الإدارية العليا تحجز 259 طعنا على نتائج انتخابات النواب للحكم 26 نوفمبر    الشروط والمستندات.. وظائف مشروع الضبعة النووي برواتب تصل ل45 ألف جنيه    سعر الجنيه الذهب فى السوق المصرية اليوم الأحد 23 نوفمبر 2025 .. اعرف التفاصيل    اتحاد التأمين: أدوات عملية لحماية النساء من الخسائر المفاجئة عبر تغطيات ميسّرة    توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء محطة لإسالة وتموين الغاز الطبيعي المسال بالقناة    رئيس الوزراء يبحث زيادة وتسهيل الإستثمارات اليابانية فى مصر    إعلام إسرائيلي: رئيس الأركان يقرر عزل ضابط استخبارات فرقة غزة لفشل 7 أكتوبر    "نتنياهو": الجيش الإسرائيلي استهدف قياديا بارزا بحزب الله في بيروت    نتنياهو: لسنا مضطرين لأخذ موافقة أي جهة قبل شن هجمات بغزة    شاهد بالبث المباشر النصر اليوم.. مشاهدة مباراة النصر × الخليج بث مباشر دون "تشفير" | دوري روشن السعودي    إبراهيم بن جبرين: برنامج شركاء الأندية بكأس الرياضات الإلكترونية حقق نموا حقيقيا لنادي تويستد مايندز    تعرف على غيابات الزمالك في مواجهة زيسكو الزامبي بالكونفدرالية الليلة    ضبط 5 أطنان دقيق مدعم محجوب عن التداول بالأسواق    ضبط 7 متهمين بخطف واحتجاز شخص فى التجمع الأول    تأجيل محاكمة 80 متهما بقضية "خلية الهيكل الإدارى للإخوان" لجلسة 12 يناير    الداخلية تشارك الأطفال الاحتفال بيومهم العالمي بزيارة لقطاع إدارة النجدة النهرية    محافظ الجيزة يشارك في احتفالية مرور 130 عامًا على تأسيس دار الإفتاء    نقابة الإعلاميين توقع بروتوكول تعاون مع مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    أغنية إيطالية عن "توت عنخ آمون" تشعل المنصات وتعيد وهج الحضارة المصرية للعالم    الفنانة التونسية عفاف بن محمود تحتفي بجائزة أحسن ممثلة بمهرجان القاهرة.. ماذا قالت؟    أوبرا القاهرة تقدم «الفلوت السحري» على المسرح الكبير يومي الثلاثاء والأربعاء    وزارة الصحة: لقاح الأنفلونزا هام لكبار السن لحمايتهم من العدوى    نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة يستقبل سفير قطر لبحث تعزيز التعاون الصحي المشترك    فضيحة "مشروع الزئبق"| كيف أخفت "ميتا" أدلة ضرر منصاتها على الصحة العقلية؟    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    سباليتي يعترف بتأخره في الدفع بالتبديلات أمام فيورنتينا    تزايد القلق داخل ليفربول بعد السقوط أمام نوتنجهام فورست بثلاثية نظيفة    ازدحام غير مسبوق للشاحنات الإنسانية عند معبر رفح وسط استمرار الأزمة بغزة    قصف إسرائيلي يستهدف سيارة في عيتا الشعب جنوبي لبنان    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    أمين البحوث الإسلامية: دار الإفتاء حصن منيع للمجتمع في عصر الفتن وفتاوى المتفيهقين    تحصين 94,406 رأس ماشية عبر 1,288 فرقة بيطرية خلال 4 أسابيع بأسيوط    محافظ الشرقية: المرأة شريك أساسي في بناء الوطن وحماية المجتمع    «المنوفية» تحصد 12 ميدالية في «بارلمبياد الجامعات المصرية»    حاكم موسكو: اندلاع حريق في محطة كهرباء تغذي العاصمة جراء هجوم بطائرات مسيرة أوكرانية    موعد انطلاق المرحلة الثانية من امتحان شهر نوفمبر لصفوف النقل    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    «التموين» تنتهي من صرف مقررات نوفمبر بنسبة 94%    جامعة بني سويف ال 8 محليا و 130 عالميا في تصنيف تايمز للعلوم البينية 2025    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    «غرق في بنها».. العثور على جثة شاب أمام قناطر زفتي    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    نصر: قيمة رعاية الزمالك لا تصل للربع بالنسبة للأهلي    مصطفى كامل: محدش عالج الموسيقيين من جيبه والنقابة كانت منهوبة    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    أول لقاح لسرطان الرئة فى العالم يدخل مرحلة التجارب السريرية . اعرف التفاصيل    هيئة الاستثمار: طرح فرص استثمارية عالمية في مدينة الجلالة والترويج لها ضمن الجولات الخارجية    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    بدء فعاليات التدريب المشترك «ميدوزا- 14» بجمهورية مصر العربية    مركز المناخ يتوقع تقلبات جوية قوية يومى الإثنين والثلاثاء.. وسيول محتملة    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    أنواع الطعون على انتخابات النواب.. أستاذ قانون يوضح    وزارة الصحة: معظم حالات البرد والأنفلونزا ناتجة عن عدوى فيروسية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
