قد يري البعض أن ما يحدث بشأن الانتخابات الرئاسية إنما هو صورة من الديمقراطية !. بينما الحقيقة أن ما يحدث إنما هو نوع من أنواع السيرك السياسي لا الديمقراطي. وما يحدث ينعكس علي تقويم الآخرين لمصر والمصريين الذين شوهوا صورة بلدهم العريقة. فرغم ان مصر تعد أقدم دول العالم إلا أن الطفولة السياسية التي نعيشها الآن تجعل العالم يستلقي علي قفاه من الضحك علينا. لقد شهدت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية غزوا من عدد كبير من المواطنين من كل لون ومن كل شكل ومن كل من هب ودب لسحب أوراق الترشيح لرئاسة الجمهورية. بعض هؤلاء لم يكن ليجرؤ من قبل علي ترشيح نفسه في مجلس الآباء ليس لعيب فيه ولكن لأن مجلس الآباء لا تنشر أنباؤه في الصحف ولا تستضيف أعضاءه الفضائيات. لذلك فالتوسع في النشر عن الانتخابات الرئاسية أدي إلي إقبال زعيط ومعيط ونطاط الحيط علي الترشيح أو علي الأقل سحب استمارة الترشيح. من حق كل مواطن الترشح ولكني أتكلم عن »الهرتلة« أو الإسفاف في التعامل مع أكبر الأمور شأنا في بلدنا وهو منصب رئيس الجمهورية لدرجة أن الصحف والفضائيات صارت تتخذ من ترشيح البعض مادة للفكاهة بجانب الفكاهة التي توفرها جلسات مجلس الشعب . لقد تعامل بعض المرشحين حتي المبرزين منهم مع الأمر بغير الجدية الكافية فإذا كان البعض من آحاد الناس يذهب لسحب أوراق الترشيح من اللجنة العليا لمجرد أن تظهر صورته في الصحف ويردد بضع كلمات غير تقليدية تجعله موضعا للنشر لم يكن من اللائق ببعض المرشحين المبرزين كما ذكرت أن يهبطوا بلغة الحوار أو الخطاب السياسي الموجه للناخبين والتعامل مع الأمور بسطحية. أبسط الأشياء أن لا مرشح يستخدم في دعايته شعارا يعبر عن مضمون حملته!. البعض يذكر كلاما لا معني له علي غرار »نهضة مصر«.. أو »انتخابات مصر.. المستقبل.. التخطيط.. الشعب.. إلخ.. أو« فلان.. لمصر »وكأنه يخطبها أو يتزوجها..« دولة محترمة وشعب مصون !! »وكأنها لن تكون دولة محترمة إلا بسيادته.. أو »وقدر مصر أن تكون قائدة رائدة هادية«!!!. الحقيقة أن بعض هذه الشعارات غير مفهوم وتعبر عن سذاجة فكر قبل سذاجة الصياغة. وأعجب أن المرشح الذي يسعي ليكون رئيسا لدولة بهذه القيمة لا يستطيع أن يصوغ أفكاره أو حتي يستعين بمن يصوغ له الأفكار رغم أن بعضهم في مناصب ليست بالهينة أو الصغيرة. ما الشعار الانتخابي إلا مثالا. الغالب علي الخطاب الانتخابي للمرشحين مغازلة العواطف والمشاعر والبعد عن الموضوعية وتقديم وعود محددة وبرنامج ذو ملامح واضحة تكون المحاسبة علي أساسه في المستقبل. وكما تنشر الصحف , ادعي أحد المرشحين أنه في حالة فوزه سيركب مترو الأنفاق!! آخر قال أنه يرشح نفسه بعد رؤيته رسول الله في المنام!! ثالث يؤكد أن نوابه ثلاثة: شاب وامرأة وقبطي !! هو يغازل الجميع بسذاجة. هذه نماذج بسيطة مما يعاملنا به مرشحو رئاسة الجمهورية وهو ما لا يليق حتي بمجلس الآباء - ليس قدحا في مجلس الآباء ولكنه أبسط المجالس من حيث التشكيل.مما يلفت الانتباه التمييز في الحملة الانتخابية للمرشحين فأبو الفتوح سيحصد أصوات الإخوان المتعاطفين معه وأيضا كما دعا له الشيخ القرضاوي. أبو اسماعيل سيستحوذ علي أصوات أصحاب اللحي الطويلة من السلفيين. عمرو موسي سينال أصوات الليبراليين وغيرهم من المثقفين. منصور حسن سيجد الدعم من المجلس العسكري وبعض الأحزاب. صباحي يحاول استقطاب الفقراء بزعم أنه عبد الناصر جديد وبعد ذلك نبذ عبد الناصر ولجأ إلي قارة أمريكا اللاتينية مستعينا بلولا دي سيلفا أي أن لا بوصلة واضحة لديه وأنه مستعد لبيع تاريخه الناصري من أجل الحصول علي تأييد بعض التيارات التي تكره عبد الناصر. هذه أمثلة أقصد من ذكرها أن العنصرية في تصنيف المرشحين تغلب علي انتخابات »رئاسة مصر« في صورة واضحة أننا مازلنا نحبو سياسيا.