حسىن عبد الواحد جاك بيرس - 71 عاما - صحفي فرنسي من مؤسسي منظمة " اطباء بلا حدود " التي تعني بضحايا الحروب والصراعات في مختلف انحاء العالم .قضي الاربعين عاما الماضية في التنقل بين المناطق الملتهبة بداية من فيتنام وحتي ليبيا مرورا بليبريا والسودان وسيراليون ورواندا والشيشان والعراق .. آخر مهامه الانسانية كانت في سوريا حيث تسلل الي مدينة حمص في الشهر الماضي لمساعدة جرحي الثورة السورية ولكنه غادرها بعد اسبوعين لانه لم يعد قادرا علي تحمل رؤية المزيد من مشاهد العنف والقسوة التي لخصها في حديث للاذاعة الفرنسية " ار.تي.إل " بقوله " احزنني ما شاهدته .. رايت معاناة ووحشية وخسة لايمكن وصفها ..اطفال ونساء وشيوخ مزقتهم دانات المدافع ورصاص الرشاشات والبنادق بعد ان اوشكوا علي الموت جوعا وعطشا ". يحكي بيرس عن طفل سوري جريح مات بين يديه قرب حي بابا عمرو الذي شهد ابشع مذابح الشبيحة وقوات الامن السورية .. " كان طفلا في العاشرة ، شاحب البشرة وسيم الملامح ومظهره يوحي بالشقاوة ويرتدي قبعة فوق رأسه تجعله يشبه اطفال الشوارع في رواية " البؤساء " .. كان جسمه مقسوماً تقريبا الي نصفين ولكنه لفظ انفاسه الاخيرة وهو يبتسم في براءة. صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة " يونيسيف" يقدر عدد القتلي من الأطفال منذ بداية الثورة السورية بما يزيد علي 400 طفل منهم من مات حتي قبل اي محاولة لإسعافه!. جانب اخر من الصورة في سوريا يحكيها نواف البشير شيخ قبيلة البقارة السورية بعد وصوله الي مدينة اسطنبول التركية حيث أكد أنه لن ينسي ابدا صرخات الأطفال الذين كان رجال الأسد يعذبونهم في الزنزانة المجاورة لزنزانته . ويقول نواف ، الذي كان مرتديا بذلة وكرافتة ونظارة، حسب وصف وكالة الأنباء الألمانية أنه رأي بعد احدي المظاهرات جثة فتي صغير اطلقوا النار علي عينه وكانت يده لاتزال تمسك بقطعة البسكويت. وفي نهاية المقابلة الصحفية بالمقهي السياحي بإسطنبول وعندما جاء الجرسون ليأخذ حسابه، وضع المعارض السوري مائة دولار علي المائدة وانصرف في صمت ، علي حد وصف خدمة نيويورك تايمز الصحفية. وبلغ عدد ضحايا القمع الوحشي في سوريا منذ اندلاع الثورة ضد النظام أكثر من عشرة الاف قتيل وهناك اكثر من مائة الف لاجيء علي الحدود السورية اللبنانية بالإضافة الي عشرات الالوف في مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا والأردن بالإضافة الي 50 الف مشرد داخل سوريا.. وتقدر منظمات الإغاثة الدولية عدد المتضررين بسبب العنف الحالي في سوريا بحوالي 3.5 مليون انسان من بينهم مليون جائع لايجدون قوت يومهم .. المحزن، أن مسئولي نظام الأسد في دمشق لايهتمون الا بالسلطة ويعيشون حياتهم الطبيعية و ليذهب الوطن الي الجحيم. أما قادة المعارضة وكثيرون ممن يصفون أنفسهم "بزعماء الثوار" فهم يدلون بالتصريحات العنترية من فنادق العالم المختلفة ويطالبون امريكا والغرب وحتي اسرائيل بشن ضربات جوية والتدخل عسكريا في سوريا . إنها مأساة عربية اخري لايعرف فيها المرء مع أي طرف يقف .. لكنها الحروب والصراعات والثورات ..يدفع ثمنها البؤساء .. ويكسبها الجبناء!.