كيف تعدل المركز الانتخابي قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب؟ الوطنية للانتخابات تجيب    فيضانات مدمّرة تجتاح ألاسكا وحاكمها يطالب ترامب بإعلان حالة كوارث كبرى (صور)    انتخابات الأهلي - ياسين منصور يكشف حقيقة استقالته من شركة الكرة.. ولقاءه مع توروب    تامر مصطفى ل في الجول: مباراة الأهلي صعبة ولكن    آلام الضهر تؤجل عودة عبد الله السعيد للزمالك    كرة سلة – جراحة ناجحة ل تمارا نادر السيد.. وتغيب عن الأهلي عدة شهور    حاصل على لقب "أستاذ كبير"، وفاة لاعب الشطرنج دانييل ناروديتسكي بعمر 29 عاما    القبض على زوج ألقى بزوجته من شرفة المنزل في بورسعيد    السيطرة على حريق داخل مستشفى خاصة بالمنيا دون خسائر بشرية    أول تحرك من أوقاف الإسكندرية في محاولة سرقة مكتب بريد عبر حفر نفق من داخل مسجد    هل تفكر هنا الزاهد في تكرار تجربة الزواج مرة أخرى؟ الفنانة ترد    أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا    متى وكيف تقيس سكر الدم للحصول على نتائج دقيقة؟    الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. حماس: ملتزمون بوقف إطلاق النار والاحتلال لديه ثوابت لاختراق الاتفاق.. ترامب يهدد بفرض رسوم على الصين تصل ل175%.. جهود لإنقاذ ناقلة نفط تشتعل بها النيران في خليج عدن    أخبار 24 ساعة.. صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    وزارة العمل: قرارات زيادة الأجور لا تصدر بشكل عشوائي بل بعد دراسات دقيقة    متحدث الحكومة: نهدف لتيسير الخدمات الحكومية من أجل المواطن والمستثمر    إرسال عينات الدم المعثور عليها فى مسرح جريمة تلميذ الإسماعيلية للطب الشرعى    على طريقة فيلم لصوص لكن ظرفاء.. حفروا نفقا داخل مسجد لسرقة مكتب بريد "فيديو"    النواب البحريني: نتطلع لتهيئة مسار سلام يعيد الحقوق المشروعة لشعب فلسطين    بسمة داوود تكشف لتليفزيون اليوم السابع سبب توترها على الريدكاربت بالجونة    الموت يفجع الفنان حمدي الوزير.. اعرف التفاصيل    بالصور.. وزير الثقافة يقدم واجب العزاء في والدة أمير عيد    زيلينسكي: نسعى لعقد طويل الأمد مع أمريكا لشراء 25 منظومة باتريوت    شوربة الشوفان بالدجاج والخضار، وجبة مغذية ومناسبة للأيام الباردة    توم براك يحذر لبنان من احتمال مهاجمة إسرائيل إذا لم ينزع سلاح حزب الله    تحالف مصرفي يمنح تمويل إسلامي بقيمة 5.2 مليار جنيه لشركة إنرشيا    ترامب: الولايات المتحدة تمتلك أسلحة متطورة لا يعلم الآخرون بوجودها    فى عيدها ال 58.. اللواء بحرى أ.ح. محمود عادل فوزى قائد القوات البحرية :العقيدة القتالية المصرية.. سر تفوق مقاتلينا    جامعة قناة السويس تعلن نتائج بطولة السباحة لكلياتها وسط أجواء تنافسية    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب القنوت في صلاة الوتر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تجوز الأضحية عن المتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    الخطيب يهنئ «رجال يد الأهلي» ببطولة إفريقيا    أشرف عبد الباقي عن دوره في «السادة الافاضل»: ليس عادياً ومكتوب بشياكة    أول وحدة لعلاج كهرباء