«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعجبني هؤلاء
يسألونك عن العلماء.. »أحمد زويل« و »دارون«
نشر في أخبار اليوم يوم 10 - 02 - 2012


السادات/ د. زويل/ د. مشرفة/ د. الباز
قرأت في المجلات العلمية الأمريكية والإنجليزية والفرنسية اسم عالم يقال انه مصري: أحمد زويل.. وعندما قرأت الاسم قلت لعله سوداني.. ففي السودان يقال »الزول« وهو الرجل المهذب. وقد يكون زويل تدليلا له. ولما رأيت ملامحه وشعره الأكرت قلت ربما كان سودانيا.. قرأت له ولم أر له صورة، ولذلك اندهشت من الاطراء الشديد الذي يلقاه زويل.
قرأت إحدي المجلات تصفه بأنه فرويد الكيمياء. وأنه مثل اينشتاين أطلق من الذرة آلاف الملايين من جزئيات الذرة.
أقصد أن مجال البحث عنده هو واحد علي ألف مليون من الذرة. وواحد علي ألف مليون من الثانية كيف؟
وإذا ذهب زويل إلي أوروبا كانت الحفاوة به هائلة. إن عالما مجهولا لدينا يلقي التكريم العظيم لابد أنه عظيم فعلا، ولكننا لا ندري. إن موهبته لم تظهر إلا في أمريكا ونحن لا نستطيع في مصر أن نحقق له ذلك.
تماما كما أننا لم نستطع أن نوفر لفاروق الباز رحلات إلي القمر، وهو كرجل متخصص في جيولوجيا القمر يعتمد علي الصور التي التقطت للقمر من المراصد الفلكية، وهي تلك الصور التي أخذتها سفن الفضاء وأجهزتها التي هبطت واستقرت علي سطح القمر. وكذلك الجراح العالمي مجدي يعقوب.. إنهم أصحاب مواهب لا نستطيع أن نقدرها. ولكن عندما توافرت لهم وسائل البحث العلمي كشفت عن مواهبهم.
وكتبت عشرة مقالات عن العالم المصري أحمد زويل. ولا أعرف بالضبط ما هي عظمته. فالكلام الذي يقال عنه سريع موجز فرصدت المعلومات القليلة التي ينشرونها عنه. وتمنيت لو أعرف مفردات هذه العظمة.
وفوجئت بأنه في القاهرة. وشكرني علي ما قلت له. ودعاني وزوجتي للعشاء في فندق مينا هاوس. وكانت معه أستاذة مصرية هي د. لطيفة النادي المتخصصة في الليزر. وكأنني أريد أن أطمئن أحمد زويل علي مدي علمي في الفيزياء والكيمياء والفلك ونظريات النسبية العامة والخاصة ونظرية الحكم في الفيزياء، مع ذكر اسم اينشتاين وماكس بلانك وهيزنبرغ.
وقلت ان هيزنبرغ لا يقل عظمة عن اينشتاين وأيدني وأدهشه انني أعرف هذا الكم من نظريات الفيزياء والفلك ومتابعتي لرحلات الفضاء، ويوم تطوعت لأن أكون أحد الأفارقة المسافرين بسفن الفضاء، ولأن الرواد لا يحسنون التعبير، كان المطلوب ايفاد كاتب ليري ويقول. وتقدمت وزكاني د. فاروق الباز. وكان فاروق الباز أيضا يريد أن يرافقني حول الأرض ورفضوا فاروق ورفضوني أيضا. فاروق لأنه صاحب قلب مفتوح.. وأنا لأنني لا أعرف السباحة ولا أستطيع أن أنام في اليوم من ثماني ساعات إلي عشر ساعات بغير منومات؟!
ألقي زويل محاضرات في الجامعات فعرف المتخصصون قيمته العلمية. وبدأ هو يقول عن الذي اهتدي إليه. واستحق تكريم الهيئات العلمية العالمية، وقال لي انه سوف يحصل علي جائزة نوبل.. وقد يفوز بها مرة أخري!
وفاز بجائزة نوبل في الكيمياء وحده لا يشاركه أحد.. عظمة علمية. عبقرية لاشك في ذلك!
