شهدت الجلسة النقاشية التي نظمها حزب الخضر المصري والتي استضاف فيها المفكر د.مراد وهبة ، اشتباكات وجدلا واسعا حول مفهوم "الأصولية" وارتباطها بنظم الحكم الشمولية . بالإضافة إلى زيادة شعبية التيارات الإسلامية في مصر- سواء كانوا إخوانا أو سلفيين - خلال الفترة المقبلة. وقال د. مراد وهبة خلال ندوة "إعمال العقل في زمن الأصولية" إن الأصولية تؤدي بالضرورة إلى إجهاض إعمال العقل كما أن الفكر الرجعي الذي تتبناه كثير من تيارات الإسلام السياسي في مصر حاليا يمنع انشغال كافة المجتمعات بالعلم ويشغلها في فرضيات الحلال والحرام فقط . وأرجع وهبة ارتفاع أسهم تلك التيارات في بورصة السياسة المصرية إلى أن هناك أطرافاً خارجية وداخلية تحرض الناس على إخضاع إعمال العقل بحسب إرادتهم وأهوائهم هم ، في إشارة منه إلى السعودية ودول الخليج العربي ، لافتا إلى أن هذا الطرف يكفر النخبة المفكرة مثلما فعلوا مع على عبد الرازق وطه حسين ومصطفى محمود ونجيب محفوظ وغيرهم. واعترض رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالحزب د .أحمد عبد السلام قائلاً إن الأصولية هي بالأساس فكر تجديدي و لكنه تم تبنيه خطأً ، مشيرا إلى أن الله يرسل على رأس كل مائة عام من يجدد للأمة دينها ، فرد عليه وهبة قائلا إن العالم الإسلامي – للأسف - يجهض دائما كل محاولات المجددين الإصلاحيين ، مثلما حدث مع الإمام "محمد عبده". وفيما اعتبر تشكيكا في عقيدة الإمام محمد عبده ولاقى هجوما واعتراضا واسعاً بين الحضور أكد وهبة أن الإمام محمد عبده كان متعاطفاً بشكل كبير مع الديانة البهائية ! ! لكنه لم يعلن عن ذلك خوفا من بطش هذه الأصولية ، مؤكدا أنه اكتشف تلك الحقيقة عندما اطلع على المخاطبات التي دارت بينه وبين تولوستوي. وفي رده عن سؤال لبوابة أخبار اليوم حول حقيقة تعاطفه مع الكيان الإسرائيلي وحقه في الوجود ، وارتباط هذا بشهادته حول الإمام محمد عبده وكونه متعاطفا هو الآخر مع الديانة البهائية التي هي بالأساس صنيعة إسرائيلية ، قال وهبة : إن محمد عبده توفي قبل قيام دولة إسرائيل كما أن نشأة البهائية وبهاء الله كان قبل عام 1948 بكثير ، مشيرا إلى أن كل هذا ينفي منطق التشكيك في صدق روايته وشهادته حول الإمام المجدد محمد عبده . وتهكم وهبة قائلا " كل شيء في هذه البلد يحال في آخر الأمر إلى إسرائيل " ، مضيفاً : نحن لدينا سوء نية في تبني كافة أفكار الإصلاحيين سواء كنا أفرادا أو جماعات أو أحزابا أو هيئات وهذا ما حدث بالضبط مع ابن رشد . وتدخل رئيس الحزب هشام زايد قائلا : إن مرجعية "الخضر" في جميع بلدان العالم مرجعية بيئية ، أما خضر مصر فمرجعيته تقوم علي " الله – الإنسان – البيئة" مضيفا أن خضر مصر تحديدا يتعاملون مع الله باعتباره مطلق وما دونه نسبي ، فرد عليه د. وهبة قائلا " إذن نحن لا نرغب في مناخ علمي ولكننا نتشدق به فمثلا نحن المفكرون نحاول إحياء ابن رشد ليكون بديلا عن ابن تيمية فماذا صنعت الأحزاب المصرية لمنع توغل الأصولية التي يتم تصديرها لنا من السعودية ودول الخليج العربي . وأكد القيادي بالحزب محمد رفعت أن الحزب يعتمد على التفكير العلمي وليس العلمانية وفصل الدين عن كل ما يتعلق بمناحي الحياة والحكم في مصر. وحسم نائب رئيس الحزب خالد جوشن حدة النقاش الدائر بين أنصار وهبة وأعضاء مركز ابن رشد وبين عدد من الحضور قائلاً " إن الحديث في تلك الجدليات حساس وليس في محلة خصوصا وأنه يبعدنا عن محور المناقشة الرئيسي وهو توغل الفكر الأصولي وممثليه من كافة التيارات الإسلامية وتحكمهم في كافة أشكال الحكم في مصر خلال الفترة المقبلة . وعلق وهبة ساخرا " يبدو أن العالم الإسلامي ليس بحاجة لابن رشد ولا بحاجة إلى تنوير كما قال كثير من المستشرقين " .