تقليل الاغتراب.. موقع التنسيق يواصل إتاحة التسجيل للمرحلتين الأولى والثانية    التضامن الاجتماعي تقرر مد فترة معرض "ديارنا للحرف اليدوية والتراثية"    الإسكان توضح كيفية تلقى طلبات مستأجرى الإيجار القديم لحجز وحدات بديلة    ترامب: أريد رؤية الصحفيين يحصلون على حق الوصول إلى غزة    11 لاعبا يغيبون عن الأهلى أمام فاركو الليلة.. أبرزهم العش وعمر كمال    تفاصيل بدء تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادي    الأرصاد تحذر: اضطراب الملاحة بهذه المناطق ونشاط رياح مثيرة للرمال والأتربة    تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر.. أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات    محمود سعد: أرقام تحاليل أنغام تتحسن لكن موصلتش لمرحلة الخروج من المستشفى    إعلام إسرائيلي: الجيش شكل وحدة خاصة مهمتها اغتيال الصحفيين في غزة    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت 47 مليونا و230 ألف خدمة مجانية خلال 30 يوما    «سيناريو متكرر».. ناشئو الفراعنة لكرة اليد يودعون المونديال    رئيس معهد التخطيط القومي يستقبل المدير التنفيذي للمبادرة الدولية لتقييم الأثر    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 15 أغسطس في سوق العبور للجملة    أربعة أطراف ومصلحة واحدة| من يربح من لقاء ترامب وبوتين المُرتقب؟    ضبط المتهم بالتخلص من والده في قنا    ألمانيا تدعو الحكومة الإسرائيلية إلى وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية    الأمين العام لحزب الله: نثمن دعم إيران لنا بالمال والسلاح والمواقف السياسية    تامر حسني: «محمد منير ساعدني وقت ما كان فيه ناس بتحاربني»    خاص| من الكشري للبامية.. أكلات مصرية مفضلة ل «السفير الهندي»    انعقاد أولى جلسات الحوار المجتمعي حول التعاونيات الزراعية    سلطة المانجو والأفوكادو بصوص الليمون.. مزيج صيفي منعش وصحي    الأنبا إيلاريون يشارك في احتفالات نهضة العذراء بوادي النطرون    انخفاض أسعار الذهب عالميًا.. والأوقية تسجل 3339 دولارًا    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    السيطرة على حريق شب داخل مطعم بالزقازيق وإصابة شخص    رئيس الأوبرا: نقل فعاليات مهرجان القلعة تليفزيونيا يبرز مكانته كأحد أهم المحافل الدولية    غدا.. انطلاق تصفيات مسابقة دولة التلاوة الكبرى بالتعاون بين الأوقاف والشركة المتحدة    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    ضبط مليون قطعة أدوات كهربائية مقلدة ومغشوشة فى القليوبية    في ظروف غامضة.. وفاة ربة منزل بطهطا في سوهاج    هشام حنفي يقدم نصيحة خاصة ل ريبيرو قبل مواجهة فاركو    انتهاء مهلة إصدار محفظة الكاش مجانا في بنك القاهرة اليوم    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    علاء زينهم: عادل إمام كان يفتخر بكفاحي وعملي سائق تاكسي قبل المسرح    سعر السكر والزيت والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15- 8- 2025 والقنوات الناقلة    لاعب الأهلي السابق يوضح سبب تراجع بيراميدز في بداية الدوري    حكام مالي العسكريون يعتقلون جنرالين وآخرين في مؤامرة انقلاب مزعومة    اليوم، الإدارية العليا تبدأ في نظر طعون نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    محمد عباس يدير مباراة الزمالك والمقاولون بالدوري    لا تتجاهل هذه العلامات.. 4 إشارات مبكرة للنوبة القلبية تستحق الانتباه    أول ظهور للفنانة ليلى علوي بعد تعرضها لحادث سير بالساحل الشمالي (فيديو)    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    لافروف ودارتشييف يصلان إلى ألاسكا حيث ستعقد القمة الروسية الأمريكية    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    مفتي الجمهورية: «إسرائيل الكبرى» أكذوبة وخرافة استعمارية لتبرير التوسع في المنطقة    بيراميدز يخوض ودية جديدة استعدادا للمواجهات المقبلة في الدوري    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    #رابعة يتصدر في يوم الذكرى ال12 .. ومراقبون: مش ناسيين حق الشهداء والمصابين    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    خالد الغندور: عبد الله السعيد يُبعد ناصر ماهر عن "مركز 10" في الزمالك    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعجبني هؤلاء
يسألونك عن العلماء.. »أحمد زويل« و »دارون«
نشر في أخبار اليوم يوم 10 - 02 - 2012


السادات/ د. زويل/ د. مشرفة/ د. الباز
قرأت في المجلات العلمية الأمريكية والإنجليزية والفرنسية اسم عالم يقال انه مصري: أحمد زويل.. وعندما قرأت الاسم قلت لعله سوداني.. ففي السودان يقال »الزول« وهو الرجل المهذب. وقد يكون زويل تدليلا له. ولما رأيت ملامحه وشعره الأكرت قلت ربما كان سودانيا.. قرأت له ولم أر له صورة، ولذلك اندهشت من الاطراء الشديد الذي يلقاه زويل.
