تزايدت في الفترة الماضية المطالبة الشعبية بعودة الجيش إلى إدارة شئون البلاد للخروج من الأزمة الحالية، كما خرجت أصوات من بعض القوى السياسية وخاصة ذات التابعية الاسلامية ترفض ذلك. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل حل الأزمة الحالية هو عودة الجيش إلى المعترك السياسي ؟ .. "بوابة أخبار اليوم" طرحت هذا السؤال على عدد من الخبراء الاستراتيجيين والقادة العسكريين السابقين ..كما تساءلت عن مميزات ومخاطر العودة . في البداية يؤكد اللواء حسام سويلم المدير الأسبق لمركز البحوث والدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة أن عودة الجيش للساحة السياسية لن تحدث ..لأن قياداته لا ترغب في ذلك ..خاصة بعد الهتافات والتظاهرات التي نظمتها وأطلقتها عدد من الحركات الشبابية ونادت "بسقوط حكم العسكر"..وما نال المجلس الأعلى للقوات المسلحة من انتقادات وصلت إلى حد السباب .. ولكن القوات المسلحة في الوقت نفسه تراقب الوضع جيداً وعلى أتم الاستعداد لتلبية الإرادة الشعبية الواضحة والتي تطالب بإنقاذ مصر. وأضاف اللواء سويلم أن التوكيلات التي يجمعها البعض لتفويض القوات المسلحة لإدارة شئون البلاد لن تجدي نفعاً وإن كانت إحدى وسائل الضغط الشعبي لإعادتها مرة أخرى إلى سدة الحكم ولكن القوات المسلحة لا تريد الدخول في صراعات سياسية من شأنها التأثير على احترافية القوات وتدريباتها. وأشار اللواء حسام سويلم إلى أن القوات المسلحة لن تتدخل إلا في حالة وجود "وضع خطير" وهو على سبيل المثال نزول ميليشيات مسلحة وأن يتحول الصراع السياسي إلى صراع مسلح ففي هذه الحالة ستتولى القوات المسلحة إدارة شئون البلاد ويتم فرض الأحكام العرفية وإجبار كافة التيارات السياسية على الاتفاق وأن يكون الرئيس مرسي رئيساً لمجلس رئاسي حتى تنتهي فترة ولايته واعتبار تلك الفترة هي مرحلة انتقالية يدير الجيش البلاد فيها إلى أن تستقر الأمور ويتم انتخاب رئيس جديد بعد القضاء على الصراعات وحالة عدم الاستقرار التي تمر بها البلاد.
ومن جانبه أوضح اللواء حمدي بخيت أن القوات المسلحة لها التزاماتها التي تنبع من عقيدتها وقسمها أمام الله والشعب وهى حماية الأمن القومي وشعب مصر.. مؤكداً على أن عدم دخول الجيش في العملية السياسية من ضمن ثوابت القوات المسلحة ولكنها في الوقت نفسه تراقب الموقف السياسي جيداً .. وهي على عهدها دائماً بأنها "تحت أمر الشعب" ولكن وفقاً للإرادة الميدانية والعمل الميداني الأكثر واقعية. وأضاف اللواء بخيت أن التوكيلات التي تم توثيقها بالشهر العقاري بتفويض الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي بإدارة شئون البلاد تعتبر استفتاء شعبي وموثق ولكنه غير كاف لتحرك القوات المسلحة. وقال أن القوات المسلحة لا تتأخر عن شعبها ولكنها لا تنجذب نحو الصيحات والدعوات التي يطلقها البعض .. مشيراً إلى أنه إذا عاد المشهد لما كان عليه ميدان التحرير في يناير 2011 فإن القوات المسلحة لن تتوانى عن حماية الإرادة الشعبية كما حدث وستقوم بإدارة شئون البلاد من خلال مرحلة انتقالية تقودها .. فالإرادة الشعبية مكانها الطبيعي الميادين وليس التوكيلات. وأضاف : "إذا ما وجدت الإرادة الشعبية لذلك .. فالقوات