فتوى ‬بعصيان ‬جماعة ‬الإخوان ‬وتكفير ‬التكفيريين.‬
(‬‮2‬) ‬أعرف ‬قوة ‬الجيش ‬المصري، ‬أعرف ‬أنها ‬فوق ‬ما ‬تتصورون، ‬أتوقع ‬انه ‬سيزف ‬لنا ‬بأقرب ‬مما ‬نظن ‬بشارات ‬بانتصارات ‬مؤثرة ‬تختصر ‬زمن ‬حرب ‬نحسبها ‬طويلة. ‬الرئيس ‬قال ‬إننا ‬نعرف ‬من ‬عاونوا ‬الإرهابيين ‬فى ‬تفجيرات ‬العريش ‬التى ‬راح ‬ضحيتها ‬العشرات ‬ما ‬بين ‬شهيد ‬وجريح.. ‬قال ‬إننا ‬نعرفهم ‬ونراهم ‬ولن ‬نتركهم.‬
لابد ‬إذن ‬أن ‬‮«‬تتمطع‮»‬ ‬مصر ‬لتطال ‬بذراعها ‬العسكرى ‬الأمنى ‬أولئك ‬الأعداء، ‬حتى ‬لو ‬كانوا ‬خارج ‬حدودها، ‬فالذين ‬سفكوا ‬دماء ‬خير ‬أجناد ‬الأرض، ‬أو ‬عاونوا ‬على ‬اراقتها، ‬لابد ‬أن ‬يذوقوا ‬العذاب ‬حيثما ‬كانوا ‬أضعافا ‬مضاعفة.‬
(‬‮3‬) ‬اليوم ‬يفتح ‬باب ‬الترشح ‬للانتخابات ‬البرلمانية.. ‬رغم ‬اعتقادى ‬بأهمية ‬انجاز ‬الخطوة ‬الثالثة ‬والأخيرة ‬فى ‬خارطة ‬المستقبل، ‬على ‬الصعيدين ‬الخارجى ‬والاقتصادي، ‬أجدنى ‬غير ‬مرتاح ‬لتوقيتها، ‬ولا ‬متفائل ‬بنتائجها ‬فى ‬ظل ‬اتفاق ‬الكتل ‬والأحزاب ‬السياسية ‬على ‬ألا ‬تأتلف!‬
ومع ‬اجتماعات ‬الاختلافات ‬بين ‬الأحزاب ‬وتكالب ‬القوى ‬السياسية ‬على ‬كعكة ‬غير ‬ذات ‬مذاق ‬ولا ‬شبع.‬
لا ‬يعقل ‬أن ‬تترك ‬عناصر ‬جماعة ‬الإخوان ‬لتخوض ‬انتخابات ‬مجلس ‬النواب، ‬ويقال ‬لنا ‬أن ‬الحكم ‬لإرادة ‬الشعب!.. ‬فكيف ‬لك ‬أن ‬تحارب ‬بالنهار ‬المخربين ‬والقتلة، ‬ثم ‬تجلس ‬معهم ‬بالليل ‬لتلعب ‬بأوراق ‬السياسة؟!‬
هناك ‬حكم ‬قضائى ‬وقرار ‬حكومى ‬باعتبار ‬‮«‬الإخوان‮»‬ ‬جماعة ‬إرهابية، ‬فهل ‬يسمح ‬للإرهابيين ‬بأن ‬ينوبوا ‬عن ‬الأمة؟!‬
بنفس ‬المنطق.. ‬كيف ‬يترك ‬الذين ‬طغوا ‬وأفسدوا ‬واشتروا ‬السلطة ‬بالمال، ‬وأهانوا ‬الشعب ‬وزوروا ‬إرادته ‬فى ‬الانتخابات، ‬وثارت ‬عليهم ‬الجماهير، ‬ليخوضوا ‬أول ‬انتخابات ‬فى ‬عهد ‬أول ‬رئيس ‬وطنى ‬منتخب، ‬وكأن ‬ثورة ‬لم ‬تقم؟!‬
