محافظ الإسماعيلية يتفقد موقع النصب التذكاري بجبل مريم (صور)    وزير الإسكان ومحافظ الشرقية يبدآن جولة تفقدية بعدد من مشروعات المياه والصرف    جرائم الصهاينة وتضحيات الأبطال    انطلاق اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة 34 في بغداد    مصر ضد المغرب.. الموعد والقناة الناقلة لمباراة نصف نهائي أمم أفريقيا للشباب    أموريم يتحمل تكاليف حضور عائلات جهاز مانشستر لنهائي الدوري الأوروبي    سون يتعرض لمحاولة ابتزاز من سيدة والشرطة تتدخل    حبس سائق المقطورة المتهم بدهس بطل كمال الأجسام في التجمع    نجل الفنان عبد الرحمن أبو زهرة: معاش والدي توقف بسبب شائعات وفاته    الكشف على 145 حالة خلال قافلة طبية في مدارس القليوبية    حكم قضائي جديد يخص طلاب الثانوية العامة| بماذا حكمت المحكمة؟    وزير الصحة يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي ال13 لجامعة عين شمس    وزير خارجية تركيا: هناك فرصة لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا    حماس: المقاومة قادرة على إيلام الاحتلال ومستوطنيه فوق كل شبر من أرضنا    وفاة إسرائيلية متأثرة بإصابتها خلال عملية إطلاق نار في الضفة الغربية أمس    تفاصيل عودة اختبار السات SAT لطلاب الدبلومة الأمريكية بعد 4 سنوات من الإلغاء «القصة الكاملة»    لليوم الثاني.. 21 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالمنيا    أسعار الفراخ اليوم تنخفض على استحياء.. شوف بكام    كورتوا: سنواصل الإيمان بحظوظنا في الدوري حتى يصبح الأمر مستحيلًا رياضيًا    «فوازير»... شوبير ينتقد اتحاد الكرة ورابطة الأندية بسبب شكل الدوري    طوارئ في الأهلي قبل قرار لجنة التظلمات اليوم.. والزمالك وبيراميدز يهددان بالتصعيد    منتخب مصر للدراجات يقترب من التتويج بلقب البطولة الأفريقية    دوري سوبر السلة.. الأهلي يواجه الزمالك في ثاني مواجهات نصف النهائي    الحكومة تبحث وضع آلية محددة لتحصيل الرسوم من المنشآت الفندقية والسياحية    ضبط 45.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    طقس مائل للحرارة في شمال سيناء    اليوم.. طلاب الشهادة الابتدائية الأزهرية يؤدون امتحان الدراسات الاجتماعية في الإسكندرية    تشغيل قطارات إضافية بمناسبة عيد الأضحى.. السكة الحديد تعلن التفاصيل والمواعيد    أولى جلسات محاكمة نجل الفنان محمد رمضان.. بعد قليل    النقض تخفف عقوبة ربة منزل وعشيقها بقتل زوجها    نزع ملكية عقارات 3 مدارس في 3 محافظات    الليلة.. عرض فيلم الممر ضمن فعاليات منتدى ناصر الدولي    قبل افتتاح المتحف المصري الكبير.. ما هي أبرز الجوائز التي حصل عليها؟    بهذه الكلمات.. كندة علوش تهنئ أصالة ب عيد ميلادها    محمد البهي رئيس لجنة الضرائب: التسهيلات الضريبية في صالح الصناع..    