قرأت إحدي المجلات تصفه بأنه فرويد الكيمياء. وأنه مثل اينشتاين أطلق من الذرة آلاف الملايين من جزئيات الذرة.
أقصد أن مجال البحث عنده هو واحد علي ألف مليون من الذرة. وواحد علي ألف مليون من الثانية كيف؟
وإذا ذهب زويل إلي أوروبا كانت الحفاوة به هائلة. إن عالما مجهولا لدينا يلقي التكريم العظيم لابد أنه عظيم فعلا، ولكننا لا ندري. إن موهبته لم تظهر إلا في أمريكا ونحن لا نستطيع في مصر أن نحقق له ذلك.
تماما كما أننا لم نستطع أن نوفر لفاروق الباز رحلات إلي القمر، وهو كرجل متخصص في جيولوجيا القمر يعتمد علي الصور التي التقطت للقمر من المراصد الفلكية، وهي تلك الصور التي أخذتها سفن الفضاء وأجهزتها التي هبطت واستقرت علي سطح القمر. وكذلك الجراح العالمي مجدي يعقوب.. إنهم أصحاب مواهب لا نستطيع أن نقدرها. ولكن عندما توافرت لهم وسائل البحث العلمي كشفت عن مواهبهم.
وكتبت عشرة مقالات عن العالم المصري أحمد زويل. ولا أعرف بالضبط ما هي عظمته. فالكلام الذي يقال عنه سريع موجز فرصدت المعلومات القليلة التي ينشرونها عنه. وتمنيت لو أعرف مفردات هذه العظمة.
وفوجئت بأنه في القاهرة. وشكرني علي ما قلت له. ودعاني وزوجتي للعشاء في فندق مينا هاوس. وكانت معه أستاذة مصرية هي د. لطيفة النادي المتخصصة في الليزر. وكأنني أريد أن أطمئن أحمد زويل علي مدي علمي في الفيزياء والكيمياء والفلك ونظريات النسبية العامة والخاصة ونظرية الحكم في الفيزياء، مع ذكر اسم اينشتاين وماكس بلانك وهيزنبرغ.
وقلت ان هيزنبرغ لا يقل عظمة عن اينشتاين وأيدني وأدهشه انني أعرف هذا الكم من نظريات الفيزياء والفلك ومتابعتي لرحلات الفضاء، ويوم تطوعت لأن أكون أحد الأفارقة المسافرين بسفن الفضاء، ولأن الرواد لا يحسنون التعبير، كان المطلوب ايفاد كاتب ليري ويقول. وتقدمت وزكاني د. فاروق الباز. وكان فاروق الباز أيضا يريد أن يرافقني حول الأرض ورفضوا فاروق ورفضوني أيضا. فاروق لأنه صاحب قلب مفتوح.. وأنا لأنني لا أعرف السباحة ولا أستطيع أن أنام في اليوم من ثماني ساعات إلي عشر ساعات بغير منومات؟!
