واسمي ، إن أخطأت لفْظ اسمي بخمسة أحْرفي أفقيٌةِ التكوين لي. ميم المتيٌم والميتٌم والمتمٌيم ما مضى. حاء الحديقة والحبيبة، حيرتانِ وحسرتان. ميم المغامِر والمعدٌ المسْتعدٌ لموته الموعود منفيٌا، مريض المشْتهي. واو الوداع ، الوردة الوسطي ولاء للولادة أينما وجدتْ ، ووعْد الوالدين. دال الدليل، الدرب، دمعة دارةٍ درستْ ، ودوريٌ يُدلٌلني ويدْميني. بتلك الطريقة اختار محمود درويش أن يعرف الجميع باسمه، والذي حمل بين طيات حروفه معالم شخصية الشاعر الكبير، شاعر القضية وشاعر الأرض، والذي شغلت القضية الفلسطينية كل تفكيره فنطق لسانه بمعاناتها عن طريق الأحرف والكلمات. واستطاع درويش أن يُعبر عن المعاناة الفلسطينية عن طريق الكلمات، رافضا الخضوع للهزيمة وفقدان الأمل في العودة إلى بلاده قائلاً: آه يا جرحي المكابر. وطني ليس حقيبة. و أنا لست مسافر. إنني العاشق، و الأرض حبيبه. ولد درويش في ال13 من مارس عام 1941، في بلدة البروة، وقامت قوات الاحتلال بتهجير عائلته منها وعمره 6 سنوات ليظل مشهد تهجير أسرته عالقاً في ذهنه، وفجر موهبته الشعرية التي جسدها في حوار بين طفل فلسطيني ووالده وهما مهجران من بلدتها والتي يقول مطلعها: إلى أين تأخُذُني يا أبي؟. إلى جِهَةِ الريحِ يا ولدي. وفي تلك القصيدة يتجلى أمل العودة للديار مرة أخرى ويوصي فيها الوالد أبنه بأن يتذكر موضع بيتهم، وأن يحتفظ بمفتاح بيتهم، بعد ما ترك الحصان ليحرس المنزل، ويطالبه بأن يكون قويا كجده وينجو من رحلة التهجير كي يعود مرة أخرى إلى بلدته عندما يرحل عنها الجنود. وعندما بلغ محمود درويش 20 عاماً كان مسئولاً عن تحرير الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد، وكان يكتب بها العديد من الآراء اللاذعة والتي لم تعجب الحاكم العسكري لمدينة عكا ليسجن عام 1961، وعندما خرج طالبه أحد الضباط بهويته فأبا درويش وألقى قصيدته الشهيرة سجل أنا عربي. وبدأ درويش حياة الترحال مبكراً في سن ال25 عاماً بعد ما توجه للدراسة بموسكو، ومنها ذهب إلى القاهرة، والتي دخلها عام 1970، والتي قال عنها أنها المدينة الوحيدة التي وجد كل أهلها يتحدثون العربية، على عكس باقي المدن العربية، وانتقل عام 1973 إلى بيروت لتنفجر الحرب الأهلية بالمدينة بعدها بسنتين، وكتب عنها قصيدة بيروت والتي يقول فيها: بيروت شاهدة على قلبي. و أرحل عن شوارعها و عنيّ. عالقا بقصيدة لا تنتهي. واختار درويش أن يتجه إلى باريس على الرغم من عدم معرفته باللغة الفرنسية والتي وجد فيها ضالته بالتواجد مع نفسه فقط دون أن يعرفه أحد قائلاً عنها " انا هنا في باريس نكرة لا أحد يعرفني"، وكتب درويش خلال تواجده بباريس11 مجموعة شعرية منها "هي أغنية هي أغنية"، و" ورود أقل"، و"أحد عشر كوكباً"، و"لماذا تركت الحصان وحيداً". وخلال تجوال درويش بين البلدان كانت تونس هي محطة الوسطى بين كل ترحال، وهي التي كان يعود إليها كل فترة ليتواجد مع أعضاء منظمة التحرير والتي نقلت مقرها إليها، وعندما أذن الوقت بمغادرته لتونس كتب قصيدة خاصة لها قال فيها: حافظي على نفسك يا تونس. سنلتقي غدا على أرض أختك فلسطين. وعلى مستوى حياة درويش الشخصية فإنه تزوج مرتين أولهما من ابنة أخت الشاعر الكبير نزار قباني، رنا قباني، والتي لم يقضي معها سوى 3 سنوات، وتزوج بعدها من المصرية حياة الهيني، والتي أحبها درويش لدرجة كبيرة وكتب لها خصيصاً قصيدة يطير الحمام يحط الحمام والتي وصف فيها حبه لها بتلك الأبيات: ونحن لنا حين يدخل ظلٌّ إلى ظلّه في الرخام. وأشبه نفسي حين أعلّق نفسي على عنقٍ. لا تعانق غير الغمام. وأنت الهواء الذي يتعرّى أمامي كدمع العنب. وأنت بداية عائلة الموج حين تشبّث بالبرّ حين اغترب. وإني أحبّك، أنت بداية روحي، وأنت الختام. وتوفي محمود درويش في ال9 من أغسطس عام 2008 بمدينة تكساس الأمريكية، بعد ما فشلت جراحة القلب المفتوح التي كان يجريها ليسدل الستار عن مسيرة درويش الإبداعية والتي عبرت عن الفلسطيني بكل مشاعره بداية من الظلم الذي تعرض له واغتصاب أرده وتهجيره، بالإضافة إلى المذابح التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، بالإضافة لعشقه ويأسه انتهاءً بموته والذي عبر عنه في الجدارية بالقول: هذا هُوَ اسمُكَ. قالتِ امرأةٌ. وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيّ. أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي. ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ. طُفُولَةٍ أَخرى . ولم أَحلُمْ بأني. كنتُ أَحلُمُ . كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ . كُنْتُ أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً. وأَطيرُ . سوف أكونُ ما سأَصيرُ في الفَلَك الأَخيرِ . وكُلُّ شيء أَبيضُ. البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ. بيضاءَ . والَّلا شيء أَبيضُ في سماء المُطْلَق البيضاءِ . كُنْتُ ، ولم أَكُنْ . فأنا وحيدٌ في نواحي هذه الأَبديَّة البيضاء . جئتُ قُبَيْل ميعادي فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي : ماذا فعلتَ ، هناك ، في الدنيا ؟ ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ ، ولا أَنينَ الخاطئينَ ، أَنا وحيدٌ في البياض. أَنا وحيد. واسمي ، إن أخطأت لفْظ اسمي بخمسة أحْرفي أفقيٌةِ التكوين لي. ميم المتيٌم والميتٌم والمتمٌيم ما مضى. حاء الحديقة والحبيبة، حيرتانِ وحسرتان. ميم المغامِر والمعدٌ المسْتعدٌ لموته الموعود منفيٌا، مريض المشْتهي. واو الوداع ، الوردة الوسطي ولاء للولادة أينما وجدتْ ، ووعْد الوالدين. دال الدليل، الدرب، دمعة دارةٍ درستْ ، ودوريٌ يُدلٌلني ويدْميني. بتلك الطريقة اختار محمود درويش أن يعرف الجميع باسمه، والذي حمل بين طيات حروفه معالم شخصية الشاعر الكبير، شاعر القضية وشاعر الأرض، والذي شغلت القضية الفلسطينية كل تفكيره فنطق لسانه بمعاناتها عن طريق الأحرف والكلمات. واستطاع درويش أن يُعبر عن المعاناة الفلسطينية عن طريق الكلمات، رافضا الخضوع للهزيمة وفقدان الأمل في العودة إلى بلاده قائلاً: آه يا جرحي المكابر. وطني ليس حقيبة. و أنا لست مسافر. إنني العاشق، و الأرض حبيبه. ولد درويش في ال13 من مارس عام 1941، في بلدة البروة، وقامت قوات الاحتلال بتهجير عائلته منها وعمره 6 سنوات ليظل مشهد تهجير أسرته عالقاً في ذهنه، وفجر موهبته الشعرية التي جسدها في حوار بين طفل فلسطيني ووالده وهما مهجران من بلدتها والتي يقول مطلعها: إلى أين تأخُذُني يا أبي؟. إلى جِهَةِ الريحِ يا ولدي. وفي تلك القصيدة يتجلى أمل العودة للديار مرة أخرى ويوصي فيها الوالد أبنه بأن يتذكر موضع بيتهم، وأن يحتفظ بمفتاح بيتهم، بعد ما ترك الحصان ليحرس المنزل، ويطالبه بأن يكون قويا كجده وينجو من رحلة التهجير كي يعود مرة أخرى إلى بلدته عندما يرحل عنها الجنود. وعندما بلغ محمود درويش 20 عاماً كان مسئولاً عن تحرير الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد، وكان يكتب بها العديد من