كشفت عن.. تصاعد العنف في صعيد مصر نتيجة اختراق جماعات الإسلام السياسى..! كشفت عمليةُ المواجهات الدموية بين قبائل بني هلال والعائلات النوبية، بمدينة أسوان عن حدوث تغير في آليات الصراع الاجتماعي والتقاليد التي كانت تحكم العلاقات الاجتماعية وعملية الثأر، والتي كانت تلعب دورًا مهمًّا في سرعة وأد الصراع بين العائلات الكبيرة. ويرجع تغير ملامح شكل وآليات الثأر -كما أظهرته أحداث محافظة أسوان إلى اختلال التوازنات الاجتماعية في الصعيد خلال الفترة الأخيرة، نتيجة اختراق جماعات الإسلام السياسي لتلك المناطق، مع صعود الدور السياسي لقبائل وعائلات صغيرة نسبيًّا، لم يكن لها في السابق طموح سياسي، كما لم يكن لها رأس مال اجتماعي، ولا حيازة زراعية موروثة في زمام القرية. جاء ذلك فى دراسة حديثة للمركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، وأشارت الدراسة إلى أن الأحداث الأخيرة كشفت عن التداعيات المهمة لتغير التوازنات الاجتماعية في منطقة الصعيد فقد تميزت الخريطة الاجتماعية في الصعيد بالتشابك، والامتداد عبر محافظاته المتواصلة على طول نهر النيل، وقد ساهم ذلك في تحقيق شكل من أشكال الاستقرار الاجتماعي والأمني. وامتدت سيطرة بعض العائلات والقبائل على العملية السياسية لعقود ممتدة؛ حيث ظلت تتوارث المقاعد البرلمانية، وتتمسك بالأولوية والأحقية في ترشيح أبنائها للانتخابات. وكانت المنافسة السياسية خلال هذه الفترة التي تزيد عن 50 عامًا تنحصر بين حوالي 60 عائلة وقبيلة، تعتبر روابطها الاجتماعية أقوى من أي انتماء حزبي. وقد اعتمدت تلك الأسر في فرض سيطرتها على اتساع المساحة الزراعية التي تمتلكها، وعلى شبه احتكارها لمناصب العمد والمشايخ التي جعلتها تدير مصالح غيرها، وتتصدر المصالحات بين أطراف القرى المتنازعة. في هذا الإطار، سعت الأحزاب السياسية الكبيرة، ومن أهمها أحزاب الوفد والوطني المنحل والتجمع والناصري، لكسب ود هذه العائلات، للاستفادة من دعمها المادي والسياسي. لكن هذه الخريطة تغيرت بعد يناير 2011، وحل الحزب الوطني، وتصاعد دور الأحزاب الإسلامية. حيث ابتعدت العائلات الكبيرة التي من أهمها قبائل وعائلات العرب، والهوارة، والأشراف، والدنداروية، وآل رسلان، وأبو ستيت، وعبد الآخر، وآل رضوان، المنتشرة في محافظاتقناوالأقصروأسوان وامتداداتها في سوهاج وأسيوط والمنيا وشمال الصعيد عن المشهد السياسي. واقتصر طموح هذه العائلات في الفترة ما بين فبراير 2011 و30 يونيو 2013، على التمسك بمناصب العمد والمشايخ، حيث تخوفت من سيطرة الجماعات الإسلامية عليها، أو توزيعها على العائلات الصغيرة. خلال تلك الفترة بدأت تتصدر المشهد عائلات صغيرة ليس لها تاريخ سياسي في محافظاتأسوانوالأقصروقناوسوهاج وأسيوط حتى شمال الصعيد، حيث استحوذت على المقاعد البرلمانية. كما قامت تيارات الإسلام السياسي بعد ثورة 25 يناير بتركيز مقرات أحزابها "أحزاب الحرية والعدالة، والأصالة، والبناء والتنمية" بين تلك القبائل غير المتجذرة اجتماعيًّا، والتي من أهمها قبائل بني هلال، وتشكيل أماناتها في تلك المحافظات الجنوبية من رموز هذه العائلات. من ناحية أخرى، حرصت هذه العائلات على تأمين نفسها باكتناز الأسلحة النارية في ظل غياب الأمن، لتأكيد قوتها، وللتخلص من فكرة الخضوع المجتمعي للعائلات الكبيرة. وعلى سبيل المثال، فإن عائلات "بني هلال"، بأعدادها الكبيرة، وارتفاع مستوى دخولها من