القلب بالفيوم    منتدى أسوان للسلام منصة إفريقية خالصة تعبّر عن أولويات شعوب القارة    بريطانيا تتراجع 5 مراتب في تصنيف التنافسية الضريبية العالمي بعد زيادة الضرائب    نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت    وكيل تعليم الفيوم يشيد بتفعيل "منصة Quero" لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام.. صور    متحدث الحكومة: سنبحث تعميم الإجازة يوم افتتاح المتحف الكبير    حقيقة مفاوضات حسام عبد المجيد مع بيراميدز    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    محمد الحمصانى: طرحنا أفكارا لإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة    على الطريقة الأجنبية.. جددي من طريقة عمل شوربة العدس (مكون إضافي سيغير الطعم)    نتنياهو: مصرون على تحقيق جميع أهداف الحرب في غزة ونزع سلاح حماس    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    ضربه من الخلف وقطّعه 7 ساعات.. اعترافات المتهم بقتل زميله وتقطيعه بمنشار في الإسماعيلية    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد أن أقامت داعش أسواقا للنخاسة

د. سالم عبد الجليل: الإسلام جفف منابع الرق.. وداعش لا تخدم سوى أعداء الدين
د. هاشم عيسى: ما تقوم به داعش خطف للنساء وليس سبيا.. لا يقره شرع ولا عرفٌ ولا قانون
لا يزال مسلسل الكوميديا السوداء فى العراق وسوريا مستمرًا، فبعد المذابح الجماعية التى يقوم بها النبت الشائه المسمى بداعش لكل مخالف له فى الفكر تحت قناعٍ زائف من الدفاع عن الإسلام ومحاولة إقامة دولة إسلامية، تماما كما فعل الخوارج من قبل، جاء إعلانه مؤخرا عن أسواق للنخاسة لبيع النساء اللاتى يختطفهن ويسرقهن من أهلهن ليدعم بهذه الأموال رجاله المجاهدين فى سبيل الشيطان.. ولأننا لا نملك سوى المواجهة الفكرية لهذه الأفعال المجرمة والعقول الخربة التى تسىء إلى الدين الإسلامى وتمثل حربًا عليه، وتنال منه بأكثر مما ينال أعداؤه، كان هذا التحقيق:
يؤكد د. سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق والداعية الإسلامى أن الله تعالى كرّم الإنسان وجعله خليفة في الأرض، وخلقه حرا ليكون عبدا لله وحده دون سواه، وأعلن الخصومة ومن ثم الحرب على من استرق حرا، فقال في الحديث القدسي الشريف: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره، رواه البخاري في صحيحه.. وبُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم والقوي يسترق الضعيف ويأكل بثمنه، فجاءت الشريعة الغراء لتوقف الرق، وجففت منابعه، ولم تجعل له إلا طريقاً واحداً، وهو الحربُ المشروعة، وحثت الشريعة ولى الأمر على المن عليهم بالعتق وقبول الفداء منهم ليعودوا إلى أهلهم أحراراً، أو الإبقاء عليهم حتى تضع الحرب أوزارها، أي تنتهي، فيفاوض بهم الأعداء، ثم وضعت الشريعة الإسلامية الغراء وسائل عديدة للإنهاء على الرق، من ذلك الترغيب في عتق الرقاب، قال تعالى: "فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة. فك رقبة. أو إطعام في يوم ذي مسغبة .."، ثم شرع الكفارات، مثل كفارة اليمين، كفارة الظهار . كفارة قتل الخطأ، وعلى رأسها عتق العبيد وتحريرهم.
