لقد أصبحت مصر الآن على حافة الهاوية سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا، فالخلافات والانقسامات والاستقطابات السياسية بلغت ذروتها على حد خطير، وتفاقم معها الوضع الأمني إلى حد الاعتداءات المتكررة غير المبررة على منشآت عامة وشرطية وعلى رجال الشرطة وانسحاب الشرطة من إحدى المدن ونزول الجيش إلى المدينة. وبدء الحديث عن نزول جماعات من المدنيين لحفظ الأمن، وتزامن ذلك مع وضع اقتصادي في حالة أزمة خطيرة تؤشر عليها الحالة العامة من ارتفاع أسعار السلع على نحو خطير وطوابير طويلة للحصول على الوقود وظهور فكرة كوبونات للبنزين التي قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع، مع حالة اضطرابات وإضرابات في العديد مواقع الإنتاج. وأصبح المجتمع في حالة انفلات أخلاقي، حيث أصبح أغلب المصريين لا يحترمون بعضهم البعض ولا يحترمون مؤسساتهم، وأصبح المجتمع في حالة انقسام خطير جدا قد تؤدي إلى انهياره لا قدر الله، والنتيجة هي أن جميع المصريين جميعهم دون استثناء يتوجهون إلى وضع خطير جدا من الفوضى والمجاعة وانهيار الدولة لا قدر الله. لقد أصبح رهان المراقبين الخارجيين والمتربصين بمصر على أن مصر ستتحول إلى الحالة العراقية أم إلى الحالة السورية لا قدر الله . وأمام هذا الوضع الخطير، أصبح من الضروري توجيه سؤال عاجل جدا لجميع المصريين بمختلف الأحزاب والأديان والطوائف والطبقات والثقافات والأعمار والأجناس، وهو سؤال هام جدا في هذه المرحلة الحرجة العصيبة التي تمر بها مصر: هل هناك رغبة حقيقية في إنقاذ مصر؟! إذا كانت الإجابة ب "لا"، فليس مطلوب من أي أحد أن يغير من اعتقاداته أو مساره، لتتجه مصر مع استمرار الأوضاع الحالية إلى هذا السيناريو الكارثي لجميع المصريين بل وللعرب أيضا. وإذا كانت الإجابة ب"نعم"، فيجب أن يتحرك جميع المصريين وعلى رأسهم السلطة والمعارضة على وجه السرعة نحو توافق سياسي عاجل وعلى ضرورة أن يشارك الجميع في تحمل مسئولياته وفي العمل والإنتاج، وليجتمع الجميع بإخلاص على التوافق على خطة عاجلة لإنقاذ مصر من انهيار سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي أصبح وشيك الحدوث لا قدر الله، وفي نفس الوقت يترك غير المتخصصين وغير المؤهلين من المصريين المخلصين لبلدهم حقا مواقعهم عن طيب خاطر ليحل محلهم كفاءات من المتخصصين المخلصين لبلدهم أيا كان انتماؤهم السياسي والديني. وفي النهاية، يجب أن يدرك الجميع حقيقتين هامتين.. الحقيقة الأولى أن حكم دولة كبيرة مثل مصر يتطلب أن يشارك الجميع في الحكم والعمل والإنتاج، ليتحمل الجميع مسئولياتهم من خلال توافق سياسي ومجتمعي بين الجميع على مختلف القرارات، فهذا هو طوق النجاة الوحيد للخروج بمصر من هذا المأزق الخطير إلى بر الأمان، والحقيقة الثانية أن استقرار مصر سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا هو أمر يعم بالخير على جميع المصريين والعرب، وأن لا قدر الله انهيار مصر أمرا كإرثيا لجميع المصريين دون استثناء بل للعرب أيضا. يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: "إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، "سورة الرعد: آية 11".