الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    باكستان تقصف 36 هدفًا داخل الهند ضمن عملية "البنيان المرصوص"    انفجارات ضخمة تهز مدينتي أمريتسار وجامو في الهند بعد إعلان باكستان بدء رد عسكري    إغلاق 32 مطار في الهند بسبب الهجمات الباكستانية    جيش الاحتلال يصيب فلسطينيين بالرصاص الحي بالضفة الغربية    كلبشت في إيده وعايزة تحضنه، مقطع الفيديو الذي تسبب في طلاق أردنية بسبب راغب علامة    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    3 نصائح هامة في موسم الحج 2025 لتجنب الإصابة بالأمراض الخطيرة    طريقة عمل الخبيزة، أكلة شعبية لذيذة وسهلة التحضير    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    الترسانة يواجه «وي» في افتتاح مباريات الجولة ال 35 بدوري المحترفين    عقب الفوز على بيراميدز.. رئيس البنك الأهلي: نريد تأمين المركز الرابع    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر تراجع بمستهل تعاملات السبت 10 مايو 2025    الشقة ب5 جنيهات في الشهر| جراحة دقيقة بالبرلمان لتعديل قانون الإيجار القديم    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    العثور على جثة متفحمة داخل أرض زراعية بمنشأة القناطر    عمرو أديب يكشف تفاصيل أزمة أسرة محمود عبدالعزيز وبوسي شلبي    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    «غرفة السياحة» تجمع بيانات المعتمرين المتخلفين عن العودة    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    تكريم منى زكي كأفضل ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي للسينما    «ليه منكبرش النحاس».. تعليق مثير من سيد عبدالحفيظ على أنباء اتفاق الأهلي مع جوميز    غدا انطلاق هاكاثون 17.. وحلول تكنولوجية لأهداف التنمية الاكثر الحاحا التعليم والصحة والطاقة والتنمية والمناخ    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    حريق ضخم يلتهم مخزن عبوات بلاستيكية بالمنوفية    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    تعرف على منافس منتخب مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في نجم الزمالك.. ويؤكد: «الأهداف الأخيرة بسببه»    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية بالبنك المركزي المصري    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    عميد تجارة عين شمس: دمج المناهج الحالية مع التقنيات الحديثة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إرادة الشعب‮.. ‬وقرار السيسي
ورقة وقلم
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 12 - 01 - 2014


منذ
مائة‮ ‬يوم‮ .. ‬سألت الفريق أول عبدالفتاح السيسي‮: ‬هل ستخوض انتخابات‮ ‬الرئاسة المقبلة؟‮.. ‬فصمت بعض الوقت ثم قال‮: «‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮». ‬وفهمت من إجابته أنه لم يغلق الباب أمام هذا الاحتمال الذي صار مطلباً‮ ‬شعبياً،‮ ‬وترك حسم قرار الترشح للانتخابات أو عدم الترشح،‮ ‬رهنا بتقدير الموقف عندما يحين الأوان‮.‬
علي مدي الأسابيع التالية،‮ ‬تحول المطلب إلي إرادة شعبية عارمة تعبر عن نفسها في المنازل،‮ ‬والمنتديات،‮ ‬ووسائل الإعلام‮.‬
قبل أيام‮.. ‬وأثناء احتفال الفريق أول السيسي بعقد قران كريمته الوحيدة،‮ ‬تجمع حوله عدد من أصدقائه المقربين،‮ ‬وكانت مطالبتهم له بالترشح للرئاسة تسبق تهانيهم بالمناسبة السعيدة‮. ‬وانتحي به جانبا قائد كبير سابق يحظي بثقته وتقديره،‮ ‬وقال له أمام شخصية عسكرية ذات تاريخ واحترام‮: »‬لم يعد القرار قرارك،‮ ‬إنما هو قرار الجماهير‮. ‬ولم يعد الترشح خيارا بين بدائل،‮ ‬وإنما ضرورة حتمية في هذا الظرف من أجل الوطن‮«.. ‬وأعلنت الشخصية العسكرية تأييدها لكلام القائد السابق،‮ ‬قائلة‮: »‬هذا الرأي سليم ولا بديل عنه‮«.‬
وكان رد السيسي‮: ‬أن أمانة المسئولية تتطلب تضحيات هو مستعد لها،‮ ‬لكنها تتطلب أيضا تضحيات من جانب المواطنين حتي يستطيع‮ ‬البلد أن ينهض من كبوته ويتقدم‮«.‬
***
يوم أمس‮.. ‬وُوجه السيسي أثناء كلمته في ختام الندوة التثقيفية الثامنة للقوات المسلحة والخاصة‮ ‬بمناسبتي المولد النبوي والاستفتاء علي الدستور الجديد،‮ ‬بضغوط هائلة من جانب سياسيين وإعلاميين وفنانين وشخصيات عامة لها وزنها،‮ ‬تكاد تأمره بالترشح لانتخابات الرئاسة،‮ ‬وإعلان قراره في التو واللحظة‮.
ذكرني