صورة مشوهة
ويتابع د. سالم: أنه لما دعت الأمم المتحدة في ميثاق حقوق الإنسان منذ نحو 65 عاماً لإنهاء الرق، كانت الدول الإسلامية أول من سارع للتصديق عليها لاتفاقها مع روح الشريعة الإسلامية الغراء، وعندما يخرج على إجماع الأمة الإسلامية جماعة هنا وأخرى هناك تسترق الأحرار والحرائر وتقيم لهن سوقاً لبيعهن، كان لا بد من التصدي لهم، وبيان عظمة الإسلام وجهاده في إنهاء حالة الرق، فالتنظيم المسمى داعش له تصرفات غير مبررة شرعاً وغير مقبولة عقلا، ولا تخدم سوى أعداء الإسلام؛ من تلك التصرفات: الإعلان عن إنشاء سوق لبيع العبيد والجواري والإماء، ولا شك أن هذا التصرف، فضلا عن ذبح البشر كما يذبح الدجاج، يقدم للعالم صورة عن الإسلام غير صحيحة، بل هي صورة مشوهة، فالإسلام كله رحمة، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، قال الله تعالى عنه: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، وقال عن نفسه: إنما أنا رحمة مهداة، والإسلام هو دين التسامح وقبول الآخر، وقد هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة فتصالح مع اليهود، ولم يحاربهم أو يطردهم لكونهم يهودا ومخالفين له في الاعتقادات، بل احترم المعاهدة التي أقامها معهم، ولم يحارب أو يُخرج من المدينة إلا من نقضوا العهد وحاربوه، والإسلام دين المحبة لجميع الخلق: لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا ادلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم، والمسلم كما عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن هو من أمنه الناس على أموالهم ودمائهم وأعراضهم.
فليعرف شبابنا هذا، ولا ينجرفوا إلى العنف تحت شعارات رنانة، وليجاهدوا الجهاد الأكبر، بتزكية أنفسهم وتطهير قلوبهم والسعي على معاشهم وبناء أوطانهم والقيام بواجباتهم نحو أهلهم ومجتمعهم.
الإسلام حارب الرق
ومن جانب آخر يوضح د. هاشم عيسى أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة القاهرة أنه بداية ينبغي أن نقرر أن الرق كان منتشراً ومعترفاً به عند العرب في جاهليتهم، وتنوعت مصادره، فكان على رأسها الاسترقاق من خلال الحروب والغزوات والغارات، حيث كان الجيش المنتصر يأسر الرجال، ويعتبرهم أسارى (رقيق)، ويسبي النساء ويعتبرهن (سبايا). ولم تقتصر مصادر الرق على الحرب والغزوات، فكان من بينها الخطف، فضلا عن الاسترقاق من خلال البيع والشراء من أسواق النخاسة.
وينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أن الإسلام عمل على تضييق دائرة الرق ومحاربته من خلال منهجه في الترغيب والترهيب، فحث على تحرير الرقاب وعتقها، وذلك من خلال بعض الحدود والكفَّارات، كما في قوله تعالى في سورة النساء: "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودِيَةٌ مسلَّمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا فإن كان من قومٍ عدوٍ لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة، وإن كان من قومٍ بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلَّمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة.. آية 92"، فانظر كم حرص المنهج الإسلامي من خلال هذه الآية على الحث والحفز على تحرير الرقبة كفارة عن جرائم القتل، وكأنه يشير إلى أنه لا يكفر جريمة القتل إلا إحياء نفس مؤمنة من خلال تحريرها من الرق، وبذلك يصبح تحرير الرقبة بمثابة إحياء النفس.. وكذلك في كفارة اليمين؛ إذ يقول ربنا تبارك وتعالى في سورة المائدة: "لا يُؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان فكفارته عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة 89". كما جعل كفارة الظهار تحرير رقبة، فقال تعالى في مطلع سورة المجادلة: "الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا 3"، ومن يتتبع مادة (رقبة، ورقاب) في آيات القرآن الكريم سيلمح دون عناء حرص القرآن الكريم على دفع المسلمين دفعاً للتخلص من هذا الموروث الاجتماعي، الذي ما كان يمكن التخلص منه دفعة واحدة، وقد ألفنا منهج الإسلام في التدرج، كما في تحريم الخمر.
