أشجار زابلة... أبواب موروبه... نوافذ محطمة ... جدران نازفة.... عيون خائفة... خطوات هادئة مترددة .. قصر غريب ومهجور وسط مدينة عامرة ، له قصص عديدة وجميعها اللغاز يصعب حلها ، بعد أول خطوة بداخله تشعر وكأن الأرض تهتز تحت قدميك ، وخطواتك كلها ترقب لمفاجئات هذا القصر ، صالة كبيرة بمدخل القصر وفي أخرها سلم الرعب المزدوج بدرجاته الخشبية المتهالكه ، عند صعودك درجات السلم ورؤيتك الجزء العلوي للقصر ترتجف قدماك من هول الموقف وتفكر كثير قبل خطوتك الثانية عما هو قادم هل الخطوة الثانية تأخذك للمتاهه المرعبه ، أم للهلاك . غرف عديدة متداخلة وبلكونات كبيرة تتصل بالمبنيين الجانبين للقصر و جدران الغرف مصنوع بها "سابورات " تعليمية و مكتوب عليها ما تبقي من دروس النحو ، ومازالت غرفة المدرسين تحمل أسمائهم المكتوبة بالقلم الماركر على باب غرفة التدريس والورقة المكتوبة بخط اليد معلقة على أحد عمدان الدور العلوي مكتوب بها قول شوقي" انما الأمم الأخلاق ما بقيت .... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا!!. "مدرسة الناصرية الإعدادية بنين " التي كتب عليها الانقراض بعد ان انجبت لنا جيلا من العظماء أمثال النابغين الأستاذين علي أمين ومصطفى أمين ، اللذان تعلمها في هذا المكان وكان بداية نبوغهما الفكري . لا يوجد أي مصدر للإنارة بالقصر سوى ضؤ الشمس المنبعث من خلال كسور شبابيك النوافذ المحطمة ، بين القديم والحديث تتأرجح أفكارك وعند سماعك لأي حركة ينتفض جسدك خوفاً من الأشباح كل ماسبق لم تكن مقدمة لفيلم رعب أجنبي ولم يكن كابوس مفزع رأيناه في نومنا ولكنها حقيقة الحال الذي وصل اليه " قصر شامبليون " القصر الذي كتب عليه الوحدة والفراغ رغم موقعة المتميز بوسط القاهرة الا أنه لم يستطع ان يحافظ على سكانه ليعمروه منذ أن بناه أحد أحفاد محمد علي وهو سعيد حليم باشا لزوجته عام 1895 م ولكنها رفضت العيش به وقتها رغم روعته وجمال طرازه الإيطالي ومنذ هذه اللحظه بدئت رحلة القصر العجيب مع وحدته وكثرت الروايات عنه . الرواية الأولى:- البعض يقول انه بعد رفض زوجة " سعيد حليم باشا " ان تسكن القصر فتنازل الباشا عن القصر لوزارة التربية والتعليم . الرواية الثانية :- بعدما رفضت زوجة الباشا العيش بالقصر ترك القصر بلا رفيق إلى أن أعلنت الحرب العالمية الأولى " وصادرت الحكومة أملاك الأمير باعتباره من رعايا دولة معادية ومن وقتها تحول القصر إلى "مدرسة الناصرية ". الرواية الثالثة :- تقترب بحد كبير من الأولى فيقال أن " سعيد حليم باشا " باع القصر لوزارة التربية والتعليم ولم يتنازل عنه وتم تحويل القصر إلى مدرسة ثم ألت ملكيته إلى ثمانية من الإيطاليين وأخر فرنسي ، وعندما تم ادراج القصر كأثرعام2000 وذلك بناءا على طلب زاهي حواس بتشكيل اللجنه الدائمة للأثار الإسلامية والقبطية والتي قررت في 12 مايو 2000 بالموافقه على ان القصر يعد أثر وتم تسجل ذلك بالمجلس الأعلى للأثار بتاريخ 26 يونيو 2000 . وبعدها