جامعة بنها تواصل قوافلها الطبية بمدارس القليوبية    لابيد: ترامب سئم من نتنياهو والسعودية حلّت محل إسرائيل كحليف لأمريكا    السيطرة على حريق شب في ثلاثة منازل بسوهاج    ترامب: بايدن أسوأ رئيس للولايات المتحدة.. ولدينا أقوى جيش في العالم    تعرف على مدة إجازة رعاية الطفل وفقا للقانون    آيزنكوت: الصراع مع حماس سيستمر لفترة طويلة والنصر الكامل شعار غير واقعي    وزيرة البيئة تبحث مع المقاولون العرب التعاون فى مجال إعادة تدوير مخلفات الهدم والبناء    الصحة تنظم مؤتمرا طبيا وتوعويا لأهمية الاكتشاف المبكر لمرض الثلاسميا    أمين عام الناتو: لدينا تفاؤل حذر بشأن تحقيق تقدم فى مفاوضات السلام بأوكرانيا    هانئ مباشر يكتب: بعد عسر يسر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 15 مايو 2025    تباين آراء الملاك والمستأجرين حول تعديل قانون الإيجار القديم    نماذج امتحانات الصف الخامس الابتدائي pdf الترم الثاني جميع المواد التعليمية (صور)    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    من بينهما برج مليار% كتوم وغامض وحويط.. اعرف نسبة الكتمان في برجك (فيديو)    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إرادة الشعب‮.. ‬وقرار السيسي
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 12 - 01 - 2014

منذ مائة‮ ‬يوم‮ .. ‬سألت الفريق أول عبدالفتاح السيسي‮: ‬هل ستخوض انتخابات‮ ‬الرئاسة المقبلة؟‮.. ‬فصمت بعض الوقت ثم قال‮: »‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮«. ‬وفهمت من إجابته أنه لم يغلق الباب أمام هذا الاحتمال الذي صار مطلباً‮ ‬شعبياً،‮ ‬وترك حسم قرار الترشح للانتخابات أو عدم الترشح،‮ ‬رهنا بتقدير الموقف عندما يحين الأوان‮.‬
علي مدي الأسابيع التالية،‮ ‬تحول المطلب إلي إرادة شعبية عارمة تعبر عن نفسها في المنازل،‮ ‬والمنتديات،‮ ‬ووسائل الإعلام‮.‬
قبل أيام‮.. ‬وأثناء احتفال الفريق أول السيسي بعقد قران كريمته الوحيدة،‮ ‬تجمع حوله عدد من أصدقائه المقربين،‮ ‬وكانت مطالبتهم له بالترشح للرئاسة تسبق تهانيهم بالمناسبة السعيدة‮. ‬وانتحي به جانبا قائد كبير سابق يحظي بثقته وتقديره،‮ ‬وقال له أمام شخصية عسكرية ذات تاريخ واحترام‮: »‬لم يعد القرار قرارك،‮ ‬إنما هو قرار الجماهير‮. ‬ولم يعد الترشح خيارا بين بدائل،‮ ‬وإنما ضرورة حتمية في هذا الظرف من أجل الوطن‮«.. ‬وأعلنت الشخصية العسكرية تأييدها لكلام القائد السابق،‮ ‬قائلة‮: »‬هذا الرأي سليم ولا بديل عنه‮«.‬
وكان رد السيسي‮: ‬أن أمانة المسئولية تتطلب تضحيات هو مستعد لها،‮ ‬لكنها تتطلب أيضا تضحيات من جانب المواطنين حتي يستطيع‮ ‬البلد أن ينهض من كبوته ويتقدم‮«.‬
***
يوم أمس‮.. ‬وُوجه السيسي أثناء كلمته في ختام الندوة التثقيفية الثامنة للقوات المسلحة والخاصة‮ ‬بمناسبتي المولد النبوي والاستفتاء علي الدستور الجديد،‮ ‬بضغوط هائلة من جانب سياسيين وإعلاميين وفنانين وشخصيات عامة لها وزنها،‮ ‬تكاد تأمره بالترشح لانتخابات الرئاسة،‮ ‬وإعلان قراره في التو واللحظة‮.
