في الوقت الذي دعا فيه السلفي الشهير أبواسحق الحويني لعودة نظام السبايا، وقالت الناشطة الكويتية فاطمة المطيري إنها حصلت علي فتوي بأن اقتناء الجواري حلال أجمع علماء الدين علي أنه لا يجوز شرعا اقتناء الجواري وإن كانت الأسباب مختلفة. الدكتورة آمنة نصير - أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: عندما سمعت بهذه الدعاوي شعرت بأننا أمة منكوبة لدينا الإحساس بالهوان. وأرجعت الدكتورة آمنة أسباب إطلاق هذه الدعاوي إلي خلل اجتماعي لأن الإسلام رحب بتحرير الإنسان في الإسلام سواء الرجل أو المرأة.. وطالبت بضرورة تحليل علمي لمثل هذا القول حتي نعرف أين الخلل. وأكدت علي أن الإسلام كان يحث علي تحرير الإنسان بعتق الرقاب في تكفير الذنوب أو إذا تزوجت المرأة من سيدها وأنجبت له ولدا فعليه أن يحررها، وكذلك كان أبوبكر الصديق يشتري الجواري ويعتقهن حتي تمتلكن إرادتهن في اعتناق الإسلام من عدمه ولم يحدد الإسلام أن المرأة المسلمة السبية هي التي تحرر ولم يربطها بديانة معينة، فهذه القضية إنسانية وليست إسلامية لأن الإسلام كان حكيما في هذه القضية بحيث لا يحدث اضطراب في المجتمع. وأوضحت أن «ملك اليمين» كانت ثقافة موجودة في جميع الشعوب في مرحلة معينة، وهي العصر الروماني والعصور الأولي، فعندما منع الإسلام سفر المرأة فوق ثلاثة أشهر كان الهدف منه هو منع ذلك لأن الثقافة التي كانت سائدة هي ثقافة السبايا. الدكتور عبدالفتاح إدريس - أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون - أكد أن الإسلام عرف الرق من خلال أسري الحروب التي كانت تقع بين المسلمين وغير المسلمين ولم يكن الإسلام ينظر إلي الرق أو الاسترقاق كوسيلة للتملك أو في إذلال الجنس البشري أو المتاجرة في بني آدم. وإنما كان ينظر إلي ذلك باعتبار أن الله تعالي شرع ذلك كنوع من إعلاء الشأن للإسلام والمسلمين علي من عداهم من الكفار. وأضاف أن الإسلام وضع عدة وجوه شرع فيها تحرير الرقاب من الرق منها الكفارات مثل كفارة القتل والظهار، كما جعلها بابا من أبواب الزكاة ينفق منه علي تحرير الرقاب من الرق. وأشار إدريس إلي أن ما ينادي به أحد الدعاة باعتبار أن الرق منقذ من الفقر وضيق الحال وهو الحل للأزمة الاقتصادية فإنه يدل علي أنه لا يفقه في دين الله إلا القصص التي يسردها علي الناس. الدكتور عبدالمنعم البري - رئيس جبهة علماء الأزهر - أكد أن الرسول - صلي الله عليه وسلم - ما دخل علي جارية أبدا، بل كان يكرم المرأة وكانت السيدة مارية القبطية سبية في إحدي الحروب وقبل دخولها الإسلام جعل الرسول - صلي الله عليه وسلم - صداقها عتقها وتحريرها لأن أفضل دعوة إلي الله هو عتق الرقاب والتعامل بكل معاني الكرامة الإنسانية. أكد الدكتور عبدالمعطي بيومي - عضو مجمع البحوث الإسلامية - أن الدعوة الإسلامية قامت علي تحرير العبيد وليس تقييد الأحرار، والنصوص الإسلامية تحض علي تحرير العبيد في الكفارات والصدقات والنذور. وأضاف أن الاسترقاق كان إجراء اضطراريا للمعاملة بالمثل لأنه كان النظام العالمي المتبع وأجبر المسلمون علي أن يأسروا من يجدونه، ومع ذلك لم تكن كل الحالات تدعو إلي الأسر والعبودية، فإذا كان العدو ضعيفا فإن الإسلام دعا إلي المن والفداء معه وليس استخدام الرق. الدكتور عبدالحميد الأطرش - رئيس لجنة الفتوي بالأزهر سابقا - قال: إنه حينما جاء الإسلام قضي نهائيا علي تجارة الرقيق وجعل تحرير رقبة كفارة من الذنوب وقام أبوبكر الصديق وصحابة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بعتق مواليهم. وتساءل الأطرش: إذا كان الإسلام في بدايته حرم الرق وقضي عليه فكيف يجوز في هذه الأيام العودة إلي الجواري تحت أي مسمي من المسميات، فالناس أمام الله سواسية؟ الشيخ محمود عاشور - وكيل الأزهر السابق - أكد أن الجهاد من أجل الحصول علي الغنائم هو كلام غير مسئول، فالجهاد لتخليص الحق وليس للحصول علي المغانم بدليل عندما خالف الرماة أوامر الرسول - صلي الله عليه وسلم - في غزوة أحد ونزلوا من جبل أحد للحصول علي الغنائم، كما أن هناك كثيرا من الغزوات لم تكن فيها غنائم، وإنما من أجل تحرير الأرض أو العرض أو المال. وأضاف: إن من يدعو إلي عودة الجواري لمنع الزني فإن هذا جهل فالإسلام لم يدع إلا إلي طريق واحد وهو الزواج، فالإسلام جاء لتحرير البشرية والناس وتكون عبيدا لله وليس عبيدا لأحد، فالبشرية سواسية كأسنان المشط، فهذه الدعوات مخالفة للإسلام ورجوع عما جاء به رسول الله - صلي الله عليه وسلم. الدكتور محمد الشوا - أستاذ السياسة الشرعية وأحد رموز السلفية - قال: إن الإسلام دعا إلي التحرر وليس العبودية ولو أقام الإسلام اقتصاده علي تجارة الجواري لكان أباح أسواق الرقيق وجعلها تجارة بين الناس، لكن الله كرم الإنسان. وحث الإسلام علي عتق الرقاب من خلال الكثير من أبواب الكفارات والزكاة حتي السبايا اللاتي يتم أخذهن من الحروب حث الله المسلمين علي عتقهن في سبيل الله أو تفتدي نفسها بالمال، أو يتم استبدالها بأسير مسلم، وهذا مرتبط بالزمان والمكان، فالعالم الآن لا يعرف تجارة الرقيق ويناهضها من خلال الاتفاقيات والمعاهدات. قال الشيخ هشام البيلي - أحد رموز السلفية: إن امتلاك الإماء كان نظاما منبثقا من نظام المجتمع القديم، فهو كان منتشرا وعندما جاء الإسلام وسع دائرة العتق مؤكدا علي أن الجهاد لابد أن يكون تحت سلطان. وأوضح أن نظام الجواري كان مطبقا في الإمارة أو الدولة الإسلامية عندما يحارب المسلمون غير المسلمين، أما المطالبة الآن بعودة الجواري فليس لها وجود علي أرض الواقع، لأنه ليست هناك إمارة إسلامية أو دولة إسلامية، وكان الإسلام يحث علي عتق الرقاب من خلال أبواب كفارات الذنوب، لكن اشترط أن تكون مؤمنة كما قال في سورة المجادلة «عتق رقبة مؤمنة». والنظام في الوقت الحالي عكس ما كان قائما قديما، فالاتفاقيات والمعاهدات تناهض الرق والعبودية فلا يجوز إطلاقا. الشيخ حافظ سلامة قال: إن الغنائم والسبايا والرق لا يكون إلا في حرب بين مسلم وكافر وتوزع السبايا علي الجنود، لكن قبل أن يؤخذوا سبايا أو أرقاء يتم العرض عليهم إما الدخول في الإسلام، فإن استجابوا فليكف عنهم القتال، أو أن يدفعوا الجزية وإن أجابوا فليقبل منهم الجيش الإسلامي، أما إذا رفضوا هذا أو ذاك فليستعن المسلمون بالله ويقاتلوهم وتكون أموالهم غنيمة من مال وأشخاص وهذه الغنائم أحلها الله كما حدث في غزوة بدر. وأضاف أنه لا يمكن أن يطبق هذا النظام إلا إذا كانت هناك دولة إسلامية، أما إذا تحارب المسلمون مع دولة إسلامية أخري فإنه لا يجوز أن يؤخذ أي محارب مسلم أو مسلمة لأنهم أحرار ولا يسمي هذا جهادا، وإنما قتالا أو مكافحة، أما الجهاد فهو ما يتم بهدف نشر الإسلام دون التعدي علي الأرض أو حرمة