إعلام إسرائيلي: ارتفاع أعداد المصابين إلى نحو 100 جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية    ازدحام غير مسبوق في سماء السعودية    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    توجيهات رئاسية مُستمرة وجهود حكومية مُتواصلة.. مصر مركز إقليمي لصناعة الدواء    أسعار الفراخ اليوم السبت 14-6-2025 بعد الانخفاض الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية اليوم    سعر الدولار عالميًا يسجل أعلى مستوياته في شهر.. قائمة الأسعار ب البنوك اليوم    نتيجة الشهادة الإعدادية بالدقهلية 2025 الترم الثاني.. رابط مباشر و خطوات الاستعلام    أسعار الذهب اليوم فى السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 14 يونيو 2025    جميعها مجانية.. القنوات المفتوحة الناقلة لمباراة الأهلي ضد إنتر ميامي مباشر.. والتردد    تفاصيل الاجتماع الفنى لمباراة الافتتاح.. الأهلى بالأحمر والشورت الأبيض أمام ميامى    أشرف داري ل«المصري اليوم»: درسنا إنتر ميامي ونعرف ميسي جيدا (فيديو)    موعد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 (صناعي- تجاري- زراعي- فني) فور اعتمادها    بالفيديو ..تامر حسني لجمهور الكويت : هتقوني علشان اغني ..انتوا عارفين الظروف    الأهلى يختتم تدريباته الجماعية استعدادا لمواجهة ميامى فى كأس العالم للأندية    تعرف على أسماء وأماكن لجان الثانوية العامة 2025 بمحافظة الشرقية    علقة موت لمدرب كمال أجسام تعدى جنسيا على طفلين بالفيوم    قناة مفتوحة لنقل مباراة الأهلي وانتر ميامى في كأس العالم للأندية    مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إسرائيل دمرت الجزء الموجود فوق سطح الأرض من منشأة نووية إيرانية رئيسية    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    مؤتمر أخبار اليوم العقاري.. «رواد القطاع العقاري يضعون خارطة طريق لمستقبل الصناعة»    اعرف رد محافظ الإسكندرية على جزار يبيع كيلو اللحمة ب700 جنيه.. فيديو وصور    الدبيكي: إعتماد إتفاقية «المخاطر البيولوجية» إنتصار تاريخي لحماية العمال    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    هل تتأثر قناة السويس بالصراع الإسرائيلي الإيراني؟.. الحكومة ترد    القناة 13: إصابة 5 إسرائيليين جراء الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير    كوكا: من الصعب إيقاف ميسي.. ولن ألعب في مصر لغير الأهلي    الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف الانتهاكات الصهيونية بحق دول المنطقة    إعلام عبري: سقوط 4 صواريخ فى دان جوش والنقب والشفيلا    فرنسا تحذر مواطنيها من السفر إلى الشرق الأوسط    الجنح تسدل الستار في قضية انفجار خط الغاز.. اليوم    مصرع فتاة سقطت من الطابق السادس بسوهاج    قبل وفاته مع «حذيفة».. «محمود» يروي لحظات الرعب والانفجار ب خط غاز طريق الواحات: «عينيا اسودّت والعربية ولّعت»    ضبط عاطل وراء إشعال النار بشقة والده في الطالبية    إنفانتينو: بطولة كأس العالم للأندية ستكون لحظة تاريخية فى كرة القدم    مراسل برنامج الحكاية: فوجئنا بوجود أجانب على كارتة الاسماعيلية    «قصور الثقافة» تعرض طعم الخوف على مسرح مدينة بني مزار.. غدًا    تامر عاشور يظهر بعكاز فى حفل الكويت.. صور    كاتب سياسي: رد إيران يشمل مئات الصواريخ الباليستية لم تشهد تل أبيب مثيل لها    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    حدث منتصف الليل| خطة الحكومة لتأمين الغاز والكهرباء.. وهبوط 5 رحلات اضطراريا بمطار شرم الشيخ    احذرها.. 