ذكرني

المشهد بيوم آخر كان حاسما من وجهة نظري في الطريق الي‮ ‬30‮ ‬يونيو،‮ ‬هو‮ ‬لقاء‮ ‬الفريق أول السيسي بنخبة من رجال الفكر والثقافة والإعلام والفن والرياضة منذ‮ ‬8‮ ‬شهور بالضبط أثناء مراسم تفتيش الحرب علي الفرقة التاسعة المدرعة‮. ‬وقتها قوطع السيسي أكثر من مرة بمداخلات من الشخصيات الحاضرة،‮ ‬كلها تطالب الجيش بالتدخل لإنقاذ البلد من الهاوية التي يسقط إليها تحت حكم المرشد‮. ‬وجاء رد‮ ‬السيسي قاطعا عندما رفض أن ينوب الجيش عن الشعب في الثورة،‮ ‬ويطيح بالنظام في انقلاب عسكري لكنه أشار في نفس الوقت إلي أن الجيش مع إرادة الشعب حيثما ذهبت‮.‬
وحين أدرك السيسي أن إشارته قد لا تُلتقط علي نحو ما يقصد‮.. ‬قال للحضور قبل انتهاء الاحتفال‮: »‬ما تستعجلوش‮«.‬
***
بالمثل‮.. ‬كان المشهد يوم‮ ‬مسرح الجلاء للقوات المسلحة‮ ‬يوم أمس‮.‬
أطلق عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين التي وضعت مشروع الدستور،‮ ‬الشرارة في القاعة حينما تحدث بوضوح هو أقصي ما تسمح به‮ ‬عباراته الدبلوماسية،‮ ‬وقال للسيسي‮: »‬مصر تريد حاكما قويا مستنيرا‮. ‬والجماهير تضع ثقتها فيكم وتعبر عنها بكل الوسائل بما فيها الأغنيات‮. ‬وهذا يضع علي عاتقكم مسئولية كبري في اتخاذ قرار خطير،‮ ‬وعلي أساسه ستترتب مسئوليات ضخمة وأعباء كثيرة‮«.‬
ثم جاء أوان كلمة السيسي التي خصصها في معظمها لدعوة الشعب،‮ ‬رجالاً‮ ‬وشباباً‮ ‬ونساءً‮ ‬إلي النزول للجان الاستفتاء،‮ ‬والإدلاء برأيهم في مشروع الدستور،‮ ‬لصنع تاريخ جديد للوطن وإرساء دعائم مستقبله،‮ ‬مؤكدا أن الجيش والشرطة ستوفران الأمان والحماية لجماهير الناخبين بأعلي درجات اليقظة والحذر والشدة والحسم‮.‬
وعندما قال السيسي في كلمته‮: »‬لما المصريين يقولوا حاجة حنفذها‮«.. ‬جاءه صوت فنان من داخل القاعة قائلا‮: »‬بس أنت قول للشعب‮: ‬نعم‮«.. ‬وحينها تغير مجري اللقاء وتحول مسار الحديث من الاستفتاء علي الدستور إلي ترشيح السيسي للرئاسة‮.‬
تكلم القائد العام عن مقال كاتبنا الكبير أحمد رجب الذي خاطب فيه السيسي‮: »‬لا تعطي‮ ‬ظهرك لمصر وأهلها‮«‬،‮ ‬وعقب عليه‮: »‬أنا معنديش ظهر علشان أديه لمصر وأهلي‮.. ‬أنا لوحدي ما أساويش حاجة‮«.‬
***
انطلقت