العرض. قال الشيخ عمرو عبدالحي - أحد رموز السلفية: إن الإسلام أجاز الإماء والسبايا ولم يحرمها، لكن في المقابل حث علي عتق الرقاب لأن الله أرسل رسله لكي يحرروا عبودية الناس للأصنام والبشر إلي عبودية رب البشر. وأوضح أن الإسلام يجيز الإماء علي الدوام، أي علي المسلمين وعلي غير المسلمين، فمثلا إذا كان هناك أسري غير مسلمين، وبعد ذلك دخلوا في الإسلام فإنهم سيكونون أسري مسلمين، وفي هذه الحالة يجب عتقهم لأنه لا يوجد مسلم أو مسلمة غير حر. وأكد أن الرسول - صلي الله عليه وسلم - قال في الرقيق: «عجب الله من قوم يدخلون الجنة بالسلاسل»، أي أن هؤلاء لو لم يقيدوا بالسلاسل ما كانوا سيدخلون الإسلام، لذا يشدون يوم القيامة إلي الجنة بالسلاسل. قال الشيخ مجدي قاسم، أحد رموز السلفية، الإسلام لم يأت بتشريع العبيد والجواري وإنما جاء الإسلام وكان هذا التشريع معمولا به في الديانات السابقة مثل تعدد الزوجات الذي كان منتشرا وحاول الإسلام أن يضيقه وكذلك فتح أبواب كثيرة لعتق الرقاب في الكفارات والزكاة. وهذا التشريع ( العبيد والجواري ) لم ينسخ بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم، فهو موجود، ولكن تطبيقه مقيد بالمواثيق الدولية والأعراف السائدة في العالم فإذا تعامل العالم مع المسلمين بهذا المبدأ وجب علي المسلمين أن يتعاملوا معهم بنفس المعاملة، فالإسلام لديه المعاملة بالمثل، ولكن الآن كل الأعراف الدولية ترفضه وفي مقدمتهم الدولة الإسلامية. الشيخ سعد مصطفي كامل السويسي، أحد مشايخ السلفية، أكد أن حكم الجواري في الإسلام مبني علي الإباحة وليس علي الوجوب والاستحباب فإذا رأي السلطان أو الأنظمة العالمية منعه فلا يمنع الإسلام ذلك لأنه ضيق إباحة امتلاك الجواري من خلال عتق الرقاب. وأضاف إن الإسلام لا يمنعه والرسول صلي الله عليه وسلم كانت عنده جارية تسمي ريحانة وكانت ماريا القبطية أيضا، لأن هذا النظام كان معمولا به في عصر الرسول أما الوقت الحالي، فأغلب الدول تناهض هذا النظام، لكن هناك دولا مازالت تعمل به وأشار إلي أنه استفتاه رجل قادم إلي مصر بجاريتين منذ 5 سنوات فأفتاه بعدم الجواز لأنه يجب أن يلتزم بأحكام البلد التي يدخله هكذا قال الإسلام. الشيخ عبد الرحمن الصاوي من مشايخ السلفية، قال إن المسلمين في حالة جهاد الطلب وهو عبارة عن أنه عند دخول المسلمين في غير البلاد الإسلامية يعرض علي أهل هذه البلاد إما الدخول في الإسلام فإذا رفضوا يعرض عليهم دفع الجزية وإذا رفضوآ تكون الحالة هي قتالهم وبذلك تكون أموالهم وأنفسهم غنائم للجنود المسلمين يتم توزيعها بينهم ولا يحل لغير الجنود. وفي هذه الحالة تنصب سوق النخاسة وتباع وتشتري السبايا والأسري وتحقق المال، حيث كانت خزائن الدولة تملأ بالأموال منها ولا أحد ينكر ذلك. وأشار إلي أنه مع ذلك لم يدع الإسلام إلي الرق، بل هذا هو النظام الذي كان موجودا وحاول الإسلام تضييقه من خلال عتق الرقاب حيث أتاح أن العبد من حقه أن يعتق إذا مات سيده وذلك بإجماع العلماء إلي جانب الافتداء بالمال أو الدخول في الإسلام وهناك أبواب كثيرة توضح ذلك. فالإسلام والكلام للصاوي لم يدع إلي العبودية والرق ولكنه أباحه بناء علي ما كان معمولا به وإذا رأي السلطان منعه لتحقيق مصلحة أو فائدة فهو صاحب الحق ويذكر أن الخديو إسماعيل بذل مجهودا كبيرا في منعه وأصبح العرف العالمي منعه.