البيت صغير يتسع للدنيا بأكملها , سيدة البيت سمراء كحيلة العينين عيناها ساحرة تملك القلوب , ابتسامتها كالشمس المشرقة التي تكشف عن لؤلؤ وكنوز يعرف منها ما يعرفه البشر وتخفى المزيد الذى لا يعرفه أى بشر , حين تبتسم ترقص الدنيا كلها من السعادة , تتزين فى مرآتها النيل العظيم . قوامها ممشوق دافئ من دفئ قلبها , ذراعيها ملفوفة وملتفة حول أولادها , جدائل شعرها من المجد والعزة , ساقيها مباركة الخطوات يحفظها الخالق من الغادرين الحاقدين لحسنها . خصالها الحب , العطف , الكبرياء , الكرامة , الريادة , الصفاء , الفرح , الكرم والقوة وفى ذلك حدث ولا حرج . الزوج هو الزمن الحنون القاس , الكريم البخيل , السند الغادر , المخلص الخائن والمحب العاشق لها . حوائط البيت هى التاريخ الذى يسجل ليالى السمراء مع الزمن , سجادها لوحة فنية من حبات رمالها وخضار زرعها , جيرانها الضعيف والقوى , الخبيث والطيب , السارق والعاطى , الملعون والمبارك , الحاسد والمحب . أحمد وعيسى وموسى وإبراهيم وميكائيل وفاطمة ومريم أولادها , نورها يشرق من الأديان السماوية وقوتها من صنع الخالق , ولدها الأكبر خير أجناد الأرض . من يزورها يتعجب فكيف من صغر البيت واتساعه للجميع , من كثرة أولادها وحسنها , من عبث زوجها وأصالتها , تعدد سرقتها من الأحتلالات المختلفة وثراواتها المتزايدة والمتجددة فمن أنت أيتها السمراء ؟؟! أنا العظيمة مصر . ويعود الزائر لها من رحلته مفتوناً بها لا ينسى هذه الجميلة التى تجمع بين مضادات كل شيئ ولكن تعلو دائماً بها القيم السامية . وفجأة ترى الجميلة شاحبة الوجة دموعها تزيد عن بحورها , جسدها مليئ بالسهام والجروح وزوجها الزمن يتكالب عليها باللطمات وهى تصرخ دون مقاومة !! عجباً مابك يا سمراء ليتنى لم أراك ولم أتواجد هذه اللحظة فأنتى دوماً معشوقتى ما بك يا حبيبة القلب ؟؟ تلعثمت فى الكلام فقالت : لقد أصابنى حسادى , لم يعد أولادى متحابين فكلا منهما فى اتجاه , انتشر الكره والحقد فى قلوبهم , صرخت فيهم كى ألملم شملهم مرة أخرى فصفعونى !! قائلون نحن الأن أقوى منك ولا حاجة لك . يا ويلى من خيبة أملى فى أولادى تركت بيتى الذى وهبنى ربى اياه ولم أجد له نظير , مشيت بين الناس أرى سخرية وشماتة الجيران الحاقدين وحنان المحبين لا أعرف كيف أشكو أولادى ولم أقدر على الدعاء عليهم , وكنت أردد اللهم أحفظ لى أولادى وأحميهم من المعتدين . يا ويلى ما هذا عصابة غادرة , تلتف حولى أستغيث من من ؟؟ سأقتل ؟؟ أبداً ولكن لماذا أعيش ولمن ؟؟! أيغتصبونى ويحمل عارى أولادى فلا , اللهم لا تكتب عليهم هذا . يهددوننى بالسلاح , يمزقون ثيابى , يجرونى من شعرى , يسحلون جسدى , تنزف دمائى , أكاد أفقد البصر من كثرة البكاء , فلمن أستغيث !!! يصرخ قلبى لا لسانى أين أنتم يا أولادى ؟؟ حتى زوجى الزمن فلقد انشغل بصراعات أبنائى ونسانى أغيثونى , كدت أنكسر وأيقنت أنها لحظة الموت , فسلبت السكينة من يد المغتصب فالموت أشرف وأرحم من العار , وفقدت كل الثقة فى كل شيئ وبدأ لسانى ينطق الشهادة. أصوات عالية , صراعات دامية , يسقط الأبناء واحدً يلو الأخر , جروح ودماء متناثرة , وفجأة الأم التى تفض الخلافات غير موجودة , أمنا ضاعت ؟؟؟؟ يهرول الجميع نحو السلم يبحثون ويبحثون , يملئ الخوف قلوبهم . وقبل أن تنفذ السكينة فى قلبى سمعت أصواتاً من بعيد ماذا ؟؟ ولدى الكبير الجيش وأخواته يتسارعون ويصرخون أماه أننا قادمون نفديك بدمائنا , نتفق لا نختلف فالألفة بيننا قادمة . وإذا بى أترك السكين وأرفع قامتى وأقاتل مع عزوتى بسواعدهم لك الحمد يا رب العالمين فلقد فر المجرمين . ينزع ولدى الأكبر خير أجناد الأرض قميصه ويستر جسدى ويقبل قدماى , وقال لى محمد وعيسى لقد عاقبنا الله بالتيه والكرب والهم حين تركتينا , وتخبطنا حتى نلقاك الحمد لله بعودتك يا أمى , ستتعافى بإتحادنا لا فرقتنا , ستعودى جميلة بحبنا لا بعداوتنا . فقالت : ان شاء الودود يا أحبائى , ولكن انتبهوا لقد فر المغتصبون أحياء وسيزالون يكيدون لكم فلا تجعلوا هذه الصحوة سكرة , واعدوا لهم ما استطعتم من قوة كما أمر القادر الوهاب . وما هى القوة يا أمى ؟ الإتحاد , الحب , الإخلاص , الخير , التراحم , الإستعداد , العمل . الجهد نكون نحن وليس تابعين لأحد فلقد كرمنى الله بكم فلا تدنو بعد منحة الرفعة من الخالق . وأين باقى أخواتكم ؟ عند البيت ياأمى . انشرح قلبى حين عدت لبيتى مرة ثانية , انتظر قبلات باقى أولادى واذا بهم فلماذا أتيت قلنا لك من قبل لم نعد فى حاجة لك وفجأة تشابك الأخوات مرة أخرى أرى أحدهما يحمل سكين أرتمى عليها تدخل فى جسدى ولا تمس الأخر ثم أفتدى غيره من الرصاص غفرانك ربى لا تتقاتلوا أنكم أخوة أين وعودكم . امتلئ صدرها بالأسى وجسدها بالطعنات كى تفادى غدر بعضهم لبعض . سقطت الأبية واذا بالزمن الأب يصرخ , ترتجف يده يركض بجوارها ضاعت المحروسة أصبتم الأبية , معشوقتى كفاكم النزاع , تسقط خلافاتكم تسقطون جميعاً وتعيش هى , يفزع الجميع يتبادلون الإتهامات عن مسئولية ما حدث حتى ضاق بهم حائط المنزل كفاكم هراء فإنكم لم تعرفوا قدرها فلا حياة ولا وجود لكم الا بها انقذوا العظيمة مصر . يتلمسوا قلبها ما زال ينبض ولكنها فى غيبوبة حتى الأن وكأنها لا تقدر على الحياة إلا بعد أن يهدأ أبنائها فماذا سيحدث لها ولهم من بعدها فإن ماتت الحياة مصر فهل من حياة للممات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الأن يحيطهم الخطر وجميعهم يسعون لشفاء أم الدنيا فكلا فى موقعه يستطيع أن يفعل شيئاً من أجل ساحرة القلوب الحبيبة مصر