وفي جلسة في بيت د. صوفي أبوطالب الذي كان رئيسا للجمهورية أثناء انتقال السلطة من السادات إلي الرئيس مبارك. ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الجامعات. انه واحد من عظماء مصر، في هذه الجلسة كان هناك رئيس مجلسي الشعب والشوري وعدد من الوزراء عندما تقدم أحد الحاضرين، وقال: كنت زميل د. زويل في كلية العلوم بجامعة الإسكندرية أربع سنوات. وقبل أن يسافر زويل إلي أمريكا طلب منه أن يبعث إلي أخيه في أمريكا بأن يساعده.
وجاء خطاب من أخيه بأنه ساعده. وقال له: انه شاب سوف يكون له مستقبل لولا انه...

وحكي لنا زميل د. أحمد زويل انه التقي به في مطار القاهرة. وذهب إليه مهللا: ازيك يا أحمد. فكشف أحمد زويل عن وجه من الجليد قائلا: أهلا وسهلا. أنا.. أنت نسيت؟ كنا زملاء وطلبت مني خطابا لأخي بسرعة نسيت من أنا.
ولم تنفرج أسارير أحمد زويل وزادت دهشة زميله. ولكن زويل يؤكد انه لا يذكره!
لقد تغير تماما. هو الذي يقول. وراح يقول ويزيد.. يريد منا مزيدا من الاستنكار له.
وراجعت د. زويل في هذه الواقعة فقال انها لم تحدث وانه لا يذكر ان له زميلا ساعده بخطاب إلي أخيه.
واندهشت د. لطيفة النادي ورددت هذه الحكاية ثم رفضتها لأنه عالم مهذب وقد ساعدها علميا كثيرا. وتستبعد أن يحدث شيء من ذلك. وإذا حدث فلعله قد نسي لاستغراقه في البحث.
وفوز د. زويل بجائزة نوبل في الكيمياء خبر عظيم ومفخرة. وتضايق الأمريكان مما نشرته الصحف لأنهم ذكروا أن الفضل لمصر التي أنجبته. فقال السفير الأمريكي: ولكنه ما كان من الممكن أن يظل عالما دون التيسيرات العلمية والمعملية وملايين الدولارات التي يتكلفها مشروعه العلمي. فهو ولد في مصر وترعرع في أمريكا والفضل لهما ثم انه أمريكي الجنسية أيضا. إنه عالم عظيم. يستوي إن كان مصريا أو أمريكيا.
وفجأة سمعت قصة من الفنان سمير صبري..
وقصة من المحاور مفيد فوزي وأدهشني وتضايقت مما سمعته.
قبل أن يفوز بجائزة نوبل كان الكلام كثيرا عنه ولكن بعد الجائزة فأي كلام قليل عليه.. وظهر في كل المجالس الاجتماعية والفنية والأمنية. ومن المؤكد أنه كان من الصعب عليه أن يشرح. والناس لم تفهم الكثير مما يقول. ولكنهم سعداء به. وظهر في البلاد العربية ويقال لقي حفاوة في إسرائيل. ليس غريبا.
وأنا كرجل ريفي لا أزال أحتفظ ببعض الخصال الريفية. وكثيرا ما تلقيت الصدمات في هذه الخصال. وأعيب علي نفسي أن أتأثر كثيرا وعميقا إذا صدمت في أخلاقيات أبناء الريف. فأنا لا أتصور ان أحدا يغضب أمه أو يرفع صوته عليها.
وقد نفي لي أحمد زويل ما سمعت. وما سمع أيضا.
