بعد دعوة القوات المسلحة الشعب للحوار, والتحذير من الدخول في نفق مظلم, فإنه بات من الواضح أن الحوار هو الأسلوب الأمثل والوحيد للوصول إلي توافق يحقق مصلحة الوطن والمواطنين. وغير ذلك يدخلنا في نفق مظلم ويحقق نتائج كارثية, وهو أمر لن نسمح به. إن القوات المسلحة تنحاز دائما إلي الشعب المصري بأكمله, وتحرص علي وحدة الصف, لأنها تعتبر جزءا أصيلا من نسيجه الوطني وترابه المقدس. وهكذا شددت القوات المسلحة علي دعمها الحوار الوطني والمسار الديمقراطي الجاد والمخلص حول القضايا والنقاط المختلف عليها, وصولا إلي التوافق الذي يجمع أطياف الوطن بأكمله. وكان ل الأهرام هذه اللقاءات مع الخبراء بهذا الشأن: اللواء سامح سيف اليزل, الخبير الاشتراتيجي والأمني, يري أن مفهوم البيان يؤكد ما سبق إعلانه منذ أيام قليلة علي لسان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة, بأن القوات المسلحة تخدم الشعب المصري كله دون تحيز ودون الوقوف بجوار أحد دون الآخر, وهذا يؤكد الموقف الوطني المشرف الدائم للقوات المسلحة المصرية تجاه شعب مصر العظيم, وهو المفهوم الذي تأخذه مرة أخري في البيان الأخير.. بإعادة تأكيد القوات المسلحة لهذا المفهوم. الوضع مختلف وأن موقف القوات المسلحة الحالي يختلف تماما عن يوم28 يناير2011, عندما نزلت القوات المسلحة في هذا اليوم لأن الشعب المصري موحدا كان يريد تغيير النظام دون فرقة بين جموع الشعب المصري, والوضع الآن يختلف, حيث اختلف الشعب المصري ما بين مؤيد ومعارض, خاصة في وجود رئيس الجمهورية كان له انتماء مع إحدي الجماعات في الدولة, فتوضح بالرغم من هذا الوضع المختلف الآن, فإن حياد القوات المسلحة للشعب المصري قائم, وهدفها هو حماية الشعب, وهو السائد في جميع قراراتها. ويقول اللواء حسام سويلم, الخبير الاستراتيجي والأمني: البيان الصادر من الجيش يعبر عن الحقيقة الموجودة بداخل قادة القوات المسلحة, فهي منحازة للشعب وتفضل أن يمشي الشعب في الحوار الوطني والقومي, وإن السياسة المعارضة وجماعة الإخوان لابد من توافق الاحتقان بين الطرفين. وبالنسبة للاحتقان الدموي الذي حدث يوم الأربعاء الماضي في مشهد مهيب أمام قصر الاتحادية بين مؤيدين ومعارضين للرئيس مرسي, فقد قرأت المشهد القوات المسلحة, فإن بعض القوي السياسية تريد أن يدخل الجيش في صراع دموي بين أفراد الشعب, وهذا محظور, لأن الجيش أعلن انحيازه التام للشعب المصري. وبالنسبة للنزول, سوف ينزل الجيش في حالة الاستفتاء علي الدستور الجديد, إذا طلبت الدولة منه ذلك, لعدم مقدرتها علي حماية مقراتها الانتخابية, فسوف يؤمن المقار الجيش لمصلحة الوطن والمواطنين, وهذا يكون بقرار من رئيس الجمهورية, وتكون مهمة محددة ويرجع الجيش مرة أخري إلي ثكناته.. ويقول اللواء عادل سليمان, خبير استراتيجي ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية: البيان الذي أصدرته القوات المسلحة أمس هو بيان شديد الوضوح والشفافية, ويشير إلي نقطة مهمة جدا, وهي تدعيم الحوار الوطني والمسار الديمقراطي الجاد. هكذا يؤكد البيان أهمية الحوار بين الطرفين ولن يسمح مرة أخري بالصدام بين المواطنين أو بعض التيارات الأخري. المسئولية كاملة ويقول اللواء سامح أبوهشيمة, الخبير الاستراتيجي والأمني: إن القيادة بالقوات المسلحة المصرية أخذ الدرس من الذي حدث قبل ذلك, وتحملت المسئولية كاملة وحددت مهلة وتركت من اختاره الشعب ورجعت مرة أخري إلي قواعدها سالمة, بعد أن كان عليها الضغوط الشعبية والاتهامات من جميع القوي السياسية, وبرغم ذلك, لم يمنعها من أداء دورها في حماية الثورة وتأمين البلاد وتوصيل المسئولية إلي الرئيس المنتخب. أما الآن, فقد اختلف المشهد تماما, فإن الاختلاف بين القوي الثورية التي شكلت معارضة قوية ضد الرئيس المنتخب, فواجب القوات المسلحة أن تحافظ علي الحيادية كاملة وتراعي الحوار الديمقراطي بين جميع الأطراف, مع عدم التورط بالرأي نحو طرف علي حساب طرف آخر, ولكن بالإصرار علي تغليب المصلحة للمواطنين, والقوات المسلحة تعلم تماما ما هو حجم التحديات التي تواجهها في الفترة الانتقالية لمصر, وما هي أنواعها, وتعرف تماما أنها الصمام الذي يردع كل التجاوزات التي تهدف إلي النيل من أمن واستقرار مصر, ومن حق المعارضة أن تعارض, ومن حق النظام المنتخب أن يحاور وفي النهاية كل في اطار المحافظة علي الأمن القومي المصري الذي هو هدف القوات المسلحة في هذه الفترة. إنذار واضح ويقول اللواء حمدي بخيت, الخبير الاستراتيجي والأمني: هو إنذار واضح لجميع القوي السياسية والمشاركين في هذا الحوار إذ لم يستغلوا هذا الحوار جيدا, فإن القوات المسلحة لن تجر لأنها تحافظ في المقام الأول علي تحقيق الأمن للوطن والمواطن.. والقوات المسلحة ليس لها فصيل من الفصائل, ولكن يهمها حفظ واستقرار البلاد قبل أي شيء. فإن القوات المسلحة رقم كبير في معادلة الأمن القومي المصري, وفي معادلة الحوار بين الأطراف جميعا, فإنها قوات لحماية الشعب المصري بكامله وليس تيارات علي حساب تيارات أخري, وإنها لا تحمي أحدا بعينه من أجل مقدرات هذا الوطن.