زلزال علي التليفون
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 19 - 10 - 2014

"أنت أسير ماتلبسه، ولهذا يذهب الملايين إلي الأوبرا بأفخر ملابسهم
للاستمتاع بقمة الفنون من موسيقي وتمثيل وغناء وباليه"
اليوم الأحد 12 أكتوبر ولي معه ذكريات لا تنسي، ففي هذا اليوم من عام 1992 كنت قد وصلت إلي بكين في زيارتي الثانية للصين بعد 26 سنة من زيارتي الأولي. وكانت الصين في ذلك الوقت تعيش حدثها الفريد الذي أطلق عليه زعيم ثورتها ماوتسي تونج " الثورة الثقافية ".وهو إسم يرجع إلي خطة " في التخلص من خصومه الذين يهاجمونه ويشككون في خططه. وقد تفتق ذهن "ماو "عن أن الفئة الوحيدة في المجتمع التي يستطيع إستخدامها هي تلاميذ المدارس والجامعات الذين لن يضر البلاد كثيرا إذا تعطل العام الدراسي سنة، وهو ما لا يستطيعه مع العمال أو الفلاحين الذين سيتأثر إنتاج البلاد لو قاموا بالمظاهرات التي قام بها التلاميذ. وقد إستدعت الثورة الثقافية كما رأيتها تحويل الصين إلي معسكر كبير يرتدي ملايينه رجالا ونساء زيا موحدا هو بدلة ماو، وقد توافد التلاميذ والطلبة في مسيرات منظمة ضخمة للقاء الشمس المشرقة قائد الأمة وصانع نهضتها الزعيم ماوتسي تونج، وفي الوقت نفسه إعلان غضبهم علي خصوم الزعيم ومطاردتهم في مكاتبهم ومساكنهم لدرجة اضطرت بعضهم إلي الإنتحار وإلقاء أنفسهم من النوافذ.
وفي خلال تلك الفترة تحولت كل بكين إلي معسكر كبير لا تبيع محلاته سوي صور " ماوتسي تونج " و" الكتاب الأحمر " الذي يضم مختارات من أقواله وقد طبع منه ملايين النسخ بحيث لم يعد هناك صيني لا يحمله. بل أكثر من ذلك لم يكن هناك عمل يبدأونه في مصنع أو مكتب أو مواصلات أو الجلوس علي المائدة لتناول الطعام دون ان يقف واحد ويفتح الكتاب الأحمر ويقرأ من أقوال الزعيم !
وفي زيارتي الثانية بعد 26 سنة حاولت البحث عن نسحة من هذا الكتاب فلم أجد، كما إختفت صور ماوتسي تونج التي كانت تملأ الجدران وإلي حد ما تغيرت بكين فقد ظهرت في شوارعها بعض السيارات بعد أن كانت الدراجات هي الوسيلة الوحيدة وظهرت محال جديدة تحمل أسماء عالمية وإلي جانب بدلة ماو التي يرتديها البعض ظهرت الأزياء الحديثة من بدلات وفساتين.
كنت في ذلك اليوم 12 أكتوبر 92 قد سبقت إلي بكين إنتظارا لوصول الرئيس حسني مبارك في أول زيارة له إلي الصين. وبعد دقائق من وصوله قصدت المقر الصحفي الذي أعدته هيئة الإستعلامات المصرية في فندق بكين الحديث وقد تم تزويد المقر بالتليفونات التي تتصل بالقاهرة مباشرة.
كانت الساعة الثامنة والربع مساء بتوقيت بكين عندما دخلت المقر وقد وجدت المرحومة ليلي حبيب مديرة مكتب الدكتور ممدوح البلتاجي رئيس هيئة الإستعلامات في ذلك الوقت ( شفاه الله ) تجري إتصالا بالقاهرة التي كان توقيت بكين يتقدمها بخمس ساعات عندما فوجئت بها تصرخ في محدثها في التليفون : بتقول إيه ؟ إنت إتجننت ؟ إيه اللي بيحصل عندك ؟..إنت رحت فين ؟ قالت ذلك بطريقة المدفع الرشاش ثم وقفت صامتة في حالة ذهول لا تعرف ماذا تفعل وقد نظرت ناحيتي تقول بدهشة: الراجل بيقول العمارة بتقع !
ولم يستطع أحدنا تصور ما حدث وأنه في الوقت الذي كان خط التليفون مفتوحا فيه بين بكين والقاهرة في الثالثة والربع بتوقيت مصر كانت القاهرة تتعرض لزلزال عنيف هز كل مصر ومنها عمارة هيئة الاستعلامات بجوار سينما راديو مما جعل الموظف يظن أن العمارة في ترنحها سوف تسقط فألقي سماعة التليفون وجري ينجو بنفسه. وعدنا نتصل بالقاهرة مرة وإثنين إلي أن نجح الإتصال بعد دقائق. وعرفنا بالزلزال الذي حدث، وجري إرسال الخبر فورا إلي مقر إقامة الرئيس، وبعد أقل من ساعة كانت الأوامر لأعضاء الوفد المصري بجمع حاجياتهم والتوجه إلي المطار للعودة مباشرة إلي القاهرة !