التجارة ذات الربح السريع، أحست بذاتها، واصطدمت بكثير من عائلات المجتمع الجنوبي على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، بذلك وقع اختلال في خريطة التوازنات العائلية والقبلية التي كانت تلعب دورًا محوريًّا في سرعة حسم الصراع بين العائلات وبعضها. وأكدت الدراسة أن تداعيات التغيير على عملية الثأر كنظام اجتماعى انعكس تغير خريطة التوازنات الاجتماعية على الشكل الذي كانت تأخذه عملية الثأر، وهي العملية التي وضعت لها القبائل الكبيرة نظامًا كان لا يمكن تخطي شروطه ومبادئه في الفترة التي سبقت ثورة يناير. حيث انحصرت عملية الأخذ بالثأر بين العائلات والقبائل ذات الجذور القديمة والممتدة، والتي تتزايد عندها قيمة الولاءات التحتية المرتبطة بالعائلة والقبيلة عن الولاءات الفوقية المتعلقة بالدولة والمجتمع. ولم تكن هذه العائلات تعتبر الثأر جريمة، وفي إطار ما رأته بمسئوليتها الاجتماعية تجاه نفسها؛ وضعت ضوابط لهذا التقليد، الذي قام على مبدأ المساواة في الخسارة كعامل رئيسي في حسمه. لكن في السنوات التالية لثورة 2011، اتسع نطاق الأخذ بالثأر، حيث بدأت بعض القبائل التي اعتمدت تاريخيًّا في حسم مشاكلها الاجتماعية على تدخل العائلات الكبيرة، تحس بمسئوليتها الاجتماعية في الأخذ بالثأر. ومن الأمثلة على ذلك، قبائل الهلايل، التي تصدرت مؤخرًا مشهد الصراعات في محافظتي الأقصر، وأسوان، خصوصًا في مناطق قوص وإسنا والعبابدة. وهذه القبائل تتجمع في مناطق تقتصر عليها فقط، وأشهر أماكن تواجدها في محافظة أسوان "السيل والشيخ هارون"، أما في الأقصر فهي تتواجد في قريتي الزنيقة ونجع أبو حميد بإسنا، وفي مناطق متلاحمة بمركز أرمنت، بالإضافة إلى تواجدهم بمحافظة بني سويف. وأشارت الدراسة إلى أن حداثة عهد قبائل (مثل: الهلايل، والعائلات النوبية) في ارتكاب عمليات للثأر، مع التلاحم الجغرافي لتلك القبائل، ومعاداة الهلايل لكثير من العائلات غير النوبية؛ أدى إلى ظهور آليات جديدة للثأر الاجتماعي، حيث تغيرت طريقة حسمه، كما ظهرت عدم قدرة مرتكبيه على ضبط نتائجه السلبية التي زادت من عدد ضحاياه. كما أشارت إلى تطور آليات وأدوات ارتكاب الثأر، حيث ظلت الآلية التقليدية لحسم الثأر الاجتماعي بين القبائل والعائلات هي استخدام السلاح الناري، وكانت تصر جميع العائلات على ارتكاب جرائم الثأر بالسلاح الآلي، لأن استخدامه يعبر عن قيمة الفرد الذي يأخذ بثأره داخل عائلته. ونتيجة لثبات آلية ارتكاب الثأر الاجتماعي قبل يناير 2011، كان كثيرًا ما يتأخر حسمه لسنوات طويلة، ولا يؤخذ على الفور طالما تدخلت الشرطة وكبار العائلات للمصالحة. وكانت آلية حسم الثأر الاجتماعي تعتمد على مبدأ تحقيق المساواة في الخسائر، والتي تعني أن قتل واحد من عائلة يستوجب قتل شخص في المقابل من الطرف الآخر، حتى الوصول إلى التعادل في معدل القتل حتى ينتهي الصراع. وقد كان الثأر يقتصر تقليديًّا على البيوت داخل العائلات، على عكس ما يحدث الآن في أسوان، الذي يمثل صراعًا بين عائلات بكاملها، وتساندها أخرى في الخفاء، سواء بالمال، أو بالسلاح، وبالتالي قد لا يحتكم الثأر في هذه الحالة حتى لمبدأ المساواة في الخسائر. وقد كشفت المواجهات بين قبائل الهلايل والنوبيين -في ظل الغياب الأمني- عن تغير آليات الثأر، فلم تقتصر، وفقًا للأحداث الأخيرة، على السلاح الناري فقط؛ بل لقد استخدمت قبائل النوبيين والهلايل "أنابيب البوتاجاز" كأدوات