4 أطعمة تدمر نومك في الليل    «تضامن الدقهلية» تطلق قافلة عمار الخير لتقديم العلاج بالمجان    7 خطوات أساسية من المنزل لخفض ضغط الدم المرتفع    4 أبراج يتسمون ب «جاذبيتهم الطاغية»: واثقون من أنفسهم ويحبون الهيمنة    «الأهلي في حتة عاشرة».. محمد الغزاوي يرد على المنتقدين    مصرع عاملين وإصابة 12 آخرين في انقلاب ميكروباص بالعياط    بعد نصف قرن على رحيلها.. صوت أم كلثوم يفتتح تتر مسلسل «فات الميعاد»    طوارئ نووية محتملة.. السعودية توضح: لا مواد مشعة في مياه المملكة    إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والمدارس في مصر رسميًا (الموعد والتفاصيل)    نائب رئيس جامعة القاهرة يتفقد امتحانات الفرقة الأولى بطب قصر العيني (صور)    رسالة ماجستير فى كينيا تناقش مفهوم الخطايا عند المسلمين والمسيحيين.. بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بها.. ويحب على الجميع مواجهتها    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات الروضة الشريفة    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تقيأت النيويورك تايمز
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 01 - 11 - 2014

وتبقي الكارثة والمأساة المتمثلتان في نظرة البعض (ومنهم إدارة الرئيس باراك
أوباما وأذنابه في الإعلام الأمريكي) للإخوان المسلمين كحزب سياسي يمكن أن
ينضوي في الحياة السياسية لمجتمع عصري
‎‫نشرت جريدة
نيويورك تايمز مؤخرا ما إعتبره كثيرون ملخصا لرأي ورؤية المجلة وإدارة
الرئيس باراك أوباما ومعظم مراكز البحوث في الولايات المتحدة. وأنا غير
مهتم بالرد علي ما كتبته نيويورك تايمز. فأنا ككاتب تكلم في معظم مراكز
البحوث الأمريكيةالمهمة وزار وتحدث أمام لجنة الحريات الدينية بالكونجرس
ومحاضر زار البيت الأبيض الأمريكي ووزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي
ونشرت لي عدة مقالات وكتب في الولايات المتحدة عن سياسات وثقافات دول
ومجتمعات الشرق الأوسط أعرف كيف تكون حملة صحفية كتلك التي شنتها مؤخرا
النيويورك تايمز وأعلم أن الحوار معها لن يكون مجديا. ولكنني أكتب للرأي
العام العالمي الذي أتفهم أن الصورة أمامه قد تكون بحاجة لإيضاح. وأبدأ
بالحديث عما حدث في مصر يوم 30 يونيه 2013. هل كان خروج أكثر من ثلاثين
مليون مصري لميادين وشوارع عدد كبير من المدن المصرية »ثورة»‬ أم شيئا غير
الثورة ؟ إن أرجح تعريف للثورة هو قيام أعداد كبيرة جدا من الشعب بمواقف
علي أرض الواقع تتسبب في إحداث تغيير أو تغيرات كبيرة في الواقع. ويوم 30
يونيه 2013 خرج أكثر بكثير من نصف عدد المصريين الذين لهم حق الإنتخاب
وقرابة ثلاثة أضعاف الذين إنتخبوا الرئيس الذي كانت حشود 30 يونيه 2013
تطالب بعزله - خرج هؤلاء وفي معظم مدن مصر الكبري يعبرون عن إصرارهم أن
يخلع محمد مرسي (الرئيس الإخواني) من منصبه. وقد أدي هذا التصرف الجماهيري
لحدث وأثر كبيرين جدا تجسدا في إنهاء أول حكم للإخوان المسلمين في تاريخ
مصر بعد 369 يوما من وصولهم للحكم. فإن لم تكن تلك »‬ثورة» فماذا تكون ؟