إن ‬الذين ‬يتحدثون ‬عن ‬ترك ‬أمر ‬انتخاب ‬هؤلاء ‬لإرادة ‬الجماهير، ‬إنما ‬يتناسون ‬انهم ‬تلاعبوا ‬بقيد ‬الناخبين ‬فى ‬جداول ‬دوائرهم، ‬ويهينون ‬إرادة ‬الجماهير ‬العارمة ‬التى ‬ثارت ‬على ‬إفسادهم ‬الحياة ‬السياسية ‬فى ‬مصر ‬فى ‬العقد ‬الأول ‬من ‬هذا ‬القرن، ‬بل ‬يسيئون ‬إلى ‬الرجل ‬الذى ‬تنبأ ‬بزوال ‬‮«‬النظام ‬البليد‮»‬ ‬قبل ‬رحيله ‬بشهور، ‬بسبب ‬سدنة ‬التوريث، ‬وعرّابى ‬زواج ‬المال ‬بالسلطة، ‬ومزورى ‬إرادة ‬الناخبين.‬
(‬‮4‬) ‬الأمة ‬التى ‬تخاصم ‬شبابها ‬وإن ‬جنح، ‬تخصم ‬من ‬رصيد ‬مستقبلها، ‬ولقد ‬سألت ‬الرئيس ‬عن ‬الشباب ‬المحبوس ‬غير ‬الإخوانى ‬ممن ‬لم ‬يسفك ‬دماً ‬ولم ‬يحمل ‬سلاحاً، ‬فأجاب ‬بأنه ‬كلف ‬وزير ‬الداخلية ‬بإعداد ‬قوائم ‬بأسمائهم ‬للإفراج ‬عن ‬الأبرياء ‬أو ‬الذين ‬لم ‬يقترفوا ‬جرائم ‬جسيمة، ‬حزمة ‬واحدة.‬
ونتيجة ‬تباطؤ ‬المعنيين ‬بحصر ‬الأسماء ‬ووضع ‬القوائم، ‬لم ‬يتم ‬الإفراج ‬عن ‬هؤلاء ‬قبل ‬حلول ‬ذكرى ‬ثورة ‬‮25‬ ‬يناير، ‬كما ‬كان ‬يرجو ‬الرئيس، ‬إنما ‬خرج ‬جمال ‬مبارك - ‬بحكم ‬قضائي- ‬رغم ‬أنه ‬متهم ‬فى ‬نظر ‬جموع ‬الشعب -‬ومنهم ‬يقينا ‬الرئيس ‬السيسى- ‬بمحاولة ‬قلب ‬النظام ‬الجمهورى ‬ووراثة ‬حكم ‬البلاد.‬
ليس ‬هذا ‬هو ‬اتجاه ‬بوصلة ‬الحكم.. ‬أن ‬يخرج ‬الوريث ‬فى ‬عيد ‬الثورة ‬على ‬التوريث، ‬ومن ‬قبله ‬ساعده ‬الأيمن ‬أحمد ‬عز ‬الذى ‬يتهيأ ‬ليعود ‬إلى ‬مقعده ‬فى ‬البرلمان، ‬ويبقى ‬فى ‬الحبس ‬شباب ‬فجروا ‬ثورة ‬‮25‬ ‬يناير ‬وإن ‬جنح ‬بعضهم ‬فى ‬حماسه، ‬أو ‬ارتكب ‬بعضهم ‬خطايا ‬فى ‬حماقة، ‬أو ‬يظل ‬فى ‬السجن ‬شباب ‬محكوم ‬عليهم ‬فى ‬قضايا ‬محاولة ‬قلب ‬نظام ‬حكم ‬الإخوان!‬
