أيها الإخوة: لقد تعودنا معاً في أوقات النصر وفى أوقات المحنة.. في الساعات الحلوة وفى الساعات المرة، أن نجلس معاً، وأن نتحدث بقلوب مفتوحة، وأن نتصارح بالحقائق، مؤمنين بأنه من هذا الطريق وحده نستطيع دائماً أن نجد اتجاهنا السليم، مهما كانت الظروف عصيبة، ولا نستطيع أن نخفى على أنفسنا أننا واجهنا نكسة خطيرة، لكنى واثق بأننا جميعاً نستطيع أن نجتاز موقفنا الصعب، أمامنا الآن عدة مهام عاجلة. المهمة الأولى: أن نزيل آثار هذا العدوان علينا، وأن نقف مع الأمة العربية موقف الصلابة والصمود ، وبرغم النكسة فإن الأمة العربية بكل طاقاتها وإمكانياتها قادرة على أن تصر على إزالة آثار العدوان. والمهمة الثانية: أن ندرك درس النكسة ونصل إلى نقطة مهمة في هذه المكاشفة بسؤال أنفسنا: هل معنى ذلك أننا لا نتحمل مسؤولية في تبعات هذه النكسة؟ وأقول لكم إنني على استعداد لتحمل المسؤولية كلها، ولقد اتخذت قراراً أريدكم جميعاً أن تساعدوني عليه: لقد قررت أن أتنحى تماماً ونهائياً عن أي منصب رسمي وأي دور سياسي، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدي واجبي معها كأي مواطن آخر. هذا بعض ما ألقاه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في خطاب التنحي بعد نكسة 1967 ، وكان للشعب المصري رد فعل عظيم بعد سماعه الخطاب فقد ثار وغضب وخرج في مظاهرات حاشدة من جميع مدن مصر زاحفة إلى القاهرة .. وطالب المتظاهرون بعدم تنحي عبد الناصر عن رئاسة الجمهورية وسط هتافات باسمه ، فكان ذلك الوقت من أكثر الأيام قسوة وتوترا على الشعب المصري كله لأنه رأى أنه يمر بمحنة حقيقية بدون عبد الناصر .. وافق عبد الناصر على طلبهم وظل في السلطة وبدأ في تدريب الجيش المصري والاستعداد للحرب وفي عام 1969 انطلقت حرب الاستنزاف وذلك من خلال عبور بعض القوات والإغارة على القوات الإسرائيلية، وكان الهدف منها تكبيد إسرائيل أكبر قدر من الخسائر في الأفراد والمعدات لإقناعها بأنه لابد من دفع الثمن غاليا للبقاء في سيناء، وفي نفس الوقت إعداد الجيش المصري عمليا ومعنويا للمعركة.