أنا أول من كتب عنه. عشر مرات.. قبل أن يعرف الناس اسمه ولا من هو ولا من أين جاء. وقد شكرني علي ذلك. ولا أنكر عليه موهبته العلمية وهو شرف لمصر.. وليس في حاجة إلي ما أكتبه. فقد كتب عنه كل الكتاب والعلماء والفنانين. وكان شيئا غريبا حقا أن يظهر زويل في الحفلات العامة يشرح ما اهتدي إليه وهو كلام صعب. وهو ليس أستاذا في الجامعة يقول ويشرح ويجيب عن أسئلة من يسأله ولكن في الحفلات الفنية التي يتوقع منها الطبل والزمر والرقص، وليست الفيزياء والكيمياء.. ولكنه كان سعيدا وكان الناس أيضا. وليس مفهوما لأنه من الصعب أن يكون مفهوما. ولكن الناس سعداء به وبرؤيته وحضوره شيء غريب: مصري يفوز بجائزة نوبل في الكيمياء وإلي جانب نجيب محفوظ وزميله في جائزة نوبل في الأدب والسادات الفائز بنوبل في السلام.
لم أر في حياتي عالما كبيرا فذا. ولا أعرف كيف يكون. رأيت أساتذة علماء، ولكن ليست لهم سمعة عالمية. رأيت واستمعت إلي محاضرة للدكتور علي مصطفي مشرفة عميد كلية العلوم. المحاضرة لم أفهم منها شيئا. انها للمتخصصين. سألني: فهمت؟ قلت: ولا كلمة. وسألني: كيف احتملت هذه المحاضرة؟ قلت: اعجابا بك.
وأصدر كتابا عن الطاقة الذرية وكيف تنبعث الطاقة، وحتي هذا الكلام لم يكن واضحا تماما. ولكن أعجبني من كلام د. مشرفة دعوته إلي ضرورة أن نتوسع في الدراسات العلمية. إن عدد المحامين في بلدنا أضعاف عدد المجرمين.. يقول د. مشرفة: وكما أننا لسنا في حاجة إلي مجرمين بهذا الحجم فلسنا في حاجة إلي محامين. ولا هذا العدد الكبير من الأدباء.. العلم ثم العلم ثم العلم!
هذا الكلام الذي يقوله في كل محاضرة. وكان يعاب علي د. مشرفة أنه مغرور.. وأنا أري انه معه حق.. فهو حصل شيئا يعذبه ويتعسه. وكذلك قيل عن زويل.. انه يريد قصرا يسكنه أو يجعله مكتبا إذا جاء إلي مصر، وأنه أرسل خطابا لرئيس الجمهورية يطالب بتعديل وزارة البحث العلمي وأنه يريد أن يشكل الوزارة علي مزاجه وأنه وأنه...!!
وأنا أري انه معه الحق فإن ما أنجزه في مجال العلم شيء عظيم. ومن غير العلم لن نتقدم في أي مجال.
ثم هذه العبارة التقليدية: لقد بدأنا مشوار النهضة مع اليابان في نهاية القرن التاسع عشر. وهذه العبارة نقولها في مجال الفخر. والحقيقة انها ادانة لأنفسنا. فأين نحن من اليابان. هي في السماء ونحن لانزال نتساءل إن كنا ندخل الحمام باليمني أو اليسري.
سألني مرة صحافي ياباني: لماذا في كل مرة يجئ رئيس جديد لمصر يتحدث عن مصر واليابان ويكرر هذه الحكاية!
السؤال معناه أنه لا داعي لذلك لأنه لا وجه للشبه بيننا وبين اليابان. ومعه حق.

نوفمبر.. شهر العالم دارون!
لا ادعي انني قرأت كتاب (أصل الأنواع) للعالم الكبير دارون.. وإنما قرأته عابرا أحيانا وتلخيصا أحيانا أخري. وعندي فكرة عن فلسفته في التطور.
وأهم ما فهمت أن الحيوان قد عاش لانه استطاع أن يتكيف مع البيئة مع الحرارة والبرودة والأمطار والجفاف ومواجهة الحيوانات الأخري والإنسان.. وعندي صورة بسيطة جدا صادفتها في غابات ولاية كيرالا في الهند.. هذه الصورة لا أنساها وقد استخدمتها اجتماعيا وأخلاقيا.