للتفجير وحرق المنازل، وهذا يعني أن آلية حسم الثأر بين أطرافه لا تؤدي إلى حسم الخلاف، بل إلى تفاقمه؛ لأن العملية تتم بشكل عشوائي، وفوري. بل يلاحظ -وفقًا لما كشفته أحداث أسوان- تغير المستهدف من الثأر، فلأول مرة يتم قتل النساء، رغم أن هذا يخرج عن مبادئ وضوابط الثأر الاجتماعي في الصعيد. وأرجعت الدراسة أسباب انتشار عملية الثأر الاجتماعى وانتقاله الثأر إلى أماكن جديدة مثل "مدينة أسوان" ولعائلات مثل "الهلايل، والنوبيين" لم ترتكب الثأر الاجتماعي طوال تاريخها إلا بعد ثورة 25 يناير؛ إلى عدة أسباب، يمكن حصر وتلخيص أهمها، في: 1. تصدر عائلات وقبائل جديدة للمشهد السياسي والاجتماعي، تسعى لتدعيم موقعها، والقضاء على التفاوت الاجتماعي بينها وبين العائلات الكبيرة التي تمتعت بالسيطرة الاجتماعية والسياسية لعقود طويلة 2. تراجع سيطرة العائلات والقبائل التي تمتعت تاريخيًّا بسطوة اجتماعية وسياسية كانت تعطيها قدرة كبيرة على احتواء الصراعات وحسمها. مع تراجع تأثير قياداتها من عمد ومشايخ على العائلات "الصاعدة"، التي لم تعد تنضوي تحت قيادة تلك العائلات. 3. تصاعد حساسية هذه القوى الجديدة بعد سقوط نظام الإخوان الذي احتضنها خلال الفترة الماضية، كما أن حيازتها للسلاح جعلها أكثر استعدادًا لاتخاذ مواقف عدائية أو عنيفة ضد من ينتقص من قيمتها، ويهدد مكانتها الاجتماعية المكتسبة. وبالتالي تميزت الصراعات بدرجة أكبر من العنف مما كانت تستخدمه تقليديًّا العائلات الكبيرة. 4. الحضور الهش والضعيف للدولة، وغياب آليات الضبط الاجتماعي الرسمي في السنوات التي تلت ثورة 25 يناير، والمتمثلة في تطبيق القانون والوجود الشرطي. أحداث أسوان بين قبائل بينى هلال والنوبيين كشفت عن.. تصاعد العنف في صعيد مصر نتيجة اختراق جماعات الإسلام السياسى..! كشفت عمليةُ المواجهات الدموية بين قبائل بني هلال والعائلات النوبية، بمدينة أسوان عن حدوث تغير في آليات الصراع الاجتماعي والتقاليد التي كانت تحكم العلاقات الاجتماعية وعملية الثأر، والتي كانت تلعب دورًا مهمًّا في سرعة وأد الصراع بين العائلات الكبيرة. ويرجع تغير ملامح شكل وآليات الثأر -كما أظهرته أحداث محافظة أسوان إلى اختلال التوازنات الاجتماعية في الصعيد خلال الفترة الأخيرة، نتيجة اختراق جماعات الإسلام السياسي لتلك المناطق، مع صعود الدور السياسي لقبائل وعائلات صغيرة نسبيًّا، لم يكن لها في السابق طموح سياسي، كما لم يكن لها رأس مال اجتماعي، ولا حيازة زراعية موروثة في زمام القرية. جاء ذلك فى دراسة حديثة للمركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، وأشارت الدراسة إلى أن الأحداث الأخيرة كشفت عن التداعيات المهمة لتغير التوازنات الاجتماعية في منطقة الصعيد فقد تميزت الخريطة الاجتماعية في الصعيد بالتشابك، والامتداد عبر محافظاته المتواصلة على طول نهر النيل، وقد ساهم ذلك في تحقيق شكل من أشكال الاستقرار الاجتماعي والأمني. وامتدت سيطرة بعض العائلات والقبائل على العملية السياسية لعقود ممتدة؛ حيث ظلت تتوارث المقاعد البرلمانية، وتتمسك بالأولوية والأحقية في ترشيح أبنائها للانتخابات. وكانت المنافسة السياسية خلال هذه الفترة التي تزيد عن 50 عامًا تنحصر بين حوالي 60 عائلة وقبيلة، تعتبر روابطها الاجتماعية أقوى من أي انتماء حزبي. وقد اعتمدت تلك الأسر في فرض سيطرتها على اتساع المساحة الزراعية التي تمتلكها، وعلى