المداخلات من الحاضرين علي تنوع تخصصاتهم واتجاهاتهم الفكرية‮ ‬والسياسية،‮ ‬تدعو السيسي إلي الاستجابة فوراً‮ ‬لإرادة الجماهير وإعلان قراره بالترشح،‮ ‬وكان من أقوي العبارات التي قيلت تلك التي وردت علي لسان المستشارة تهاني الجبالي وشددت فيها علي أن الشعب المصري الراضي الصابر يريد قيادة وطنية تحترم الشعب ولا تأخذ تعليمات من أحد‮. ‬يريد قائداً‮ ‬يمكننا من وطننا كي نبنيه‮.‬
وحينما نظر السيسي تجاه القادة والضباط والصف والجنود الحاضرين،‮ ‬وقفوا جميعا يصفقون عدة دقائق،‮ ‬ولعلها المرة الأولي التي يرحب فيها جيش بتقاعد قائده العام،‮ ‬وهو يكن‮ ‬له كل مشاعر الإعزاز والتقدير والمحبة،‮ ‬ولا يجد‮ ‬غضاضة في تركه القيادة العسكرية،‮ ‬إذا كان ذلك استجابة لإرادة جماهير تريد منه أن يتولي قيادة أمة‮.‬
بدا السيسي متأثرا بشدة للموقف،‮ ‬وقال‮: »‬يارب أكون استحق ده منكم‮«. ‬وذكرني قوله بإجابته في حوارنا المطول منذ مائة يوم عندما سألته عن شعوره وهو‮ ‬يري الناس ترفع صوره مع صور عبدالناصر‮. ‬يومها قال‮: »‬يارب أكون علي قدر هذه الثقة‮«.‬
وجاء صوت من داخل القاعة يقول‮: ‬أنت لم تطلب الإمارة،‮ ‬كما طلبها‮ ‬غيرك‮. ‬فرد السيسي‮: ‬ولن أطلبها‮.‬
تصاعدت ضغوط المتحدثين ليعلن الفريق أول السيسي في اللقاء قرار الترشح،‮ ‬لكنه أراد أن يعيد مسار الحوار إلي مجراه الأصلي حول الاستفتاء‮.. ‬وقال‮: ‬نخلص أولا استحقاق الدستور‮.‬
ثم أضاف‮: »‬الكرسي مكتوب علي اسم صاحبه الذي يشاء ربه أن يتولي الحكم‮. ‬وإذا أراد الله أمرا يسره‮«.‬
يُرجع السيسي الأمر إلي مشيئة الله،‮ ‬مثلما قال منذ مائة يوم‮: »‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮«.‬
لكني في هذه المرة لا أظنه قد ترك الباب مواربا‮.

***

أحسبه‮ - ‬وأزعم أنني أعرفه‮- ‬قد اتخذ بينه وبين نفسه قرار الترشح لانتخابات الرئاسة وأظنه رغم ضغوط النخبة لن يطمئن قلبه إلي سلامة القرار،‮ ‬إلا إذا عبرت الجماهير عن إرادتها،‮ ‬لأن رغبة الشعب لا يعبر عنها بصدق إلا الشعب نفسه‮.
وفي

اعتقادي،‮ ‬أن حجم الإقبال علي الاستفتاء،‮ ‬لا يعبر،‮ ‬ولا نسبة الموافقين علي‮ ‬مشروع الدستور،‮ ‬عن رأي الشعب في السيسي،‮ ‬إنما هما مؤشران يوضعان في الاعتبار،‮ ‬لأن الإقبال قد يتأثر بظروف تتعلق بالأمن أو بإجراءات الاستفتاء نفسها ومشاكل الاستدلال علي اللجان،‮ ‬أما عن التصويت،‮ ‬فقد ترفض قطاعات مشروع الدستور بينما هي تدرك أن السيسي هو الأقدر في هذا الظرف علي قيادة البلاد‮.‬