وقد كان هذا أول زلزال يهز مصر منذ سنين بعيدة فلم نكن نعرف أن مصر تعرف الزلازل لذلك كان آثار الفزع التي أحدثها أكثر كثيرا من الزلزال نفسه مما أدي إلي وفاة 545 شخصا وإصابة 6512 وتدمير 35 مبني.
لأول مرة في الأوبرا
تلقيت هدية رائعة من الدكتورة إيناس عبد الدايم رئيس أوبرا القاهرة عبارة عن مجلد مطبوع طباعة أنيقة يضم برامج نشاطات المراكز الفنية التابعة لدار الأوبرا خلال الموسم من سبتمبر 2014 إلي يونيو 2015. وهي أول مرة حسب علمي تصدر الأوبرا مثل هذا البرنامج الذي يبين تعاقداتها المسبقة التي إتفقت عليها علي مدي شهور طويلة للتوصل إلي هذا البرنامج المحدد باليوم والساعة والمكان علي العروض المحلية والفرق الأجنبية والصالونات الثقافية والمعارض والإحتفالات التي ستقدم نشاطاتها في المسرح الكبير والصغير والمكشوف ومسرح الجمهورية ومسرح سيد درويش بالإسكندرية ودار أوبرا دمنهور ومعهد الموسيقي العربية.
وأول إنطباع خرجت به من خلال تقليبي في صفحات المجلد أن الذين يتولون إدارة هذا المركز الإشعاعي الثقافي قد بدأوا في ظل د. جابر عصفور وزير الثقافة يستشعرون الإستقرار النفسي الذي يفكرون ويخططون ويتواصلون ويتعاقدون فيه، وأن مصر عادت مدينة الفن الراقي التي لا يخلو يوم فيها من نشاط فني علي درجة من الرقي، وأن مصر أصبحت قبلة الفرق الفنية العالمية الشهيرة تعود بعد غياب كانت له أسبابه التي نعرفها مستعيدة إستقرارها الذي لولاه لما جري تعاقد الفرق العالمية. تعود إلي المسرح الكبير هذا الشهر ( أكتوبر ) فرقة باليه الأرجنتين وفي ديسمبر أوركسترا ميونيخ للوتريات وفي يناير فرقة تانجو الأرجنتين وفي فبراير فرقة فلامنكو دي مدريدوفي مارس فرقة باليه موسكو علي الجليد وفي أبريل عروض من الهند ومن الأوبرا الإيطالية وكل هذا علي المسرح الكبير بينما المسارح الأخري تستضيف أعمالا وفرقا أخري. لكن النشاط الأكبر للفنون المصرية ففي نوفمبر مهرجان الموسيقي العربية وعلي مدي الشهور تتسابق فرقتا باليه القاهرة وأوبرا القاهرة في تقديم روائع الأعمال الشهيرة : أوبرا عايدة ودون جيوفاني وجياني سكيكي والتروفاتوري، وباليه عصفور النار وكسارة البندق سندريلا ودون كيشوت وغير ذلك هناك حفلتان تقريبا كل شهر للفنان الكبير عمر خيرت إلي جانب عروض مختلفة محدد موعدها باليوم والساعة مما يسمح لهواة الموسيقي والباليه والأوبرا تحديد مواعيدهم مقدما.
ومن المعلوات المفيدة التي تهم القارئ وتضمنها المجلد التسهيلات والتخفيضات التي تقدمها دار الأوبرا لروادها من خلال التذاكر الموسمية لحضور 10 حفلات خلال الموسم (من أول سبتمبر إلي آخر يونيو ). وقد تم تحديد عروض أوركسترا القاهرة وباليه أوبرا القاهرة وأوبرا القاهرة وفرقة الرقص المسرحي الحديث ب150 ج للصالة و90 جنيها للوج والفوتيل لوج و60 جنيها للبلكون. أما فرقة الموسيقي العربيةفأغلي من 300 إلي 120 جنيها
الأوبرا بالملابس الرسمية
وقد بدأ فن الأوبرا من إيطاليا في القرن السادس عشر ومازالت أوبرا لاسكالا في ميلانو التي بنيت عام 1778 تمثل اليوم أشهر دار أوبرا في العالم وبعدها دار أوبرا باريس ( 1875 ) أما دار أوبرا سيدني الحديثة التي افتتحت عام 1973 علي شكل صدفة تطل علي المحيط فهي مركز ثقافي ترفيهي إجتماعي لا يخلو يوما من نشاط مما يجعل المكان يعمر دائما بالآلاف الذين إذا لم يكن لديهم أي برنامج تثقيفي ففي مطاعم المركز المتنوعة والأنيقة ما يعوضهم.