رأيت عند أطراف الغابة شجرة واقفة وحدها.. شكلها أدهشني أفزعني أثارني. جلست أتأمل الشجرة: شكلها غريب. فبعض فروعها تمتد بالعرض ثم تعود رأسيا ثم عرضيا ثم رأسيا. كيف؟ وما المعني؟
المعني الذي اهتديت إليه بعد تفكير هو ان هذه الشجرة عندما نمت اصطدمت بشجرة كبيرة فبدلا من أن يقف نموها اتخذت شكلا آخر واتجاها آخر. ولما مضي عليها بعض الوقت وحاولت أن تستقيم اصطدمت بفروع شجرة أخري فكان لابد أن تلتوي والتوت. ثم امتدت واصطدمت بشجرة أخري.. وقطعت كل الأشجار حولها.. ولسبب ما لم يقطعوا هذه الشجرة فبقيت علي هذه الصورة علامة استفهام وتعجب حتي رأيتها.
والمعني: أن هذه الشجرة نموذج بسيط لمحاولة التكيف مع الظروف.
فكل الأشجار وكل الحيوانات صغيرها وكبيرها تفعل ذلك من أجل أن تعيش.. تهرب من الحر إلي البرد ومن البر إلي البحر.. ومن السفح إلي القمة.. كذلك تفعل الطيور والأسماك من ملايين السنين. كذلك فعل الإنسان.. وفي الحياة الاجتماعية والأخلاقية تلتوي سلوكيات الناس والسبب: الظروف البيئية وتكوين الإنسان.
ويختلف العلماء: أناس يقولون انها الظروف وحدها هي »خالقة كل شيء.. وأناس يقولون بل الإنسان: عقله وإرادته ودينه«.
وعلماء يرون أن التفاعل بين البيئة والقيم الأخلاقية والاجتماعية هو الذي يشكل سلوكيات الإنسان.
في كل مراحل التاريخ: البقاء للأقدر علي التكيف والتواؤم والانسجام.. ولابد أن هناك أفكارا أهم وأخطر، ولكن هذا كل ما اهتديت إليه من هذا المذهب الفلسفي في تطور الحيوان والإنسان!

شهر فبراير هو شهر العالم البريطاني العظيم تشارلز دارون (2881 9081) بمناسبة مرور قرنين علي ميلاده، وقرن ونصف علي صدور قنبلته العلمية، كتابه »أصل الأنواع«.. ولم يخطر علي بال أحد أن ذلك الشاب الصغير الذي تطوع للعمل في سفينة سوف تدور حول العالم بعد أن فشل والده في ادخاله النظام الكنسي، سوف يكون صاحب ثورة في كل نشاط إنساني. فهو هز العقول وفتحها عليه وضده. انه أتي بشيء جديد في تطور الحياة علي الأرض.
الكائنات المجهرية والحيوانات والنبات والإنسان تتطور وتتغير، مادامت قادرة علي التكيف مع البيئة. فأعظم صفات الإنسان هي قدرته علي أن يتكيف مع الظروف. والبقاء للأصلح، أي الذي يصلح أن يكون معايشا للبيئة وتغلب عليها، فيكون خطوة في تطور جديد.. واصطدم بالأديان.
وهناك ثورتان أخريان لهما نفس الخطورة: ثورة العالم النمساوي فرويد (6581 9391)، فقد أصدر كتابه »تفسير الأحلام« سنة 9981.. وفي هذا الكتاب لم يستخدم التنويم المغناطيسي، وإنما طلب من المريض أن يقول، وأن يسرد ويستطرد. وعن طريق ذلك، عرف الأعماق المخيفة والجامحة في كل إنسان. فقد فتح القفص الصدري، وكأنه فتح أقفاص حديقة الحيوان المفترسة.
أما الثورة الأخري، فهي ثورة أينشتاين (9781 5591)، ففي سنة 5091 فاجأ علماء الفيزياء والرياضيات بنظرية النسبية، وقلب كل نظريات الفيزياء في معني الزمان والمكان.. ولا انفصال بينهما، فهما »الزمكان«.
وبيَّن أن المكان له ثلاثة أبعاد، والزمان هو البعد الرابع، وأن هناك تفاعلا وتداخلا بين المادة والطاقة في الكون؛ فوضع لها المعادلة الجميلة: الطاقة= الكتلة* مربع سرعة الضوء (681 ألف ميل في الثانية). وفي سنة 2591 رفض أن يكون رئيسا لإسرائيل، قائلا: »اني بصعوبة أعرف طبيعة الإنسان، فكيف أعرف طبائع شعب؟!«

التفت العالم الكبير دارون إلي سلوك بعض الحيوانات وأدهشه ذلك..