من ‬يعرقل ‬ملف ‬الإفراج ‬عن ‬الشباب، ‬ومن ‬يفتح ‬الباب ‬لعودة ‬كهنة ‬التوريث، ‬هم ‬الذين ‬يضغطون ‬على ‬كوابح ‬العربة، ‬وهم ‬فى ‬صدارة ‬من ‬يجب ‬أن ‬يتخفف ‬منهم ‬قائدها!‬
(‬‮5‬) ‬الذين ‬يسرفون ‬فى ‬الآمال ‬المتوقعة ‬من ‬انعقاد ‬قمة ‬دعم ‬وتنمية ‬الاقتصاد ‬المصرى ‬فى ‬مارس ‬المقبل ‬بشرم ‬الشيخ، ‬ويرفعون ‬من ‬سقف ‬توقعات ‬الجماهير ‬على ‬غير ‬أساس ‬أو ‬فطنة ‬مثلهم ‬مثل ‬الذين ‬يهونون ‬من ‬اجراءات ‬المرحلة ‬الثانية ‬لإصلاح ‬دعم ‬الكهرباء ‬والوقود ‬فى ‬يوليو ‬الماضي، ‬ويستهينون ‬بتبعاتها ‬الاجتماعية ‬على ‬غير ‬دراية ‬أو ‬حكمة.‬
لا ‬المؤتمر ‬الاقتصادى ‬سيمطر ‬‮«‬منا ‬وسلوي‮»‬ ‬وقناطير ‬مقنطرة ‬من ‬مليارات ‬الدولارات، ‬ولا ‬تخفيض ‬دعم ‬الكهرباء ‬والوقود ‬فى ‬هذه ‬الظروف ‬سيصلح ‬الاقتصاد ‬وسيمر ‬كالسكين ‬فى ‬قالب ‬زبد.‬
مؤتمر ‬شرم ‬الشيخ ‬الذى ‬نتمناه ‬ناجحاً ‬ونسعى ‬لأن ‬يكون ‬حاشداً ‬وآمناً، ‬هو ‬خطوة ‬لجذب ‬استثمارات ‬فى ‬مشروعات، ‬تتلوها ‬خطوات ‬على ‬طريق ‬الإصلاح ‬المؤسسي، ‬والبناء ‬على ‬ما ‬جرى ‬إنجازه، ‬وهو ‬فرصة ‬لتقديم ‬صورة ‬مصر ‬الجديدة ‬وعرض ‬مشروعاتها ‬العملاقة ‬والكبرى ‬والبيئة ‬الجاذبة ‬للاستثمار ‬وعائداته ‬المربحة ‬للمستثمر ‬الأجنبى ‬والعربى ‬والمصرى ‬بالطبع.‬
أما ‬الشريحة ‬الثانية ‬لإجراءات ‬إصلاح ‬دعم ‬الطاقة، ‬فإننى ‬استغرب ‬من ‬حرص ‬مسئولين ‬بالحكومة ‬على ‬الحديث ‬عنها ‬دون ‬مقتضى ‬أو ‬لزوم، ‬وكأنهم ‬يقلبون ‬الناس ‬على ‬الرئيس، ‬برغم ‬أن ‬توقيت ‬اتخاذها ‬قد ‬يرجأ، ‬وأن ‬الحصيلة ‬المنتظرة ‬منها (‬‮20‬ ‬مليار ‬جنيه) ‬ليس ‬من ‬المستحيل ‬تدبيرها ‬من ‬موارد ‬أخرى ‬دون ‬الضغط ‬فى ‬هذه ‬الظروف ‬على ‬أحوال ‬الناس ‬وزيادة ‬معاناتهم، ‬والسحب ‬من ‬رصيد ‬الرجل ‬فى ‬قلوب ‬أبناء ‬الطبقة ‬المتوسطة ‬ودون ‬المتوسطة.‬