وإذا كان هذا بالنسبة للتحرير من الرق بصفة عامة، فإنه بالنسبة لتحرير النساء كان أدعى، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى حينما انتصر على بني المصطلق في غزوة المريسيع في شعبان سنة 6 ه، وأسر وسبي من بني المصطلق الكثير فما كان من النبي إلا وتزوج من (جويرية بنت الحارث بن ضرار) زعيم بني المصطلق وأعتقها؛ بل وأعتق أهلها حتى قيل: إنه ليست هناك امرأة أكثر بركة من جويرية، فقد أعتق رسول الله بفضلها أهلها من الرق. بل وفتح الإسلام باباً للرقيق لاسترداد حريتهم من خلال المكاتبة. فيمكن للعبد أن يكاتب سيده على العتق، وقد حض القرآن على ذلك، فقال: " فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة؟ فك رقبة".
ومنذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة، فقد التزمت الدول الأعضاء فيها بميثاقها وبالقرارات الصادرة عنها، والتي تلزمها بمبدأ تبادل الأسرى، وحسن معاملتهم، من الرجال والنساء، إن كان الجيش يحوي عنصرا نسائيا، ثم يتم التبادل بين الأسرى الذين يعودون إلى صفوف مواطنيهم في حرية تامة. ومن ثم فإنه يتعذَّر الادعاء في القرن الحادي والعشرين بأن الحروب الآن يمكن أن يترتب عليها وجود رق، أسرى وسبايا، فالمعروف أن الرق غير مشروع في نظر القانون الدولي والقوانين الداخلية.
منظمة إرهابية
وتابع د. هاشم حديثه متسائلا: هل داعش هذه إسلامية ترفع راية الإسلام بتفويض من جموع الأمة الإسلامية وتحارب أعداء لها من المشركين مثلا؟ أم أنها قد تنضوي حسبما هو شائع تحت قوى الإرهاب الدولية من خلال منظمة إرهابية لا يعترف بها العالم ككيان سياسي، ومن ثم لا تخضع للقوانين الدولية في مسائل الرق والأسرى، وأنها تحارب قوى إسلامية مثلها، وهل يسترق المسلم مسلمة أو يسبي امرأة مسلمة؟ إن الحرب بين طائفتين مسلمتين لا يكون إلا في إطار ما شرعه الإسلام من محاربة أهل البغي كما ورد في سورة الحجرات (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله).. وما تقوم به داعش هو خطف للنساء وليس سبيا وهو ما لا يقره شرع ولا عرفٌ ولا قانون.
بعد أن أقامت داعش أسواقا للنخاسة
د. سالم عبد الجليل: الإسلام جفف منابع الرق.. وداعش لا تخدم سوى أعداء الدين
د. هاشم عيسى: ما تقوم به داعش خطف للنساء وليس سبيا.. لا يقره شرع ولا عرفٌ ولا قانون
لا يزال مسلسل الكوميديا السوداء فى العراق وسوريا مستمرًا، فبعد المذابح الجماعية التى يقوم بها النبت الشائه المسمى بداعش لكل مخالف له فى الفكر تحت قناعٍ زائف من الدفاع عن الإسلام ومحاولة إقامة دولة إسلامية، تماما كما فعل الخوارج من قبل، جاء إعلانه مؤخرا عن أسواق للنخاسة لبيع النساء اللاتى يختطفهن ويسرقهن من أهلهن ليدعم بهذه الأموال رجاله المجاهدين فى سبيل الشيطان.. ولأننا لا نملك سوى المواجهة الفكرية لهذه الأفعال المجرمة والعقول الخربة التى تسىء إلى الدين الإسلامى وتمثل حربًا عليه، وتنال منه بأكثر مما ينال أعداؤه، كان هذا التحقيق:
يؤكد د. سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق والداعية الإسلامى أن الله تعالى كرّم الإنسان وجعله خليفة في الأرض، وخلقه حرا ليكون عبدا لله وحده دون سواه، وأعلن الخصومة ومن ثم الحرب على من استرق حرا، فقال في الحديث القدسي الشريف: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره، رواه البخاري في صحيحه.. وبُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم والقوي يسترق الضعيف ويأكل بثمنه، فجاءت الشريعة الغراء لتوقف الرق، وجففت منابعه، ولم تجعل له إلا طريقاً واحداً، وهو الحربُ المشروعة، وحثت الشريعة ولى الأمر على المن عليهم بالعتق وقبول الفداء منهم ليعودوا إلى أهلهم أحراراً، أو الإبقاء عليهم حتى تضع الحرب أوزارها، أي تنتهي، فيفاوض بهم الأعداء، ثم وضعت الشريعة الإسلامية الغراء وسائل عديدة للإنهاء على الرق، من ذلك الترغيب في عتق الرقاب، قال تعالى: "فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة. فك رقبة. أو إطعام في يوم ذي مسغبة .."، ثم شرع الكفارات، مثل كفارة اليمين، كفارة الظهار . كفارة قتل الخطأ، وعلى رأسها عتق العبيد وتحريرهم.