ألقي زويل محاضرات في الجامعات فعرف المتخصصون قيمته العلمية. وبدأ هو يقول عن الذي اهتدي إليه. واستحق تكريم الهيئات العلمية العالمية، وقال لي انه سوف يحصل علي جائزة نوبل.. وقد يفوز بها مرة أخري!
وفاز بجائزة نوبل في الكيمياء وحده لا يشاركه أحد.. عظمة علمية. عبقرية لاشك في ذلك!
وفي جلسة في بيت د. صوفي أبوطالب الذي كان رئيسا للجمهورية أثناء انتقال السلطة من السادات إلي الرئيس مبارك. ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الجامعات. انه واحد من عظماء مصر، في هذه الجلسة كان هناك رئيس مجلسي الشعب والشوري وعدد من الوزراء عندما تقدم أحد الحاضرين، وقال: كنت زميل د. زويل في كلية العلوم بجامعة الإسكندرية أربع سنوات. وقبل أن يسافر زويل إلي أمريكا طلب منه أن يبعث إلي أخيه في أمريكا بأن يساعده.
وجاء خطاب من أخيه بأنه ساعده. وقال له: انه شاب سوف يكون له مستقبل لولا انه...

وحكي لنا زميل د. أحمد زويل انه التقي به في مطار القاهرة. وذهب إليه مهللا: ازيك يا أحمد. فكشف أحمد زويل عن وجه من الجليد قائلا: أهلا وسهلا. أنا.. أنت نسيت؟ كنا زملاء وطلبت مني خطابا لأخي بسرعة نسيت من أنا.
ولم تنفرج أسارير أحمد زويل وزادت دهشة زميله. ولكن زويل يؤكد انه لا يذكره!
لقد تغير تماما. هو الذي يقول. وراح يقول ويزيد.. يريد منا مزيدا من الاستنكار له.
وراجعت د. زويل في هذه الواقعة فقال انها لم تحدث وانه لا يذكر ان له زميلا ساعده بخطاب إلي أخيه.
واندهشت د. لطيفة النادي ورددت هذه الحكاية ثم رفضتها لأنه عالم مهذب وقد ساعدها علميا كثيرا. وتستبعد أن يحدث شيء من ذلك. وإذا حدث فلعله قد نسي لاستغراقه في البحث.
وفوز د. زويل بجائزة نوبل في الكيمياء خبر عظيم ومفخرة. وتضايق الأمريكان مما نشرته الصحف لأنهم ذكروا أن الفضل لمصر التي أنجبته. فقال السفير الأمريكي: ولكنه ما كان من الممكن أن يظل عالما دون التيسيرات العلمية والمعملية وملايين الدولارات التي يتكلفها مشروعه العلمي. فهو ولد في مصر وترعرع في أمريكا والفضل لهما ثم انه أمريكي الجنسية أيضا. إنه عالم عظيم. يستوي إن كان مصريا أو أمريكيا.
وفجأة سمعت قصة من الفنان سمير صبري..
وقصة من المحاور مفيد فوزي وأدهشني وتضايقت مما سمعته.
قبل أن يفوز بجائزة نوبل كان الكلام كثيرا عنه ولكن بعد الجائزة فأي كلام قليل عليه.. وظهر في كل المجالس الاجتماعية والفنية والأمنية. ومن المؤكد أنه كان من الصعب عليه أن يشرح. والناس لم تفهم الكثير مما يقول. ولكنهم سعداء به. وظهر في البلاد العربية ويقال لقي حفاوة في إسرائيل. ليس غريبا.
وأنا كرجل ريفي لا أزال أحتفظ ببعض الخصال الريفية. وكثيرا ما تلقيت الصدمات في هذه الخصال. وأعيب علي نفسي أن أتأثر كثيرا وعميقا إذا صدمت في أخلاقيات أبناء الريف. فأنا لا أتصور ان أحدا يغضب أمه أو يرفع صوته عليها.
وقد نفي لي أحمد زويل ما سمعت. وما سمع أيضا.