أما إعلان القرار،‮ ‬ففي تقديري،‮ ‬لن يكون قبل نتيجة الاستفتاء،‮ ‬وصدور قرار جمهوري بقانون يعيد ترتيب خطوات خارطة الطريق استجابة لرأي القوي الشعبية والسياسية،‮ ‬لتجري انتخابات الرئاسة قبل انتخاب البرلمان‮.‬
الأهم من ترشح السيسي،‮ ‬وسوف يترشح،‮ ‬هو برنامج رئاسته‮.‬
أعلم لأنني أعرفه،‮ ‬أنه قادر علي استنهاض همم المصريين،‮ ‬وأعلم أنه قادر علي ترجمة عبارته،‮ ‬التي أصبحت مأثورة‮ »‬مصر هتبقي قد الدنيا‮«‬،‮ ‬في أفكار خلاقة،‮ ‬ومشروعات قومية يبني عليها من سيأتي بعده‮.‬
أنا متفائل بهذا الرجل القائد،‮ ‬وتأسرني دائما عبارته عن مصر‮: »‬هذا البلد الذي اصطفاه الله ليتجلي علي جزء من أرضه لن يضام‮«.‬
منذ مائة‮ ‬يوم‮ .. ‬سألت الفريق أول عبدالفتاح السيسي‮: ‬هل ستخوض انتخابات‮ ‬الرئاسة المقبلة؟‮.. ‬فصمت بعض الوقت ثم قال‮: »‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮«. ‬وفهمت من إجابته أنه لم يغلق الباب أمام هذا الاحتمال الذي صار مطلباً‮ ‬شعبياً،‮ ‬وترك حسم قرار الترشح للانتخابات أو عدم الترشح،‮ ‬رهنا بتقدير الموقف عندما يحين الأوان‮.‬
علي مدي الأسابيع التالية،‮ ‬تحول المطلب إلي إرادة شعبية عارمة تعبر عن نفسها في المنازل،‮ ‬والمنتديات،‮ ‬ووسائل الإعلام‮.‬
قبل أيام‮.. ‬وأثناء احتفال الفريق أول السيسي بعقد قران كريمته الوحيدة،‮ ‬تجمع حوله عدد من أصدقائه المقربين،‮ ‬وكانت مطالبتهم له بالترشح للرئاسة تسبق تهانيهم بالمناسبة السعيدة‮. ‬وانتحي به جانبا قائد كبير سابق يحظي بثقته وتقديره،‮ ‬وقال له أمام شخصية عسكرية ذات تاريخ واحترام‮: »‬لم يعد القرار قرارك،‮ ‬إنما هو قرار الجماهير‮. ‬ولم يعد الترشح خيارا بين بدائل،‮ ‬وإنما ضرورة حتمية في هذا الظرف من أجل الوطن‮«.. ‬وأعلنت الشخصية العسكرية تأييدها لكلام القائد السابق،‮ ‬قائلة‮: »‬هذا الرأي سليم ولا بديل عنه‮«.‬
وكان رد السيسي‮: ‬أن أمانة المسئولية تتطلب تضحيات هو مستعد لها،‮ ‬لكنها تتطلب أيضا تضحيات من جانب المواطنين حتي يستطيع‮ ‬البلد أن ينهض من كبوته ويتقدم‮«.‬
***
يوم أمس‮.. ‬وُوجه السيسي أثناء كلمته في ختام الندوة التثقيفية الثامنة للقوات المسلحة والخاصة‮ ‬بمناسبتي المولد النبوي والاستفتاء علي الدستور الجديد،‮ ‬بضغوط هائلة من جانب سياسيين وإعلاميين وفنانين وشخصيات عامة لها وزنها،‮ ‬تكاد تأمره بالترشح لانتخابات الرئاسة،‮ ‬وإعلان قراره في التو واللحظة‮.