المشهد بيوم آخر كان حاسما من وجهة نظري في الطريق الي‮ ‬30‮ ‬يونيو،‮ ‬هو‮ ‬لقاء‮ ‬الفريق أول السيسي بنخبة من رجال الفكر والثقافة والإعلام والفن والرياضة منذ‮ ‬8‮ ‬شهور بالضبط أثناء مراسم تفتيش الحرب علي الفرقة التاسعة المدرعة‮. ‬وقتها قوطع السيسي أكثر من مرة بمداخلات من الشخصيات الحاضرة،‮ ‬كلها تطالب الجيش بالتدخل لإنقاذ البلد من الهاوية التي يسقط إليها تحت حكم المرشد‮. ‬وجاء رد‮ ‬السيسي قاطعا عندما رفض أن ينوب الجيش عن الشعب في الثورة،‮ ‬ويطيح بالنظام في انقلاب عسكري لكنه أشار في نفس الوقت إلي أن الجيش مع إرادة الشعب حيثما ذهبت‮.‬
وحين أدرك السيسي أن إشارته قد لا تُلتقط علي نحو ما يقصد‮.. ‬قال للحضور قبل انتهاء الاحتفال‮: »‬ما تستعجلوش‮«.‬
***
بالمثل‮.. ‬كان المشهد يوم‮ ‬مسرح الجلاء للقوات المسلحة‮ ‬يوم أمس‮.‬
أطلق عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين التي وضعت مشروع الدستور،‮ ‬الشرارة في القاعة حينما تحدث بوضوح هو أقصي ما تسمح به‮ ‬عباراته الدبلوماسية،‮ ‬وقال للسيسي‮: »‬مصر تريد حاكما قويا مستنيرا‮. ‬والجماهير تضع ثقتها فيكم وتعبر عنها بكل الوسائل بما فيها الأغنيات‮. ‬وهذا يضع علي عاتقكم مسئولية كبري في اتخاذ قرار خطير،‮ ‬وعلي أساسه ستترتب مسئوليات ضخمة وأعباء كثيرة‮«.‬
ثم جاء أوان كلمة السيسي التي خصصها في معظمها لدعوة الشعب،‮ ‬رجالاً‮ ‬وشباباً‮ ‬ونساءً‮ ‬إلي النزول للجان الاستفتاء،‮ ‬والإدلاء برأيهم في مشروع الدستور،‮ ‬لصنع تاريخ جديد للوطن وإرساء دعائم مستقبله،‮ ‬مؤكدا أن الجيش والشرطة ستوفران الأمان والحماية لجماهير الناخبين بأعلي درجات اليقظة والحذر والشدة والحسم‮.‬
وعندما قال السيسي في كلمته‮: »‬لما المصريين يقولوا حاجة حنفذها‮«.. ‬جاءه صوت فنان من داخل القاعة قائلا‮: »‬بس أنت قول للشعب‮: ‬نعم‮«.. ‬وحينها تغير مجري اللقاء وتحول مسار الحديث من الاستفتاء علي الدستور إلي ترشيح السيسي للرئاسة‮.‬
تكلم القائد العام عن مقال كاتبنا الكبير أحمد رجب الذي خاطب فيه السيسي‮: »‬لا تعطي‮ ‬ظهرك لمصر وأهلها‮«‬،‮ ‬وعقب عليه‮: »‬أنا معنديش ظهر علشان أديه لمصر وأهلي‮.. ‬أنا لوحدي ما أساويش حاجة‮«.‬
***
انطلقت

