مصادر فلسطينية: صدى الانفجارات والقصف وصل من قطاع غزة إلى جنوب الضفة الغربية    4 أهداف لريبيرو مع الأهلي أمام المحلة .. ماعلاقة الزمالك والمصري؟    رسميًا.. القادسية الكويتي يعلن تعاقده مع كهربا    شيكابالا يتحدث عن.. احتياجات الزمالك.. العودة لدوري الأبطال.. ومركز السعيد    بهاء الخطيب.. ذبحة صدرية أودت بحياة الفنان الشاب    تنسيق جامعة الأزهر 2025.. مؤشرات القبول والحد الأدنى المتوقع لكليات البنين والبنات (موعد ورابط التسجيل)    تنسيق المرحلة الثالثة، الأخطاء الشائعة عند تسجيل الرغبات وتحذير من الرقم السري    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم بلدتين بالخليل ومدينة قلقيلية    "وول ستريت جورنال": البنتاجون يمنع أوكرانيا من استخدام الأسلحة بعيدة المدى لضرب العمق الروسي    في 12 مقاطعة ب موسكو.. الدفاع الروسية تُسقط 57 مسيرة أوكرانية    تصل كييف خلال 6 أسابيع.. إدارة ترامب توافق على بيع 3350 صاروخا بعيد المدى ل أوكرانيا    فرنسا تستدعى السفيرة الإيطالية بعد تصريحات نائب رئيس الحكومة الإيطالية ضد ماكرون    وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى اندثار بعض الوظائف.. والحل التوجه لمهن جديدة    بينهم مصريون.. بنك HSBC يُغلق حسابات 1000 من أثرياء الشرق الأوسط    عقوبة تزوير الكود التعريفي للمعتمر وفقًا للقانون    الظهور الأول لمودريتش.. ميلان يسقط أمام كريمونيزي في افتتاحية الدوري الإيطالي    فينجادا: حزنت من انتقال زيزو إلى الأهلي.. والكرة المصرية تعاني من عدم الاحترافية    محافظ الإسكندرية يزور مصابي حادث غرق شاطئ أبو تلات بمستشفى العامرية    تفاصيل مصرع طفلة في انهيار سقف منزل قديم بالغربية    خسوف القمر الكلي.. مصر على موعد مع ظاهرة فلكية بارزة في 7 سبتمبر.. فيديو    انقلاب سيارة محملة بالزيت على الطريق الدولي ومحافظ كفر الشيخ يوجه بتأمين الطريق    للحفاظ على عمر البطارية.. نصائح مهمة لمستخدمي هواتف أندرويد وآيفون    وداعًا للبطاريات.. خلايا شمسية جديدة تشغل الأجهزة من إضاءة الغرف    مروة ناجي تتألق في أولى مشاركاتها بمهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية    بالصور.. ليلى علوي وأحمد العوضي وإلهام شاهين في الساحل الشمالي    الكاتب سامح فايز يعتذر لصاحب دار عصير الكتب بعد 3 أعوام من الخلافات    شاب بريطاني لم يغمض له جفن منذ عامين- ما القصة؟    وزير الصحة: نضمن تقديم الخدمات الصحية لجميع المقيمين على رض مصر دون تمييز    خلال اشتباكات مع قوات الأمن.. مقتل تاجر مخدرات شديد الخطورة في الأقصر    مصرع طفل وإصابة 2 آخرين في انهيار حائط بسوهاج    مهرجان القلعة.. أحمد جمال يطوي الصفحة الأخيرة للدورة 33 (صور)    في المباراة ال 600 للمدرب.. ويسلي يفتتح مسيرته مع روما بحسم الفوز على بولونيا    قصف مدفعي جديد يستهدف وسط غزة    وزير الإسكان يتابع موقف عدد من المشروعات بمطروح    رسميًا.. موعد المولد النبوي 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة للقطاع العام والخاص والبنوك    برشلونة يقلب تأخره لفوز أمام ليفانتي بالدوري الاسباني    «قولتله نبيع زيزو».. شيكابالا يكشف تفاصيل جلسته مع حسين لبيب    مستثمرون يابانيون: مصر جاذبة للاستثمار ولديها موارد تؤهلها للعالمية    تاليا تامر حسني: التنمّر ليس مزحة.. إنه ألم حقيقي يدمّر الثقة بالنفس (فيديو)    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 