وربما كان مسرح البولشوي في موسكو ( بني عام 1825 ) من مسارح الأوبرا الشهيرة بالفرقة التي تحمل إسمها ويتم الحجز لها قبل عدة شهور. وقد كان من حظ البولشوي أن نجا من الثورة الروسية ومن الحرب العالمية ومن حريق تعرض له . وفي أثناء زياراتي لموسكو عندما كان السفير المرحوم أحمد ماهر السيد كان أول ما أفعله أن " أطب عليه " مكتبه وأستولي علي تذاكر البولشوي التي تصله كسفير من وزارة الخارجية. وقد صحبت ليلة الزميل إبراهيم سعده، وليلة أخري الزميل سعيد سنبل رحمه الله، ففي البولشوي يقدمون كل يوم عملا مختلفا. ولا أنسي أن زرت موسكو في يوم 31 مايو قبل عدة سنوات وهو آخر يوم في موسم البولشوي، وبالإتفاق مع الصديق نبيل العربي سفير مصر في موسكو في ذلك الوقت إستطاع أن يرتب لي تذكرتين لزوجتي ولي وخرجت السيارة التي حملتنا من المطار إلي البولشوي مباشرة وقد وصلنا المسرح قبل دقيقتين من رفع الستار، وكان أغرب مشهد قابلناه إندفاع عدد من الروس الواقفين ناحيتنا لحظة نزولنا من السيارة، يعرضون شراء التذكرتين بثلاثة أضعاف الثمن !وكانت المفاجأة عندما إكتشفنا أن البولشوي يعرض في هذه الليلة باليه " سبارتاكوس " محرر العبيد أيام الرومان وكانت أول مرة أشاهدها. وهي عمل حديث من أعمال أرمان خاتشتوريان (1903 1978) وقد عرض العمل لأول مرة في عام 1956 وهو من ثلاثة فصول تتميز بالحركة والموسيقي المتنوعة الرائعة.
ويحتفظ الروسي في دولاب ملابسه ببدلة رسمية تعد أفخر مالديه ليرتديها خصيصا يوم ينجح في حجز تذكرة للبولشوي. وفي جميع مسارح الأوبرا مازال إحترام التقاليد القديمة فالأوربيون يرتدون في حفلات الأوبرا " التوكسيد و" البدلة التي يرتدونها في الأفراح وأعلي المناسبات . وهو تقليد يعود إلي تقدير الفن الرفيع الخاص الذي تقدمه الأوبرا والذي يعتبر " أسانس الفنون " من غناء ورقص وتمثيل وموسيقي.
أذكر في السنوات التي كانت دور السينما في مصر تعرض في بداية الحفلات جريدة مصر الناطقة أن يتبعها » كارتونا »‬ لم أنساه كان لعربة غسيل الملابس ( Lundry ) تنقل داخلها كميات مختلفة من الملابس لغسلها . وقد تصادف أن هبت عاصفة شديدة فتحت باب العربة وطيرت قطع الملابس المختلفة في الهواء، وبعد فترة مع هدوء العاصفة أخذت القطع المتطايرة تهبط علي المارة، وإذا بكل شخص يصبح في تصرفاته أسير قطعة الملابس التي سقطت عليه. فمواطن حرامي سقطت عليه بدلة عسكري فتغير سلوكه، وآخر باروكة قاض ، وفلاحة سقطت علي رأسها قبعة مركيزة فوجدت نفسها تتصرف تصرفات سيدات الهاي، وشاب كان نصيبه ملابس راهب وهكذا.. وكانت الفكرة أن الإنسان غالبا ما يتأثر في تصرفاته باللبس الذي يرتديه. فالذي يجلس ليأكل وهو بالبيجامة أو الجلباب يختلف في طريقة تناوله للطعام وحديثه ولغته عما لو كان يرتدي البدلة ! وعندما إفتتح الخديو إسماعيل دار الأوبرا المصرية عام 1869 وقد إفتتحت بأوبرا »‬ ريجيلتو »‬ حيث لم تكن أوبرا عايدة التي أعدت للدار المصرية قد إنتهت بعد، فقد ذهب الخديو إسماعيل إلي الأوبرا مرتديا بدلته الرسمية المزينة بخيوط الذهب والأوشحة والنياشين. والمعني أنه إذا كانت الأوبرا قمة الفنون فإستمتاع المشاهد يكون أيضا بأجمل مايرتديه !
وثيقة تأمين علي حياتي
أول وآخر مرة قمت فيها بعمل "بوليصة تأمين علي حياتي " كانت في أعقاب نكسة 67 وظروف اليأس التي إستولت علي النفوس، وقد أقنعني الزميل محمد عبد المنعم رئيس روزا اليوسف فيما بعد بضرورة تأمين حياتنا لمواجهة الظروف التي لم تعد تبعث الإطمئنان. ونتيجة ذلك قمت في عام 1968 بالتعاقد علي بوليصة تأمين مدتها 20 سنة أدفع لها قسطا سنويا 75 جنيها بحيث إذا مت خلال العشرين سنة يقبض الورثة قيمتها البالغة 1500 جنيه أما إذا إمتد بي العمر هذه السنين قمت أنا بقبضها. وأذكر عندما تعاقدت علي الوثيقة أن همست مرددا "دي الوقت الواحد يقدر يقول إنه أمن مستقبله " !
مرت السنوات وفي عام 1988 جاء موعد قبض البوليصة وقدشعرت وقتها بضآلة المبلغ المقبوض، فقد صادف أن هبطت قيمة الفلوس في خلال هذه السنوات بصورة لم تسبق، وبعد أن كان مبلغ ال1500 جنيه يشتري ثلاثة أفدنة أو يدفع خلوا للحصول علي شقة علي النيل، أو يكون به شاب نفسه يسكن ويتزوج، أصبح اليوم يقل عن قيمة عزومة أربعة علي الغداء أو العشاء في مطعم أحد فنادق الخمس نجوم.