شبه احتكارها لمناصب العمد والمشايخ التي جعلتها تدير مصالح غيرها، وتتصدر المصالحات بين أطراف القرى المتنازعة. في هذا الإطار، سعت الأحزاب السياسية الكبيرة، ومن أهمها أحزاب الوفد والوطني المنحل والتجمع والناصري، لكسب ود هذه العائلات، للاستفادة من دعمها المادي والسياسي. لكن هذه الخريطة تغيرت بعد يناير 2011، وحل الحزب الوطني، وتصاعد دور الأحزاب الإسلامية. حيث ابتعدت العائلات الكبيرة التي من أهمها قبائل وعائلات العرب، والهوارة، والأشراف، والدنداروية، وآل رسلان، وأبو ستيت، وعبد الآخر، وآل رضوان، المنتشرة في محافظاتقناوالأقصروأسوان وامتداداتها في سوهاج وأسيوط والمنيا وشمال الصعيد عن المشهد السياسي. واقتصر طموح هذه العائلات في الفترة ما بين فبراير 2011 و30 يونيو 2013، على التمسك بمناصب العمد والمشايخ، حيث تخوفت من سيطرة الجماعات الإسلامية عليها، أو توزيعها على العائلات الصغيرة. خلال تلك الفترة بدأت تتصدر المشهد عائلات صغيرة ليس لها تاريخ سياسي في محافظاتأسوانوالأقصروقناوسوهاج وأسيوط حتى شمال الصعيد، حيث استحوذت على المقاعد البرلمانية. كما قامت تيارات الإسلام السياسي بعد ثورة 25 يناير بتركيز مقرات أحزابها "أحزاب الحرية والعدالة، والأصالة، والبناء والتنمية" بين تلك القبائل غير المتجذرة اجتماعيًّا، والتي من أهمها قبائل بني هلال، وتشكيل أماناتها في تلك المحافظات الجنوبية من رموز هذه العائلات. من ناحية أخرى، حرصت هذه العائلات على تأمين نفسها باكتناز الأسلحة النارية في ظل غياب الأمن، لتأكيد قوتها، وللتخلص من فكرة الخضوع المجتمعي للعائلات الكبيرة. وعلى سبيل المثال، فإن عائلات "بني هلال"، بأعدادها الكبيرة، وارتفاع مستوى دخولها من التجارة ذات الربح السريع، أحست بذاتها، واصطدمت بكثير من عائلات المجتمع الجنوبي على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، بذلك وقع اختلال في خريطة التوازنات العائلية والقبلية التي كانت تلعب دورًا محوريًّا في سرعة حسم الصراع بين العائلات وبعضها. وأكدت الدراسة أن تداعيات التغيير على عملية الثأر كنظام اجتماعى انعكس تغير خريطة التوازنات الاجتماعية على الشكل الذي كانت تأخذه عملية الثأر، وهي العملية التي وضعت لها القبائل الكبيرة نظامًا كان لا يمكن تخطي شروطه ومبادئه في الفترة التي سبقت ثورة يناير. حيث انحصرت عملية الأخذ بالثأر بين العائلات والقبائل ذات الجذور القديمة والممتدة، والتي تتزايد عندها قيمة الولاءات التحتية المرتبطة بالعائلة والقبيلة عن الولاءات الفوقية المتعلقة بالدولة والمجتمع. ولم تكن هذه العائلات تعتبر الثأر جريمة، وفي إطار ما رأته بمسئوليتها الاجتماعية تجاه نفسها؛ وضعت ضوابط لهذا التقليد، الذي قام على مبدأ المساواة في الخسارة كعامل رئيسي في حسمه. لكن في السنوات التالية لثورة 2011، اتسع نطاق الأخذ بالثأر، حيث بدأت بعض القبائل التي اعتمدت تاريخيًّا في حسم مشاكلها الاجتماعية على تدخل العائلات الكبيرة، تحس بمسئوليتها الاجتماعية في الأخذ بالثأر. ومن الأمثلة على ذلك، قبائل الهلايل، التي تصدرت مؤخرًا مشهد الصراعات في محافظتي الأقصر، وأسوان، خصوصًا في مناطق قوص وإسنا والعبابدة. وهذه القبائل تتجمع في مناطق تقتصر عليها فقط، وأشهر أماكن تواجدها في محافظة أسوان "السيل والشيخ هارون"، أما في الأقصر فهي تتواجد في قريتي الزنيقة ونجع أبو حميد بإسنا، وفي مناطق متلاحمة