محليًا وعالميًا    قلق عن الأحوال المادية.. حظ برج العقرب اليوم 24 أغسطس    لا صحة لوقوع خطأ طبي.. محمود سعد يوضح تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام    وسط ترقب وهتاف.. الجمهور ينتظر تامر حسني بحماس في مهرجان مراسي (صور)    رسميًا الآن بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 24 أغسطس 2025    «المصري اليوم» في جولة داخل أنفاق المرحلة الأولى للخط الرابع ل«المترو»    محافظ شمال سيناء يوجه بتشغيل قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى العريش العام    إحالة المتغيبين في مستشفى الشيخ زويد المركزى إلى التحقيق العاجل    "سلامة قلبك".. مستشفى جديد لعلاج أمراض وجراحة القلب للأطفال مجانًا بالمحلة الكبري    "كنت بشوفهم بيموتوا قدامي".. شهادة ناجية من فاجعة غرق طالبات سوهاج بشاطئ أبو تلات بالإسكندرية    «أوقاف المنيا» تعلن بدء احتفال المولد النبوي غدًا الأحد 24 أغسطس    تعرف على استعدادات تعليم كفر الشيخ للعام الدراسي الجديد    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    أوقاف الدقهلية تبدأ اختبارات أفضل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    الجندي يشدد على ضرورة تطوير أساليب إعداد وإخراج المحتوى العلمي لمجمع البحوث الإسلاميَّة    حصاد الأسبوع    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد أن أقامت داعش أسواقا للنخاسة

د. سالم عبد الجليل: الإسلام جفف منابع الرق.. وداعش لا تخدم سوى أعداء الدين
د. هاشم عيسى: ما تقوم به داعش خطف للنساء وليس سبيا.. لا يقره شرع ولا عرفٌ ولا قانون
لا يزال مسلسل الكوميديا السوداء فى العراق وسوريا مستمرًا، فبعد المذابح الجماعية التى يقوم بها النبت الشائه المسمى بداعش لكل مخالف له فى الفكر تحت قناعٍ زائف من الدفاع عن الإسلام ومحاولة إقامة دولة إسلامية، تماما كما فعل الخوارج من قبل، جاء إعلانه مؤخرا عن أسواق للنخاسة لبيع النساء اللاتى يختطفهن ويسرقهن من أهلهن ليدعم بهذه الأموال رجاله المجاهدين فى سبيل الشيطان.. ولأننا لا نملك سوى المواجهة الفكرية لهذه الأفعال المجرمة والعقول الخربة التى تسىء إلى الدين الإسلامى وتمثل حربًا عليه، وتنال منه بأكثر مما ينال أعداؤه، كان هذا التحقيق:
يؤكد د. سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق والداعية الإسلامى أن الله تعالى كرّم الإنسان وجعله خليفة في الأرض، وخلقه حرا ليكون عبدا لله وحده دون سواه، وأعلن الخصومة ومن ثم الحرب على من استرق حرا، فقال في الحديث القدسي الشريف: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره، رواه البخاري في صحيحه.. وبُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم والقوي يسترق الضعيف ويأكل بثمنه، فجاءت الشريعة الغراء لتوقف الرق، وجففت منابعه، ولم تجعل له إلا طريقاً واحداً، وهو الحربُ المشروعة، وحثت الشريعة ولى الأمر على المن عليهم بالعتق وقبول الفداء منهم ليعودوا إلى أهلهم أحراراً، أو الإبقاء عليهم حتى تضع الحرب أوزارها، أي تنتهي، فيفاوض بهم الأعداء، ثم وضعت الشريعة الإسلامية الغراء وسائل عديدة للإنهاء على الرق، من ذلك الترغيب في عتق الرقاب، قال تعالى: "فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة. فك رقبة. أو إطعام في يوم ذي مسغبة .."، ثم شرع الكفارات، مثل كفارة اليمين، كفارة الظهار . كفارة قتل الخطأ، وعلى رأسها عتق العبيد وتحريرهم.