تذكرت هذا وأنا أقرأ كتاب "صناعة التأمين في مصر عبر قرن ونصف " والذي كتبه المحاسب سمير مصطفي متولي الذي عرفته منذ أيام بدايته في وزارة الصناعة في الستينيات ثم من الصناعة إلي وزارة التأمينات وكيلا ثم رئيسا لشركة المهندس للتأمين وقطبا أساسيا في إعداد وتنفيذ تشريعات التأمين والمعاشات مما كان طبيعيا أن يتصدر لكتابة تاريخ التأمين في مصر مما يعد مرجعا أساسيا لكل من يعمل في هذا المجال.
يحكي سمير متولي إنه عبر مئات السنين كان التأمين يمارس فطريا من خلال التكافل بين أبناء القرية والنجع وعلي مستوي الشارع والحارة في حالات الكوارث والأمراض والأفراح والأحزان وهو الأمر الذي مازال مستمرا حتي اليوم. لكن علي المستوي الإجتماعي فقد بدأ التأمين في العصر الحديث إعتبارا من شهر ديسمبر 1854.
يحكي سمير متولي إنه عبر مئات السنين كان التأمين يمارس فطريا من خلال التكافل بين أبناء القرية والنجع وعلي مستوي الشارع والحارة في حالات الكوارث والأمراض والأفراح والأحزان وهو الأمر الذي مازال مستمرا حتي اليوم. لكن علي المستوي الإجتماعي فقد بدأ التأمين في العصر الحديث إعتبارا من شهر ديسمبر 1854 بصدور أمر عال ينظم المعاشات المدنية. أما التأمين التجاري فقد تأخر علي أن بدأ توافد الأجانب علي مصر ومزاولتهم أنشطة متعددة إقتضت بالضرورة التعامل مع البنوك والحاجة لخدمات التأمين. وعلي سبيل التأكيد فقد كان عدد الأجانب في مصر في عهد محمد علي ثلاثة آلاف فرد زادوا في نهاية حكم الخديو إسماعيل إلي 68 ألفا. وتعاظم دورهم في مجال القطن وتصديره بحيث كانوا يحتكرونه.
وجاء التغيير الهام في إقتصاد مصر بإنشاء البنك الأهلي عام 1898 واصداره أول ورقة نقدية بقيمة جنيه مصري يوم 3 أبريل 1899 وكان هذا الجنيه يساوي 7.4 جرام من الذهب !
أيام يحكي عنها المحاسب الخبير سمير متولي وعن الحركة التأمينية التي نشطت خلالها وشركات التأمين التي قامت بعد أن إحتاج الأمر أن يكون التأمين عنصرا مهما في حياة الملايين.
"أنت أسير ماتلبسه، ولهذا يذهب الملايين إلي الأوبرا بأفخر ملابسهم
للاستمتاع بقمة الفنون من موسيقي وتمثيل وغناء وباليه"
اليوم الأحد 12 أكتوبر ولي معه ذكريات لا تنسي، ففي هذا اليوم من عام 1992 كنت قد وصلت إلي بكين في زيارتي الثانية للصين بعد 26 سنة من زيارتي الأولي. وكانت الصين في ذلك الوقت تعيش حدثها الفريد الذي أطلق عليه زعيم ثورتها ماوتسي تونج " الثورة الثقافية ".وهو إسم يرجع إلي خطة " في التخلص من خصومه الذين يهاجمونه ويشككون في خططه. وقد تفتق ذهن "ماو "عن أن الفئة الوحيدة في المجتمع التي يستطيع إستخدامها هي تلاميذ المدارس والجامعات الذين لن يضر البلاد كثيرا إذا تعطل العام الدراسي سنة، وهو ما لا يستطيعه مع العمال أو الفلاحين الذين سيتأثر إنتاج البلاد لو قاموا بالمظاهرات التي قام بها التلاميذ. وقد إستدعت الثورة الثقافية كما رأيتها تحويل الصين إلي معسكر كبير يرتدي ملايينه رجالا ونساء زيا موحدا هو بدلة ماو، وقد توافد التلاميذ والطلبة في مسيرات منظمة ضخمة للقاء الشمس المشرقة قائد الأمة وصانع نهضتها الزعيم ماوتسي تونج، وفي الوقت نفسه إعلان غضبهم علي خصوم الزعيم ومطاردتهم في مكاتبهم ومساكنهم لدرجة اضطرت بعضهم إلي الإنتحار وإلقاء أنفسهم من النوافذ.
وفي خلال تلك الفترة تحولت كل بكين إلي معسكر كبير لا تبيع محلاته سوي صور " ماوتسي تونج " و" الكتاب الأحمر " الذي يضم مختارات من أقواله وقد طبع منه ملايين النسخ بحيث لم يعد هناك صيني لا يحمله. بل أكثر من ذلك لم يكن هناك عمل يبدأونه في مصنع أو مكتب أو مواصلات أو الجلوس علي المائدة لتناول الطعام دون ان يقف واحد ويفتح الكتاب الأحمر ويقرأ من أقوال الزعيم !
