لم يكن غريبا هذا الترحيب والحفاوة التي استقبل بها الرئيس حسني مبارك في زيارته الناجحة جدا للعاصمة الايطالية روما.. فمصر وايطاليا تربطهما علاقات تاريخية ممتدة وطويلة.. وأي زائر لروما.. يجوب شوارعها.. لن تغيب عن عينيه هذه المسلات الفرعونية الشامخة التي ازدانت بها ميادينها مختلطة بالتماثيل الرومانية.. في لوحات بديعة تختلطان معا وتشكلان مزيجا فريدا خاصا جدا يحمل عبق التاريخ في عناق بين الحضارتين الفرعونية والرومانية!! ثلاثة أيام أمضاها الرئيس مبارك في روما.. في زيارة مشحونة ببرنامج عمل مكثف.. فقد عقد الرئيس قمتين.. الأولي مع الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو.. والثانية مع رئيس الوزراء سيلفيو بيرلوسكوني.. في ثالث لقاء يجمع بينهما في إطار الشراكة الاستراتيجية المعززة التي تم التوقيع عليها منذ عامين .. وهو نوع من العلاقات رفيعة المستوي.. لا تقيمه ايطاليا إلا مع عدد قليل جدا من كبريات دول الاتحاد الاوروبي.. مثل فرنسا والمانيا واسبانيا.. مما مثل نقلة نوعية مميزة وترفيعا للعلاقات الثنائية بين البلدين.. وبالطبع.. لم يأت ذلك من فراغ.. وانما ايطاليا هي الشريك التجاري الأول لمصر.. بحجم تبادل تجاري تجاوز الخمسة مليارات يورو.. وهي السوق الاولي علي مستوي العالم للصادرات المصرية.. كما ان الاستثمارات الايطالية في مصر.. بلغت ثلاثة مليارات ونصف المليار يورو.. ولن نغفل السياحة الايطالية التي تخطت المليوني سائح سنويا.. لاشك ان كل ذلك كان وراءه عمل دءوب وجهد كبير من الجانبين المصري والايطالي لتوسيع وزيادة مجالات الاستثمار والسياحة والصناعة والتجارة والاقتصاد. ولم تقتصر زيارة الرئيس مبارك علي ذلك.. بل شهدت ايضا التوقيع علي 24 إتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم وإعلان في مجالات الزراعة والبريد والتجارة وتدريب العمالة والسياحة.. والتعاون في مجال النقل والسكة الحديد.. وتعميقا للثقافتين المصرية والايطالية تجري دراسة لانشاء جامعة مصرية ايطالية في القاهرة بهدف أن تبدأ الدراسة بها بحلول عام 2017.. رسائل عديدة حملها الرئيس مبارك في زيارته لروما.. الاولي.... التأكيد علي ان علاقات مصر مع ايطاليا راسخة قوية وتنموعاما بعد عام لتتكامل في كافة مجالات التعاون .. وتتسم بالإستمرارية.. كما أن مواقف ايطاليا تظل ايجابية ولا تتأثر بالسلب تجاه قضايانا وخاصة القضية الفلسطينية.. خاصة وأن بيرلوسكوني قد أعرب عن أمله في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس مبارك أن تفضي المفاوضات غير المباشرة إلي نتائج إيجابية بشأن قضايا الحل النهائي وتؤدي إلي مفاوضات مباشرة .. رسالة ثانية حملها الرئيس مبارك.. ويحملها دائما في زياراته واتصالاته الخارجية.. هي دعم التجارة والاستثمار وتوسيع نطاق التعاون.. فهو لا يأتي الي ايطاليا مادا الايدي للمساعدات.. وانما بحثا عن مزيد من التعاون الثنائي مع الدول الكبري.. فمصر اليوم صاحبة اقتصاد قوي رغم الأزمة الاقتصادية العالمية .. وشهدت اصلاحات غير مسبوقة في القطاع المصرفي وفي منظومة الضرائب.. جعلتها علي خريطة الدول الاكثر جذبا للاستثمار.. والاكثر انفتاحا علي العالم.