صورة مشوهة
ويتابع د. سالم: أنه لما دعت الأمم المتحدة في ميثاق حقوق الإنسان منذ نحو 65 عاماً لإنهاء الرق، كانت الدول الإسلامية أول من سارع للتصديق عليها لاتفاقها مع روح الشريعة الإسلامية الغراء، وعندما يخرج على إجماع الأمة الإسلامية جماعة هنا وأخرى هناك تسترق الأحرار والحرائر وتقيم لهن سوقاً لبيعهن، كان لا بد من التصدي لهم، وبيان عظمة الإسلام وجهاده في إنهاء حالة الرق، فالتنظيم المسمى داعش له تصرفات غير مبررة شرعاً وغير مقبولة عقلا، ولا تخدم سوى أعداء الإسلام؛ من تلك التصرفات: الإعلان عن إنشاء سوق لبيع العبيد والجواري والإماء، ولا شك أن هذا التصرف، فضلا عن ذبح البشر كما يذبح الدجاج، يقدم للعالم صورة عن الإسلام غير صحيحة، بل هي صورة مشوهة، فالإسلام كله رحمة، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، قال الله تعالى عنه: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، وقال عن نفسه: إنما أنا رحمة مهداة، والإسلام هو دين التسامح وقبول الآخر، وقد هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة فتصالح مع اليهود، ولم يحاربهم أو يطردهم لكونهم يهودا ومخالفين له في الاعتقادات، بل احترم المعاهدة التي أقامها معهم، ولم يحارب أو يُخرج من المدينة إلا من نقضوا العهد وحاربوه، والإسلام دين المحبة لجميع الخلق: لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا ادلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم، والمسلم كما عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن هو من أمنه الناس على أموالهم ودمائهم وأعراضهم.
فليعرف شبابنا هذا، ولا ينجرفوا إلى العنف تحت شعارات رنانة، وليجاهدوا الجهاد الأكبر، بتزكية أنفسهم وتطهير قلوبهم والسعي على معاشهم وبناء أوطانهم والقيام بواجباتهم نحو أهلهم ومجتمعهم.
الإسلام حارب الرق
ومن جانب آخر يوضح د. هاشم عيسى أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة القاهرة أنه بداية ينبغي أن نقرر أن الرق كان منتشراً ومعترفاً به عند العرب في جاهليتهم، وتنوعت مصادره، فكان على رأسها الاسترقاق من خلال الحروب والغزوات والغارات، حيث كان الجيش المنتصر يأسر الرجال، ويعتبرهم أسارى (رقيق)، ويسبي النساء ويعتبرهن (سبايا). ولم تقتصر مصادر الرق على الحرب والغزوات، فكان من بينها الخطف، فضلا عن الاسترقاق من خلال البيع والشراء من أسواق النخاسة.
وينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أن الإسلام عمل على تضييق دائرة الرق ومحاربته من خلال منهجه في الترغيب والترهيب، فحث على تحرير الرقاب وعتقها، وذلك من خلال بعض الحدود والكفَّارات، كما في قوله تعالى في سورة النساء: "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودِيَةٌ مسلَّمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا فإن كان من قومٍ عدوٍ لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة، وإن كان من قومٍ بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلَّمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة.. آية 92"، فانظر كم حرص المنهج الإسلامي من خلال هذه الآية على الحث والحفز على تحرير الرقبة كفارة عن جرائم القتل، وكأنه يشير إلى أنه لا يكفر جريمة القتل إلا إحياء نفس مؤمنة من خلال تحريرها من الرق، وبذلك يصبح تحرير الرقبة بمثابة إحياء النفس.. وكذلك في كفارة اليمين؛ إذ يقول ربنا تبارك وتعالى في سورة المائدة: "لا يُؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان فكفارته عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة 89". كما جعل كفارة الظهار تحرير رقبة، فقال تعالى في مطلع سورة المجادلة: "الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا 3"، ومن يتتبع مادة (رقبة، ورقاب) في آيات القرآن الكريم سيلمح دون عناء حرص القرآن الكريم على دفع المسلمين دفعاً للتخلص من هذا الموروث الاجتماعي، الذي ما كان يمكن التخلص منه دفعة واحدة، وقد ألفنا منهج الإسلام في التدرج، كما في تحريم الخمر.