وفي زيارتي الثانية بعد 26 سنة حاولت البحث عن نسحة من هذا الكتاب فلم أجد، كما إختفت صور ماوتسي تونج التي كانت تملأ الجدران وإلي حد ما تغيرت بكين فقد ظهرت في شوارعها بعض السيارات بعد أن كانت الدراجات هي الوسيلة الوحيدة وظهرت محال جديدة تحمل أسماء عالمية وإلي جانب بدلة ماو التي يرتديها البعض ظهرت الأزياء الحديثة من بدلات وفساتين.
كنت في ذلك اليوم 12 أكتوبر 92 قد سبقت إلي بكين إنتظارا لوصول الرئيس حسني مبارك في أول زيارة له إلي الصين. وبعد دقائق من وصوله قصدت المقر الصحفي الذي أعدته هيئة الإستعلامات المصرية في فندق بكين الحديث وقد تم تزويد المقر بالتليفونات التي تتصل بالقاهرة مباشرة.
كانت الساعة الثامنة والربع مساء بتوقيت بكين عندما دخلت المقر وقد وجدت المرحومة ليلي حبيب مديرة مكتب الدكتور ممدوح البلتاجي رئيس هيئة الإستعلامات في ذلك الوقت ( شفاه الله ) تجري إتصالا بالقاهرة التي كان توقيت بكين يتقدمها بخمس ساعات عندما فوجئت بها تصرخ في محدثها في التليفون : بتقول إيه ؟ إنت إتجننت ؟ إيه اللي بيحصل عندك ؟..إنت رحت فين ؟ قالت ذلك بطريقة المدفع الرشاش ثم وقفت صامتة في حالة ذهول لا تعرف ماذا تفعل وقد نظرت ناحيتي تقول بدهشة: الراجل بيقول العمارة بتقع !
ولم يستطع أحدنا تصور ما حدث وأنه في الوقت الذي كان خط التليفون مفتوحا فيه بين بكين والقاهرة في الثالثة والربع بتوقيت مصر كانت القاهرة تتعرض لزلزال عنيف هز كل مصر ومنها عمارة هيئة الاستعلامات بجوار سينما راديو مما جعل الموظف يظن أن العمارة في ترنحها سوف تسقط فألقي سماعة التليفون وجري ينجو بنفسه. وعدنا نتصل بالقاهرة مرة وإثنين إلي أن نجح الإتصال بعد دقائق. وعرفنا بالزلزال الذي حدث، وجري إرسال الخبر فورا إلي مقر إقامة الرئيس، وبعد أقل من ساعة كانت الأوامر لأعضاء الوفد المصري بجمع حاجياتهم والتوجه إلي المطار للعودة مباشرة إلي القاهرة !
وقد كان هذا أول زلزال يهز مصر منذ سنين بعيدة فلم نكن نعرف أن مصر تعرف الزلازل لذلك كان آثار الفزع التي أحدثها أكثر كثيرا من الزلزال نفسه مما أدي إلي وفاة 545 شخصا وإصابة 6512 وتدمير 35 مبني.
لأول مرة في الأوبرا
تلقيت هدية رائعة من الدكتورة إيناس عبد الدايم رئيس أوبرا القاهرة عبارة عن مجلد مطبوع طباعة أنيقة يضم برامج نشاطات المراكز الفنية التابعة لدار الأوبرا خلال الموسم من سبتمبر 2014 إلي يونيو 2015. وهي أول مرة حسب علمي تصدر الأوبرا مثل هذا البرنامج الذي يبين تعاقداتها المسبقة التي إتفقت عليها علي مدي شهور طويلة للتوصل إلي هذا البرنامج المحدد باليوم والساعة والمكان علي العروض المحلية والفرق الأجنبية والصالونات الثقافية والمعارض والإحتفالات التي ستقدم نشاطاتها في المسرح الكبير والصغير والمكشوف ومسرح الجمهورية ومسرح سيد درويش بالإسكندرية ودار أوبرا دمنهور ومعهد الموسيقي العربية.
وأول إنطباع خرجت به من خلال تقليبي في صفحات المجلد أن الذين يتولون إدارة هذا المركز الإشعاعي الثقافي قد بدأوا في ظل د. جابر عصفور وزير الثقافة يستشعرون الإستقرار النفسي الذي يفكرون ويخططون ويتواصلون ويتعاقدون فيه، وأن مصر عادت مدينة الفن الراقي التي لا يخلو يوم فيها من نشاط فني علي درجة من الرقي، وأن مصر أصبحت قبلة الفرق الفنية العالمية الشهيرة تعود بعد غياب كانت له أسبابه التي نعرفها مستعيدة إستقرارها الذي لولاه لما جري تعاقد الفرق العالمية. تعود إلي المسرح الكبير هذا الشهر ( أكتوبر ) فرقة باليه الأرجنتين وفي ديسمبر أوركسترا ميونيخ للوتريات وفي يناير فرقة تانجو الأرجنتين وفي فبراير فرقة فلامنكو دي مدريدوفي مارس فرقة باليه موسكو علي الجليد وفي أبريل عروض من الهند ومن الأوبرا الإيطالية وكل هذا علي المسرح الكبير بينما المسارح الأخري تستضيف أعمالا وفرقا أخري. لكن النشاط الأكبر للفنون المصرية ففي نوفمبر مهرجان الموسيقي العربية وعلي مدي الشهور تتسابق فرقتا باليه القاهرة وأوبرا القاهرة في تقديم روائع الأعمال الشهيرة : أوبرا عايدة ودون جيوفاني وجياني سكيكي والتروفاتوري، وباليه عصفور النار وكسارة البندق سندريلا ودون كيشوت وغير ذلك هناك حفلتان تقريبا كل شهر للفنان الكبير عمر خيرت إلي جانب عروض مختلفة محدد موعدها باليوم والساعة مما يسمح لهواة الموسيقي والباليه والأوبرا تحديد مواعيدهم مقدما.