المداخلات من الحاضرين علي تنوع تخصصاتهم واتجاهاتهم الفكرية‮ ‬والسياسية،‮ ‬تدعو السيسي إلي الاستجابة فوراً‮ ‬لإرادة الجماهير وإعلان قراره بالترشح،‮ ‬وكان من أقوي العبارات التي قيلت تلك التي وردت علي لسان المستشارة تهاني الجبالي وشددت فيها علي أن الشعب المصري الراضي الصابر يريد قيادة وطنية تحترم الشعب ولا تأخذ تعليمات من أحد‮. ‬يريد قائداً‮ ‬يمكننا من وطننا كي نبنيه‮.‬
وحينما نظر السيسي تجاه القادة والضباط والصف والجنود الحاضرين،‮ ‬وقفوا جميعا يصفقون عدة دقائق،‮ ‬ولعلها المرة الأولي التي يرحب فيها جيش بتقاعد قائده العام،‮ ‬وهو يكن‮ ‬له كل مشاعر الإعزاز والتقدير والمحبة،‮ ‬ولا يجد‮ ‬غضاضة في تركه القيادة العسكرية،‮ ‬إذا كان ذلك استجابة لإرادة جماهير تريد منه أن يتولي قيادة أمة‮.‬
بدا السيسي متأثرا بشدة للموقف،‮ ‬وقال‮: »‬يارب أكون استحق ده منكم‮«. ‬وذكرني قوله بإجابته في حوارنا المطول منذ مائة يوم عندما سألته عن شعوره وهو‮ ‬يري الناس ترفع صوره مع صور عبدالناصر‮. ‬يومها قال‮: »‬يارب أكون علي قدر هذه الثقة‮«.‬
وجاء صوت من داخل القاعة يقول‮: ‬أنت لم تطلب الإمارة،‮ ‬كما طلبها‮ ‬غيرك‮. ‬فرد السيسي‮: ‬ولن أطلبها‮.‬
تصاعدت ضغوط المتحدثين ليعلن الفريق أول السيسي في اللقاء قرار الترشح،‮ ‬لكنه أراد أن يعيد مسار الحوار إلي مجراه الأصلي حول الاستفتاء‮.. ‬وقال‮: ‬نخلص أولا استحقاق الدستور‮.‬
ثم أضاف‮: »‬الكرسي مكتوب علي اسم صاحبه الذي يشاء ربه أن يتولي الحكم‮. ‬وإذا أراد الله أمرا يسره‮«.‬
يُرجع السيسي الأمر إلي مشيئة الله،‮ ‬مثلما قال منذ مائة يوم‮: »‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮«.‬
لكني في هذه المرة لا أظنه قد ترك الباب مواربا‮.

***

أحسبه‮ - ‬وأزعم أنني أعرفه‮- ‬قد اتخذ بينه وبين نفسه قرار الترشح لانتخابات الرئاسة وأظنه رغم ضغوط النخبة لن يطمئن قلبه إلي سلامة القرار،‮ ‬إلا إذا عبرت الجماهير عن إرادتها،‮ ‬لأن رغبة الشعب لا يعبر عنها بصدق إلا الشعب نفسه‮.
وفي

