كانت تقف تائهة تمام..لا تعلم ماذا تفعل، لا يساعدها أحد وليس لديها فكرة عمّن يمكن أن يساعدها..؛ داخلها شعور بأن إبنها الوحيد سيكون رقما وسط الضحايا الذين سقطوا وتحولوا إلي صورة لتُرسم ب "الجرافيتي" على شوارع القاهرة إن كانت شهيرة أو تنسى إن لم تكن..تآكلت هي وأسرتها منذ زمن..وها هو ابنها ..قد اختفى تماما.. من تسأل "أم مصطفى" عن ابنها الوحيد الذي ترك المنزل يوم الخميس الذي أعقب فض إعتصامي رابعة والنهضة ذاهبا إلى عملة، حيث يذهب يوميا "على باب الله" باحثا عن رزقة يوما بيوم.. خرج "مصطفى سعد" ذلك اليوم بلا بطاقة ، ولا رخصة قيادة و بلا أي تحديد للهوية، فقط باحثا عمّا يخبئه له قدره، ولم يعد منذ حينها .. تروي "أم مصطفى" قصة ابنها باحثة عن أي أمل قد يقودها إليه، لفت نظرنا إليها صوتها العالي والمتسائل أمام عربات الجثث المجهولة الموجودة أمام "مشرحة زينهم" ، " أين ابني..ابني بلا إسم ..أين أجده..؟ وتابعت: " اتصل بي ابني مساء يوم اختفائه ليطلب مني ان اذهب لزوجته وأعطيها مالا حتى يعود..لكنه لم يعد، ذهبت إلى عدد كبير من المستشفيات وقدمت بلاغا وأخبروني أنه علىّ أن أحضر له صورة، ففعلت لكني أخشى الا أجده مطلقا لانه لم يكن حاملا بطاقته.. كما قال لي "ولاد الحلال" أنه يجب علىّ ان آتي إلى المشرحة وابحث عنه فقد يكون هنا وأصيب وسط الأحداث..وها قد جئت،،" العربات كانت شديدة الإزدحام بالجثامين المجهولة وأخبر الأهالي السيدة المسنة أنها لن تحتمل الرائحة أو المنظر القاسي في الثلاجات، لذلك عليها أن تُعطي صورة ابنها لأحد المتواجدين حتى يبحث لها عنه..وهذا ما حدث بعد أن تبرع أحد المتواجدين بأن يقوم بهذا الدور ل"أم مصطفى"..وعلى الرغم من ذلك فإن السيدة لم تجد ابنها !