شهدت التسعينيات مولد مصطلح "القوة الناعمة" على يد عميد مدرسة كيندي للدراسات الحكومية بجامعة هارفرد، جوزيف ناي حيث يعرفها على أنها "القدرة على الحصول على ما يُراد عن طريق الجاذبية، بدلاً من الإرغام أو دفع الأموال". ويرى ناي أن أي نظام سياسي يقوم على ثلاث قوى: القوتين العسكرية، والاقتصادية، ويشار إليهما بالقوة الخشنة، في مقابلة القوة الناعمة التي يمكن تحقيقها من خلال العلاقات الإيجابية مع الحلفاء والدعم الاقتصادي والتبادل الثقافي، فمكونات القوة الناعمة تعزز التأييد والمصداقية لدى الرأي العام الإقليمي والعالمي وتعد صناعة السينما والإعلام تحظى بالنصيب الأوفر في رصيد القوة الناعمة وكذلك المؤسسات ذات البعد الإقليمي والعالمي كالأزهر الشريف. واستغلت مصر في فترات سابقة إمكانياتها الثقافية والدينية والفنية، وتزيد الحاجة المصرية في الفترة الراهنة لتفعيل القوي الناعمة المصرية وعلى رأسها الأزهر الشريف لحل الكثير من المشاكل التي تواجهنا في ملفات كالتفاوض مع دول حوض النيل أو ترسيخ العلاقات التي تأثرت بعد الثورة مع دول عربية. ودعا رئيس حزب النور د. يونس مخيون عقب الزيارة الناجحة التي قام بها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إلى دولة الإمارات والترحيب الكبير الذي قوبل به هناك والذي بلغ حد الإفراج عن سجناء مصريين إكراما له- إلى اغتنام الاحترام الكبير الذي يتمتع به الأزهر في العالم العربي لحل مشكلة بعض المواقف السلبية تجاه الثورة المصرية من قبل بعض الدول العربية. وقال مخيون :" نحن نجدد النداء بعد هذه الزيارة الناجحة لتفعيل دور الأزهر كقوة ناعمة مؤثرة ودبلوماسية خاصة يقدر لها العالم كله مكانتها". وأهاب بشيخ الأزهر بأن يستمر في هذا المسعى المبارك, مشيرا إلى أن الدولة الناجحة هي التي تقوي جميع مؤسساتها وتستعمل كل قدراتها ومن مقدرات مصر التي لم تستثمر كاملة حتى الآن مؤسسة الأزهر خاصة بعد أن عادت لها مكانتها واستقلالها في الدستور الجديد. وقال عضو هيئة كبار العلماء د. أحمد عمر هاشم، "أناشد المسئولين في مصر وفي كل الأرض أن يغتنموا هذا المعقل الهام للإسلام "الأزهر" لصالح مصر ولا يحاولوا تهميش دوره أو يعطلوه عن رسالته وأهدافه ومستقبله، فالازهر إرادة إلهية من رب البرية سبحانه وتعالى فقد بزغ نجمه بعد القرون الثلاثة الاولى التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بانها خير القرون قرني ثم الذين يلونه ثم الذين يلونه،بزغ الازهر بعد ان برزت بعض التيارات والقوى الباطسة بحضارة الإسلام وكادت ان تطيح الهجمة التترية الشرسة بكل تراث الامة لولا بزوغ نجم الأزهر ليتحصل فيه اعظم تراث في الوجود ويتجمع في اروقته أبناء المسلمين من كل الارض يعلمهم ويسكنون فيه ويحيون إعاشة كاملة ومازالت أروقة الازهر تحمل أسماء دولهم إلى يومنا هذا ،فهذا رواق الحجاز وهذا رواق المغاربة وهذا رواق الشوام". ويضيف "ثم تحولت إلى مدن للبعوث الإسلامية يوجد فيها طلاب من اكثر من مائة دولة وكان المسئولون عبر العصور يحرصون على دعم الازهر ماديا ومعنويا وادبيا ويجعلون له الصدارة في الكلمة والتعبير والقيادة حتى قال أحد المؤرخين المنصفين من لم يذهب لمصر ما رأى مجد الإسلام ولا عزه لان فيها الأزهر". ويضرب د.عمر هاشم مثالا لمكانة الازهر وكيفية استغلالها انه عندما اهتم الرئيس عبد الناصر بالازهر الشريف،كان الاثر واضحا في العديد من الدول،وراينا أنه عندما سافر إلى غحدى الدول الغفريقية استقبلوه عند سلم الطائرة بسيارة فارهة وما ان تحركت السيارة حملوها على الاعناق مرددي حياة مصر والازهروعندما اراد ان يشكرهم قالوا له إننا نفعل ذلك لانك رئيس مصر بلد الازهر..نفعل ذلك إجلالا لرئيس الدولة التي تضم أعرق جامعة في العالم خرجت العلماء وحمت مصادر الإسلام. ويضيف "ورأينا كيف استقبل الرئيس الباكستاني ، الإمام الأكبر د. عبد الحليم محمود على سلم الطائرة وتقول له المراسم إن شيخ الازهر ليس برئيس دولة لتستقبله بهذه الطريقة رفض وقال كثير هم رؤساء الدول ولكنه ازهر واحد وشيخ واحد في العالم الإسلامي". ويتساءل د.هاشمك اما آن لأبناء هذا البلد،التي شرفت بهذه النعمة الإلهية ان يقدروا للازهر مكانته وأن يحلوه درجته وأن يصونوه من غوغائية العابثين والمستهزئين. ويؤكد " إن واجب المسئولين ان يحسنوا اختيار التعامل المنصف لقلعة الإسلام التي ما عرفت مصر إلا بها قبل أي شئ وأن يعلموا ان الازهر لم يبنى من حجر ولكنه بني بحكمة علمائه فلننصف الازهر ولننصف العقول التي استوعبت العلم وقادت الحركة الدينية والسياسية والتي بدونها يكون الازهر مجرد منشئات صماء". وينهي د. عمر هاشم كلامه بقوله "أناشد المسئولين في مصر أن يغتنموا هذاالمعقل الهام للإسلام واقول لهم ما قاله أحد المؤرخين:لم يبق للإسلام م نصرح على الأرض إلا الازهر فاحرصوا عليه".