"هل هلالك شهر مبارك ...ورمضاان كريم " جملة نقولها جميعاً عند ثبوت رؤية هلال رمضان ،وذلك تعبيراً عن فرحتنا بقدوم الشهر الكريم ، ولكن في العصور الوسطى كانت الفرحة مختلفة والاحتفال اروع بدأ الاحتفال برؤية هلال رمضان بمصرعام 155 هجرياً حيث خرج أول قاضي لرؤية هلال رمضان وهو "أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة "قاضي مصر في ذلك الوقت وبعد ذلك تبعة القضاة في كل العصور ولكن كل منهم له طريقة في الاحتفال ،و كانت تعد لهم" دكة القضاة"على سفح جبل المقطم. وفي العصر الفاطمي ،بعد التأكد من رؤية الهلال كان الخليفة يخرج في مهرجان إعلان حلول شهر رمضان من باب الذهب "أحد أبواب القصر الفاطمي"، متحليًا بملابسه الفخمة وحوله الوزراء بملابسهم المزركشة وخيولهم بسروجها المذهبة ، وفي أيديهم الرماح والأسلحة المطعمة بالذهب والفضة والأعلام الحريرية الملونة ، وأمامهم الجند تتقدمهم الموسيقى ، ويسير في هذا الاحتفال التجار وهم يحملون اعلام مزركة تدل علة صنعة كل منهم، فتبدو الشوارع والطرقات في أبهى زينة . وموكب الخليفة يبدأ من بين القصرين "شارع المعز بالصاغة الآن" ، ويسير في منطقة الجمالية حتى يخرج من باب الفتوح " أحد أبواب سور القاهرة الشمالية " ، ثم يدخل من باب النصر عائدًا إلى باب الذهب بالقصر ، وفي أثناء الطريق توزع الصدقات على الفقراء والمساكين .. وحينما يعود الخليفة إلى القصر يستقبله المقرئون بتلاوة القرآن الكريم في مدخل القصر ودهاليزه ، حتى يصل إلى خزانة الكسوة الخاصة ، فيغيِّر ملابسه ويرسل إلى كل أمير في دولته بطبق من الفضة مملوء بالحلوى ، تتوسطه صرة من الدنانير الذهبية وتوزع الكسوة والصدقات والبخور وأعواد المسك على الموظفين والفقراء ، ثم يتوجه لزيارة قبور آبائه حسب عاداته ، فإذا ما انتهى من ذلك أمر بأن يكتب إلى الولاة والنواب بحلول شهر رمضان . وكان الخليفة الفاطمي يصلي أيام الجمعة الثلاث : الثانية والثالثة والرابعة على الترتيب التالي الجمعة الثانية في جامع الحاكم والثالثة في الجامع الأزهر ، أما الرابعة التي تعرف بالجمعة اليتيمة فكان يؤديها في جامع عمرو بالفسطاط ، وكان يصرف من خزانة التوابل ماء الورد والعود برسم بخور الموكب والمسجد .. وعقب صلاة الجمعة الأخيرة من رمضان يُذاع بلاغ رسمي عرف بسجل البشارة ، وآخر ليلة من الشهر الكريم كان القراء والمنشدون يحيونها بالقصر الشرقي الكبير والخليفة يستمع من خلف ستار، وفي نهاية السهرة كان الخليفة ينثر على الحاضرين دنانير الذهب .