(‬‮6‬) ‬القطاع ‬الخاص ‬هو ‬الذى ‬يتحمل ‬العبء ‬الأكبر ‬فى ‬الاستثمار ‬بالبلاد، ‬ومن ‬ثم ‬فإن ‬تهيئة ‬المناخ ‬الملائم ‬لتشجيع ‬رجال ‬الصناعة ‬والإنتاج ‬على ‬التوسع ‬فى ‬مشروعاتهم ‬وإقامة ‬مشروعات ‬جديدة ‬هو ‬واجب ‬على ‬أجهزة ‬الدولة ‬لزيادة ‬الناتج ‬المحلى ‬وتوفير ‬فرص ‬عمل ‬للشباب ‬تمتص ‬البطالة ‬وتحد ‬من ‬معدلاتها.‬
لكن ‬الخط ‬الفاصل ‬بين ‬هؤلاء ‬وبين ‬الذين ‬استحلوا ‬المال ‬العام ‬فى ‬عصر ‬زواج ‬الثروة ‬بالسلطة، ‬والذين ‬حصلوا ‬على ‬الأرض ‬الزراعية ‬وحولوها ‬إلى ‬منتجعات ‬سياحية ‬دون ‬أن ‬يسددوا ‬حق ‬الدولة، ‬يجب ‬أن ‬يكون ‬واضحا ‬ومرئيا ‬فلا ‬يحسب ‬هؤلاء ‬على ‬أولئك، ‬ولا ‬أولئك ‬على ‬هؤلاء.‬
أعرف ‬أن ‬هناك ‬قوائم ‬أعدت، ‬وملفات ‬اتخمت ‬أوراقها، ‬لكن ‬إجراءات ‬استعادة ‬حق ‬الشعب ‬ما ‬زالت ‬تراوح ‬مكانها. ‬ألم ‬يحن ‬الوقت ‬بعد ‬للمساءلة ‬وفتح ‬الملفات؟!‬
ان ‬جموع ‬الفقراء ‬والبسطاء ‬الذين ‬يبلعون ‬الزلط ‬آملين ‬فى ‬أن ‬تتحسن ‬أحوال ‬بلادهم ‬ومعها ‬أحوالهم، ‬ينتظرون ‬حسابا ‬على ‬فساد، ‬واستعادة ‬لأموال ‬الشعب، ‬بعدما ‬خاب ‬أملهم ‬فى ‬استجابة ‬رجال ‬الأعمال - ‬عدا ‬قلة ‬معدودة - ‬لصندوق ‬‮«‬تحيا ‬مصر‮»‬، ‬ويتوقعون ‬أن ‬بعضا ‬مما ‬يمكن ‬تحصيله ‬من ‬حق ‬الدولة ‬فى ‬أراضيها، ‬إذا ‬ذهب ‬مباشرة ‬فى ‬مبادرات ‬لتمويل ‬مشروعات ‬لهم ‬متناهية ‬الصغر، ‬أو ‬مد ‬مظلات ‬الرعاية ‬الاجتماعية، ‬سوف ‬يحقق ‬طفرة ‬فى ‬معيشتهم.‬
هؤلاء ‬هم ‬الجمهور ‬الحقيقى ‬للرئيس ‬السيسي، ‬الرجل ‬الذى ‬ظلوا ‬ينتظرون ‬قدومه ‬ليحنو ‬عليهم ‬ويرفق ‬بهم.‬
‬
يعرف ‬الركاب ‬فى ‬معظمهم ‬أن ‬قائد ‬العربة ‬يقظ، ‬وماهر ‬وأمين ‬عليهم ‬فى ‬رحلتهم. ‬يعرفون ‬أن ‬بعد ‬ليل ‬المسيرة ‬فجرا، ‬وأن ‬قائدهم ‬يعلم ‬وجهته. ‬لكن ‬لا ‬مانع ‬من ‬أن ‬يراجع ‬بوصلته ‬بين ‬حين ‬وآخر، ‬ليطمئن ‬إلى ‬سلامة ‬الاتجاه.‬