اعتقادي،‮ ‬أن حجم الإقبال علي الاستفتاء،‮ ‬لا يعبر،‮ ‬ولا نسبة الموافقين علي‮ ‬مشروع الدستور،‮ ‬عن رأي الشعب في السيسي،‮ ‬إنما هما مؤشران يوضعان في الاعتبار،‮ ‬لأن الإقبال قد يتأثر بظروف تتعلق بالأمن أو بإجراءات الاستفتاء نفسها ومشاكل الاستدلال علي اللجان،‮ ‬أما عن التصويت،‮ ‬فقد ترفض قطاعات مشروع الدستور بينما هي تدرك أن السيسي هو الأقدر في هذا الظرف علي قيادة البلاد‮.‬
أما إعلان القرار،‮ ‬ففي تقديري،‮ ‬لن يكون قبل نتيجة الاستفتاء،‮ ‬وصدور قرار جمهوري بقانون يعيد ترتيب خطوات خارطة الطريق استجابة لرأي القوي الشعبية والسياسية،‮ ‬لتجري انتخابات الرئاسة قبل انتخاب البرلمان‮.‬
الأهم من ترشح السيسي،‮ ‬وسوف يترشح،‮ ‬هو برنامج رئاسته‮.‬
أعلم لأنني أعرفه،‮ ‬أنه قادر علي استنهاض همم المصريين،‮ ‬وأعلم أنه قادر علي ترجمة عبارته،‮ ‬التي أصبحت مأثورة‮ »‬مصر هتبقي قد الدنيا‮«‬،‮ ‬في أفكار خلاقة،‮ ‬ومشروعات قومية يبني عليها من سيأتي بعده‮.‬
أنا متفائل بهذا الرجل القائد،‮ ‬وتأسرني دائما عبارته عن مصر‮: »‬هذا البلد الذي اصطفاه الله ليتجلي علي جزء من أرضه لن يضام‮«.‬
منذ
مائة‮ ‬يوم‮ .. ‬سألت الفريق أول عبدالفتاح السيسي‮: ‬هل ستخوض انتخابات‮ ‬الرئاسة المقبلة؟‮.. ‬فصمت بعض الوقت ثم قال‮: «‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮». ‬وفهمت من إجابته أنه لم يغلق الباب أمام هذا الاحتمال الذي صار مطلباً‮ ‬شعبياً،‮ ‬وترك حسم قرار الترشح للانتخابات أو عدم الترشح،‮ ‬رهنا بتقدير الموقف عندما يحين الأوان‮.‬
علي مدي الأسابيع التالية،‮ ‬تحول المطلب إلي إرادة شعبية عارمة تعبر عن نفسها في المنازل،‮ ‬والمنتديات،‮ ‬ووسائل الإعلام‮.‬
قبل أيام‮.. ‬وأثناء احتفال الفريق أول السيسي بعقد قران كريمته الوحيدة،‮ ‬تجمع حوله عدد من أصدقائه المقربين،‮ ‬وكانت مطالبتهم له بالترشح للرئاسة تسبق تهانيهم بالمناسبة السعيدة‮. ‬وانتحي به جانبا قائد كبير سابق يحظي بثقته وتقديره،‮ ‬وقال له أمام شخصية عسكرية ذات تاريخ واحترام‮: »‬لم يعد القرار قرارك،‮ ‬إنما هو قرار الجماهير‮. ‬ولم يعد الترشح خيارا بين بدائل،‮ ‬وإنما ضرورة حتمية في هذا الظرف من أجل الوطن‮«.. ‬وأعلنت الشخصية العسكرية تأييدها لكلام القائد السابق،‮ ‬قائلة‮: »‬هذا الرأي سليم ولا بديل عنه‮«.‬
وكان رد السيسي‮: ‬أن أمانة المسئولية تتطلب تضحيات هو مستعد لها،‮ ‬لكنها تتطلب أيضا تضحيات من جانب المواطنين حتي يستطيع‮ ‬البلد أن ينهض من كبوته ويتقدم‮«.‬
***
يوم أمس‮.. ‬وُوجه السيسي أثناء كلمته في ختام الندوة التثقيفية الثامنة للقوات المسلحة والخاصة‮ ‬بمناسبتي المولد النبوي والاستفتاء علي الدستور الجديد،‮ ‬بضغوط هائلة من جانب سياسيين وإعلاميين وفنانين وشخصيات عامة لها وزنها،‮ ‬تكاد تأمره بالترشح لانتخابات الرئاسة،‮ ‬وإعلان قراره في التو واللحظة‮.
ذكرني