وكثيرون خارج مصر لا يعرفون أن حشود 30 يونيه 2013 جاءت بعد أن رفض الرئيس
الإخواني ثلاثة طلبات تقدمت بها المعارضة الشعبية وهي أن يجري إستفتاء
شعبيا علي بقائه او تركه الحكم أو أن يجري إنتخابات رئاسية مبكرة أو
يستقيل. وكثيرون خارج مصر لا يعرفون أن المصريين جمعوا قبل 30 يونيه 2013
أكثر من 22 مليون توقيع يطالب أصحابها الرئيس الإخواني بترك منصبه. وكثيرون
خارج مصر لا يفكرون في السيناريو التالي : قام المصريون بعد رفض الرئيس
الإخواني للطلبات الثلاثة المذكورة وبعد توقيع أكثر من 20 مليون مصري
ومصرية علي عريضة تطالب بعزل الرئيس الإخواني... بعد ذلك خرج أكثر من
ثلاثين مليون مصري ومصرية يوم 30 يونيه 2013 لميادين وشوارع معظم المدن
المصرية للمطالبة بتنحي محمد مرسي الرئيس الإخواني وبعد خروجهم هذا لم يقرر
الجيش المصري الوقوف مع هذه الحشود المصرية : فماذا كان سيحدث ؟ الواقع
المصري ومعرفة عقلية وثقافة ومنهج وتاريخ أي فصيل سياسي إسلامي تؤكد أن
مواجهة كبري كانت ستحدث في ميادين وشوارع مصر بين مواطنين سلميين يطالبون
الرئيس الإخواني بالإستقالة ومؤيدين إسلاميين لهذا الرئيس تقوم ذهنيتهم علي
ركائز منها القتال... ويقيني أنه لو لم يقرر جيش مصر مناصرة ثورة 30 يونيه
2013 لشهدت مدن مصر مذابحا يفتك فيها مناصرو الرئيس الإخواني بمعارضيه لا
لسبب إلا لكونها مواجهة قتالية بين أغلبية سلمية وأقلية دموية يقول لنا
تاريخ المجتمعات الإسلامية والواقع الراهن في العراق وسوريا واليمن وليبيا
كم هم قتلة ودمويون وكم أنهم لا علاقة لهم بكل قيم الإنسانية المعاصرة مثل
التعددية والغيرية (قبول الآخر) والنسبية وحرية الإعتقاد ونظم الدولة
الحديثة وحقوق المرأة... إلخ.‬
وتبقي الكارثة والمأساة المتمثلتان في
نظرة البعض (ومنهم إدارة الرئيس باراك أوباما وأذنابه في الإعلام الأمريكي)
للإخوان المسلمين كحزب سياسي يمكن أن ينضوي في الحياة السياسية لمجتمع
عصري. فهي نظرة تعكس عدم فهم الإسلام السياسي. كما تعكس خطيئة أخري هي
إعتقاد البعض أن هناك فروقا وإختلافات إستراتيجية بين تيارات الإسلام
السياسي. فالدارس المتعمق للتاريخ السياسي للمجتمعات الإسلامية ومن إطلع
علي أدبيات تيارات الإسلام السياسي لا يستطيع إلا أن يصل لنتيجتين شديدتي
الوضوح : الأولي هي أن تيارات الإسلام السياسي المتعددة ما هي الا فروع
وأوراق شجرة جذعها هي الفكر الذي يمثله الإخوان المسلمون. والنتيجة الثانية
هي أن الأهداف الإستراتيجية لكل تيارات الإسلام السياسي هي نفس الأهداف
وهي تقويض نظم الدولة الحديثة وإستبدالها بنظم الخلافة الإسلامية التي أثبت
علي عبدالرازق في كتابه »‬الإسلام وأصول الحكم» (سنة 1925) أنه محض وهم...
فكيف يوجد نظام سياسي في ظل غياب نظام لتولي الحكم وفي ظل غياب مماثل
لآليات الحكم. فكما يدلنا التاريخ فإن الطرق التي أختير بها الحكام الأربعة
الأوائل المعروفين بالخلفاء الراشدين مختلفة كما أن إختيار الحاكم في
الدولتين الأموية والعباسية كان »‬ملكا عائليا». وكل حاكم خلال حقبات
الخلفاء الأربع الأول وأمراء بني أمية وأمراء بني العباس حكم بشكل مختلف
وبدون نظام حكم واضح. ولا يوجد دارس متعمق في التاريخ السياسي للمجتمعات
الإسلامية ولأدبيات تيارات الإسلام السياسي المعاصرة يستطيع أن يقول أن أي
تيار من هذه التيارات سيحافظ (ان وصل للحكم) علي أطر وأسس الدولة الحديثة.