وإذا كان هذا بالنسبة للتحرير من الرق بصفة عامة، فإنه بالنسبة لتحرير النساء كان أدعى، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى حينما انتصر على بني المصطلق في غزوة المريسيع في شعبان سنة 6 ه، وأسر وسبي من بني المصطلق الكثير فما كان من النبي إلا وتزوج من (جويرية بنت الحارث بن ضرار) زعيم بني المصطلق وأعتقها؛ بل وأعتق أهلها حتى قيل: إنه ليست هناك امرأة أكثر بركة من جويرية، فقد أعتق رسول الله بفضلها أهلها من الرق. بل وفتح الإسلام باباً للرقيق لاسترداد حريتهم من خلال المكاتبة. فيمكن للعبد أن يكاتب سيده على العتق، وقد حض القرآن على ذلك، فقال: " فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة؟ فك رقبة".
ومنذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة، فقد التزمت الدول الأعضاء فيها بميثاقها وبالقرارات الصادرة عنها، والتي تلزمها بمبدأ تبادل الأسرى، وحسن معاملتهم، من الرجال والنساء، إن كان الجيش يحوي عنصرا نسائيا، ثم يتم التبادل بين الأسرى الذين يعودون إلى صفوف مواطنيهم في حرية تامة. ومن ثم فإنه يتعذَّر الادعاء في القرن الحادي والعشرين بأن الحروب الآن يمكن أن يترتب عليها وجود رق، أسرى وسبايا، فالمعروف أن الرق غير مشروع في نظر القانون الدولي والقوانين الداخلية.
منظمة إرهابية
وتابع د. هاشم حديثه متسائلا: هل داعش هذه إسلامية ترفع راية الإسلام بتفويض من جموع الأمة الإسلامية وتحارب أعداء لها من المشركين مثلا؟ أم أنها قد تنضوي حسبما هو شائع تحت قوى الإرهاب الدولية من خلال منظمة إرهابية لا يعترف بها العالم ككيان سياسي، ومن ثم لا تخضع للقوانين الدولية في مسائل الرق والأسرى، وأنها تحارب قوى إسلامية مثلها، وهل يسترق المسلم مسلمة أو يسبي امرأة مسلمة؟ إن الحرب بين طائفتين مسلمتين لا يكون إلا في إطار ما شرعه الإسلام من محاربة أهل البغي كما ورد في سورة الحجرات (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله).. وما تقوم به داعش هو خطف للنساء وليس سبيا وهو ما لا يقره شرع ولا عرفٌ ولا قانون.