صورة مشوهة
ويتابع د. سالم: أنه لما دعت الأمم المتحدة في ميثاق حقوق الإنسان منذ نحو 65 عاماً لإنهاء الرق، كانت الدول الإسلامية أول من سارع للتصديق عليها لاتفاقها مع روح الشريعة الإسلامية الغراء، وعندما يخرج على إجماع الأمة الإسلامية جماعة هنا وأخرى هناك تسترق الأحرار والحرائر وتقيم لهن سوقاً لبيعهن، كان لا بد من التصدي لهم، وبيان عظمة الإسلام وجهاده في إنهاء حالة الرق، فالتنظيم المسمى داعش له تصرفات غير مبررة شرعاً وغير مقبولة عقلا، ولا تخدم سوى أعداء الإسلام؛ من تلك التصرفات: الإعلان عن إنشاء سوق لبيع العبيد والجواري والإماء، ولا شك أن هذا التصرف، فضلا عن ذبح البشر كما يذبح الدجاج، يقدم للعالم صورة عن الإسلام غير صحيحة، بل هي صورة مشوهة، فالإسلام كله رحمة، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، قال الله تعالى عنه: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، وقال عن نفسه: إنما أنا رحمة مهداة، والإسلام هو دين التسامح وقبول الآخر، وقد هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة فتصالح مع اليهود، ولم يحاربهم أو يطردهم لكونهم يهودا ومخالفين له في الاعتقادات، بل احترم المعاهدة التي أقامها معهم، ولم يحارب أو يُخرج من المدينة إلا من نقضوا العهد وحاربوه، والإسلام دين المحبة لجميع الخلق: لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا ادلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم، والمسلم كما عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن هو من أمنه الناس على أموالهم ودمائهم وأعراضهم.
فليعرف شبابنا هذا، ولا ينجرفوا إلى العنف تحت شعارات رنانة، وليجاهدوا الجهاد الأكبر، بتزكية أنفسهم وتطهير قلوبهم والسعي على معاشهم وبناء أوطانهم والقيام بواجباتهم نحو أهلهم ومجتمعهم.
الإسلام حارب الرق
ومن جانب آخر يوضح د. هاشم عيسى أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة القاهرة أنه بداية ينبغي أن نقرر أن الرق كان منتشراً ومعترفاً به عند العرب في جاهليتهم، وتنوعت مصادره، فكان على رأسها الاسترقاق من خلال الحروب والغزوات والغارات، حيث كان الجيش المنتصر يأسر الرجال، ويعتبرهم أسارى (رقيق)، ويسبي النساء ويعتبرهن (سبايا). ولم تقتصر مصادر الرق على الحرب والغزوات، فكان من بينها الخطف، فضلا عن الاسترقاق من خلال البيع والشراء من أسواق النخاسة.
وينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أن الإسلام عمل على تضييق دائرة الرق ومحاربته من خلال منهجه في الترغيب والترهيب، فحث على تحرير الرقاب وعتقها، وذلك من خلال بعض الحدود والكفَّارات، كما في قوله تعالى في سورة النساء: "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودِيَةٌ مسلَّمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا فإن كان من قومٍ عدوٍ لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة، وإن كان من قومٍ بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلَّمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة.. آية 92"، فانظر كم حرص المنهج الإسلامي من خلال هذه الآية على الحث والحفز على تحرير الرقبة كفارة عن جرائم القتل، وكأنه يشير إلى أنه لا يكفر جريمة القتل إلا إحياء نفس مؤمنة من خلال تحريرها من الرق، وبذلك يصبح تحرير الرقبة بمثابة إحياء النفس.. وكذلك في كفارة اليمين؛ إذ يقول ربنا تبارك وتعالى في سورة المائدة: "لا يُؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان فكفارته عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة 89". كما جعل كفارة الظهار تحرير رقبة، فقال تعالى في مطلع سورة المجادلة: "الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا 3"، ومن يتتبع مادة (رقبة، ورقاب) في آيات القرآن الكريم سيلمح دون عناء حرص القرآن الكريم على دفع المسلمين دفعاً للتخلص من هذا الموروث الاجتماعي، الذي ما كان يمكن التخلص منه دفعة واحدة، وقد ألفنا منهج الإسلام في التدرج، كما في تحريم الخمر.
وإذا كان هذا بالنسبة للتحرير من الرق بصفة عامة، فإنه بالنسبة لتحرير النساء كان أدعى، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى حينما انتصر على بني المصطلق في غزوة المريسيع في شعبان سنة 6 ه، وأسر وسبي من بني المصطلق الكثير فما كان من النبي إلا وتزوج من (جويرية بنت الحارث بن ضرار) زعيم بني المصطلق وأعتقها؛ بل وأعتق أهلها حتى قيل: إنه ليست هناك امرأة أكثر بركة من جويرية، فقد أعتق رسول الله بفضلها أهلها من الرق. بل وفتح الإسلام باباً للرقيق لاسترداد حريتهم من خلال المكاتبة. فيمكن للعبد أن يكاتب سيده على العتق، وقد حض القرآن على ذلك، فقال: " فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة؟ فك رقبة".
ومنذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة، فقد التزمت الدول الأعضاء فيها بميثاقها وبالقرارات الصادرة عنها، والتي تلزمها بمبدأ تبادل الأسرى، وحسن معاملتهم، من الرجال والنساء، إن كان الجيش يحوي عنصرا نسائيا، ثم يتم التبادل بين الأسرى الذين يعودون إلى صفوف مواطنيهم في حرية تامة. ومن ثم فإنه يتعذَّر الادعاء في القرن الحادي والعشرين بأن الحروب الآن يمكن أن يترتب عليها وجود رق، أسرى وسبايا، فالمعروف أن الرق غير مشروع في نظر القانون الدولي والقوانين الداخلية.
منظمة إرهابية
وتابع د. هاشم حديثه متسائلا: هل داعش هذه إسلامية ترفع راية الإسلام بتفويض من جموع الأمة الإسلامية وتحارب أعداء لها من المشركين مثلا؟ أم أنها قد تنضوي حسبما هو شائع تحت قوى الإرهاب الدولية من خلال منظمة إرهابية لا يعترف بها العالم ككيان سياسي، ومن ثم لا تخضع للقوانين الدولية في مسائل الرق والأسرى، وأنها تحارب قوى إسلامية مثلها، وهل يسترق المسلم مسلمة أو يسبي امرأة مسلمة؟ إن الحرب بين طائفتين مسلمتين لا يكون إلا في إطار ما شرعه الإسلام من محاربة أهل البغي كما ورد في سورة الحجرات (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله).. وما تقوم به داعش هو خطف للنساء وليس سبيا وهو ما لا يقره شرع ولا عرفٌ ولا قانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.