ظهر لغز جديد وهو شراء رجل الأعمال المصري " رشاد عثمان " للقصر من المستثمرين الاجانب بموجب عقد مسجل بتاريخ 13 نوفمبر 2000 أي بعد إدارج القصر كأثر !!! ، وذلك بمبلغ 1300000 جنية مصري . وفي ذلك الوقت كان القصر تشغله مدرسة الناصرية الاعدادية بنين وبطبيعة الحال لا يستطيع مالك القصر استلامه إلا بعد إخلاء المدرسة ، والوسيله الوحيدة لذلك هي أن القصر اصبح أثر مسجل وعليه صدر قرار وزاري رقم 121 لسنة 2002 بتسجيل القصر في عداد الأثار الاسلامية والقبطية . وفي عام 2006 أرسل محافظ القاهرة لوزير الثقافة خطابا يفيد بأن المحافظة قد قامت بإخلاء القصر ، حتى يتسنى للوزارة اتخاذ اللازم نحو ترميمه وصيانته لاستخدامه في أغراض ثقافية . وعلى الفور أصدر دكتور زاهي حواس قرار بتشكيل لجنة لاستلام القصر من التربية والتعليم ، وقبل الاستلام شكل لجنة اخرى للمعاينه وابداء الرأي في مدى تحويله لمتحف من عدمه ، وقررت اللجنه عدم صلاحية القصر لقربه من المتحف المصري وضيق الشوارع المجاورة ، الا ان حواس لم يستجب لقرار اللجنه وأشر عليه بسرعة نزع مليكة القصر لتحويله لمتحف وتم تقدير القيمة المبدئية لتعويض المالك بمبلغ 60540000 تحت العجز والزيادة . وذلك ما رفضه قطاع التمويل بالمجلس الأعلى للأثار لان الاعتمادات الماليه لا تسمح وذلك في 23 ابريل 2008 وقد صرح المتحدث الإعلامي بوزارة الدولة لشئون الأثارمحمد عبد العزيز بالرغم من اعتراض المستشارالقانوني للمجلس أشرف العشماوي على مبررات نزع ملكية القصر وانه يكفي استخدام حق المجلس الأعلى للأثار في الحفاظ على القصر كأثر بطريق الترميم وحمايته من سؤ الاستغلال وفقا لقانون حماية الأثار وذلك في 17 يونيو 2008 ، الا ان حواس قد شكل لجنة للتفاوض مع المالك للوصول إلى أنسب سعر ولم تصل اللجنة لشئ ... وفي عام 2009 صدر قرار اللجنه الدائمة للأثار الإسلامية والقبطية بإلغاء القرار السابق بنزع ملكية القصر وذلك لعدم صلاحيته ولعدم وجود مبرر لذلك . وبعد ذلك تقدم رجل الأعمال رشاد عثمان بطلب للمجلس الأعلى للأثار لتسليمه القصر بناء على حكم القضاء الإداري بتسليمه ودون معارضه من المجلس شكل حواس لجنة لتسليم القصر وتم التسليم في 17 أغسطس 2009 ... ومنذ ذلك الوقت وحتى الأن ولم يتم عمل أي تجديد بالقصر ولكن تزداد حالته سؤا ، على الرغم من أن الأثار وقت إخلاء القصر كان لديها ما يسمح لها بترميمه وتركه تحت ملكيه صاحبه ولكن المسؤل وقتها لم يفعل ! والأن ليس بيد وزير الأثار دكتور محمد إبراهيم إي حيله وذلك لقلة التدفقات النقدية ، نتيجة سؤ حال السياحة بمصر ، بعد ثورة 25 يناير. والسؤال الأن لماذا لم يشكل دكتور زاهي حواس لجنة لترميم القصر بدلا من نزع ملكيته ؟؟ لماذا الحاج رشاد عثمان لم يطلب بشكل رسمي من الأثار ترميم الأثر أو السماح بترميمه على نفقته الخاصة ، وذلك اذا كان مهتم بقيمة المكان الأثرية ؟!!! لمصلحة من تم تشريد أطفال مدرسة الناصرية التي تخرج منها علي أمين ومصطفى أمين ؟؟؟