أنا أول من كتب عنه. عشر مرات.. قبل أن يعرف الناس اسمه ولا من هو ولا من أين جاء. وقد شكرني علي ذلك. ولا أنكر عليه موهبته العلمية وهو شرف لمصر.. وليس في حاجة إلي ما أكتبه. فقد كتب عنه كل الكتاب والعلماء والفنانين. وكان شيئا غريبا حقا أن يظهر زويل في الحفلات العامة يشرح ما اهتدي إليه وهو كلام صعب. وهو ليس أستاذا في الجامعة يقول ويشرح ويجيب عن أسئلة من يسأله ولكن في الحفلات الفنية التي يتوقع منها الطبل والزمر والرقص، وليست الفيزياء والكيمياء.. ولكنه كان سعيدا وكان الناس أيضا. وليس مفهوما لأنه من الصعب أن يكون مفهوما. ولكن الناس سعداء به وبرؤيته وحضوره شيء غريب: مصري يفوز بجائزة نوبل في الكيمياء وإلي جانب نجيب محفوظ وزميله في جائزة نوبل في الأدب والسادات الفائز بنوبل في السلام.
لم أر في حياتي عالما كبيرا فذا. ولا أعرف كيف يكون. رأيت أساتذة علماء، ولكن ليست لهم سمعة عالمية. رأيت واستمعت إلي محاضرة للدكتور علي مصطفي مشرفة عميد كلية العلوم. المحاضرة لم أفهم منها شيئا. انها للمتخصصين. سألني: فهمت؟ قلت: ولا كلمة. وسألني: كيف احتملت هذه المحاضرة؟ قلت: اعجابا بك.
وأصدر كتابا عن الطاقة الذرية وكيف تنبعث الطاقة، وحتي هذا الكلام لم يكن واضحا تماما. ولكن أعجبني من كلام د. مشرفة دعوته إلي ضرورة أن نتوسع في الدراسات العلمية. إن عدد المحامين في بلدنا أضعاف عدد المجرمين.. يقول د. مشرفة: وكما أننا لسنا في حاجة إلي مجرمين بهذا الحجم فلسنا في حاجة إلي محامين. ولا هذا العدد الكبير من الأدباء.. العلم ثم العلم ثم العلم!
هذا الكلام الذي يقوله في كل محاضرة. وكان يعاب علي د. مشرفة أنه مغرور.. وأنا أري انه معه حق.. فهو حصل شيئا يعذبه ويتعسه. وكذلك قيل عن زويل.. انه يريد قصرا يسكنه أو يجعله مكتبا إذا جاء إلي مصر، وأنه أرسل خطابا لرئيس الجمهورية يطالب بتعديل وزارة البحث العلمي وأنه يريد أن يشكل الوزارة علي مزاجه وأنه وأنه...!!
وأنا أري انه معه الحق فإن ما أنجزه في مجال العلم شيء عظيم. ومن غير العلم لن نتقدم في أي مجال.
ثم هذه العبارة التقليدية: لقد بدأنا مشوار النهضة مع اليابان في نهاية القرن التاسع عشر. وهذه العبارة نقولها في مجال الفخر. والحقيقة انها ادانة لأنفسنا. فأين نحن من اليابان. هي في السماء ونحن لانزال نتساءل إن كنا ندخل الحمام باليمني أو اليسري.
سألني مرة صحافي ياباني: لماذا في كل مرة يجئ رئيس جديد لمصر يتحدث عن مصر واليابان ويكرر هذه الحكاية!
السؤال معناه أنه لا داعي لذلك لأنه لا وجه للشبه بيننا وبين اليابان. ومعه حق.

نوفمبر.. شهر العالم دارون!
لا ادعي انني قرأت كتاب (أصل الأنواع) للعالم الكبير دارون.. وإنما قرأته عابرا أحيانا وتلخيصا أحيانا أخري. وعندي فكرة عن فلسفته في التطور.
وأهم ما فهمت أن الحيوان قد عاش لانه استطاع أن يتكيف مع البيئة مع الحرارة والبرودة والأمطار والجفاف ومواجهة الحيوانات الأخري والإنسان.. وعندي صورة بسيطة جدا صادفتها في غابات ولاية كيرالا في الهند.. هذه الصورة لا أنساها وقد استخدمتها اجتماعيا وأخلاقيا.