المسلحة تحت أمر الشعب". وأضاف بخيت أن عودة الجيش للساحة السياسية مرة أخرى لن يكون في نفس الصورة التي كان عليها المجلس العسكري ولكن سيتخذ صورة أخرى وهى أن يتولى إدارة شئون البلاد خلال فترة انتقالية يتم خلالها إعادة الاستقرار مرة أخرى للشارع المصري. وأكد اللواء متقاعد محمد سعد إبراهيم رئيس أركان قوات الدفاع الجوى الأسبق والخبير الاستراتيجي والعسكري أن القوات المسلحة ملتزمة بدورها في حماية وتأمين الحدود ضد أي عدائيات خارجية ولا يمكن أن تنقلب في يوم من الأيام على الشرعية الدستورية لأن ذلك ليس من عقيدتها التي يؤمن بها كل من تربى داخل تلك المؤسسة العسكرية. وأوضح أن ما حدث في ثورة يوليو لم يكن انقلابًا عسكريًا بالمعنى المعروف بل كان ثورة على فساد كبير والذي انكشف بعد حرب 48 وصفقات الأسلحة الفاسدة وتحكم الانجليز في مقدراتنا فكان لابد من وضع حد لهذا الفساد. وأشار اللواء سعد إبراهيم إلى أن الجيش يوم 28 يناير لم ينقلب على الحاكم بل نزل بأوامر من رئيس الجمهورية بعد ثورة جماهيرية لحماية الشارع .. واستمر فقط حتى تسليم السلطة لرئيس منتخب مدني ولو كان طامعا في سلطة لاستمر ونصب أحد أعضائه رئيسا للبلاد. ويرى رئيس أركان قوات الدفاع الجوي الأسبق أن الحديث عن وجود فوضى عارمة وانفلات امني كبير هو أمر مبالغ فيه إعلاميا وأن ما يحدث هو أمر طبيعي بعد ثورة قام بها شعب. وأن الاعتصامات والإضرابات ستستمر فترة ليست بالقصيرة. ولكن القضية الآن أن الإحساس بالأمن لدى المواطن انخفض كثيرًا ويرجع ذلك إلى إرهاق أفراد الشرطة في مواجهات مع معتصمين يندس بينهم بلطجية وأطفال شوارع وأدعو جميع المعتصمين إلى الابتعاد عن هؤلاء ونبذهم حتى تستقر الأوضاع ..بالإضافة إلى ضرورة السعي إلى توافق سياسي بين المعارضة والرئاسة حتى نستطيع علاج حالة الاحتقان. وشدد اللواء سعد إبراهيم على أهمية عدم الانسياق وراء المبالغات والتهويل من حجم ما تمر به مصر إلى الآن أما حامد الخبير الاستراتيجي اللواء محمود منير فيرى أن القوات المسلحة كمؤسسة وطنية أصيلة أعربت باستمرار عن موقفها بأنها الدرع الواقي لمصر والحامية لشعبها فضلا عن أن عقيدة الجيش تنبع من كونها لا تنحاز لأي فصيل سياسي ومطالبات نزول الجيش إلى الشارع تاتى من دوافع محبة الشعب لقواته المسلحة. وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن الجيش لن يدخل في معترك الحياة السياسية إلا عندما يشعر بأن الدولة تنهار أو تتعرض داخليا لأخطار كبيرة وإذا فرضنا أن ذلك قد يحدث وهذا ما لا أتمناه فان نزول القوات المسلحة هذه المرة سيكون مختلفا عما حدث يوم 28 يناير2011 وسيعتمد بشكل كبير على تجاربه السابقة في إدارة البلاد ويحاول تجنب الأخطاء التي قد يكون قد وقع بها في الماضي ولن يتطلع أحد من قادته أيضا إلى الحكم بل سيعملون عن البحث عن حلول سياسية وتوافق مجتمعي على من سيدير البلاد. وأضاف أن نزول الجيش مرة أخرى إلى الشارع معناه أن نستمر في حالة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي لسنوات أخرى وهو ما سينعكس بكل تأكيد على الوضع الاقتصادي المتأزم لذلك نتمنى أن لا نعود مرة أخرى إلى المربع صفر وان نحاول الوصول إلى حلول تدفع بنا إلى الأمام.