الآراء اللاذعة والتي لم تعجب الحاكم العسكري لمدينة عكا ليسجن عام 1961، وعندما خرج طالبه أحد الضباط بهويته فأبا درويش وألقى قصيدته الشهيرة سجل أنا عربي. وبدأ درويش حياة الترحال مبكراً في سن ال25 عاماً بعد ما توجه للدراسة بموسكو، ومنها ذهب إلى القاهرة، والتي دخلها عام 1970، والتي قال عنها أنها المدينة الوحيدة التي وجد كل أهلها يتحدثون العربية، على عكس باقي المدن العربية، وانتقل عام 1973 إلى بيروت لتنفجر الحرب الأهلية بالمدينة بعدها بسنتين، وكتب عنها قصيدة بيروت والتي يقول فيها: بيروت شاهدة على قلبي. و أرحل عن شوارعها و عنيّ. عالقا بقصيدة لا تنتهي. واختار درويش أن يتجه إلى باريس على الرغم من عدم معرفته باللغة الفرنسية والتي وجد فيها ضالته بالتواجد مع نفسه فقط دون أن يعرفه أحد قائلاً عنها " انا هنا في باريس نكرة لا أحد يعرفني"، وكتب درويش خلال تواجده بباريس11 مجموعة شعرية منها "هي أغنية هي أغنية"، و" ورود أقل"، و"أحد عشر كوكباً"، و"لماذا تركت الحصان وحيداً". وخلال تجوال درويش بين البلدان كانت تونس هي محطة الوسطى بين كل ترحال، وهي التي كان يعود إليها كل فترة ليتواجد مع أعضاء منظمة التحرير والتي نقلت مقرها إليها، وعندما أذن الوقت بمغادرته لتونس كتب قصيدة خاصة لها قال فيها: حافظي على نفسك يا تونس. سنلتقي غدا على أرض أختك فلسطين. وعلى مستوى حياة درويش الشخصية فإنه تزوج مرتين أولهما من ابنة أخت الشاعر الكبير نزار قباني، رنا قباني، والتي لم يقضي معها سوى 3 سنوات، وتزوج بعدها من المصرية حياة الهيني، والتي أحبها درويش لدرجة كبيرة وكتب لها خصيصاً قصيدة يطير الحمام يحط الحمام والتي وصف فيها حبه لها بتلك الأبيات: ونحن لنا حين يدخل ظلٌّ إلى ظلّه في الرخام. وأشبه نفسي حين أعلّق نفسي على عنقٍ. لا تعانق غير الغمام. وأنت الهواء الذي يتعرّى أمامي كدمع العنب. وأنت بداية عائلة الموج حين تشبّث بالبرّ حين اغترب. وإني أحبّك، أنت بداية روحي، وأنت الختام. وتوفي محمود درويش في ال9 من أغسطس عام 2008 بمدينة تكساس الأمريكية، بعد ما فشلت جراحة القلب المفتوح التي كان يجريها ليسدل الستار عن مسيرة درويش الإبداعية والتي عبرت عن الفلسطيني بكل مشاعره بداية من الظلم الذي تعرض له واغتصاب أرده وتهجيره، بالإضافة إلى المذابح التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، بالإضافة لعشقه ويأسه انتهاءً بموته والذي عبر عنه في الجدارية بالقول: هذا هُوَ اسمُكَ. قالتِ امرأةٌ. وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيّ. أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي. ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ. طُفُولَةٍ أَخرى . ولم أَحلُمْ بأني. كنتُ أَحلُمُ . كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ . كُنْتُ أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً. وأَطيرُ . سوف أكونُ ما سأَصيرُ في الفَلَك الأَخيرِ . وكُلُّ شيء أَبيضُ. البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ. بيضاءَ . والَّلا شيء أَبيضُ في سماء المُطْلَق البيضاءِ . كُنْتُ ، ولم أَكُنْ . فأنا وحيدٌ في نواحي هذه الأَبديَّة البيضاء . جئتُ قُبَيْل ميعادي فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي : ماذا فعلتَ ، هناك ، في الدنيا ؟ ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ ، ولا أَنينَ الخاطئينَ ، أَنا وحيدٌ في البياض. أَنا وحيد.