ويكفي أن نلقي نظرة علي تاريخ الدولة السعودية الأولي والدولة السعودية
الثانية والدولة السعودية الثالثة ودولة طالبان في أفغانستان ودولة المحاكم
الإسلامية في الصومال ومناطق نفوذ وهيمنة بوكو-حرام في نيجيريا وواقع
المناطق الواقعة تحت سيطرة الإسلاميين في العراق وسوريا واليمن وليبيا
لندرك حجم التناقض بين أية دولة يسيرها مؤمنون بالإسلام السياسي وبين نظم
الدولة والتشريعات وحقوق الإنسان وحقوق المرأة الحديثة. ومن العبث أن نصدق
أن الإخوان المسلمين (مثلا) يؤمنون بنظم الدولة الحديثة والقواعد الدستورية
والقانونية المعاصرة وحقوق الإنسان لمجرد أنهم يؤكدون ذلك ! كما أنه سيكون
من العبث الميلودرامي أن نصدق أن الإخوان المسلمين (مثلا) قد نبذو العنف
والقتل وإغتيال خصومهم لمجرد أنهم يؤكدون ذلك : فتاريخهم منذ إغتيالهم
لرئيس وزراء مصر في سنتي 1945 و1948 وعشرات الإغتيالات الأخري بعد ذلك
وأهمها إغتيال الرئيس السادات يوم 6 أكتوبر 1981 وما يحدث في مصر اليوم من
إغتيالات ليس وراءها إلا الإخوان - هذا التاريخ والواقع الآني يؤكدان أن
الإخوان المسلمين لم ينبذو العنف والقتل وإنما عهدوا به لتيارات منبثقة
عنهم. فلا شك أن القاعدة وحماس (مثلا) هما إبنان أو بنتان لتنظيم وفكر
الإخوان المسلمين. ولا شك أيضا أن داعش والنصرة في سوريا والعراق هما إبنان
أو بنتان للوهابية المتمردة علي الدولة السعودية التي يقودها منذ عشرين
سنة (من الناحية العملية) ملك ذو رؤية إصلاحية (نسبيا) لا يمكن ان يتماهي
معها وهابيو الخارج في سوريا والعراق وغيرهما.
وتبقي الكارثة والمأساة المتمثلتان في نظرة البعض (ومنهم إدارة الرئيس باراك
أوباما وأذنابه في الإعلام الأمريكي) للإخوان المسلمين كحزب سياسي يمكن أن
ينضوي في الحياة السياسية لمجتمع عصري
‎‫نشرت جريدة
نيويورك تايمز مؤخرا ما إعتبره كثيرون ملخصا لرأي ورؤية المجلة وإدارة
الرئيس باراك أوباما ومعظم مراكز البحوث في الولايات المتحدة. وأنا غير
مهتم بالرد علي ما كتبته نيويورك تايمز. فأنا ككاتب تكلم في معظم مراكز
البحوث الأمريكيةالمهمة وزار وتحدث أمام لجنة الحريات الدينية بالكونجرس
ومحاضر زار البيت الأبيض الأمريكي ووزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي
ونشرت لي عدة مقالات وكتب في الولايات المتحدة عن سياسات وثقافات دول
ومجتمعات الشرق الأوسط أعرف كيف تكون حملة صحفية كتلك التي شنتها مؤخرا
النيويورك تايمز وأعلم أن الحوار معها لن يكون مجديا. ولكنني أكتب للرأي
العام العالمي الذي أتفهم أن الصورة أمامه قد تكون بحاجة لإيضاح. وأبدأ
بالحديث عما حدث في مصر يوم 30 يونيه 2013. هل كان خروج أكثر من ثلاثين
مليون مصري لميادين وشوارع عدد كبير من المدن المصرية »ثورة»‬ أم شيئا غير
الثورة ؟ إن أرجح تعريف للثورة هو قيام أعداد كبيرة جدا من الشعب بمواقف
علي أرض الواقع تتسبب في إحداث تغيير أو تغيرات كبيرة في الواقع. ويوم 30
يونيه 2013 خرج أكثر بكثير من نصف عدد المصريين الذين لهم حق الإنتخاب
وقرابة ثلاثة أضعاف الذين إنتخبوا الرئيس الذي كانت حشود 30 يونيه 2013
