تحل هذه الأيام الذكري الأولي لرحيل الكاتب الصحفى الكبير أحمد صالح الذى تنوع عطائه الإبداعى بين الصحافة والنقد والسينمائى وكتابة السيناريو وحقق فى كل منها تميزاً كبيراً وقد عرفته واقتربت منه بحكم عملى معه على مدى سنوات طويلة. لا أكتب عن أحمد صالح من منطلق الأستاذية ولا من منطلق مشواره السينمائى ككاتب سيناريو وناقد فقط ولكن لأنه أيضا أحد مؤسسى مجلة »أخبار النجوم« وهو صاحب فكرتها والذى اختار اسمها و»اللوجو« الذى يميزها ويتصدر غلافها.. ولاتزال صفحاتها تحمل كثيراً من أفكاره. تتلمذ أحمد صالح على يد الكاتبين الكبيرين مصطفى وعلى أمين بعد أن التحق أثناء دراسته بكلية الحقوق للتدريب بأخبار اليوم وكان قد سمع أن صاحبا دار أخبار اليوم يعقدان اجتماع التحرير كل يوم جمعة وبإمكانه أن يحضر وبالفعل حضر الاجتماع وهاله هذا الجمع الغفير من المحررين والأستاذين يطرحان الأفكار فرفع يده لتنفيذ احداها وسأله مصطفى أمين من أنت فحكى له تجربته القصيرة فى مجلة روزاليوسف حين كان يكتب موضوعات ويتركها لدى مكتب الأستاذ أحمد بهاء الدين أثناء رئاسته لتحرير المجلة وكان يفاجأ بها منشورة لكنه يتطلع للعمل فى الأخبار.. وهكذا رحب به مصطفى أمين وحقق الشاب الصغير انفرادات كبيرة فى عالم الصحافة جعلته يتقدم أقرانه. وقد عمل لفترة سكرتيراً تحرير مجلة آخر ساعة أثناء رئاسة تحرير الأديب الراحل يوسف السباعى الذى جمعته حكاية مثيرة - ظل يرددها أحمد صالح كثيراً - فقد اعتاد والد أحمد صالح على أن يضع له تحت وسادته كل أسبوع كتاب من حكايات كامل الكيلانى.. وتعلق الطفل بهذه الحكايات وأثناء دراسته بدأ يقرأ الروايات العالمية والمصرية وفى إحدى المرات أراد أن يشترى رواية للأديب يوسف السباعى لكنه اكتشف أن سعرها يفوق مصروفه فكتب إلى الأديب الكبير يطلب منه نسخة من روايته.. وإذ به يستيقظ فى أحد الأيام على صوت جرس الباب ويفاجأ بيوسف السباعى أمامه ببدلته العسكرية جاء ليقدم له بنفسه نسخة من الرواية.. وهكذا نشأت علاقة صداقة بين القارئ الصغير والأديب الكبير ومع التحاق صالح بأخبار اليوم عمل كسكرتير تحرير لآخر ساعة ليجمعه العمل من جديد مع كاتبه المفضل. الطريف أن أول عمل درامى كتبه أحمد صالح كان المسلسل الإذاعى »نحن لا نزرع الشوك« من تأليف يوسف السباعى والذى تم تحويله إلى فيلم سينمائى بعد نجاحه المدوى فى الراديو.. وكتب له السيناريو والحوار أيضاً أحمد صالح ولعبت بطولته الرائعة شادية أمام محمود يس. ومن فرط اعجابه بالرواية قرر هو والمخرج حسين كمال اعادة تقديمها فى التليفزيون فى مسلسل لعبت بطولته آثار الحكيم أمام خالد النبوى وهو من الأعمال الفنية القليلة التى حققت نجاحاً عند اعادة تقديمها وقد ساهم فى نجاحه أن الفيلم كان ممنوعاً من العرض وقتها لأسباب رقابية كما أنه كان قد تم تصويره فى زمن الأبيض والأسود..إلى جانب حرص فريق العمل على تقديم الرواية بتفاصيلها المهمة التى لم يستوعبها الفيلم. وقع صالح فى غرام الأدب وكان يرى أن الروايات الأدبية تعطى للسينمائى زخماً درامياً أكبر فقدم كثير من أعمال نجيب محفوظ ومنها »الحرافيش« و»الشريرة«. وجاءت كتاباته النقدية حافلة بالآراء المهمة التى أضاءت الطريق لنجوم الفن وللوجوه الجديدة التى انطلقت وحققت نجومية كبيرة. سنوات طويلة جمعنى العمل به فى أخبار النجوم ورأيت فيه أستاذاً ومعلماً.. كنا نقضى ساعات طويلة فى اعداد العدد الجديد من المجلة نقرأ الموضوعات ونقوم بتبويب الصفحات واعداد العناوين وتحضير الأفكار الجديدة والخبطات الصحفية التى ميزت مجلة النجوم. فى ذكرى رحيله أترك لأستاذى أحمد صالح هذه المساحة لأعيد نشر مقتطفات من إحدى مقالاته التى كتبها على صفحات أخبار النجوم.