المشهد بيوم آخر كان حاسما من وجهة نظري في الطريق الي‮ ‬30‮ ‬يونيو،‮ ‬هو‮ ‬لقاء‮ ‬الفريق أول السيسي بنخبة من رجال الفكر والثقافة والإعلام والفن والرياضة منذ‮ ‬8‮ ‬شهور بالضبط أثناء مراسم تفتيش الحرب علي الفرقة التاسعة المدرعة‮. ‬وقتها قوطع السيسي أكثر من مرة بمداخلات من الشخصيات الحاضرة،‮ ‬كلها تطالب الجيش بالتدخل لإنقاذ البلد من الهاوية التي يسقط إليها تحت حكم المرشد‮. ‬وجاء رد‮ ‬السيسي قاطعا عندما رفض أن ينوب الجيش عن الشعب في الثورة،‮ ‬ويطيح بالنظام في انقلاب عسكري لكنه أشار في نفس الوقت إلي أن الجيش مع إرادة الشعب حيثما ذهبت‮.‬
وحين أدرك السيسي أن إشارته قد لا تُلتقط علي نحو ما يقصد‮.. ‬قال للحضور قبل انتهاء الاحتفال‮: »‬ما تستعجلوش‮«.‬
***
بالمثل‮.. ‬كان المشهد يوم‮ ‬مسرح الجلاء للقوات المسلحة‮ ‬يوم أمس‮.‬
أطلق عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين التي وضعت مشروع الدستور،‮ ‬الشرارة في القاعة حينما تحدث بوضوح هو أقصي ما تسمح به‮ ‬عباراته الدبلوماسية،‮ ‬وقال للسيسي‮: »‬مصر تريد حاكما قويا مستنيرا‮. ‬والجماهير تضع ثقتها فيكم وتعبر عنها بكل الوسائل بما فيها الأغنيات‮. ‬وهذا يضع علي عاتقكم مسئولية كبري في اتخاذ قرار خطير،‮ ‬وعلي أساسه ستترتب مسئوليات ضخمة وأعباء كثيرة‮«.‬
ثم جاء أوان كلمة السيسي التي خصصها في معظمها لدعوة الشعب،‮ ‬رجالاً‮ ‬وشباباً‮ ‬ونساءً‮ ‬إلي النزول للجان الاستفتاء،‮ ‬والإدلاء برأيهم في مشروع الدستور،‮ ‬لصنع تاريخ جديد للوطن وإرساء دعائم مستقبله،‮ ‬مؤكدا أن الجيش والشرطة ستوفران الأمان والحماية لجماهير الناخبين بأعلي درجات اليقظة والحذر والشدة والحسم‮.‬
وعندما قال السيسي في كلمته‮: »‬لما المصريين يقولوا حاجة حنفذها‮«.. ‬جاءه صوت فنان من داخل القاعة قائلا‮: »‬بس أنت قول للشعب‮: ‬نعم‮«.. ‬وحينها تغير مجري اللقاء وتحول مسار الحديث من الاستفتاء علي الدستور إلي ترشيح السيسي للرئاسة‮.‬
تكلم القائد العام عن مقال كاتبنا الكبير أحمد رجب الذي خاطب فيه السيسي‮: »‬لا تعطي‮ ‬ظهرك لمصر وأهلها‮«‬،‮ ‬وعقب عليه‮: »‬أنا معنديش ظهر علشان أديه لمصر وأهلي‮.. ‬أنا لوحدي ما أساويش حاجة‮«.‬
***
انطلقت