هذا السلوك هو الذي نسميه ب»الغيرية« في مقابل »الأنانية«، والأنانية هي الاهتمام بالذات أكثر من الغير. والغيرية هي الاهتمام بالغير أكثر من الذات. وهي سلوكيات أخلاقية بين البشر.
ولكنه وجد هذا السلوك عند الحيوانات والطيور.. فقد لاحظ أن أنثي الطيور تجمع الطعام ثم تعود به إلي العش تطعم صغارها. وقد لاحظ أن بعض الأمهات تفرغ ما في بطونها من طعام.. وقد لا يبقي لها شيء. وقد تمرض وقد تموت.. ولكن لماذا؟!
ومن الملاحظات أيضا في عالم الحيوان أن نجد الغزالة التي ولدت أخيرا. فكانت قد اختفت بعيدا عن الحيوانات المفترسة وهي طول الوقت تلعق صغارها حتي لا تكون لها رائحة ترشد الوحوش إليها.. فإذا جاء أسد أو لبؤة أو ضبع فإن الأم تتصدي له. وهي معركة من أولها لآخرها ليست في صالح الأم. ويحدث كثيرا أن تتكاثر الذئاب أو الضباع وتخطف صغيرها وتقاوم الأم. بعض العلماء رأوا الدموع في عيني الأم. فهذا السلوك الانتحاري عند الأم. لماذا؟
ولاحظ العالم الكبير دزموند موريس انه في بعض الأحيان تموت الأم في الطيور. ويبقي الذكر، ويقوم الذكر بالدور وينام علي البيض. وتتطوع أنثي أخري لتنام علي البيض. وبعد أن يفقس البيض تترك الأنثي العش إلي حيث لا تدري. فقد تطوعت.. أو تعرضت لأفعي فلدغتها. تموت وهي فوق البيض. فما المعني؟
يري دارون وعلماء آخرون كبار ان (الغيرية) هذه غريزة في عالم الحيوان. وأن الهدف هو أن تستمر الحياة للأصغر أو الأكثر شبابا وحيوية. فالبقاء للأقوي والأنسب والأفضل.
ومن المشاهد العجيبة أن نري عصفورا صغيرا قد باض علي الأرض وفجأة وجد فيلا. فإذا بالعصفور الصغير ينفخ ريشه ليبدو أكبر حجما. انه يدافع عن بيضة لا يكاد يراها الإنسان، فما بالك بالفيل، ويدوسه الفيل وتبقي البيضة لتنام عليها أنثي أخري.
المعني: الحياة يجب أن تستمر إلي الأفضل والأقوي!
لم يقل العالم البريطاني الكبير تشارلز دارون ان الإنسان أصله قرد.. وإننا يجب أن نبحث عن المرحلة التي بدأ فيها التحول من حالة القرد إلي صورة الإنسان.. أي البحث عن الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان.
ولكن بعض العلماء يريدون أن يعثروا علي هذه الحلقة المفقودة. وقد اقترب العلماء من هذا اليقين عندما اكتشفوا في جنوب افريقيا هيكلا عظميا كاملا لإنسان عاش أربعة ملايين سنة.. وكانت العادة أن يعثر العلماء علي قطعة من الجمجمة أو علي بعض الأسنان أو عظام الترقوة أو القدمين أو بعض الأصابع.
أما العثور علي واحد مستقيم الظهر عاش ومات منذ ثلاثة ملايين سنة وله هذا الهيكل العظمي الكامل.. فإنهم يريدون أن يعرفوا ان كان هذا الإنسان القرد مستقيم الظهر يمشي علي ساقين أو علي أربع.. ثم انهم بحثوا في أصابعه وان كان يمكن أن يطويها تماما كما نفعل الآن.. أو انه غير قادر كما يفعل القردة الآن.
الأسبوع
القادم
الملگة فريدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.