تطالب بعزله - خرج هؤلاء وفي معظم مدن مصر الكبري يعبرون عن إصرارهم أن
يخلع محمد مرسي (الرئيس الإخواني) من منصبه. وقد أدي هذا التصرف الجماهيري
لحدث وأثر كبيرين جدا تجسدا في إنهاء أول حكم للإخوان المسلمين في تاريخ
مصر بعد 369 يوما من وصولهم للحكم. فإن لم تكن تلك »‬ثورة» فماذا تكون ؟
وكثيرون خارج مصر لا يعرفون أن حشود 30 يونيه 2013 جاءت بعد أن رفض الرئيس
الإخواني ثلاثة طلبات تقدمت بها المعارضة الشعبية وهي أن يجري إستفتاء
شعبيا علي بقائه او تركه الحكم أو أن يجري إنتخابات رئاسية مبكرة أو
يستقيل. وكثيرون خارج مصر لا يعرفون أن المصريين جمعوا قبل 30 يونيه 2013
أكثر من 22 مليون توقيع يطالب أصحابها الرئيس الإخواني بترك منصبه. وكثيرون
خارج مصر لا يفكرون في السيناريو التالي : قام المصريون بعد رفض الرئيس
الإخواني للطلبات الثلاثة المذكورة وبعد توقيع أكثر من 20 مليون مصري
ومصرية علي عريضة تطالب بعزل الرئيس الإخواني... بعد ذلك خرج أكثر من
ثلاثين مليون مصري ومصرية يوم 30 يونيه 2013 لميادين وشوارع معظم المدن
المصرية للمطالبة بتنحي محمد مرسي الرئيس الإخواني وبعد خروجهم هذا لم يقرر
الجيش المصري الوقوف مع هذه الحشود المصرية : فماذا كان سيحدث ؟ الواقع
المصري ومعرفة عقلية وثقافة ومنهج وتاريخ أي فصيل سياسي إسلامي تؤكد أن
مواجهة كبري كانت ستحدث في ميادين وشوارع مصر بين مواطنين سلميين يطالبون
الرئيس الإخواني بالإستقالة ومؤيدين إسلاميين لهذا الرئيس تقوم ذهنيتهم علي
ركائز منها القتال... ويقيني أنه لو لم يقرر جيش مصر مناصرة ثورة 30 يونيه
2013 لشهدت مدن مصر مذابحا يفتك فيها مناصرو الرئيس الإخواني بمعارضيه لا
لسبب إلا لكونها مواجهة قتالية بين أغلبية سلمية وأقلية دموية يقول لنا
تاريخ المجتمعات الإسلامية والواقع الراهن في العراق وسوريا واليمن وليبيا
كم هم قتلة ودمويون وكم أنهم لا علاقة لهم بكل قيم الإنسانية المعاصرة مثل
التعددية والغيرية (قبول الآخر) والنسبية وحرية الإعتقاد ونظم الدولة
الحديثة وحقوق المرأة... إلخ.‬
وتبقي الكارثة والمأساة المتمثلتان في
نظرة البعض (ومنهم إدارة الرئيس باراك أوباما وأذنابه في الإعلام الأمريكي)
للإخوان المسلمين كحزب سياسي يمكن أن ينضوي في الحياة السياسية لمجتمع
عصري. فهي نظرة تعكس عدم فهم الإسلام السياسي. كما تعكس خطيئة أخري هي
إعتقاد البعض أن هناك فروقا وإختلافات إستراتيجية بين تيارات الإسلام
السياسي. فالدارس المتعمق للتاريخ السياسي للمجتمعات الإسلامية ومن إطلع
علي أدبيات تيارات الإسلام السياسي لا يستطيع إلا أن يصل لنتيجتين شديدتي
الوضوح : الأولي هي أن تيارات الإسلام السياسي المتعددة ما هي الا فروع
وأوراق شجرة جذعها هي الفكر الذي يمثله الإخوان المسلمون. والنتيجة الثانية
هي أن الأهداف الإستراتيجية لكل تيارات الإسلام السياسي هي نفس الأهداف
وهي تقويض نظم الدولة الحديثة وإستبدالها بنظم الخلافة الإسلامية التي أثبت
علي عبدالرازق في كتابه »‬الإسلام وأصول الحكم» (سنة 1925) أنه محض وهم...