ومن المعلوات المفيدة التي تهم القارئ وتضمنها المجلد التسهيلات والتخفيضات التي تقدمها دار الأوبرا لروادها من خلال التذاكر الموسمية لحضور 10 حفلات خلال الموسم (من أول سبتمبر إلي آخر يونيو ). وقد تم تحديد عروض أوركسترا القاهرة وباليه أوبرا القاهرة وأوبرا القاهرة وفرقة الرقص المسرحي الحديث ب150 ج للصالة و90 جنيها للوج والفوتيل لوج و60 جنيها للبلكون. أما فرقة الموسيقي العربيةفأغلي من 300 إلي 120 جنيها
الأوبرا بالملابس الرسمية
وقد بدأ فن الأوبرا من إيطاليا في القرن السادس عشر ومازالت أوبرا لاسكالا في ميلانو التي بنيت عام 1778 تمثل اليوم أشهر دار أوبرا في العالم وبعدها دار أوبرا باريس ( 1875 ) أما دار أوبرا سيدني الحديثة التي افتتحت عام 1973 علي شكل صدفة تطل علي المحيط فهي مركز ثقافي ترفيهي إجتماعي لا يخلو يوما من نشاط مما يجعل المكان يعمر دائما بالآلاف الذين إذا لم يكن لديهم أي برنامج تثقيفي ففي مطاعم المركز المتنوعة والأنيقة ما يعوضهم.
وربما كان مسرح البولشوي في موسكو ( بني عام 1825 ) من مسارح الأوبرا الشهيرة بالفرقة التي تحمل إسمها ويتم الحجز لها قبل عدة شهور. وقد كان من حظ البولشوي أن نجا من الثورة الروسية ومن الحرب العالمية ومن حريق تعرض له . وفي أثناء زياراتي لموسكو عندما كان السفير المرحوم أحمد ماهر السيد كان أول ما أفعله أن " أطب عليه " مكتبه وأستولي علي تذاكر البولشوي التي تصله كسفير من وزارة الخارجية. وقد صحبت ليلة الزميل إبراهيم سعده، وليلة أخري الزميل سعيد سنبل رحمه الله، ففي البولشوي يقدمون كل يوم عملا مختلفا. ولا أنسي أن زرت موسكو في يوم 31 مايو قبل عدة سنوات وهو آخر يوم في موسم البولشوي، وبالإتفاق مع الصديق نبيل العربي سفير مصر في موسكو في ذلك الوقت إستطاع أن يرتب لي تذكرتين لزوجتي ولي وخرجت السيارة التي حملتنا من المطار إلي البولشوي مباشرة وقد وصلنا المسرح قبل دقيقتين من رفع الستار، وكان أغرب مشهد قابلناه إندفاع عدد من الروس الواقفين ناحيتنا لحظة نزولنا من السيارة، يعرضون شراء التذكرتين بثلاثة أضعاف الثمن !وكانت المفاجأة عندما إكتشفنا أن البولشوي يعرض في هذه الليلة باليه " سبارتاكوس " محرر العبيد أيام الرومان وكانت أول مرة أشاهدها. وهي عمل حديث من أعمال أرمان خاتشتوريان (1903 1978) وقد عرض العمل لأول مرة في عام 1956 وهو من ثلاثة فصول تتميز بالحركة والموسيقي المتنوعة الرائعة.
ويحتفظ الروسي في دولاب ملابسه ببدلة رسمية تعد أفخر مالديه ليرتديها خصيصا يوم ينجح في حجز تذكرة للبولشوي. وفي جميع مسارح الأوبرا مازال إحترام التقاليد القديمة فالأوربيون يرتدون في حفلات الأوبرا " التوكسيد و" البدلة التي يرتدونها في الأفراح وأعلي المناسبات . وهو تقليد يعود إلي تقدير الفن الرفيع الخاص الذي تقدمه الأوبرا والذي يعتبر " أسانس الفنون " من غناء ورقص وتمثيل وموسيقي.