ذكرني

المشهد بيوم آخر كان حاسما من وجهة نظري في الطريق الي‮ ‬30‮ ‬يونيو،‮ ‬هو‮ ‬لقاء‮ ‬الفريق أول السيسي بنخبة من رجال الفكر والثقافة والإعلام والفن والرياضة منذ‮ ‬8‮ ‬شهور بالضبط أثناء مراسم تفتيش الحرب علي الفرقة التاسعة المدرعة‮. ‬وقتها قوطع السيسي أكثر من مرة بمداخلات من الشخصيات الحاضرة،‮ ‬كلها تطالب الجيش بالتدخل لإنقاذ البلد من الهاوية التي يسقط إليها تحت حكم المرشد‮. ‬وجاء رد‮ ‬السيسي قاطعا عندما رفض أن ينوب الجيش عن الشعب في الثورة،‮ ‬ويطيح بالنظام في انقلاب عسكري لكنه أشار في نفس الوقت إلي أن الجيش مع إرادة الشعب حيثما ذهبت‮.‬
وحين أدرك السيسي أن إشارته قد لا تُلتقط علي نحو ما يقصد‮.. ‬قال للحضور قبل انتهاء الاحتفال‮: »‬ما تستعجلوش‮«.‬
***
بالمثل‮.. ‬كان المشهد يوم‮ ‬مسرح الجلاء للقوات المسلحة‮ ‬يوم أمس‮.‬
أطلق عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين التي وضعت مشروع الدستور،‮ ‬الشرارة في القاعة حينما تحدث بوضوح هو أقصي ما تسمح به‮ ‬عباراته الدبلوماسية،‮ ‬وقال للسيسي‮: »‬مصر تريد حاكما قويا مستنيرا‮. ‬والجماهير تضع ثقتها فيكم وتعبر عنها بكل الوسائل بما فيها الأغنيات‮. ‬وهذا يضع علي عاتقكم مسئولية كبري في اتخاذ قرار خطير،‮ ‬وعلي أساسه ستترتب مسئوليات ضخمة وأعباء كثيرة‮«.‬
ثم جاء أوان كلمة السيسي التي خصصها في معظمها لدعوة الشعب،‮ ‬رجالاً‮ ‬وشباباً‮ ‬ونساءً‮ ‬إلي النزول للجان الاستفتاء،‮ ‬والإدلاء برأيهم في مشروع الدستور،‮ ‬لصنع تاريخ جديد للوطن وإرساء دعائم مستقبله،‮ ‬مؤكدا أن الجيش والشرطة ستوفران الأمان والحماية لجماهير الناخبين بأعلي درجات اليقظة والحذر والشدة والحسم‮.‬
وعندما قال السيسي في كلمته‮: »‬لما المصريين يقولوا حاجة حنفذها‮«.. ‬جاءه صوت فنان من داخل القاعة قائلا‮: »‬بس أنت قول للشعب‮: ‬نعم‮«.. ‬وحينها تغير مجري اللقاء وتحول مسار الحديث من الاستفتاء علي الدستور إلي ترشيح السيسي للرئاسة‮.‬
تكلم القائد العام عن مقال كاتبنا الكبير أحمد رجب الذي خاطب فيه السيسي‮: »‬لا تعطي‮ ‬ظهرك لمصر وأهلها‮«‬،‮ ‬وعقب عليه‮: »‬أنا معنديش ظهر علشان أديه لمصر وأهلي‮.. ‬أنا لوحدي ما أساويش حاجة‮«.‬
***
انطلقت

المداخلات من الحاضرين علي تنوع تخصصاتهم واتجاهاتهم الفكرية‮ ‬والسياسية،‮ ‬تدعو السيسي إلي الاستجابة فوراً‮ ‬لإرادة الجماهير وإعلان قراره بالترشح،‮ ‬وكان من أقوي العبارات التي قيلت تلك التي وردت علي لسان المستشارة تهاني الجبالي وشددت فيها علي أن الشعب المصري الراضي الصابر يريد قيادة وطنية تحترم الشعب ولا تأخذ تعليمات من أحد‮. ‬يريد قائداً‮ ‬يمكننا من وطننا كي نبنيه‮.‬