فكيف يوجد نظام سياسي في ظل غياب نظام لتولي الحكم وفي ظل غياب مماثل
لآليات الحكم. فكما يدلنا التاريخ فإن الطرق التي أختير بها الحكام الأربعة
الأوائل المعروفين بالخلفاء الراشدين مختلفة كما أن إختيار الحاكم في
الدولتين الأموية والعباسية كان »‬ملكا عائليا». وكل حاكم خلال حقبات
الخلفاء الأربع الأول وأمراء بني أمية وأمراء بني العباس حكم بشكل مختلف
وبدون نظام حكم واضح. ولا يوجد دارس متعمق في التاريخ السياسي للمجتمعات
الإسلامية ولأدبيات تيارات الإسلام السياسي المعاصرة يستطيع أن يقول أن أي
تيار من هذه التيارات سيحافظ (ان وصل للحكم) علي أطر وأسس الدولة الحديثة.
ويكفي أن نلقي نظرة علي تاريخ الدولة السعودية الأولي والدولة السعودية
الثانية والدولة السعودية الثالثة ودولة طالبان في أفغانستان ودولة المحاكم
الإسلامية في الصومال ومناطق نفوذ وهيمنة بوكو-حرام في نيجيريا وواقع
المناطق الواقعة تحت سيطرة الإسلاميين في العراق وسوريا واليمن وليبيا
لندرك حجم التناقض بين أية دولة يسيرها مؤمنون بالإسلام السياسي وبين نظم
الدولة والتشريعات وحقوق الإنسان وحقوق المرأة الحديثة. ومن العبث أن نصدق
أن الإخوان المسلمين (مثلا) يؤمنون بنظم الدولة الحديثة والقواعد الدستورية
والقانونية المعاصرة وحقوق الإنسان لمجرد أنهم يؤكدون ذلك ! كما أنه سيكون
من العبث الميلودرامي أن نصدق أن الإخوان المسلمين (مثلا) قد نبذو العنف
والقتل وإغتيال خصومهم لمجرد أنهم يؤكدون ذلك : فتاريخهم منذ إغتيالهم
لرئيس وزراء مصر في سنتي 1945 و1948 وعشرات الإغتيالات الأخري بعد ذلك
وأهمها إغتيال الرئيس السادات يوم 6 أكتوبر 1981 وما يحدث في مصر اليوم من
إغتيالات ليس وراءها إلا الإخوان - هذا التاريخ والواقع الآني يؤكدان أن
الإخوان المسلمين لم ينبذو العنف والقتل وإنما عهدوا به لتيارات منبثقة
عنهم. فلا شك أن القاعدة وحماس (مثلا) هما إبنان أو بنتان لتنظيم وفكر
الإخوان المسلمين. ولا شك أيضا أن داعش والنصرة في سوريا والعراق هما إبنان
أو بنتان للوهابية المتمردة علي الدولة السعودية التي يقودها منذ عشرين
سنة (من الناحية العملية) ملك ذو رؤية إصلاحية (نسبيا) لا يمكن ان يتماهي
معها وهابيو الخارج في سوريا والعراق وغيرهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.