رأيت عند أطراف الغابة شجرة واقفة وحدها.. شكلها أدهشني أفزعني أثارني. جلست أتأمل الشجرة: شكلها غريب. فبعض فروعها تمتد بالعرض ثم تعود رأسيا ثم عرضيا ثم رأسيا. كيف؟ وما المعني؟
المعني الذي اهتديت إليه بعد تفكير هو ان هذه الشجرة عندما نمت اصطدمت بشجرة كبيرة فبدلا من أن يقف نموها اتخذت شكلا آخر واتجاها آخر. ولما مضي عليها بعض الوقت وحاولت أن تستقيم اصطدمت بفروع شجرة أخري فكان لابد أن تلتوي والتوت. ثم امتدت واصطدمت بشجرة أخري.. وقطعت كل الأشجار حولها.. ولسبب ما لم يقطعوا هذه الشجرة فبقيت علي هذه الصورة علامة استفهام وتعجب حتي رأيتها.
والمعني: أن هذه الشجرة نموذج بسيط لمحاولة التكيف مع الظروف.
فكل الأشجار وكل الحيوانات صغيرها وكبيرها تفعل ذلك من أجل أن تعيش.. تهرب من الحر إلي البرد ومن البر إلي البحر.. ومن السفح إلي القمة.. كذلك تفعل الطيور والأسماك من ملايين السنين. كذلك فعل الإنسان.. وفي الحياة الاجتماعية والأخلاقية تلتوي سلوكيات الناس والسبب: الظروف البيئية وتكوين الإنسان.
ويختلف العلماء: أناس يقولون انها الظروف وحدها هي »خالقة كل شيء.. وأناس يقولون بل الإنسان: عقله وإرادته ودينه«.
وعلماء يرون أن التفاعل بين البيئة والقيم الأخلاقية والاجتماعية هو الذي يشكل سلوكيات الإنسان.
في كل مراحل التاريخ: البقاء للأقدر علي التكيف والتواؤم والانسجام.. ولابد أن هناك أفكارا أهم وأخطر، ولكن هذا كل ما اهتديت إليه من هذا المذهب الفلسفي في تطور الحيوان والإنسان!

شهر فبراير هو شهر العالم البريطاني العظيم تشارلز دارون (2881 9081) بمناسبة مرور قرنين علي ميلاده، وقرن ونصف علي صدور قنبلته العلمية، كتابه »أصل الأنواع«.. ولم يخطر علي بال أحد أن ذلك الشاب الصغير الذي تطوع للعمل في سفينة سوف تدور حول العالم بعد أن فشل والده في ادخاله النظام الكنسي، سوف يكون صاحب ثورة في كل نشاط إنساني. فهو هز العقول وفتحها عليه وضده. انه أتي بشيء جديد في تطور الحياة علي الأرض.
الكائنات المجهرية والحيوانات والنبات والإنسان تتطور وتتغير، مادامت قادرة علي التكيف مع البيئة. فأعظم صفات الإنسان هي قدرته علي أن يتكيف مع الظروف. والبقاء للأصلح، أي الذي يصلح أن يكون معايشا للبيئة وتغلب عليها، فيكون خطوة في تطور جديد.. واصطدم بالأديان.
وهناك ثورتان أخريان لهما نفس الخطورة: ثورة العالم النمساوي فرويد (6581 9391)، فقد أصدر كتابه »تفسير الأحلام« سنة 9981.. وفي هذا الكتاب لم يستخدم التنويم المغناطيسي، وإنما طلب من المريض أن يقول، وأن يسرد ويستطرد. وعن طريق ذلك، عرف الأعماق المخيفة والجامحة في كل إنسان. فقد فتح القفص الصدري، وكأنه فتح أقفاص حديقة الحيوان المفترسة.
أما الثورة الأخري، فهي ثورة أينشتاين (9781 5591)، ففي سنة 5091 فاجأ علماء الفيزياء والرياضيات بنظرية النسبية، وقلب كل نظريات الفيزياء في معني الزمان والمكان.. ولا انفصال بينهما، فهما »الزمكان«.