وحينما نظر السيسي تجاه القادة والضباط والصف والجنود الحاضرين،‮ ‬وقفوا جميعا يصفقون عدة دقائق،‮ ‬ولعلها المرة الأولي التي يرحب فيها جيش بتقاعد قائده العام،‮ ‬وهو يكن‮ ‬له كل مشاعر الإعزاز والتقدير والمحبة،‮ ‬ولا يجد‮ ‬غضاضة في تركه القيادة العسكرية،‮ ‬إذا كان ذلك استجابة لإرادة جماهير تريد منه أن يتولي قيادة أمة‮.‬
بدا السيسي متأثرا بشدة للموقف،‮ ‬وقال‮: »‬يارب أكون استحق ده منكم‮«. ‬وذكرني قوله بإجابته في حوارنا المطول منذ مائة يوم عندما سألته عن شعوره وهو‮ ‬يري الناس ترفع صوره مع صور عبدالناصر‮. ‬يومها قال‮: »‬يارب أكون علي قدر هذه الثقة‮«.‬
وجاء صوت من داخل القاعة يقول‮: ‬أنت لم تطلب الإمارة،‮ ‬كما طلبها‮ ‬غيرك‮. ‬فرد السيسي‮: ‬ولن أطلبها‮.‬
تصاعدت ضغوط المتحدثين ليعلن الفريق أول السيسي في اللقاء قرار الترشح،‮ ‬لكنه أراد أن يعيد مسار الحوار إلي مجراه الأصلي حول الاستفتاء‮.. ‬وقال‮: ‬نخلص أولا استحقاق الدستور‮.‬
ثم أضاف‮: »‬الكرسي مكتوب علي اسم صاحبه الذي يشاء ربه أن يتولي الحكم‮. ‬وإذا أراد الله أمرا يسره‮«.‬
يُرجع السيسي الأمر إلي مشيئة الله،‮ ‬مثلما قال منذ مائة يوم‮: »‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮«.‬
لكني في هذه المرة لا أظنه قد ترك الباب مواربا‮.

***

أحسبه‮ - ‬وأزعم أنني أعرفه‮- ‬قد اتخذ بينه وبين نفسه قرار الترشح لانتخابات الرئاسة وأظنه رغم ضغوط النخبة لن يطمئن قلبه إلي سلامة القرار،‮ ‬إلا إذا عبرت الجماهير عن إرادتها،‮ ‬لأن رغبة الشعب لا يعبر عنها بصدق إلا الشعب نفسه‮.
وفي

اعتقادي،‮ ‬أن حجم الإقبال علي الاستفتاء،‮ ‬لا يعبر،‮ ‬ولا نسبة الموافقين علي‮ ‬مشروع الدستور،‮ ‬عن رأي الشعب في السيسي،‮ ‬إنما هما مؤشران يوضعان في الاعتبار،‮ ‬لأن الإقبال قد يتأثر بظروف تتعلق بالأمن أو بإجراءات الاستفتاء نفسها ومشاكل الاستدلال علي اللجان،‮ ‬أما عن التصويت،‮ ‬فقد ترفض قطاعات مشروع الدستور بينما هي تدرك أن السيسي هو الأقدر في هذا الظرف علي قيادة البلاد‮.‬
أما إعلان القرار،‮ ‬ففي تقديري،‮ ‬لن يكون قبل نتيجة الاستفتاء،‮ ‬وصدور قرار جمهوري بقانون يعيد ترتيب خطوات خارطة الطريق استجابة لرأي القوي الشعبية والسياسية،‮ ‬لتجري انتخابات الرئاسة قبل انتخاب البرلمان‮.‬
الأهم من ترشح السيسي،‮ ‬وسوف يترشح،‮ ‬هو برنامج رئاسته‮.‬
أعلم لأنني أعرفه،‮ ‬أنه قادر علي استنهاض همم المصريين،‮ ‬وأعلم أنه قادر علي ترجمة عبارته،‮ ‬التي أصبحت مأثورة‮ »‬مصر هتبقي قد الدنيا‮«‬،‮ ‬في أفكار خلاقة،‮ ‬ومشروعات قومية يبني عليها من سيأتي بعده‮.‬
أنا متفائل بهذا الرجل القائد،‮ ‬وتأسرني دائما عبارته عن مصر‮: »‬هذا البلد الذي اصطفاه الله ليتجلي علي جزء من أرضه لن يضام‮«.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.