بعد أن أقامت داعش أسواقا للنخاسة
د. سالم عبد الجليل: الإسلام جفف منابع الرق.. وداعش لا تخدم سوى أعداء الدين
د. هاشم عيسى: ما تقوم به داعش خطف للنساء وليس سبيا.. لا يقره شرع ولا عرفٌ ولا قانون
لا يزال مسلسل الكوميديا السوداء فى العراق وسوريا مستمرًا، فبعد المذابح الجماعية التى يقوم بها النبت الشائه المسمى بداعش لكل مخالف له فى الفكر تحت قناعٍ زائف من الدفاع عن الإسلام ومحاولة إقامة دولة إسلامية، تماما كما فعل الخوارج من قبل، جاء إعلانه مؤخرا عن أسواق للنخاسة لبيع النساء اللاتى يختطفهن ويسرقهن من أهلهن ليدعم بهذه الأموال رجاله المجاهدين فى سبيل الشيطان.. ولأننا لا نملك سوى المواجهة الفكرية لهذه الأفعال المجرمة والعقول الخربة التى تسىء إلى الدين الإسلامى وتمثل حربًا عليه، وتنال منه بأكثر مما ينال أعداؤه، كان هذا التحقيق:
يؤكد د. سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق والداعية الإسلامى أن الله تعالى كرّم الإنسان وجعله خليفة في الأرض، وخلقه حرا ليكون عبدا لله وحده دون سواه، وأعلن الخصومة ومن ثم الحرب على من استرق حرا، فقال في الحديث القدسي الشريف: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره، رواه البخاري في صحيحه.. وبُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم والقوي يسترق الضعيف ويأكل بثمنه، فجاءت الشريعة الغراء لتوقف الرق، وجففت منابعه، ولم تجعل له إلا طريقاً واحداً، وهو الحربُ المشروعة، وحثت الشريعة ولى الأمر على المن عليهم بالعتق وقبول الفداء منهم ليعودوا إلى أهلهم أحراراً، أو الإبقاء عليهم حتى تضع الحرب أوزارها، أي تنتهي، فيفاوض بهم الأعداء، ثم وضعت الشريعة الإسلامية الغراء وسائل عديدة للإنهاء على الرق، من ذلك الترغيب في عتق الرقاب، قال تعالى: "فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة. فك رقبة. أو إطعام في يوم ذي مسغبة .."، ثم شرع الكفارات، مثل كفارة اليمين، كفارة الظهار . كفارة قتل الخطأ، وعلى رأسها عتق العبيد وتحريرهم.
صورة مشوهة
ويتابع د. سالم: أنه لما دعت الأمم المتحدة في ميثاق حقوق الإنسان منذ نحو 65 عاماً لإنهاء الرق، كانت الدول الإسلامية أول من سارع للتصديق عليها لاتفاقها مع روح الشريعة الإسلامية الغراء، وعندما يخرج على إجماع الأمة الإسلامية جماعة هنا وأخرى هناك تسترق الأحرار والحرائر وتقيم لهن سوقاً لبيعهن، كان لا بد من التصدي لهم، وبيان عظمة الإسلام وجهاده في إنهاء حالة الرق، فالتنظيم المسمى داعش له تصرفات غير مبررة شرعاً وغير مقبولة عقلا، ولا تخدم سوى أعداء الإسلام؛ من تلك التصرفات: الإعلان عن إنشاء سوق لبيع العبيد والجواري والإماء، ولا شك أن هذا التصرف، فضلا عن ذبح البشر كما يذبح الدجاج، يقدم للعالم صورة عن الإسلام غير صحيحة، بل هي صورة مشوهة، فالإسلام كله رحمة، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، قال الله تعالى عنه: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، وقال عن نفسه: إنما أنا رحمة مهداة، والإسلام هو دين التسامح وقبول الآخر، وقد هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة فتصالح مع اليهود، ولم يحاربهم أو يطردهم لكونهم يهودا ومخالفين له في الاعتقادات، بل احترم المعاهدة التي أقامها معهم، ولم يحارب أو يُخرج من المدينة إلا من نقضوا العهد وحاربوه، والإسلام دين المحبة لجميع الخلق: لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا ادلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم، والمسلم كما عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن هو من أمنه الناس على أموالهم ودمائهم وأعراضهم.
فليعرف شبابنا هذا، ولا ينجرفوا إلى العنف تحت شعارات رنانة، وليجاهدوا الجهاد الأكبر، بتزكية أنفسهم وتطهير قلوبهم والسعي على معاشهم وبناء أوطانهم والقيام بواجباتهم نحو أهلهم ومجتمعهم.
الإسلام حارب الرق
ومن جانب آخر يوضح د. هاشم عيسى أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة القاهرة أنه بداية ينبغي أن نقرر أن الرق كان منتشراً ومعترفاً به عند العرب في جاهليتهم، وتنوعت مصادره، فكان على رأسها الاسترقاق من خلال الحروب والغزوات والغارات، حيث كان الجيش المنتصر يأسر الرجال، ويعتبرهم أسارى (رقيق)، ويسبي النساء ويعتبرهن (سبايا). ولم تقتصر مصادر الرق على الحرب والغزوات، فكان من بينها الخطف، فضلا عن الاسترقاق من خلال البيع والشراء من أسواق النخاسة.
وينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أن الإسلام عمل على تضييق دائرة الرق ومحاربته من خلال منهجه في الترغيب والترهيب، فحث على تحرير الرقاب وعتقها، وذلك من خلال بعض الحدود والكفَّارات، كما في قوله تعالى في سورة النساء: "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودِيَةٌ مسلَّمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا فإن كان من قومٍ عدوٍ لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة، وإن كان من قومٍ بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلَّمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة.. آية 92"، فانظر كم حرص المنهج الإسلامي من خلال هذه الآية على الحث والحفز على تحرير الرقبة كفارة عن جرائم القتل، وكأنه يشير إلى أنه لا يكفر جريمة القتل إلا إحياء نفس مؤمنة من خلال تحريرها من الرق، وبذلك يصبح تحرير الرقبة بمثابة إحياء النفس.. وكذلك في كفارة اليمين؛ إذ يقول ربنا تبارك وتعالى في سورة المائدة: "لا يُؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان فكفارته عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة 89". كما جعل كفارة الظهار تحرير رقبة، فقال تعالى في مطلع سورة المجادلة: "الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا 3"، ومن يتتبع مادة (رقبة، ورقاب) في آيات القرآن الكريم سيلمح دون عناء حرص القرآن الكريم على دفع المسلمين دفعاً للتخلص من هذا الموروث الاجتماعي، الذي ما كان يمكن التخلص منه دفعة واحدة، وقد ألفنا منهج الإسلام في التدرج، كما في تحريم الخمر.
وإذا كان هذا بالنسبة للتحرير من الرق بصفة عامة، فإنه بالنسبة لتحرير النساء كان أدعى، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى حينما انتصر على بني المصطلق في غزوة المريسيع في شعبان سنة 6 ه، وأسر وسبي من بني المصطلق الكثير فما كان من النبي إلا وتزوج من (جويرية بنت الحارث بن ضرار) زعيم بني المصطلق وأعتقها؛ بل وأعتق أهلها حتى قيل: إنه ليست هناك امرأة أكثر بركة من جويرية، فقد أعتق رسول الله بفضلها أهلها من الرق. بل وفتح الإسلام باباً للرقيق لاسترداد حريتهم من خلال المكاتبة. فيمكن للعبد أن يكاتب سيده على العتق، وقد حض القرآن على ذلك، فقال: " فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة؟ فك رقبة".
ومنذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة، فقد التزمت الدول الأعضاء فيها بميثاقها وبالقرارات الصادرة عنها، والتي تلزمها بمبدأ تبادل الأسرى، وحسن معاملتهم، من الرجال والنساء، إن كان الجيش يحوي عنصرا نسائيا، ثم يتم التبادل بين الأسرى الذين يعودون إلى صفوف مواطنيهم في حرية تامة. ومن ثم فإنه يتعذَّر الادعاء في القرن الحادي والعشرين بأن الحروب الآن يمكن أن يترتب عليها وجود رق، أسرى وسبايا، فالمعروف أن الرق غير مشروع في نظر القانون الدولي والقوانين الداخلية.
منظمة إرهابية
وتابع د. هاشم حديثه متسائلا: هل داعش هذه إسلامية ترفع راية الإسلام بتفويض من جموع الأمة الإسلامية وتحارب أعداء لها من المشركين مثلا؟ أم أنها قد تنضوي حسبما هو شائع تحت قوى الإرهاب الدولية من خلال منظمة إرهابية لا يعترف بها العالم ككيان سياسي، ومن ثم لا تخضع للقوانين الدولية في مسائل الرق والأسرى، وأنها تحارب قوى إسلامية مثلها، وهل يسترق المسلم مسلمة أو يسبي امرأة مسلمة؟ إن الحرب بين طائفتين مسلمتين لا يكون إلا في إطار ما شرعه الإسلام من محاربة أهل البغي كما ورد في سورة الحجرات (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله).. وما تقوم به داعش هو خطف للنساء وليس سبيا وهو ما لا يقره شرع ولا عرفٌ ولا قانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.