وبيَّن أن المكان له ثلاثة أبعاد، والزمان هو البعد الرابع، وأن هناك تفاعلا وتداخلا بين المادة والطاقة في الكون؛ فوضع لها المعادلة الجميلة: الطاقة= الكتلة* مربع سرعة الضوء (681 ألف ميل في الثانية). وفي سنة 2591 رفض أن يكون رئيسا لإسرائيل، قائلا: »اني بصعوبة أعرف طبيعة الإنسان، فكيف أعرف طبائع شعب؟!«

التفت العالم الكبير دارون إلي سلوك بعض الحيوانات وأدهشه ذلك..
هذا السلوك هو الذي نسميه ب»الغيرية« في مقابل »الأنانية«، والأنانية هي الاهتمام بالذات أكثر من الغير. والغيرية هي الاهتمام بالغير أكثر من الذات. وهي سلوكيات أخلاقية بين البشر.
ولكنه وجد هذا السلوك عند الحيوانات والطيور.. فقد لاحظ أن أنثي الطيور تجمع الطعام ثم تعود به إلي العش تطعم صغارها. وقد لاحظ أن بعض الأمهات تفرغ ما في بطونها من طعام.. وقد لا يبقي لها شيء. وقد تمرض وقد تموت.. ولكن لماذا؟!
ومن الملاحظات أيضا في عالم الحيوان أن نجد الغزالة التي ولدت أخيرا. فكانت قد اختفت بعيدا عن الحيوانات المفترسة وهي طول الوقت تلعق صغارها حتي لا تكون لها رائحة ترشد الوحوش إليها.. فإذا جاء أسد أو لبؤة أو ضبع فإن الأم تتصدي له. وهي معركة من أولها لآخرها ليست في صالح الأم. ويحدث كثيرا أن تتكاثر الذئاب أو الضباع وتخطف صغيرها وتقاوم الأم. بعض العلماء رأوا الدموع في عيني الأم. فهذا السلوك الانتحاري عند الأم. لماذا؟
ولاحظ العالم الكبير دزموند موريس انه في بعض الأحيان تموت الأم في الطيور. ويبقي الذكر، ويقوم الذكر بالدور وينام علي البيض. وتتطوع أنثي أخري لتنام علي البيض. وبعد أن يفقس البيض تترك الأنثي العش إلي حيث لا تدري. فقد تطوعت.. أو تعرضت لأفعي فلدغتها. تموت وهي فوق البيض. فما المعني؟
يري دارون وعلماء آخرون كبار ان (الغيرية) هذه غريزة في عالم الحيوان. وأن الهدف هو أن تستمر الحياة للأصغر أو الأكثر شبابا وحيوية. فالبقاء للأقوي والأنسب والأفضل.
ومن المشاهد العجيبة أن نري عصفورا صغيرا قد باض علي الأرض وفجأة وجد فيلا. فإذا بالعصفور الصغير ينفخ ريشه ليبدو أكبر حجما. انه يدافع عن بيضة لا يكاد يراها الإنسان، فما بالك بالفيل، ويدوسه الفيل وتبقي البيضة لتنام عليها أنثي أخري.
المعني: الحياة يجب أن تستمر إلي الأفضل والأقوي!
لم يقل العالم البريطاني الكبير تشارلز دارون ان الإنسان أصله قرد.. وإننا يجب أن نبحث عن المرحلة التي بدأ فيها التحول من حالة القرد إلي صورة الإنسان.. أي البحث عن الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان.
ولكن بعض العلماء يريدون أن يعثروا علي هذه الحلقة المفقودة. وقد اقترب العلماء من هذا اليقين عندما اكتشفوا في جنوب افريقيا هيكلا عظميا كاملا لإنسان عاش أربعة ملايين سنة.. وكانت العادة أن يعثر العلماء علي قطعة من الجمجمة أو علي بعض الأسنان أو عظام الترقوة أو القدمين أو بعض الأصابع.
أما العثور علي واحد مستقيم الظهر عاش ومات منذ ثلاثة ملايين سنة وله هذا الهيكل العظمي الكامل.. فإنهم يريدون أن يعرفوا ان كان هذا الإنسان القرد مستقيم الظهر يمشي علي ساقين أو علي أربع.. ثم انهم بحثوا في أصابعه وان كان يمكن أن يطويها تماما كما نفعل الآن.. أو انه غير قادر كما يفعل القردة الآن.
الأسبوع
القادم
الملگة فريدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.