"إذا لم يقبلوا بشروطنا، يجب أن يتوقعوا أمطاراً من الخراب تأتيهم من الهواء، لم يراها أحدٌ من قبل علي هذه الأرض".....كلمات أطلقها الرئيس الأمريكي هاري ترومان عقب إطلاق القنبلة النووية الأولى على مدينة هيروشيما اليابانية. على الرغم من ارتكاب واشنطن للعديد من جرائم التاريخ و ضربها أرقاما قياسية في الإرهاب الدولي،إلا أن جريمتها في اليابان إبان الحرب العالمية الثانية تعد من أبشع جرائم الحروب في التاريخ ..فأقدمت على استخدام قنبلتين نوويتين دمرا مدينتين بالكامل و خلفتا ورائهما الآلاف من القتلى و المصابين. البداية جاءت برفض اليابان الاستسلام في الحرب العالمية و ذلك بمقتضى مؤتمر بوتسدام الذي أقر بضرورة استسلام اليابان استسلاما كاملا بدون شروط. و لكن رئيس الوزراء الياباني وقتها سوزوكي رفض و أمر قواته بالاستمرار في الحرب. رأى الرئيس الأمريكي هاري ترومان الرفض الياباني بمثابة تحد للإرادة الأمريكية فقرر استخدام القوة المدمرة ضد المدنيين لإرغام الحكومة اليابانية على الاستسلام الفوري. و بالفعل تم إعداد قنبلتين الأولي تدعى "ليتل بوي" و تزن حوالي 4000 كجم و الثانية تدعى "فات مان" و تزن حوالي 4600 كجم ،لم تحدد القوات الأمريكية المكان الذي ستلقي عليه القنبلتين إلا بعد دراسة لكافة المدن اليابانية و تم اختيار هيروشيما و ناجازاكي نظرا لمكانتهما الصناعية و العسكرية ،حيث كانت هيروشيما تعد أهم قاعدة لوجستية للجيش الياباني. في تمام الساعة الثامنة و الربع من صباح السادس من أغسطس عام 1945ٍ، و بعد انطلاق سرب من الطائرات الأمريكية فوق سماء هيروشيما ،ألقيت "ليتل بوي" على المدينة و دمرت حوالي 69% من المباني فيما قتل 30% من السكان فور حدوث الانفجار. و لكن الوفيات لم تتوقف بانتهاء الحرب فما خلفته تلك القنبلة المدمرة جعل أعداد الوفيات بين عام 1945 و عام 1950 يصل إلى 200 ألف شخص من جراء الإشعاعات السامة و أمراض السرطان و الدم إضافة إلى الأطفال الذين ولدوا مشوهين جراء استنشاق أمهاتهم للغازات السامة. أما ناجازاكي و التي كانت تعد من أشهر الموانئ البحرية باليابان و كانت مشهورة بصناعة السفن و الذخائر و المعدات العسكرية، فقد تم قصفها في التاسع من أغسطس بواسطة قنبلة "فات مان" و التي حصدت أرواح ما بين ال40 ألف و ال70 ألف مدني ووصل إجمالي الوفيات بنهاية 1945 إلى 80 ألف شخص ، إضافة إلى تدمير المدينة بالكامل و هدم العديد من مصانع الذخائر. في الثاني عشر من أغسطس أعلن إمبراطور اليابان استسلام بلاده و خروجها من الحرب حفاظا على أرواح أبناء شعبه ،و تلى ذلك احتلال الولاياتالمتحدة للمدينتين. و يبقى سؤال هام ،عقب تدمير هيروشيما و ناجازاكي و قتل و تشوه الآلاف..هل انتهت المدينتان من الخريطة العالمية؟؟ عكس جميع التوقعات ، فبين الأمس و اليوم استطاع اليابانيون الوقوف مرة أخرى و أصبحت القنبلة النووية ذكرى طواها النسيان ، فالمدينتان الآن تعيشان أفضل أنواع التطور العمراني و الصناعي و التقدم في التعليم و التكنولوجيا و أثبت الشعب الياباني للعالم أجمع أنه شعب يرفض اليأس ..