ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الإعلان عن استخدام الحكومة الأمريكية برنامجين سريين لمراقبة سجلات الهواتف والمعلومات الشخصية المتوفرة لدي شركات الإنترنت. وقد أثار استخام الحكومة برامج سريه للمراقبة جدلا واسعا في الآونة الأخيرة حول مدي انتهاك الحكومة لخصوصية الأفراد وحجم التضحية التي يمكن أن يقدمها المواطن علي صعيد بياناته الشخصية من أجل حماية الأمن القومي. وقالت الصحيفة - في تقرير بثته بموقعها علي شبكة الإنترنت، الجمعة 14 يونيو، إن فهم معادلة الخصوصية مقابل الأمن القومي تحتاج لمناقشة خمسة محاور، يكمن أولها في الاعتقاد بأن جمع البيانات الوصفية، أو بيانات التعريف، وأرقام الهواتف لا يمثل تهديدا للخصوصية طالما تعهدت الحكومة بذلك، مشيرة إلي ما صرح به الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشأن قيام وكالات الاستخبارات بفحص أرقام الهواتف ومدة المكالمات دون التطرق لفحص أسماء الأشخاص أو مضمون المكالمات. ورغم تصريحات أوباما ، فإن البيانات الوصفية للمكالمات الهاتفية قد تكون كاشفة للعديد من الأمور علي نحو ينتهك الخصوصية، فمعرفة من أجري اتصالا بمن قد تكون بنفس قدر حساسية مضمون المكالمة، وبافتراض أن المكالمات قد لا تتضمن ما يضر صاحبها إلا أن تسجيلها قد يمنح جهات المراقبة صورة حية عن المتصل ، وبجمع الملايين من تلك التسجيلات يصبح لدي تلك الجهات طرف خيط يمكن من خلاله مراقبة التواصل المجتمعي أو التواصل الخاص بالأعمال في الولاياتالمتحدة بأكملها. وأضافت الصحيفة أن المحور الثاني يتلخص في ضرورة أن تتسم المراقبة بالسرية لحماية الأمن القومي، الأمر الذي دفع مدير الاستخبارات الأمريكية جيمس كلابر إلي القول بأن الكشف عن الأساليب التي تستخدمها الحكومة للمراقبة قد تمنح أعدائها الفرصة لتجنب رصدهم، وهو التصريح الذي أعقب الكشف عن استخدام برنامجي المراقبة الجديدين. في الوقت نفسه، فإن ما سبق لا يتنافي مع ضرورة معرفة المواطنين بالخطط العامة للمراقبة التي تضعها الحكومة حتى يتسنى لهم معرفة ما إذا كانت الحكومة تحقق التوازن بين حماية الأمن القومي وعدم انتهاك خصوصية الأفراد. وأوضحت واشنطن بوست أن المحور الثالث يدور حول المشكلات التي قد تثار بسبب انتهاك الخصوصية، والتي قد تتجاوز إطار الكشف عن الأنشطة غير القانونية، فمعرفة تفاصيل دقيقة عن حياة المواطنين قد يعزز من تسلط الحكومة عليهم، أو تقوض ثقتهم بها، أو تحد من حرية التعبير والتجمهر، وقد يتعرض الأفراد لاستغلال المعلومات الخاصة بهم والتي كشفت عنها أجهزة الرقابة، فيصبح المواطن بالتالي مجبرا على تبرير أبسط مواقفه حتى وإن لم يرتكب خطأ لمجرد اشتباه الحكومة فيها، وهو أمر في حد ذاته لا يليق بالمجتمعات الحرة التي تعتمد فيها الحرية على عدم شعور الفرد بالقلق إزاء تصرفاته وعدم حاجته لتبريرها بشكل مستمر. أما المحور الرابع، وفقا للصحيفة، فيركز على حجم التضحيات التي يمكن أن يقدمها المواطن من بياناته ومواقفه الخاصة لتعزيز الأمن القومي، مشيرة في هذا السياق لتصريحات سابقة لأوباما أكد فيها أنه لا يمكن تحقيق الأمن بنسبة 100% مع الحفاظ على الخصوصية بالنسبة ذاتها وعدم إزعاج المواطنين. وأفادت الصحيفة أن حل هذه المعادلة يتطلب التخلي عن بعض الخصوصية من قبل المواطنين شريطة وجود ضوابط حاكمة وحدود معروفة وآليات للمحاسبة وإشراف على العملية الرقابية. وفيما يتعلق بالمحور الخامس والأخير، قالت الصحيفة إنه من غير الصحيح أن تنظر الحكومة الأمريكية للمواطن العادي بأنه لا يشعر بالانزعاج نتيجة تطفلها على خصوصياته، وعلى الرغم من نتائج استطلاعات الرأي التي أفادت بأن المواطن الأمريكي يرحب بانتهاك خصوصياته تحت مظلة مكافحة الإرهاب، إلا أنه من الخطأ أساسا أن يوضع المواطن أمام الاختيار بين الحفاظ على خصوصيته ومنع الإرهاب، فالمواطن نفسه هو من يجب أن يتخذ القرار بشأن حجم المراقبة التي يتعرض لها عندما تضطر الحكومة لفرض رقابتها عليه لدواعي أمنية.