المداخلات من الحاضرين علي تنوع تخصصاتهم واتجاهاتهم الفكرية‮ ‬والسياسية،‮ ‬تدعو السيسي إلي الاستجابة فوراً‮ ‬لإرادة الجماهير وإعلان قراره بالترشح،‮ ‬وكان من أقوي العبارات التي قيلت تلك التي وردت علي لسان المستشارة تهاني الجبالي وشددت فيها علي أن الشعب المصري الراضي الصابر يريد قيادة وطنية تحترم الشعب ولا تأخذ تعليمات من أحد‮. ‬يريد قائداً‮ ‬يمكننا من وطننا كي نبنيه‮.‬
وحينما نظر السيسي تجاه القادة والضباط والصف والجنود الحاضرين،‮ ‬وقفوا جميعا يصفقون عدة دقائق،‮ ‬ولعلها المرة الأولي التي يرحب فيها جيش بتقاعد قائده العام،‮ ‬وهو يكن‮ ‬له كل مشاعر الإعزاز والتقدير والمحبة،‮ ‬ولا يجد‮ ‬غضاضة في تركه القيادة العسكرية،‮ ‬إذا كان ذلك استجابة لإرادة جماهير تريد منه أن يتولي قيادة أمة‮.‬
بدا السيسي متأثرا بشدة للموقف،‮ ‬وقال‮: »‬يارب أكون استحق ده منكم‮«. ‬وذكرني قوله بإجابته في حوارنا المطول منذ مائة يوم عندما سألته عن شعوره وهو‮ ‬يري الناس ترفع صوره مع صور عبدالناصر‮. ‬يومها قال‮: »‬يارب أكون علي قدر هذه الثقة‮«.‬
وجاء صوت من داخل القاعة يقول‮: ‬أنت لم تطلب الإمارة،‮ ‬كما طلبها‮ ‬غيرك‮. ‬فرد السيسي‮: ‬ولن أطلبها‮.‬
تصاعدت ضغوط المتحدثين ليعلن الفريق أول السيسي في اللقاء قرار الترشح،‮ ‬لكنه أراد أن يعيد مسار الحوار إلي مجراه الأصلي حول الاستفتاء‮.. ‬وقال‮: ‬نخلص أولا استحقاق الدستور‮.‬
ثم أضاف‮: »‬الكرسي مكتوب علي اسم صاحبه الذي يشاء ربه أن يتولي الحكم‮. ‬وإذا أراد الله أمرا يسره‮«.‬
يُرجع السيسي الأمر إلي مشيئة الله،‮ ‬مثلما قال منذ مائة يوم‮: »‬الله‮ ‬غالب علي أمره‮«.‬
لكني في هذه المرة لا أظنه قد ترك الباب مواربا‮.

***

أحسبه‮ - ‬وأزعم أنني أعرفه‮- ‬قد اتخذ بينه وبين نفسه قرار الترشح لانتخابات الرئاسة وأظنه رغم ضغوط النخبة لن يطمئن قلبه إلي سلامة القرار،‮ ‬إلا إذا عبرت الجماهير عن إرادتها،‮ ‬لأن رغبة الشعب لا يعبر عنها بصدق إلا الشعب نفسه‮.
وفي

اعتقادي،‮ ‬أن حجم الإقبال علي الاستفتاء،‮ ‬لا يعبر،‮ ‬ولا نسبة الموافقين علي‮ ‬مشروع الدستور،‮ ‬عن رأي الشعب في السيسي،‮ ‬إنما هما مؤشران يوضعان في الاعتبار،‮ ‬لأن الإقبال قد يتأثر بظروف تتعلق بالأمن أو بإجراءات الاستفتاء نفسها ومشاكل الاستدلال علي اللجان،‮ ‬أما عن التصويت،‮ ‬فقد ترفض قطاعات مشروع الدستور بينما هي تدرك أن السيسي هو الأقدر في هذا الظرف علي قيادة البلاد‮.‬
أما إعلان القرار،‮ ‬ففي تقديري،‮ ‬لن يكون قبل نتيجة الاستفتاء،‮ ‬وصدور قرار جمهوري بقانون يعيد ترتيب خطوات خارطة الطريق استجابة لرأي القوي الشعبية والسياسية،‮ ‬لتجري انتخابات الرئاسة قبل انتخاب البرلمان‮.‬
الأهم من ترشح السيسي،‮ ‬وسوف يترشح،‮ ‬هو برنامج رئاسته‮.‬
أعلم لأنني أعرفه،‮ ‬أنه قادر علي استنهاض همم المصريين،‮ ‬وأعلم أنه قادر علي ترجمة عبارته،‮ ‬التي أصبحت مأثورة‮ »‬مصر هتبقي قد الدنيا‮«‬،‮ ‬في أفكار خلاقة،‮ ‬ومشروعات قومية يبني عليها من سيأتي بعده‮.‬
أنا متفائل بهذا الرجل القائد،‮ ‬وتأسرني دائما عبارته عن مصر‮: »‬هذا البلد الذي اصطفاه الله ليتجلي علي جزء من أرضه لن يضام‮«.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.