بمركز أرمنت، بالإضافة إلى تواجدهم بمحافظة بني سويف. وأشارت الدراسة إلى أن حداثة عهد قبائل (مثل: الهلايل، والعائلات النوبية) في ارتكاب عمليات للثأر، مع التلاحم الجغرافي لتلك القبائل، ومعاداة الهلايل لكثير من العائلات غير النوبية؛ أدى إلى ظهور آليات جديدة للثأر الاجتماعي، حيث تغيرت طريقة حسمه، كما ظهرت عدم قدرة مرتكبيه على ضبط نتائجه السلبية التي زادت من عدد ضحاياه. كما أشارت إلى تطور آليات وأدوات ارتكاب الثأر، حيث ظلت الآلية التقليدية لحسم الثأر الاجتماعي بين القبائل والعائلات هي استخدام السلاح الناري، وكانت تصر جميع العائلات على ارتكاب جرائم الثأر بالسلاح الآلي، لأن استخدامه يعبر عن قيمة الفرد الذي يأخذ بثأره داخل عائلته. ونتيجة لثبات آلية ارتكاب الثأر الاجتماعي قبل يناير 2011، كان كثيرًا ما يتأخر حسمه لسنوات طويلة، ولا يؤخذ على الفور طالما تدخلت الشرطة وكبار العائلات للمصالحة. وكانت آلية حسم الثأر الاجتماعي تعتمد على مبدأ تحقيق المساواة في الخسائر، والتي تعني أن قتل واحد من عائلة يستوجب قتل شخص في المقابل من الطرف الآخر، حتى الوصول إلى التعادل في معدل القتل حتى ينتهي الصراع. وقد كان الثأر يقتصر تقليديًّا على البيوت داخل العائلات، على عكس ما يحدث الآن في أسوان، الذي يمثل صراعًا بين عائلات بكاملها، وتساندها أخرى في الخفاء، سواء بالمال، أو بالسلاح، وبالتالي قد لا يحتكم الثأر في هذه الحالة حتى لمبدأ المساواة في الخسائر. وقد كشفت المواجهات بين قبائل الهلايل والنوبيين -في ظل الغياب الأمني- عن تغير آليات الثأر، فلم تقتصر، وفقًا للأحداث الأخيرة، على السلاح الناري فقط؛ بل لقد استخدمت قبائل النوبيين والهلايل "أنابيب البوتاجاز" كأدوات للتفجير وحرق المنازل، وهذا يعني أن آلية حسم الثأر بين أطرافه لا تؤدي إلى حسم الخلاف، بل إلى تفاقمه؛ لأن العملية تتم بشكل عشوائي، وفوري. بل يلاحظ -وفقًا لما كشفته أحداث أسوان- تغير المستهدف من الثأر، فلأول مرة يتم قتل النساء، رغم أن هذا يخرج عن مبادئ وضوابط الثأر الاجتماعي في الصعيد. وأرجعت الدراسة أسباب انتشار عملية الثأر الاجتماعى وانتقاله الثأر إلى أماكن جديدة مثل "مدينة أسوان" ولعائلات مثل "الهلايل، والنوبيين" لم ترتكب الثأر الاجتماعي طوال تاريخها إلا بعد ثورة 25 يناير؛ إلى عدة أسباب، يمكن حصر وتلخيص أهمها، في: 1. تصدر عائلات وقبائل جديدة للمشهد السياسي والاجتماعي، تسعى لتدعيم موقعها، والقضاء على التفاوت الاجتماعي بينها وبين العائلات الكبيرة التي تمتعت بالسيطرة الاجتماعية والسياسية لعقود طويلة 2. تراجع سيطرة العائلات والقبائل التي تمتعت تاريخيًّا بسطوة اجتماعية وسياسية كانت تعطيها قدرة كبيرة على احتواء الصراعات وحسمها. مع تراجع تأثير قياداتها من عمد ومشايخ على العائلات "الصاعدة"، التي لم تعد تنضوي تحت قيادة تلك العائلات. 3. تصاعد حساسية هذه القوى الجديدة بعد سقوط نظام الإخوان الذي احتضنها خلال الفترة الماضية، كما أن حيازتها للسلاح جعلها أكثر استعدادًا لاتخاذ مواقف عدائية أو عنيفة ضد من ينتقص من قيمتها، ويهدد مكانتها الاجتماعية المكتسبة. وبالتالي تميزت الصراعات بدرجة أكبر من العنف مما كانت تستخدمه تقليديًّا العائلات الكبيرة. 4. الحضور الهش والضعيف للدولة، وغياب آليات الضبط الاجتماعي الرسمي في السنوات التي تلت ثورة 25 يناير، والمتمثلة في تطبيق القانون والوجود الشرطي.