أنا شاب أتممت العشرين من عمري، أدرس باحدي الكليات المرموقة، كنت أحب جارتي بشدة.. هي تصغرني بعام واحد.. ولد حبنا منذ حوالي 3 سنوات، بعد ان حدث تعارف بيننا عن طريق الصدفة البحتة. كنا وقتها صغيرين.. عصفوران متحابان يبحثان عن عش يجمعهما، لكن سننا الصغيرة لم تسمح لنا بذلك، ومرت الأيام حتي حدث ما كنت أخشاه، تقدم إليها عريس »لا يرفض«.. مهندس بترول يعمل بالخليج ويكسب من المال الكثير، جاء ليشتري »الجمل بما حمل«. طبعا لا داعي للمقارنة بيني وبينه من الناحية المادية، فأنا بالنسبة له لا شيء علي الاطلاق، من أنا؟ مجرد طالب جامعي كان عمري وقتها 91 عاما بمستقبل ضبابي لا يعرف عنه أحد شيئا، أما هو فقد حدد مستقبله وعرف الطريق الصحيح لفتح صنبور الذهب. أما البنت نفسها فلم يكن لها في الأمر رأي، فرض عليها هذا الزوج فرضا، ولم تملك أن تفتح فمها لتقول »لا«، فكيف ترفض هذا العريس »اللقطة«؟.. طبعا هذا من وجهة نظر أهلها، أما هي فلم تكن تحب غيري. تمت الزيجة رغما عنا، واستمرت لوقت قصير ثم انتهت بطلاق.. كنت أتوقع فشلها لأنها علاقة غير مبنية علي الحب، وإنما كانت كصفقة تجارية.. بيع وشراء بلا مشاعر. وبعد أن تم الطلاق، عاد أملي بالزواج منها ينتعش.. لما لا؟ فأنا واثق ان قلبها مازال ينبض بحبي، وبالطبع أنا كذلك، لكن الطامة الكبري وقعت عندما أصيبت حبيبتي بمرض خبيث بالرحم، واضطرت إلي اجراء جراحة عاجلة لاستئصاله.. شفيت من المرض تماما لكنها باتت لا تستطيع الانجاب. والآن أنا أركض وراء حلمي بكل قوتي، متغاضيا عن نقطتين مهمتين، الأولي أنها مطلقة، والثانية انها لا تنجب.. كل هذا لا يفرق معي، لكن العثرة الوحيد تكمن في أهلي.. وبالأخص والدي الذي يرفض بشدة اتمام الارتباط بيننا للسببين الماضيين. سيدتي.. هل أنا مخطيء أم أبي هو المخطيء؟ أرجوك أعطيني ردا يطفيء ناري.. أنا لا أود أن أخسرها، وكذلك لا أستطيع ان أضحي بوالدي مهما كانت الأسباب.. فماذا أفعل؟ الحائر »ع. أ« الكاتبة: تذكرني قصتك بدراما الفيلم الأشهر في تاريخ السينما العالمية: »قصة حب«. فالقصة بها الكثير من المفاجآت القدرية التي تستهدف القلبين المحبين. لكن الحب يبقي رغم كل شيء، ويحاول، ويقاوم. وفي النهاية يستسلم لكلمة القدر التي لا نملك ازاءها إلا الاستسلام! لقد بدأت قصة حبك مبكرة جدا وأنت في الجامعة، وكان طبيعيا أن تنتهي القصة بزواج حبيبتك من شاب أكبر سنا منك، وأكثر استقرارا. لكن هذه الزيجة لم تستمر طويلا لأنها قامت علي حسابات الأرقام، وقرار العقل وحده. وعادت نسمات المشاعر ترفرف فوق حياتك من جديد، توقظ حبك القديم من نومه، وتزف إليه خبرا سعيدا. ان حبيبة قلبك عادت حرة، وأعفت نفسها من الالتزام بأي قيد بعدما تم الطلاق بينها وبين زوجها. وبينما كانت بشائر الفرحة تحلق فوق سمائكما، فاجأكما القدر مرة ثانية بإحدي مفارقاته القاسية. مرض الحبيبة بأشد وأشرس الأمراض (الورم الخبيث) الذي داهم الرحم، وحاصر أي فرصة لها في الانجاب بعد جراحة استئصاله. من الطبيعي أن يقف الأهل في وجه هذا الارتباط المحكوم عليه بالنهاية السريعة القاسية، أو بالحرمان من أغلي النعم: نعمة الأولاد. أما في قصص الحب الخالدة فإن الحبيب يتمسك بحبيبته رغم كل شيء. وفي بعض الأحيان يختار الحبيب ان يعيش مع حبيبته الفترة التي سيقررها الله تعالي في عمر الحبيبة حتي ولو كان قصيرا لكي يجعلها تشعر بالسعادة والأمان والدفء في حياتها القصيرة. البعض.. أقول البعض لأن هذا ليس هو القاعدة العامة، أو التصرف المعتاد في مثل تلك المواقف. أما الاستثناء هو أن يتشبث الحبيب بحبيبه رغم كل الظروف المعاكسة.. لذلك فإننا نطلق علي مثل تلك المواقف أو القصص: الحب الاستثنائي. لأنه لا يسير وفق سيناريوهات القصص المعتادة في مثل هذه المواقف. لذلك أقول لك.. أنت وحدك الذي تملك ان تأخذ قرارك. فإما أن تتمسك بحبك وتمنح هذه الشابة سنوات أو أشهر (كما يشاء الله) من البهجة والسعادة. وأما أن تسير وفق القواعد العامة، والسياق التقليدي للقصة كما يريدها الأهل والأصدقاء والمعارف. القرار قرارك. وأنت القادر علي الاستمرار أو إنهاء هذه العلاقة.