أذكر في السنوات التي كانت دور السينما في مصر تعرض في بداية الحفلات جريدة مصر الناطقة أن يتبعها » كارتونا »‬ لم أنساه كان لعربة غسيل الملابس ( Lundry ) تنقل داخلها كميات مختلفة من الملابس لغسلها . وقد تصادف أن هبت عاصفة شديدة فتحت باب العربة وطيرت قطع الملابس المختلفة في الهواء، وبعد فترة مع هدوء العاصفة أخذت القطع المتطايرة تهبط علي المارة، وإذا بكل شخص يصبح في تصرفاته أسير قطعة الملابس التي سقطت عليه. فمواطن حرامي سقطت عليه بدلة عسكري فتغير سلوكه، وآخر باروكة قاض ، وفلاحة سقطت علي رأسها قبعة مركيزة فوجدت نفسها تتصرف تصرفات سيدات الهاي، وشاب كان نصيبه ملابس راهب وهكذا.. وكانت الفكرة أن الإنسان غالبا ما يتأثر في تصرفاته باللبس الذي يرتديه. فالذي يجلس ليأكل وهو بالبيجامة أو الجلباب يختلف في طريقة تناوله للطعام وحديثه ولغته عما لو كان يرتدي البدلة ! وعندما إفتتح الخديو إسماعيل دار الأوبرا المصرية عام 1869 وقد إفتتحت بأوبرا »‬ ريجيلتو »‬ حيث لم تكن أوبرا عايدة التي أعدت للدار المصرية قد إنتهت بعد، فقد ذهب الخديو إسماعيل إلي الأوبرا مرتديا بدلته الرسمية المزينة بخيوط الذهب والأوشحة والنياشين. والمعني أنه إذا كانت الأوبرا قمة الفنون فإستمتاع المشاهد يكون أيضا بأجمل مايرتديه !
وثيقة تأمين علي حياتي
أول وآخر مرة قمت فيها بعمل "بوليصة تأمين علي حياتي " كانت في أعقاب نكسة 67 وظروف اليأس التي إستولت علي النفوس، وقد أقنعني الزميل محمد عبد المنعم رئيس روزا اليوسف فيما بعد بضرورة تأمين حياتنا لمواجهة الظروف التي لم تعد تبعث الإطمئنان. ونتيجة ذلك قمت في عام 1968 بالتعاقد علي بوليصة تأمين مدتها 20 سنة أدفع لها قسطا سنويا 75 جنيها بحيث إذا مت خلال العشرين سنة يقبض الورثة قيمتها البالغة 1500 جنيه أما إذا إمتد بي العمر هذه السنين قمت أنا بقبضها. وأذكر عندما تعاقدت علي الوثيقة أن همست مرددا "دي الوقت الواحد يقدر يقول إنه أمن مستقبله " !
مرت السنوات وفي عام 1988 جاء موعد قبض البوليصة وقدشعرت وقتها بضآلة المبلغ المقبوض، فقد صادف أن هبطت قيمة الفلوس في خلال هذه السنوات بصورة لم تسبق، وبعد أن كان مبلغ ال1500 جنيه يشتري ثلاثة أفدنة أو يدفع خلوا للحصول علي شقة علي النيل، أو يكون به شاب نفسه يسكن ويتزوج، أصبح اليوم يقل عن قيمة عزومة أربعة علي الغداء أو العشاء في مطعم أحد فنادق الخمس نجوم.
تذكرت هذا وأنا أقرأ كتاب "صناعة التأمين في مصر عبر قرن ونصف " والذي كتبه المحاسب سمير مصطفي متولي الذي عرفته منذ أيام بدايته في وزارة الصناعة في الستينيات ثم من الصناعة إلي وزارة التأمينات وكيلا ثم رئيسا لشركة المهندس للتأمين وقطبا أساسيا في إعداد وتنفيذ تشريعات التأمين والمعاشات مما كان طبيعيا أن يتصدر لكتابة تاريخ التأمين في مصر مما يعد مرجعا أساسيا لكل من يعمل في هذا المجال.
يحكي سمير متولي إنه عبر مئات السنين كان التأمين يمارس فطريا من خلال التكافل بين أبناء القرية والنجع وعلي مستوي الشارع والحارة في حالات الكوارث والأمراض والأفراح والأحزان وهو الأمر الذي مازال مستمرا حتي اليوم. لكن علي المستوي الإجتماعي فقد بدأ التأمين في العصر الحديث إعتبارا من شهر ديسمبر 1854.
يحكي سمير متولي إنه عبر مئات السنين كان التأمين يمارس فطريا من خلال التكافل بين أبناء القرية والنجع وعلي مستوي الشارع والحارة في حالات الكوارث والأمراض والأفراح والأحزان وهو الأمر الذي مازال مستمرا حتي اليوم. لكن علي المستوي الإجتماعي فقد بدأ التأمين في العصر الحديث إعتبارا من شهر ديسمبر 1854 بصدور أمر عال ينظم المعاشات المدنية. أما التأمين التجاري فقد تأخر علي أن بدأ توافد الأجانب علي مصر ومزاولتهم أنشطة متعددة إقتضت بالضرورة التعامل مع البنوك والحاجة لخدمات التأمين. وعلي سبيل التأكيد فقد كان عدد الأجانب في مصر في عهد محمد علي ثلاثة آلاف فرد زادوا في نهاية حكم الخديو إسماعيل إلي 68 ألفا. وتعاظم دورهم في مجال القطن وتصديره بحيث كانوا يحتكرونه.
وجاء التغيير الهام في إقتصاد مصر بإنشاء البنك الأهلي عام 1898 واصداره أول ورقة نقدية بقيمة جنيه مصري يوم 3 أبريل 1899 وكان هذا الجنيه يساوي 7.4 جرام من الذهب !
أيام يحكي عنها المحاسب الخبير سمير متولي وعن الحركة التأمينية التي نشطت خلالها وشركات التأمين التي قامت بعد أن إحتاج الأمر أن يكون التأمين عنصرا مهما في حياة الملايين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.