اجتمع أحمد الوكيل مع هيئة تحرير الدستور الاقتصادي ضمن سلسلة حلقات النقاش وورش العمل الهادفة لإعادة تقديم رؤية لمستقبل مصر الاقتصادي و الاجتماعي بعد تحديثها لتأخذ في اعتبارها المتغيرات الجديدة علي الساحة الاقتصادية بعد 30 يونية. يأتي هذا في إطار إعادة صياغة و تحديث الدستور الاقتصادي الذي تبناه الاتحاد العام للغرف التجارية. ودار النقاش حول مناقشة السياسية المالية وأبدى أحمد الوكيل تخوفه من الوضع الاقتصادي الحالي حال استمرار إدارة السياسة المالية و الموازنة العامة للدولة على ما هو عليه ، و تساءل عن دور السياسة المالية في تعافي الاقتصاد المصري من كبوته الحالية و علق الدكتور خالد حنفي استاذ الاقتصاد و المستشار الاقتصادي لاتحاد الغرف. وأضاف أن العجز في الموازنة العامة يعد أحد المعطيات الرئيسية للحكم على قدرة الاقتصاد على الوفاء بالتزاماته داخلياً ثم خارجياً، حيث أن تخفيض العجز وضبطه يعد شرطاً ضرورياً للثقة في اقتصاد الدولة، لأن العجز المستمر والمتزايد كما هو الحال في مصر يتطلب مصدراً تمويلياً لسده كي يتوازن جانبي الموازنة، وببساطة فإن المصدريين الممكن استخدامهما لسد هذه الفجوة - كما هو معروف - مصدر محلي، ومصدر خارجي. وقال الوكيل لقد درجت الحكومات المتعاقبة خلال السنوات القليلة السابقة الى الإرتكان إلى المصدر الداخلي لسد العجز الذي تمثل معظمه في الاستدانه بشكل أو بأخر من الجهاز المصرفي وهو ما ادى الى مزاحمة الحكومة للاستثمار الخاص الأمر الذى حد وبشده من قدرة الجهاز المصرفي ورغبته في تمويل الأستثمار الخاص الوطني وهو ماعزز من ظاهرتي الركود و البطالة من ناحية، ورفع تكلفة تمويل الاستثمار المحلي من ناحية أخرى ، حيث أصبحت الدولة مدينة للمواطن المدخر في بنوك مصر وبسعر فائدة تتدخل هي في تحديده فى غير صالح المواطن محاولة لتجميل صورتها حتى أصبح المواطن المقرض للدولة يحصل مقابل ذلك على سعر فائدة حقيقي سالب ( أقل من معدل التضخم ) وهو مايعنى إنخفاض القدرة المالية لكل من يقوم بالادخار في الجهاز المصرفي حيث يدفع المواطن ثمناً باهظاً من مدخراته مقابل سوء الأداء المالي للحكومة . أما الآن وبعد أن قارب المصدر الداخلي على النضوب وظهر أن الجهاز المصرفي في مصر قد يعجز عن سداد نصف العجز أصبح أمام من يدير السياسة المالية بفكر محدود مخرج وحيد وهو المصدر الثاني ألا وهو التمويل الخارجي. وأضاف أن بهذا الخيار يصبح لدينا نتيجة واحدة مؤداها تحقيق الأمريين معاً، وهما كل عيوب الخيار الأول في التمويل الداخلي بزيادة الضغط على الجهاز المصرفي، بالإضافة إلى عودة مصر مرة أخرى لفخ الأستدانة الخارجية بداية من قرض الصندوق ( الذى لا نعترض عليه مبدئياً) و أي قروض اخرى تأتي بهدف مساعدة مصر حتى وان كانت بدون فوئد. إلا أن هذا الأمر الذي كان هدفاً لواضعي السياسة الأقتصادية في الفترة السابقة وأن تحقق يتطلب جاهزية الحكومات ومن ثم الشعب المصري في المستقبل لسداد فتورتين أحداهما داخلية ، والأخرى خارجية وهو الذي كان يرحل المشكلة :- إن تم حلها مؤقتاً- إلى المستقبل القريب جداً . حيث لم يكن هناك ما يبشر بأي تغيير في هيكل الموازنة العامة حتى الموازنة الاخيرة أو في الفكر الذي كان قائما على إدارتها فإن الأمر جعل كل من كان ينظر إلى اقتصاد مصر خارجياً أو داخلياً يتوقع الأسوء، والمؤسسات الدولية لا تعد استثناءاً لهذه القاعدة . فالفكر القائم على إدارة الموازنة والسياسة المالية لمصر ظل يتعامل مع الموقف باعتباره غير قابل للتغيير، فنجد قلة الحيلة عند النظر إلى مكونات الموازنة حيث يكون دائماً الرد لأننا محكومون بحوالي ربع الموازنة لرفع الأجور والمرتبات، والربع الآخر للدعم والربع الثالث لخدمة الدين فلا يوجد لدينا سوى ربع واحد نتحرك فيه!! هكذا رءاها واضع السياسة وكأنه مشلول غير قادر على الحركه أو الابتكار. ومن ثم وجدنا أن مخصصات الأستثمار المخططة في الموازنة لا تتجاوز 10% من الموازنة وهنا يكمن الخطر وهو أيضاً مفتاح الحل، حيث أن التغيير الهيكلى في الموازنة أمر واجب ويتطلب دائماً البحث عن حلول مبتكرة تخرج عن نطاق الانصياع للأمر الواقع حيث، لا يعقل لدولة مثل مصر تسعى للنهوض والتطور ورفع مستوى المعيشة أن تقبل أن يكون المخطط للاستثمار في الموازنة العامة عند هذه الحدود الدنيا و ان يكون الاستثمار العام دائما ضحية عجز الموازنة و الدين الداخلي. فزيادة الإنفاق الاستثماري في الموازنة هو شرط ضروري و محفز لزيادة الاستثمار الوطني الخاص و هو الجاذب أيضاً و المحفز للاستثمار الأجنبي اللذان يمثلان محور الارتكاز و نقطة الانطلاق لتحقيق طفرات في النمو الاقتصادي كما هو معروف و من ثم رفع مستويات المعيشة و تحقيق الرفاهية الاقتصادية اللازمة للوصول لعدالة اجتماعية طالما سعى إليها كل مواطن في مصر و فجرت ثوراته و انتفضاته. و أخيرا هل نرى أن الإدارة الاقتصادية في مصر الآن التي هي نتاج ثورة الشعب الطموح لما يستحقه ويليق به اقتصاديا قادرة على تغيير دفة إدارة الموازنة العامة والسياسة المالية كأحد مكونات السياسة الاقتصادية ام ستظل حبيسة مكررة لنفس الأخطاء و الممارسات السابقة بموازنة عامة للدولة وضعت بشكل تقليدي تعترف بالعجز بل وتكرسه لقد حان الوقت للجرأة و التحرك بثورية على المحور الاقتصادي أيضاً.